أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مظهر محمد صالح - حديث الاربعاء














المزيد.....

حديث الاربعاء


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 6184 - 2019 / 3 / 26 - 22:48
المحور: الادب والفن
    


حديث الاربعاء
مظهر محمد صالح
على الساحل الشرقي من البحر الايرلندي ترقد مدينة ابرسويث الصغيرة في مقاطعة ويَلز البريطانية، يوم دخلتها للمرة الأولى قبل اكثر من ثلاثة عقود ونيف مضت وأنا أتطلع الى أبنيتها الكلاسيكية الموغلة في القدم والأزقة الضيقة التي تعج بالمخازن الأنيقة المزدحمة بالمتبضعين سواء من أهل المدينة أنفسهم أو ممن جاء من أرياف ويلز القريبة. وجدت نفسي أتخطى طرقاً وأزقة هي من عهد فيكتوريا، ملكة العصر المحافظ المشحون بالتقاليد!. كان اليوم هو الأربعاء من شهر أيلول والأعين الزرقاء تركزت على ذلك القادم الجديد من بلاد شرق المتوسط، من دون أن ترتبك، وان الجميع يحييك بنظرة باسمة جريئة. حلت الظهيرة وإذا بالمخازن جميعها قد أغلقت وانسحب المارة وكأنما دخلت المدينة بمنع للتجوال! دهشت من تلك الظاهرة التلقائية
وخلو الناس من أزقة المدينة ودخول الجميع في أعشاش السبات. اتجهت من فوري نحو الشارع العام وهو في شبه خلاء من المارة. ترددت في الكلام الى رجل وامرأة وهما يتكلمان ويضحكان ولكن سرعان ما انقلبا أشباحاً بعد أن أحجبت الغيوم ضوء الظهيرة. تسلقت أدراج منزلي وأمامي مضيفتي وسألتها ما الخطب أيتها السيدة وما الذي جرى في هذه المدينة التي غلقت أبوابها؟ أجابتني بابتسامة عريضة... إنها عطلة منتصف الأسبوع التي تبدأ من ظهيرة الأربعاء وتنتهي صباح الخميس! وكم مر على هذا التقليد من الُعطل؟ أجابتني: إنها عادات دينية ورثتها المدينة منذ أجل بعيد!.
سكنت الى نفسي وتذكرت مظاهر مماثلة كان المجتمع البغدادي يمارسها يوم الأربعاء في عهود سابقة، إذ يمتنع البغداديون من تقليم أظافرهم تجنباً للشؤم ومنعا للشر! والأكثر من ذلك فان سكان بغداد ولاسيما النساء يمتنعن عن أعمال الخياطة أو التطريز أو وضع الخيط في سم الخياط، خشية تعرضهن لطالع سيئ!.
ذهبت الى بطون الكتب لأكتشف أن ليوم الأربعاء
جذورا قوية حقاً في الديانات السماوية المختلفة،
فالديانة الأيزيدية تعد يوم الأربعاء من أقدس أيام الأسبوع وتمارس فيه أقدس الطقوس والمراسم الدينية ويرون في الأربعاء بأنه اليوم الأخير من عمل الرب في خلقه للسموات والأرض، ويأتي يوم الأربعاء أيضاً من قدسية (لالش) وتعني الأرض المقدسة، حينما تم إبلاغ آدم وزوجته وابنه، برسالة الخالق سبحانه وتعالى عليهم وجعل الأربعاء عيداً لآدم وذريته.
وفي الديانة المسيحية ولاسيما الكنائس الغربية، فهناك ما يسمى "بأربعاء الرماد"، حيث يحتفل بقداس خاص في يوم الأربعاء من الأسبوع السابع قبل حلول عيد القيامة. وبهذا ستحتفل الكنائس الغربية صبيحة يوم الأربعاء الموافق 18 شباط 2015 بأربعاء الرماد، إذ سيجري وضع شيء من رماد سعف النخيل على جبين المحتفلين وتذكيرهم بأن الحياة دار فناء، وأنها من التراب الى التراب.
ختاما، لا أدري هل كانت عطلة الخياطين في بغداد هي في يوم الأربعاء وعلى غرار الاثنين عطلة الحلاقين؟ لا أحد يعلم، فقد اختفت التقاليد البغدادية ولكن الذاكرة العراقية لم تختفِ!



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إقتصاديات اللحوم ... الى اين ؟
- غرائب إقتصادية...!
- امريكا اللاتينية... اجنحة الاقتصاد القوية
- الاسواق الناشئة..... قوة اقتصادية لا تُقهر
- لمحات من تاريخ العالم الاقتصادي . الجزء الثالث/شجرة البن
- لمحات من التاريخ الاقتصادي للعالم . الجزء الثاني /الضريبة ون ...
- لمحات من تاريخ العالم الاقتصادي . الجزء الاول/اوروبا والشرق
- حرب الخليج : اللعبة ذات المجموعة السالبة ! / الجزء الثاني
- حرب الخليج : اللعبة ذات المجموعة السالبة!/الجزء الاول
- الفضة..عظام الآلهة الفرعونية!
- الهيدونية والريعية الاقتصادية
- الماس بين الاطيان
- قانون باركنسون ... جد أم هزل!
- المدفع الملكي الصامت
- فيليب هوفمان....الساعة ٢٥
- السياسة النقدية الامريكية: صراع الصقور و الحمائم . الجزء الث ...
- السياسة النقدية الامريكية: صراع الصقور و الحمائم
- قصر النهاية
- المكارثية واليسار الأقتصادي الامريكي
- تراكم رأس المال المالي :أثرياء بلا حدود


المزيد.....




- صورة المعلم في الرواية العربية: دراسة نقدية منهجية تطبيقية ت ...
- أسماء أطفال غزة الشهداء تقرأ في سراييفو
- الكاتب المجري لاسلو كراسناهوركاي يفوز بجائزة نوبل للأدب
- تامر حسني يعيد رموز المسرح بالذكاء الاصطناعي
- رئيس منظمة الاعلام الاسلامي: الحرب اليوم هي معركة الروايات و ...
- الدكتور حسن وجيه: قراءة العقول بين الأساطير والمخاطر الحقيقي ...
- مهرجان البحرين السينمائي يكرم منى واصف تقديرا لمسيرتها الفني ...
- مهرجان البحرين السينمائي يكرم منى واصف تقديرا لمسيرتها الفني ...
- صدور كتاب تكريمي لمحمد بن عيسى -رجل الدولة وأيقونة الثقافة- ...
- انطلاق مهرجان زاكورا السينمائي في المغرب


المزيد.....

- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مظهر محمد صالح - حديث الاربعاء