أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - العياشي الدغمي - أطلال ذاكرة -7-














المزيد.....

أطلال ذاكرة -7-


العياشي الدغمي

الحوار المتمدن-العدد: 6296 - 2019 / 7 / 20 - 06:51
المحور: الادب والفن
    


أطلال ذاكرة -7-
"أخلاق الخراف" يوم أدركت معنى عدم الثقة...
لقد ذقت من لكمات وركلات "العسولي" ما يكفيني، في ذاك اليوم المشئوم، وبل وتفنن في جري على الأرض جرا، كما أنه لم يشف له غليل، إلا بالتشطيب بجسدي النحيف والصدئ بقايا شجرة البلوط "لفرنانة" ومخلفاتها الخريفية...
لم أعد أتمنى خلال تلك اللحظة التي تمددت لأيام، وأشهر، بل ولسنين عمري التي قد أعيشها، لم أكن أتمنى غير الفرج، الذي لن يلوح إلا بعد ما سمعت ذاك الصوت المشحرج يصيح من بعيد، وكأنه المنقذ انفتحت به بوابة سمسم التي ستكون مآلي للإفلات من قبضة هذا السادي المسمى "العسولي" قائلا : وهدا أولدي دابا تقتليه"... وأخيرا شعرت بجسدي النحيف الصغير ارتطم بالأرض معلنا نهاية المأساة... تريث تحت وطأة وصدى تلك الركلات والصدمات قليلا، وإذ بقوة خفية تحركت بداخلي تقول :"انهض، انهض، اجري، اجري لتنجو، إنه ليس يوم أجلك المحتوم، انهض لقد كتب لك العيش ليوم آخر" فلم أجد من مقاومة أو تردد حينها، بل انقدت لتلك القوة، لتلك الغريزة الدفينة في عروقي وجيناتي، وقفزت من مكاني طالقا ساقي المزركشين للريح، دون أدنى تفكير في الالتفات للوراء... أجري وأجري متجها نحو الشمال الغربي من سكن "الرداد وابنه القاسي القلب والمتعجرف العسولي" حيث يتواجد منزلنا الواقع بعد تلة عالية علو الجبل من منظور طفل يجري طلبا للنجاة.. جريت إلى درجة أنهكت فيها آخر عضلة قاسية تحمل جسدي.. وفجأة لمحت باقي أفراد العصابة اللذين تسللوا فارين دون الاكتراث بما يجري معي أو حتى التفات أحدهم لي قصد أخذ نظرة عما كان من الممكن أن يكون هو ذاته مكاني وفي وضعي، الذي لا أحسد عليه... تحولت سرعتي من الجري إلى المشي بخطوات مثتاقلة بعدما بدأت أخيرا أشعر بنوع من الأمان، وبدأت بعدها أصيح بما تبقى لدي من جهد، كي ينتظروني وألحق بهم ... تمكنت بعد مسافة لا يستهان بها من المشي جارا خلفي أذيال الأسى والشعور بال"حكرة" والفشل، من اللحاق بهم... وهنا ستبدأ مأساة أخرى من جديد، فبعد التعذيب الجسدي الفيزيائي، وجدتني دون سابق إشعار أمام أشد أنواع التعذيب النفسي والبسيكوسوسيولوجي، خاصة وأن من هم أمامي -اللذين كنت أعتبرهم أصدقائي وشركائي في المسرات والمضرات- يجيدون فن التهكم والقهقرة وتعميق الجراح :"ضحكات صاخبة وعالية التردد تصفع طبلتي أذني الرهيفتي السمع هاهاهاهاععععهاعهاعهههعا.. " متبوعة ب " واللهم حتى كلا ما كلا الطبل نهار العرس" متهكما الصفريط (ذو بشرة ذات لون أصفر فاقع مائل للبياض تحت انعكاس أشعة الشمس" الذي لم يكن غير يونس ولد حجاج ولد لعبابسة" أتبعها ذو الشعر الأشعت "لمكردد" الذي لم يصفف لعقد من الدهر وما يزيد (القرقوري) أتبعها بالقول :"كاع لبلوط لي كليتيه خرجو منك العسولي اليوم" ... أحسست حينها بأي نوع من الشعور لا يمكن أن يخطر على بال إلا من هو في وضعيتي المزرية، أحسست بالفراغ، والدوار، والعبثية التي تنتشي علي بها حقيقتهم القذرة والمرة، مرارة البلوط الذي كان سببا لي في هذه المهازل وهذه الدونية... حينها يمكن القول أني أدركت مبكرا معنى أن لا تثق ولا تربط وجودك بأي كان وكيفما كانت طينته، ومهما أظهر لك من أخلاق الخراف ...
ملحوظة : ليس الغرض من توظيف بعض الألفاظ التي ستبدو للبعض قدحية أو واصمة، من قبيل (الصفريط أو الأشعت أو لمكردد)، ليس الغرض هو الوصم أو العنصرية؛ وإنما هذا ما كان عليه لسان الحال في تبادل الألفاظ والأوصاف بين أطفال لم يدركوا بعد معنى هذه الكلمة "عنصرية". (يتبع)
العياشي الدغمي ... 19-07-2019
بنسليمان - المغرب



#العياشي_الدغمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أطلال ذاكرة -6-
- محاولة في إدراك -إدراك الفرد لمعنى السلطة والمؤسسة-
- الميدان هو أساس كل بحث سوسيولوجي
- المتدين -المتشدد- والفلاح البولوني .. أية علاقة؟
- أطلال ذاكرة -5- الهروب
- إسلام التعدد أم تعدد -الإسلامات-؟ ... -الإسلام بين إرادة الل ...
- أطلال ذاكرة -4-
- من أنا إذن؟ كذب ديكارت إذ قال أنا شيء يفكر..
- هل ولى زمن النقابات .. وجاء دور التنسيقيات الفايسبوكية؟
- أطلال ذاكرة...(2)
- أطلال ذاكرة ... (3)
- أطلال ذاكرة (1)
- درستك يا جلادي ... نعم درست وعلمتك
- من الضحية -عفوا الأضحية- ...؟
- هاهاهاهاهاهاهاها قاليك شديناهم كيتباوسوا .... .
- يجب ألا نخشى السؤال...
- إلى كل من ...
- كن إنسانا... كن إنسانا... كن إنسانا...


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - العياشي الدغمي - أطلال ذاكرة -7-