أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير الخويلدي - الأعمال التلفزية بين سلطة الرقابة وحرية الإبداع














المزيد.....

الأعمال التلفزية بين سلطة الرقابة وحرية الإبداع


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 6269 - 2019 / 6 / 23 - 13:21
المحور: الادب والفن
    


" فقط الموسيقى المريضة هي التي تجني أرباحا هذه الأيام" - فريدريك نيتشه،
شهدت الأعمال الفنية المعروضة على القنوات التلفزية في شهر رمضان الكريم مراكمة محمودة من حيث الكم والذوق وعرفت مشاركة واسعة لعدد هام من الممثلين الشباب والتقنيين والفنانين والمخرجين والكتاب والنقاد والموسيقيين لنقاش قضية الرقابة الإعلامية من طرف مؤسسات الدولة وحرية الإبداع لدى الفنان. بيد أن هذا الزخم الكبير واللمعان الظاهر أخفى على المتابعين الكثير من الكوارث والارتدادات على الذوق والبشاعة التي تتضمنها هذه المحاولات البائسة و المبرجمة للغباء والانحطاط والاعتداء على الأصلي فينا. كما يكمن التطرق إلى خفايا وكواليس الإنتاج وصعوبات العمل الفني والعراقيل التي يجدها الفنان لكي يتمكن من تحويل الفكرة الثقافية إلى أثر فني تام ووقع التمييز بين الرقابة الإدارية الرسمية والرقابة الذاتية وبين الإبداع والتصنيع وبين الحرية والفوضى وعد المكاسب التي حققتها المؤسسات العمومية من جهة تراكم الإنتاج الفني من مسلسلات وعروض وحصص مسجلة ومسرحيات وأشرطة ولقاءات وحوارات توثيقية. لقد أشاد النقاد ببعض العمال المعروضة من حيث قيمة النصوص المكتوبة وجودة الصورة المعروضة وقدرة الممثلين على تقمص الشخصيات وأداء الأدوار وتفاعل المشاهدون مع العروض بشكل ايجابي. لكن يجدر التنبه من خاطر بعض العمال التي ضمت الكثير من مشاهد العنف والحزن وتدعوا إلى التشاؤم وتصور الواقع بطريقة مباشرة وسلبية دون توجيه نحو خلق ثقافة الفرح والمحبة والأمل وإرادة الحياة. يمكن رصد الإشكال في ندرة الأعمال الكوميدية وغياب فن الإضحاك وحضور مكثف للأعمال الدرامية التي تشخص الأمراض وتهتم بالقضايا المثيرة والمشاكل الصعبة التي يعاني منها المجتمع مثل الجريمة والاغتصاب والهجرة السرية والبطالة والانتحار دون العمل على تقديم حلول السردية وتخيل بدائل ممكنة. لقد تلاعبت التلفازات بالعقول وروضت الأجساد كما أردت وفق تقنيات المجتمع الاستهلاكي وأساليب الهيمنة التي تتبعها الحضارة المعولمة والتي تمنح الصورة سلطة لانهائية وتجعل من الرمز يصيرا وثنا. لقد تحولت البرامج المسجلة التي تعدها تلفازات الواقع إلى حصص تهريج وميوعة وصارت تستفز المشاهد العربي وتخاطب غرائزه وانفعالاته السلبية وتثير غضبه وحزنه وتزيد من تشاؤمه وجلده لذاته وانساقت المسلسلات التاريخية في البكاء على الأطلال والتأسف على الفوات الحضاري وتزيف الوقائع. كما وقع الاهتمام بالفوارق النوعية بين القطاع العام والقطاع الخاص على مستوى الإنتاج الفني والجودة والإشهار والتوزيع وتم التأكيد على المناسباتية والترضيات والخضوع للتوصيات والتلاؤم مع المطلوب وعلى الجرأة والنزعة الفضائحية والتشجيع على الابتذال والميوعة والاستهلاك المجاني للثقافة المعولمة. اللافت للنظر هو التأكيد على تجنب استيراد الأعمال الفنية من الخارج وعدم الاكتفاء بدبلجة الأفلام وحصص الأطفال والمسلسلات ونقلها إلى العربية واللهجة الدارجة سواء من التركية أو من الهندية ورسم خطة واضحة المعالم للتصدي للهيمنة الثقافية التي تمارسها الدول الغنية الغالبة والحضارة الغربية على المجتمعات التابعة وتحقيق الاكتفاء الذاتي على مستوى الإنتاج وردم الفجوة الرقمية على مستوى التقنيات. بطبيعة الحال تفاعل الجمهور كان جديا ومثمرا وعلى غاية من الانتشاء والمواكبة والجدية حيث تراوحت المداخلات المقدمة حول ضرورة النقد الايجابي والتنبيه من مخاطر الأعمال الفنية على الأجيال الشابة والاعتداء على الذوق العام والتناقض مع القيم التربوية والحس السليم وطالبوا بمبدأ احترام أخلاقيات الفن وتشبثوا بقيمة الحرية في الإبداع وتنمية شخصية الفنان في اتجاه تهذيب الذائقة الفنية للجمهور والالتزام بالمبادئ الكونية حول التعايش والمشترك الوطني والحوكمة والمواطنة والتصدي للقرصنة والاحتكار. من المفروض أن تعكس الأعمال الفنية التحولات العميقة التي تعصف بالمنطقة العربية زمن حركات الربيع الاحتجاجي وأن تنقل مطالب الأجيال الجديدة من الشباب والمرأة والنقاد وانتظاراتهم وآمالهم وأحلامهم. على الناشطين في المجال الفني أن يعملوا أكثر من غيرهم على مقاومة آفة التخلف السياسي والاستبداد الشامل وأن يحرصوا على بناء الوعي التاريخي واليقظة الحضارية وأن يحددوا البوصلة بالدقة اللازمة. والحق أنه لا وجود لتناقض بين الدين والفن بما أن جوهر الدين يتضمن أبعاد جمالية وأن "الله جميل يحب الجمال" بالنظر إلى أن رسالة الفن هي تقديس الحرية الإنسانية وتكريس الاختلاف واحترام كرامة الآخر. في نهاية المطاف يجدر التقليل من الرقابة الصارمة والحرص على تنظيم الشأن الفني والمنظومة الثقافية بشكل منهجي وتشاركي وتجنب الاحتكار والزبونية والإقصاء والفرز ويلزم التأكيد على قيمة الحرية في العملية الإبداعية وإرفاقها بالتكوين والتشجيع على المجازفة وتحويل العمل الفني إلى تجربة مقاومة سلمية للتعصب والانغلاق وجعله درسا في الاختلاف والتسامح وإرادة الحياة وطريق عمل لبناء ثقافة إبداعية. فمتى يعود إلى الفن بريقه وتسترجع الأعمال الثقافية وظيفتها الثورية ودورها الملتزم بالتغيير الاجتماعي؟
كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة الكلام اليومي عند بول ريكور: الرمز وقوة الكلمات
- أدب الرحلة عند ابن بطوطة
- ابن النفيس واكتشاف الدورة الدموية الصغرى
- الاختراع العلمي عند عباس بن فرناس
- ابن البيطار بين العلاج بالنبات وتأسيس علم الصيدلة
- علوم الجغرافيا والمناخ والفلك عند الشريف الإدريسي
- التراكم النضالي والانتاج المعرفي في الحاضرة التونسية
- جولة فكرية مع الألمعي طيب تيزيني في رحاب منتدى الجاحظ
- -الحرية في أن تكون حرا- حسب حنة أرندت
- تنظيم المدينة من خلال السياسة الاجتماعية عند أرسطو
- المرأة الريفية العاملة والحلم الممكن
- منزلة الأثر الفني في الثقافة حسب بول ريكور
- علم الفلاحة عند ابن العوام الاشبيلي
- هاجس الحداثة ومآزق مابعد الحداثة ورقمنة التحديث
- تطور الذكاء الاصطناعي بين الرمزي والعرفاني والعصبي
- موجة جديدة من الربيع العربي
- استعمالات العقل بين العمومي والإجرائي
- مهام الفلسفة الطبية
- هابرماس بين استعادة الحداثة وعقلنة الفعل التواصلي
- ابن عربي الفيلسوف المستكشف


المزيد.....




- دعوات من فنانين عرب لأمن قطر واستقرار المنطقة
- -الهجوم الإيراني على قاعدة العُديد مسرحية استعراضية- - مقال ...
- ميادة الحناوي وأصالة في مهرجان -جرش للثقافة والفنون-.. الإعل ...
- صدر حديثا : كتاب إبداعات منداوية 13
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...
- ميسلون فاخر.. روائية عراقية تُنقّب عن الهوية في عوالم الغربة ...
- مركز الاتصال الحكومي: وزارة الثقافة تُعزّز الهوية الوطنية وت ...
- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي
- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...
- المخرج علي ريسان يؤفلم سيرة الروائي الشهيد حسن مطلك وثائقياً ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير الخويلدي - الأعمال التلفزية بين سلطة الرقابة وحرية الإبداع