جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 6284 - 2019 / 7 / 8 - 13:40
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ذكريات ولد كوردي 31
نعم تطور الخوف و ما لاحقته من العزلة في شخصيتي و لم استطع التخلص منه الى يومنا هذا لدرجة قالت لي احدى طالباتي قبل سنوات قليلة بانها تلاحظ الخوف في عيني دون ان تعرف شيئا عن سيرة حياتي الماضية و اني اعتقد بان هذه العزلة كانت نتيجة طبيعية لاني كنت بطبيعتي شرسا متمردا على الاقل في داخلي لا اسكت على الظلم و لكن صراعي مع القلق و الخوف بدأ و لسنوات طويلة و تفاقمت العزلة حتى في البيت. كنت اترك اهلى ابتداء من الساعة الثامنة مساء و اقضي وقتي في غرفتي بالاستماع الى هيئة الاذاعة البريطانية القسم الانجليزي و بقراءة الكتب الانجليزية و احلام الحياة في مكان بعيد جدا.
و لكن و عندما تحول الخوف الى مشكلة وعائق كبير في حياتي الاجتماعية و الجامعية قررت مراجعة طبيب نفسي في بغداد رغم اني كنت اشك بمؤهلات الاطباء النفسيين العراقيين و بعد الزيارة الاولى و عندما سألني الطبيب: من اين انت في الاصل؟ و عرف باني من القومية الكوردية علق و قال: لماذا انتم معقدون بهذه الدرجة؟ قررت عدم الاستعانة بطبيب نفسي عراقي طالما انا في العراق. كنت اقضي ايامي في العزلة و البكاء دون ان يحس احد.
و اني اعتقد بان الشعب الكوردي بصورة عامة لا سيما اطفال الجيل الذي ولد بعد ثورة الزعيم قاسم 1958 و ما اعقبها من انقلابات عسكرية قومية عنصرية في العراق و بعد الاختلاط بكثرة مع العرب بسبب التهجير و النقل بدأ يعاني من مشاكل نفسية كبيرة و الشعور بالنقص و الغبن. كبرت في مجتمع يرى كل شيء عربيا من الارض و الهواء و السماء و الماء - في مجتمع يضحك على الهوية و اللغة الكوردية - مجتمع يتعلم جميع اللغات و لكن لا يرى في الكوردية قيمة لتعلمها و مجتمع كوردي اسلامي يخدم الاسلام العربي بدلا من لغته و ثقافته.
و اليوم افهم الخوف الاجتماعي الذي جاء من جمهوريات الخوف جيدا بحكم اطلاعي الواسع على الكتب الكثيرة المختصة بالانجليزية و الالمانية و الاستعانة بالمختصين هنا في المانيا - على الاقل افهمه حتى اذا كان من المستحيل التخلص من هذا النوع من الخوف الذي يختلف عن الخوف الطبيعي و المفيد لبقاء الانسان. نعم لازمني الخوف لفترة طويلة و اصبح جزءا من شخصيتي حتى في البلدان التي يخدم الجهاز الامني فيها امن المواطن بدلا من ملاحقته.
www.jamshid-ibrahim.net
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟