أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد يعقوب الهنداوي - الحركة الكردية المسلحة (الحلقة 7)















المزيد.....

الحركة الكردية المسلحة (الحلقة 7)


محمد يعقوب الهنداوي

الحوار المتمدن-العدد: 6285 - 2019 / 7 / 9 - 02:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن المدى الذي تستطيع قيادة حركةٍ ما بلوغَه في ظرفٍ ما لا يرتبط قطعاً بنوايا وأمنيات تلك القيادة قدر ما يعتمد على طبيعة تكوينها وإمكاناتها ونضجها وتفاعلها مع الشروط الموضوعية التي وُجِدت في إطارها.

وفي حالة الحركة الكرديّة فإن عشرات السنين من الظلم الطبقي والقومي والخراب الرهيب الذي شمل كافة مرافق الحياة الكردية، ولا يزال، أدّت الى ظهور عددٍ من الحركات والقيادات السياسية التي تمتّعت بدعمٍ جماهيريّ معيّن، لكن مع بقاء الدعم الخارجي هو العامل الأساس في تبلورها وفرض سلطانها على بقعة من أرض كردستان تضيق حيناً وتتّسع حيناً آخر.

هذه الحركات عجزتْ دائماً عن حماية المواطن الكردي من عنف وحقد السلطات العنصريّة المتتالية وعجزتْ عن حمايته من تدهور المستوى المعاشي والحضاري، كما عجزتْ عن بلورة نهجها المستقل وشعاراتها الخاصة.

ولمعرفة أسباب تراجع الحركة وعجزها عن التقدم والانتصار الحاسم طوال العقود الماضية رغم ما بلغته أحياناً من عنفوان وقوّة وسلطان، ولغرض استكناه المستقبل والآفاق المجهولة التي ستزجّ فيها الشعب الكردي الذي صار "قرندل" (أي مسخرة) العصر (يُضعف الحكومات المركزية حتى تترنّح ثم يأتي الآخرون لجني الثمار)، فلا الظلم القومي والسياسات الوحشية المتّبعة ضدّه تسمح له ببناء وبلورة شخصيته المستقلة وممارسة حقوقه والتمتّع بحياة طبيعية هادئة دون اللجوء الى السلاح وخوض حروب أهلية لانهاية لها، ولا قياداته الهشّة العاجزة المحدودة الأفق قادرة على السير به نحو انتصار حقيقي يكون خاتمة لعذاباته وتشرّده وركيزةً لمستقبلٍ ايجابيّ واضح رغم ما قدّمه هذا الشعب لها من دماء أبنائه ولقمته البائسة وولائه المطلق وتضحياته اللامحدودة.

ولمعرفة ذلك وأسبابه الموضوعية لابدّ من الاسترشاد أساساً بالرؤية الطبقية الصائبة والعميقة. إن عجز تلك القيادات يعود الى عجزها عن بلورة نهجها المستقلّ وشعاراتها الخاصة، الذي يعود، بدوره، الي رجعيّتها المتجسّدة بموقعها بين فئات الشعب الكردي مثلما تتجسّد على صعيد علاقاتها الدولية وارتباطاتها ومصادر تمويلها وانشقاقاتها وصراعاتها.

ويعود ذلك كله أيضاً الى كون المصالح الحقيقية لتلك القيادات لا تتجسّد في استقلال الشعب الكردي وخلاصه من الظلم القومي والاضطهاد، بل، على العكس، في تبعيّتها وتشابك أهدافها وطموحاتها ومصالحها الحيوية مع مصالح وأهداف ذات القوى المحليّة والدوليّة التي تستعبد الشعب الكردي وتذلّه.

ومهما بالغت تلك القيادات في إدعائها السعي الى ضمان تمتّع الشعب الكردي بحقوقه وبلورة مستقبله السياسي سواءً بصيغة الحكم الذاتي أو الاستقلال النسبي أو الاستقلال التام وبناء دولة كردية مستقلة على بعض أو كامل أجزاء كردستان، فهي لم تستطع في الواقع، ولن تستطيع شيئاً سوى إعاقة عملية تجذّر ونضوج وعي الشعب الكردي وكفاحه والحيلولة دون انتصاره، لإبقائه رهن حالة التخبّط العقيم الراهنة التي هي الضمانة الوحيدة لبقاء قيادات كهذه وتسلطها وانتفاعها.

وهذا ليس سوى نتيجةً طبيعية لمنشأ هذه الحركات وقياداتها ووعيها النابع من موقعها الاقتصادي في المجتمع الكردي وصلتها بمختلف مراكز القوى في هذا المجتمع من جهة، وبالسلطة المركزية ومراكز القوى الدولية من جهة اخرى. أي أنها بحكم تكوينها قوى مرتزقة ينطبق عليها حرفيا وصف "الجحوش" المتعارف عليه في السياسة الكردية.

فلماذا جرت الامور على هذه الصورة؟


* * *

قصـور العامـل الذاتـي

اذا كانت نضالات الشعب الكردي عبر تاريخه الطويل وحتى تفسّخ الامبراطورية العثمانية وانهيارها قد اتّخذت شكل الصراعات العشائرية واكتسبت طابعاً دينياً برّرته في الماضي مستوياته الحضارية وأساليب الانتاج الاجتماعي المتخلّفة السابقة للرأسمالية، فإن الصبغة القومية التي اكتسبتها بعد ذلك لم تكن إلّا نتيجةّ محتومة لدخول كردستان ضمن صراعات القوى الامبريالية المتنافسة على اقتسام إرث الدول المهزومة في الحرب الامبريالية الأولى، وبعدما بلغ التطور الرأسمالي العالمي حدّاً لم يعد ممكناً معه إبعاد أيّة بقعة من كرتنا الأرضية الصغيرة عن صراع اللصوص هذا، كما لم يعد بإمكان الطابع القديم للقوى المنتجة وأساليب الانتاج السائدة محلياًّ الصمود بوجه الزحف الرأسمالي الهائل الذي اكتسح في طريقه كل شيء وأدخل الى كردستان، أول ما أدخل، أدوات الموت ووسائل الدمار مقابل نهب نفطها ومعادنها وثرواتها الطبيعية الاخرى.

وإذا كانت طبيعة العلاقات الاجتماعية ومستوى التطور الذاتي للشعب الكردي هي التي أفرزت في الماضي قياداتٍ عشائريّة أو طائفيّة استطاعت أن تقود بنجاح ما معارك زمانها، فإنّ تلك العوامل ذاتها هي التي تقرّر اليوم، بدورها، مزايا وطبيعة القيادات الجديدة للنضالات المعاصرة لهذا الشعب، وهي التي ترسم آفاقها وتحدّد مدياتها تبعاً لتوازن القوى وطبيعة العلاقات الدولية السائدة التي فرضها المستوى المعاصر للسيطرة الامبريالية على العالم أجمع.

ولذا نجد انّ السبب الأساس في عجز القيادات الكرديّة المعاصرة عن الوصول الى أية نتائج ايجابية حاسمة يعود الى أنها لا تنسجم مع الجوهر المعاصر للتطوّر الاقتصادي والسياسي الذي يحيط بها ويحدد آفاقها وحجمها، ويضعها في تناقض دائم مع شعاراتها ذاتها.

وإذا كان انتصار قياداتٍ كهذه ممكناً في زمن كان فيه قتـْلُ العدوّ الغازي، الغريب الذي يمكن تشخيصه والتصويب نحوه بالبندقية، هو الذي يحسم المعركة، فإن عجزها الراهن ينبع من كون المصالح الاقتصادية هي التي توجّه البندقية وهي التي تحدّد الأهداف السياسية للمعركة، ولم يعد العدوّ، بدوره، معروفاً وقتْـلُه ممكناً لأنه لم يعد شخصاً بل بضاعة أصبح الاستغناء عنها مستحيلاً خاصة وأنها هي ذات البندقية التي تحارب بها تلك الحركة وتدافع عن نفسها.

وهنا يكمن جوهر التناقض القاتل في ذات القيادات الكرديّة وسبب عجزها وقدرها الرهيب الذي لا مفرّ لها منه.

لقد أحدثت تلك النقلة الفجائية في ظروف المجتمع الكردي في الفترة بين انهيار سلطان آل عثمان واستتباب السيطرة الاقتصادية والسياسية للمحاور الامبريالية المنتصرة في الحرب الاولى إختلالاً هائلاً في ظروف حياة الشعب الكردي وتركيبته الطبقيّة وأواصره الاجتماعيّة. فبينما صار اقتصاد كردستان جزءاً من الاقتصاد الرأسمالي العالمي وحلقةً تابعةً فيه، لم يكن المجتمع الكردي قد أفرز أو نضج بما يكفي لإفراز تلك القوى الاجتماعية المنسجمة مع مستوى قوى الانتاج والعلاقات الانتاجيّة الجديدة المهاجمة والهائلة التطوّر.

وإذا كانت المصالح الامبريالية القادمة، آنذاك، في غنى عن إيجاد ممثلين وطنيّين لها بصفة برجوازيّة محليّة لا شكّ في سعيها للحصول على حصةٍ من الغنائم في وقت لم تكن ثمّة ضرورة حقيقيّة للتضحية بتلك الحصة، فهي لم تكن تستطيع إعاقة نمو الطبقة العاملة في المجتمع الكردي، تلك الطبقة التي هي المصدر الوحيد لفائض القيمة الذي يطمح كل طرف للاستحواذ عليه والإنفراد به.

وهكذا كان نشوء الطبقة العاملة الكردية، رغم محدوديتها وضعفها العددي، أمراً محتوماً، بل ومرغوباً به من قبل رأس المال الامبريالي المسيطر على بقاع كردستان المختلفة، فنشأت البروليتاريا الكردية بوصفها معادلاً موضوعياً ونقيضاً مباشراً لطبقةٍ برجوازية أجنبية على مستوى هائل من التطور أكسبتْها الكثير من صفاتها الايجابيّة، في حين كان في القيادات العشائريّة والطائفيّة المتخلّفة الموروثة ما يفي بالغرض، حيث عملت القوى الامبريالية على تأليب بعض تلك القيادات ضدّ بعضها الآخر بعد أن كسبت العديد منها وجنّدتها لخدمة مصالحها.

أما حين استبدلت المحاور الامبرياليّة اسلوب حكمها المباشر بإسلوب السيطرة الكولونيالية الجديدة واتّخذت من وكلائها المحليين، الذين ينتمي معظمهم الى العسكريتاريا، قنواتٍ للنهب وأدوات للقمع، اقتضت الضرورة تربية كادر وطني جديد ينوب عن البرجوازية الأجنبية ويقوم مقامها ويسهّل لها نهب الثروات الطبيعية وفائض القيمة الذي ينتجه العمال المحليّون ويحمي مصالح تلك المحاور.

لكن تقسيم كردستان بين عدد من الدول التابعة المتخلّفة طرح المسألة بشكلٍ آخر. إذْ لم تكن الظروف تستوجب قيام سلطة سياسية محليّة متكاملة في كردستان، بل مجرّد هيكل ثانوي يسهّل عمل السلطات المركزية ويعينها على إنجاز أهدافها وتحت إشرافها المباشر.
وهكذا أصبحت السلطات المحليّة التابعة الحاكمة في البلدان التي اقتسمت كردستان هي المشرفة على تربية وتطوير وتحديد حجم وآفاق البرجوازية الوطنيّة الكردية والمسيطر المباشر عليها.

وهذا يعني ان فرقاً جوهرياً يميّز بنية وتكوين البرجوازية الوطنية الكرديّة عن العربيّة والفارسيّة والطورانيّة، الحاكمة في العراق وايران وتركيا على التوالي، ففي حين نشأت البرجوازية الثانية تحت ضغط الامبريالية العالمية من جهة وضغط ومقاومة الطبقات المحليّة السائدة في مراحل الانتاج السابقة للرأسماليّة في هذه البلدان من جهة اخرى، نشأت البرجوازيّة الوطنيّة الكرديّة وتبلورت تحت ضغط البرجوازيات العربيّة والفارسيّة والطورانيّة المتخلّفة التابعة، من جهة، والطبقات السائدة في المجتمع الكردي في ظل علاقات الانتاج السابقة للرأسمالية التي كانت سائدة فيه، من جهة اخرى.

وهكذا نشأت البرجوازيّة الكرديّة المعاصرة وتبلورتْ من تلك الفئات التي اعتاشتْ على خدمة الوجود العسكري والاقتصادي والسياسي لسلطات ومنشآت السلطات التابعة المحليّة في مراكز تلك البلدان الخاضعة لها كردستان، وكذلك من أبناء العوائل الاقطاعية والمشايخ ممّن أتاح لهم التطور الجديد فرص الاستقرار في المدن والاستفادة من الخدمات الصحيّة والتعليميّة والحضاريّة المتاحة فيها، كما أتيحت لبعضهم فرص إكمال الدراسة في أوروبا والحصول على مستوياتٍ ثقافيّة وأكاديميّة أعلى ودرجاتٍ أرقى من صيغ الارتباط بالمراكز الامبريالية والتبعية لها.

* * *



#محمد_يعقوب_الهنداوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقافة الكردية والنزعة القومية (الحلقة 6)
- اسْرجِي لَوْعَتي إنّني أَوّلُ العابِرين
- ممنوعون من التطور أم عاجزون؟ (1)
- رَضعْتُ النّارَ مِنْ ثَديِ الثُريّا فأرّقَني سطوعُكِ في عِظا ...
- المرأة والفلاح والطفل الكردي (الحلقة 4)
- (والت ويتمان) عندليب أمريكا الصدّاح
- أفكار أولية عن العلمانية والدين (1/4)
- هكذا يَكتُبُ الرّائي رُؤاه
- المثقف العنكبوت
- الكرد وكردستان - الاصل والواقع الراهن (الحلقة الثانية)
- استفتاء -استقلال كردستان-


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد يعقوب الهنداوي - الحركة الكردية المسلحة (الحلقة 7)