أسبقية الوجود على الماهية عند صدر الدين الشيرازي

زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 6339 - 2019 / 9 / 2 - 10:53
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

" الغاية المطلوبة هي تعليم ارتقاء الإنسان من حضيض النقص إلى أوج الكمال"
لئن اعتقد المؤرخون بأن أبو الوليد ابن رشد الذي عاش بين 1126و1198 ميلادي هو أخر الفلاسفة في حضارة إقرأ وان الحكمة انقطعت بانقطاع أثر فيلسوف الأندلس المفقود فإن استذكار اسم الملا صدر الدين الشيرازي الذي عاش بين 1572 في شيراز و1650 بالبصرة ميلادي كفيل بأن يدحض مثل هذا الزعم. لقد واصل الشيرازي الحركة الفلسفية التي انطلقت مع الفارابي وطورها ابن سينا والطوسي وتميزت بنزعة اشراقية صريحة وجذر فيها البعد التأملي والتجربة العرفانية ولكنه أسس الحكمة المتعالية والحركة الجوهرية وتفلسف في قضايا وجودية في غاية من الأهمية مثل الماهية والوجود وقال بالحركة الجوهرية. استفاد من ثراء أسرت لكي يكرس كل وقته لطلب العلم وجلب الكتب وقد حضر في اصفهان دروس الفقه عند الحارثي المعروف بالبهائي وحضر دروس الحكمة عند الحسني المعروف بالمير دماد وكذلك عند أبي القاسم المعروف بالمير فندرسكي وتتلمذ على يديه الكثير وخاصة الكاشاني واللاهيجي والتنكابني. من كتبه الحكمة المتعالية في الأسفار الأربعة العقلية وهي من أشهر مؤلفاته ولكنه وضع أيضا الشواهد الربوبية في المناهج السلوكية وكتاب المبدأ والمعاد ورسالة المشاعر والحكمة العرشية ومفاتيح الغيب والمظاهر الالهية في أسرار العلوم الكمالية وكسر أصنام الجاهلية ورسالة في حدوث العالم ورسالة في اتصاف الماهية بالوجود ورسالة طرح الكونين ورسالة خلق الأعمال ورسالة الواردات القلبية في معرفة الربوبية ورسالة في القضاء والقدر ورسالة الجبر والتفويض ورسالة في التشخيص ورسالة في التصور والتصديق ورسالة في اتحاد العاقل والمعقول ورسالة ايقاظ النائمين وكتاب المزاج ورسالة الحشر ورسالة في المعاد الجسماني ورسالة التنقية وسريان نور وجود الحق في الموجودات وكتاب التفسير الكبير وكتاب متشابه القرآن ولمية اختصاص المنطقة بوضع معين من الفلك وديباجة عرس التقديس وأجوبة مسائل الجيلاني وأجوبة المسائل النصيرية وأكسير العارفين في معرفة طريق الحق واليقين ورسالة المسائل القدسية وشرح الهداية الأثيرية وشرح أصول الكافي وبعث بأربعة رسائل تأملية فلسفية إلى ميرداماد وأنجز عدد من الشروح الفلسفية على كتاب حكمة الإشراق للسهرودي وحاشية إلهيات الشفاء لابن سينا. من المعلوم أن كتاب الحكمة المتعالية يتكون من أربعة أسفار: السفر من الخلق إلى الحق ، والسفر بالحق إلى الحق، ثم يقابل الأول لأنه من الحق إلى الخلق بالحق، ثم يقابل الثاني من وجه لأنه بالحق في الخلق. اللافت أن الشيرازي كان حريصا على التأليف بين النظري والعملي وبين المعرفة والسلوك وبين علوم الدنيا والآخرة وأمن بخلق الأفعال والحرية الإنسانية ودعا إلى اليقظة الروحية والهداية بالحكمة العرفانية. كما تفطن قبل الغربيين إشكالية الوجود والماهية بين الإلهي والإنساني وفكر في أسبقية الوجود الإنساني على الماهية وتفلسف في القضاء والقدر وترك المجال فسيحا للذات البشرية لكي تنحت مصيرها بنفسها. ابتدع نظرية الحركة الجوهرية في مستوى العلاقة بين الحادث والقديم وذلك للرد على القائلين بالقدم العالم لكي يثبت نظرية الخلق وتفطن إلى أهمية التكامل بين المستوى النفسي والمستوى الجسماني في الحشر ولكنه أوضح بأن العالم المادي في تغير مستمر وأنها تتجدد في كل آن وسبب تغير أعراضها الظاهرة ليس في تبدل كيفياتها مثل الكم والكيف والوضع والأين وانما في حركتها الجوهرية وتغير ماهيتها باستمرار. فهل يمكن أن يكون قوله بوحدة العاقل والمعقول في تسليح البشر بالنور بغية التغلب على الظلم والشر؟ وكيف يمكن استثمار نظرية التأويل الرمزي التي أسسها في جعل الهرمينوطيقا مقاما كونيا بالنسبة للثقافات الخصوصية؟
المراجع:
صدر الدين الشيرازي، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، ، دار إحياء التراث العربي، بيروت، طبعة أولى ، 2002، 453 صفحة.
صدر الدين الشيرازي، مجموعة رسائل فلسفية، دار إحياء التراث العربي، بيروت، طبعة أولى ، 2001، 512 صفحة.
المرهون محمد ، نهاية الآمال في شرح رسالة خلق الأفعال، لصدر الدين الشيرازي، دار الصفوة، القاهرة، 2011. 145 صفحة.
هادي علوي ، نظرية الحركة الجوهرية عند الشيرازي، نشر دار المدى، دمشق، طبعة أولى، 1983، 180 صفحة.

#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل