أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - الحسن علاج - حوار مع مارسيل غوشيه















المزيد.....



حوار مع مارسيل غوشيه


الحسن علاج

الحوار المتمدن-العدد: 6265 - 2019 / 6 / 19 - 09:46
المحور: مقابلات و حوارات
    


عودة الديني أو مغادرتـــــه ؟
حوار مع مارسيل غوشيه



" شيدت المجتمعات المغادرة للدين عبر قلق روحاني "

وبعيدا عن البرهنة على عودة الديني ، اعتبرت النزعة الأصولية تعبيرا نهائيا عن تراجع الأديان في عصر العولمة ؟ إنها الأطروحة التي ينبري مارسيل غوشيه Marcel Gauchet) ( ، في الدفاع عنها، والذي قبل هنا اختبار أحداث جديدة .
أجرى الحوار : مارتان لوغرو وسيفن أورتوليه
ترجمة : الحسن علاج


لقد أكدتم بأن الاعتداءات الإرهابية التي ارتكبت في يناير 2015 بباريس ، باسم الإسلام " لا يمكن فهمها إلا في الإطار التصوري لمغادرة الدين " ، ألا يعتبر ذلك مفارقا نوعا ما ؟ أو أنكم ترغبون في القول بأن تلك الاعتداءات تصدر عن " مكر للعقل " ، مسهمة تلقائيا في حركة العلمنة ؛ التي يعتقدون أنهم يحاربونها ؟ ألا يتعلق ذلك بفلسفة للتاريخ من النوع الهيغلي ؟
مارسيل غوشيه : يمكن لهذا أن يبدو مماثلا ، لو تم النظر إليه من بعيد . على أنه في واقع الحال ، فإن الفكرة غاية في الاختلاف . أولا ، لن أقول أن هؤلاء الأصوليين القتلة يمثلون " مكرا للعقل " . فلا وجود لغاية telos) ( تقود بالضرورة نحو مغادرة الدين يتم النظر إليها كهدف للتاريخ الكوني الذي ينتقل عبرهم . يشكل المقترح تأويلا حدثيا لا يتعلق بمنطق التاريخ . لا وجود لضرورة في هذه السيرورة . أنا لا أؤكد بأن مغادرة الدين هي نهاية للتاريخ ، التي يشتغل عليها كل الفاعلين ، سواء أرغبوا في ذلك أم لم يرغبوا فيه . وتشاء الصدف أن الحقيقة المركزية والجوهرية للتاريخ الأوروبي الحديث ، في اعتقادي هي مغادرة الدين ثم إن هذه الحقيقة أثرت اليوم في كوكب الأرض برمته ، وتسببت في ردود أفعال لا وجود لها من دون استدعاء ظواهر الانبعاث الديني ، التي ساهمت في مغادرة الدين ، التي كانوا يقومون بمقاومتها . لذلك فمن غير الشرعي ، كما يبدو لي ، عقد مقارنة مع الأصوليات في العمل ، راهنا ، في العالم الإسلامي وامتداداتها الإرهابية ، وحتى وإن كانت تلك الأصوليات تتخذ أشكالا نوعية ، يمليها سياقها الراهن . إنها تنتمي إلى نفس العائلة . إن إحدى مميزات المسعى هو الأخذ بعين الاعتبار ما هو معقول في الشعار التبسيطي ، الذي تم إعلانه بعد الاغتيالات : " لا للخلط ! " . إن ما يعتبر موضع اتهام ، في العمق ، في النزعة الجهادية ، ليس الإسلام في حد ذاته ، بل تأويل خاص للإسلام تطور في سياق معين ، ولدى أقلية هامشية متطرفة ، تحت تأثير انتماء مفروض للإسلام في حداثة تعمل على خلخلته . يسوغ هذا التفسير ، في الوقت ذاته ، فهم الرابطة مع الإسلام ، التي هي أكيدة ، وكون أن الأمر لا يتعلق بالإسلام في حد ذاته .
بشكل عام ، أكدتم بأن " الارتدادات الأكثر استبدادا للأصولية تشتغل في العمق على الانسحاب من الدين " .أليس هذا نوعا من طمس حدث يفند أطروحتكم ؟
مارسيل غوشيه : كل شيء يوجد " في العمق " . فعلى مستوى السطح ، تعتمد تلك الظواهر أطروحة عودة الدين ـ هذه الأطروحة التي تم الاعتراض عليها أكثر من مرة ، وقد شككتم فيها ، منذ أن قمت بنشر كتاب نزع السحر عن العالم ، عام 1985 . ففي هذا التاريخ بالذات انفجرت الثورة الإيرانية سنة 1979 ، وهو حدث أَطَلت فيه التفكير حول هذا التناقض بين السطح والعمق .
بالضبط . قبل التصدي لراهن الأصولية ومن أجل فهمها فهما جيدا ، لنتوجه أولا إلى العمق التاريخي للأشياء ؛ نسلك طريقا مغايرا بواسطة التصورات والتاريخ الطويل . كيف تعَرِّفون " مغادرة الدين " ؟ ما هو " نزع السحر عن العالم " ؟
مارسيل غوشيه : لقد قمت باستعادة هذا التعبير من ماكس فيبر Maxe Weber) ( كتحية وبهدف السير على نهج تفكيره ، لكني كنت مخطئا على وجه الاحتمال ، لأن الانسحاب من الدين هو مختلف أشد الاختلاف عما يضعه فيبر تحت مفهوم " نزع السحر عن العالم " . لقد أعطاه دلالة تقنية : " نهاية السحر كتقنية للخلاص " . فضلا عن ذلك فقد عمل على توسيع المفهوم ، عاملا على وصله بالعقلنة المتميزة للحداثة . يتعلق الأمر ، والحالة هذه ، في تقديري بظاهرة أكثر رحابة : تفسخ الدين بوصفه صيغة لتنظيم التعمير البشري . وبالنسبة إلينا ، كحداثيين ، فإن الدين يتكون من اعتقادات ميتافيزيقية فردية ، مستقرة على العاطفة ومتعلقة بالمصير البشري ، فيما وراء ، منطقة اللامرئي . اعتقادات ـ أشياء لافتة للنظر ـ ليست بالضرورة مرتبطة ، بالنسبة إلينا ، بالسلوكات الثقافية ، بممارسات ؛ ففي التاريخ الطويل ، والحالة هذه ، للبشرية ، شكَّل الدين شيئا آخر : صيغة في الوجود وبنينة المجتمع في مجموعه . قبل أن ينكمش في الاعتقادات والعلاقة فيما وراء ، لقد انحصرت وظيفة الدين في الإخبار وتأطير كل الحياة المشتركة . طيلة تاريخها الطويل ، خضعت الإنسانية لسلطة الآلهة . هذا هو المعنى الابتدائي والأكثر استمرارا للدين .
ما تسمونه بالتبعية ...
مارسيل غوشيه : بالمعنى الحرفي : قانون الآخر . يتكون مبدأ التنظيم هذا من أربع حالات عملية محددة جدا . أولا ، التقليد : تنظيم المجتمع تحت تأثير الخضوع للماضي المؤسس ، الالتزام وجها لوجه أمام نماذج سلفية . ثانيا ، الهيمنة : نمط سلطة يجسد الانقياد وجها لوجه أمام فيما وراء مقدس . ثالثا ، التبعية : حقيقة التحكم في الكائنات عبر تفاوتها وعبر ارتباط الأعلى بالأسفل . أخيرا ، رابعا : الإلحاق ، نمط علاقة بين الفرد وجماعته على قاعدة الخضوع للكل الجمعي ـ وهو ما يطلق عليه لوي ديمون Louis Dumont) ( " التمامية " . وفقا لأشكال متغيرة للغاية ، تعود تلك الحالات الأربع في كل العصور المتمدنة المعروفة من لدننا .
بالمقابل ، ابتكرت الحداثة الأوروبية منذ القرن السابع عشر ، بالنسبة إليكم طريقة تنظيم تتميز بالاستقلال . كيف تعرفونها ؟
مارسيل غوشيه : الاستقلال ، التنظيم المستقل ، يتعارض بالضبط مع التبعية . يفسح الامتثال لماضي التقليد المجال للابتكار العملي للمستقبل ، لتشييد عالمهما من قبل البشر . تفسح سلطة الهيمنة المجال للسلطة بواسطة تمثيل المجتمع . تترك التبعية التدريجية المجال للمساواة بين كائنات يفترض في أنها مستقلة . أخيرا ، يترك الاندماج الكلي المكان إلى الأسبقية المنطقية للأشخاص الفرديين حول الكل الاجتماعي ، بحسب نموذج " العقد الاجتماعي " . تكمن مغادرة الدين بدقة أكبر ، في العبور من عالم التبعية إلى عالم الاستقلال . من العبث القول أن هذا التأرجح لم يحدث بين عشية وضحاها ، أنه كان بطيئا ونزاعيا ، أنه شكل موضوع محاولات متكررة من أجل معارضته ، وإعادة بناء الشكل الديني الذي يوجد في طور التحلل . إن الإصلاح البروتستانتي ، على سبيل المثال ، الذي يُدرك في الوقت الحاضر كشيء عمل على تسهيل الدُنيوة ، تم تصوره ، في الأصل ، كمحاولة لإصلاح المسيحية في صفائها الأول ، والعودة إلى المجتمع المسيحي للأزمنة الأولى . قريبا جدا منا ، مازال بالإمكان فهم الشموليات مثل " أديان عَلمانية " قامت بمحاولة تجديد الشكل الديني بداخل الحداثة . في الوقت الراهن ، يمكن التفكير ، بعدل ، أنه ، في أوروبا على الأقل ، سيرورة " مغادرة الدين " قد وصلت إلى منتهاها ـ وليس ذلك نهاية للتاريخ ! لقد انفصل المعيار الجمعي نهائيا عن الدين الذي تحول إلى اعتقاد شخصي . وهو ما يشكل " الاستثناء الأوروبي " على سطح الكرة الأرضية ، حيث تم إدخال السيرورة في كل مكان ، لكنها تقدمت كثيرا بطريقة غير متساوية .
إذا كانت الأديان تمتلك ، أساسا ، وظيفة سياسية قبل أن تتحول إلى اعتقادات شخصية ، فكيف يمكن تفسير نفس العقائد ، التي تمكنت من " خدمة " شيئين مختلفين اختلافا كبيرا ، من تنظيم الأمة ، وتقديم تفسير ميتافيزيقي للمصير الفردي لكل واحد ؟ كيف يمكن للمؤمنين أن يستمروا في الإحالة على نفس الآلهة ، نفس النصوص ، نفس الشعائر ، إذا هم كانوا ينتظرون شيئا آخر من الدين ؟ في مقاربتكم ، ألا يغطي مفهوم الدين ظواهر مختلفة اختلافا جذريا ؟
مارسيل غوشيه : اسمحوا لي أن أشير إلى أن الأشياء التي تبدو لكم شديدة الاختلاف ، هي على خلاف ذلك ، تعتبر أشياء مرتبطة منطقيا . إذا كان ثمة مطلق إلهي يسهر على المصائر البشرية ، فمن الطبيعي جدا ، التفكير بأنه يقود أيضا شكل الوحدة البشرية . إن ما يعتبر فريدا وإشكاليا هو التفكك الحديث . على أنه في جميع الحالات ، صحيح ، ثمة اختلاف بين البعد البنيوي والبعد الفكري للدين ـ ترجمته إلى اعتقادات ، تمثلات ، نظريات لاهوتية . لا يتطابق السجلان تماما ، ثم إن التاريخ يبرهن على وجود جدل دائم بين الاثنين . ويبرهن أحدهما متحرك وله تأثيرات على [البعد] الآخر ، والعكس بالعكس . لنأخذ مثالا . اقتنع كاثوليكي أوروبي من القرن السابع عشر ، عامة ، بأن الحقيقة انكشفت ، فإن أس الحياة في المجتمع هو السلطة . فما تقوم به هذه الأخيرة ، هو ترجمة مفهوم الوحي سياسيا . وهو ما يجعل من الكاثوليكيين لزمن طويل ، يلتزمون بالنظام الملكي ، على أنهم أيضا قبلوا بالعصمة الحبرية ، المعلنة مثل عقيدة في سنة 1871 ! نفس الكاثوليكي الورع ، في الوقت الراهن ، نجده معارضا للإجهاض والزواج للجميع ، يستمر في الإحالة على الوحي ـ وحتى أنه ينتظر خلاصه . ومع ذلك ، فإن فكرة أن الوحي ، يتضمن جهاز سلطة سياسي مهيمن على المجتمع ، تتجسد ضمن تدرج ، فارضة قانون الجماعة على الأشخاص ، فإن ذلك يبدو له سرياليا . ومع ذلك فإن الكنيسة تشكل بالنسبة إليه مصدر كل سلطة ، إنه يقوم بفرز لما يمتدحه البابا ، وبالكاد يؤمن بجهنم بعد الآن . وحتى أنه لا يعرف ماذا تعنيه جهنم . إنها نفس النصوص ، نفس حماسة الإيمان ، غير أن حمولتها تغيرت تماما . يلاحظ جيدا بخصوص هذا المثال ، أن نفس الاعتقادات يمكن أن تصلح لرؤيات مختلفة للعالم ، وتندمج فيه . وضمن هذا التطور ، ثمة تحول بنيوي للتنظيم الجمعي ، الذي عمل على تغيير فكرة العلاقات بين الدنيا والآخرة . لاحظوا الطريقة المشرقة حيث روى جاك لوغوف Jacque Legoff) ( ، ولادة فكرة المطهر في القرون الوسطى . يتعلق الأمر بتغيير كبير : العبور من عقيدة العفو والخلاص ، التي تنطبق على أقلية من الأشخاص المعصومين من الخطإ ـ الرهبان ، الذين يعتزلون المجتمع ـ في كنيسة قررت تحمل مسؤولية خلاص الناس أجمعين . مشكلة : فبين القذرين الذين سيكون مآلهم جهنم والقديسين ، يوجد كل أولئك الذين يجهل المرء ماذا يُفعل بهم ، لا تتم الرغبة في إهلاكهم مباشرة ، على أنه ينبغي أن يتم عبورهم عبر منخل ... وهذا هو مبعث فكرة المطهر . إن ذلك يشكل ، كما يبرز لوغوف ، تغييرا للبنية الاجتماعية ـ الكون المديني ، عالم التجار ، ازدهار مجتمع فلاحي تم تجديده ـ التي تفرض تأويلا آخر للخلاص . وفي نفس الوقت الذي يتغير فيه المجتمع ، بتحول المخيال الديني ، والمعتقد معه . في الاتجاه الآخر ، إن الإصلاح الذي تعمل على استدعائه في الوقت الحالي ، يوجد هناك من أجل البرهنة كيف أن أفكارا لاهوتية يمكن أن تسهم في تحريك البنيات السياسية والاجتماعية .
ما الذي يميز " مغادرة الدين " عن " العلمنة " ؟ فكرة ناقشها الفيلسوفان كارل لوفيث Karl Lowith) ( وهانز بلومنبيرغ Hans Blumenberg) ( ، والتي تطعنون فيها بدوركم ...
مارسيل غوشيه : يعتبر مفهوم العَلمنة مفهوما ملتبسا ، فهو يهدف إلى الصدع بشيئين متناقضين . يحيل المعنى الأول ، الأكثر أصالة ، إلى الحق الكنسي . ففي هذا السياق ، تفيد " العلمنة " أن الكنيسة ترجع إلى المجال العَلماني مجالا كان ينتمي إلى السلطة الروحية . إنه التخلي عن المجال الدنيوي ذاته . ترفع الكنيسة يدها عنه . فَقَد الدين السلطة على التعبير عن رأيه بخصوص هذا الجزء من الحياة ، الذي يوجد خارج الأشياء المقدسة . إن التفضيل الثاني للمفهوم يفيد العكس تماما : إنه حقن الديني في العصر . إنها صيغة كارل شميث Carl Schmitt) ( الشهيرة : " كل المفاهيم السياسية هي مفاهيم لاهوتية تمت علمنتها " . يعتقد المرء بكونه علمانيا ، لكنه في واقع الحال ، يتحدث عن الدين دون معرفته به . إن عيب الأطروحة الأولى هو الإيحاء بأن الدين حينما يختفي ، فإنه يترك العصر كما هو . لا تفسر لنا الأطروحة الثانية ، ما الذي تصيره المفاهيم اللاهوتية حالما تتم علمنتها . إنها ، والحالة هذه ، لا تكتفي بالتأرجح من سجل لآخر ، إنها تغير من معناها في العملية . أخيرا ، إن كيفية انكماش الدين خارج العصر أو [كيفية] انتقال المفاهيم الدينية في العصر ، لا تتحكم العلمنة في ما هو قطعي جدا : تحول العصر . يتغير المجتمع تماما متخلصا من هيمنة الديني . فهذا التحول هو ما يطمح مفهوم مغادرة الدين إلى محاصرته .
إن الانسحاب من الدين ، بالنسبة لكم ، ليس فقط حصيلة للتاريخ الأوروبي الحديث . فهو يستمد جذوره من المسيحية التي شكلت ، بحسب تعبيركم ، " دين الانسحاب من الديني " . هل بالإمكان التدقيق في هذه النقطة ، التي تعتبر أساسية بالنسبة لما هو راهن ؟
مارسيل غوشيه : توضيح لا بد منه . أنا لا أتحدث عن جوهر المسيحية . بل عن إمكانية تشكل جزءا من المسيحية التي ما كان لها أن تعرف التحديث ، لو لم تصادف سياقا تاريخيا محددا جدا ، سمح لها بعرض نتائجها . أين تكمن الخصوصية المسيحية ؟ في الحدث المسيحوي للتجسيد . ما هي دلالة هذا الحدث ؟ بكلمة واحدة ، يعتبر المسيح " مسيحا مقلوبا " . لقد شكلت صورة المسيح صورة مَلِك ، فاتح مرسل من لدن الله ، من أجل توحيد البشر باسمه . فمع يسوع ، تجلى الإنسان ـ الإله مثل صورة بدون سلطة تشهد على الدنيا ، في شخصه ومصيره ، الانفصال بين المرئي واللامرئي . يتعلق الأمر بالدلالة على البرانية المزدوجة للإله ، بالنسبة للعالم ، والإنسان بالنسبة للخلق . ومع ذلك فإنه ينبغي على هذه المكانة الرمزية ، التي يحتلها المسيح ، انتظار سياق نهاية الإمبراطورية الرومانية في الغرب ، ومنعطف القرن الحادي عشر ، للشروع في إحداث تأثيراتها . حينما أقول أنها كانت الديانة الوحيدة التي امتلكت تدابير نوعية جعلت الخروج من الدين خروجا تشكل داخليا . الحجة الدامغة أن الأمر لم يكن متعلقا برنامج آلي ينتمي وراثيا إلى المسيحية ، هو أنه في سياق مختلف ، في بيزنطة ، حيث تشكلت الإمبراطورية الرومانية ، لم تباشر المسيحية الشرقية في تطورات متماثلة .
مع المسيحية ، تغيب الإله عن العالم ، من خلال ممثله الأبرز تاركا المكان ، فرضيا ، إلى العمل في المجتمع تحت رحمة العلم ، التقنية أو السياسة . ألا يعتبر غياب الإله هذا حضورا ، ولو بطريقة مختلفة ، في الديانتين التوحيديتين الأخريين ؟ ما الذي يجعلهما أقل انفتاحا على فكرة ، أن البشر بإمكانهم التفكير بأنفسهم ويحكمون أنفسهم بأنفسهم ؟
مارسيل غوشيه : تعتبر حالة اليهودية جذابة ، لأنه يتم تعريفها مجددا كديانة شتات . يتدخل التقنين الحاخامي في التشتت الذي أحدثته الهجرة ، خارج فلسطين الضائعة . نتيجة لذلك ، بقيت محفوظة كما هي ، منفصلة عن السياسي ، متخلية ، عبر إقليميتها الفوقية وجها لوجه ، أمام المجتمعات التي استقبلتها ، تتشكل حول سلطة كهنوتية ـ ما كان موجودا في اليهودية لهيكل سليمان . قامت إذن بتجديد أرثذوكسية عملية شديدة الصرامة ، هوياتية ، ذات استعمال داخلي ، متخلية عن التحكم في المجتمعات التي تندمج فيها في وضعية أقلية . مشكلتها هو إيجاد طريقة للعيش modus vivendi) ( معها ، مع الحفاظ على موروث ديني يتم تحديده داخليا كهوية . بإمكان تلك الهوية أن تظل قوية ، بما أنها غير خاضعة لجدلية الداخل والخارج . وبالرغم من بعض القفزات الفجائية ، فإن ذلك الجهاز تم تحصينه ضد التفاعل مع البنية الزمنية . إن لاسياسة اليهودية هي حالة استثنائية ، تتمسك بأخطار التاريخ . لانستطيع الأخريان فعل ما فعلت : الضمان أوحد وذو استعمال حصري .
وماذا عن الإسلام ؟
مارسيل غوشيه : إن خصوصية الإسلام الأولى والأساس ، هي كونه جاء بعد الديانتين التوحيديتين الأخريين ، ثم إنه يعرِّف نفسه بالنسبة إليهما . ففي البوتقة الأصلية للنبوة المحمدية ، يشكل اليهود والنصارى جزءا من البيئة . الإسلام هو تنظيم وتبسيط ، لما تم تشكله في اليهودية والنصرانية . زد على ذلك ، إن هذا يشكل جزءا لفهمه الذاتي : إنه يعتبر نهاية للوحي . نتيجة لذلك ، فهو ليس ديانة منفتحة قبليا على تساؤل حول مصيره . فهي تمتلك ، دفعة واحدة ، هوية تاريخية واضحة : خاتم النبوة ! إن ذلك ليس مدعاة للشك . تستند إحدى الأسئلة الكبرى للمسيحية الغربية على الشكل المؤسساتي ، الذي منحته الكنيسة للمسيحية : هل هي الطريقة المثلى لفهم رسالة الإنجيل ؟ منذ القرن الحادي عشر ، ثمة أناس يشككون في وجود الإكليروس . هذا التساؤل حول المأسسة المسيحية لم يتوقف عن إزعاج أوروبا ، حتى الوصول إلى القطيعة الداخلية الكبرى للإصلاح . لم يحدث في الإسلام ، إن لم يكن في التقاتل بين السنة والشيعة . بيد أن السنة والشيعة انفصلوا بلا قيد ولا شرط : فلا وجود لنقاش ، تبادل التأويلات ، نزاع عقدي ـ مع كل الآثار التي يمكن أن تنجم عن ذلك . بالإضافة إلى ذلك ، تميز ثان ، تم تشييد الإسلام ضمن غزو : لقد شكل إمبراطورية ذات نزعة عالمية . إنه التحسيس بأصالة الأمة الإسلامية . إن الأمة ، شأنها في ذلك شأن كل الإمبراطوريات ، متعددة العناصر : يتم التكيف بشكل محلي ، يتم التصالح مع الأهالي . على أن ذلك يتم حدوثه في عمق ذلك التجسيد الأرضي ، الذي يتم إنجازه بواسطة الغزو ، الذي يتوافق مع الفضاء السياسي الإمبراطوري ، الذي يقدمه الإسلام . لقد لعب ذلك دورا قويا ، في طريقة فهم الإسلام لحركة الحقيقة الإلهية . أخيرا ، ثم إن هذا العنصر الأخير ليس أقل قيمة : الإسلام عقيدة وحي ، يقدم نفسه كحقيقة مباشرة ، كلام الله غير المخلوق ! بدون وسائط ! يعتبر الرسول قدوة لكل المسلمين ، غير أنه لا يساهم في ما هو إلهي ، فهو ليس ابنا لله . فلا مجال للتساؤل إذن عن العلاقة التي تربطه بمن بعثه . تلقى الرسول محمد بدون قيد ولا شرط الحقيقة الإلهية . نتيجة لذلك ، فإن مسألة النقل لا تطرح . ففي الوحي اليهودي ، يكمن السؤال الأكبر ، في فهم ما إذا كان شعب الله المختار وفيا لعهد وعزم ربه ! إن ذلك يعمل على تغذية تساؤل عريض حول شروط تلك الرابطة . تعتبر اليهودية ديانة تأويل بامتياز . والمسيحية هي تساؤل حول ما رغب المسيح في قوله حقيقة ، وحول معنى مجيئه بين البشر . و ، فيما وراء المسيح ، ثمة تساؤل حول تمديد تبشيره في كنيسة . قال المسيح : " أنت صخر وعلى هذا الصخر سأبني كنيستي . " فما الذي كان يقصده بذلك ؟ ليس بالضرورة أنه كان ينبغي عمل الإدارة البابوية الرومانية والفاتيكان ! الأمر يستحق المناقشة ! على خلاف ذلك ، لا يُناقش القرآن . تُناقش الكيفية ، التي من خلالها نطبق تعليماته . ثمة وفرة من التفاسير . غير أنه تفسير لا يمتلك نفس الوضع : فليس " ما هو معنى الوحي الإلهي ؟ " بل " ما هي النتائج العملية التي ينبغي استنتاجها من سلسلة كاملة من القرارات اليومية ؟ " شيء مختلف جدا ! إن جوهر الوحي تمت معرفته حرفيا في القرآن ، إن ذلك لا يستدعي ميتافيزيقا حول الطريقة التي وصلنا بها هذا الوحي .
بشكل مفاجئ ، بدا الرسول موضوعا غير قابل للنقد ، خصوصا وأنه ليس من طبيعة إلهية ؟ كيف تفسرون هذه النقطة ؟
مارسيل غوشيه : إنها نقطة جوهرية للجهاز القرآني ـ ويفسر ذلك الحساسية المفرطة الإسلامية ، لكل من يمس صورة الرسول . يعتبر المسيح ، الذي هو تجسيد لغياب الإله ، شخصية عصية على الفهم . إن طبيعته ملغزة . بينما نجد أن الرسول هو من يمر عبره الوحي تماما : فحالما يتم لمسه ، فإننا نلمس قناة الحقيقة الأخيرة . إنه ليس الله ، إنه بشر ، على أنه يتمتع بأهمية استراتيجية أكبر من المسيح بالنسبة للمسيحيين ، أو موسى بالنسبة لليهود ، الذي ما هو إلا مؤسس سلالة أنساب حيث يمكن للمرء أن يفتري من دون أن يزعزع أي حاخام . في حين أن المثالية البشرية للرسول ينبغي أن تكون في مستوى البعثة الاستثنائية التي عهد بها إليه . لا مجال للمزاح بخصوص جوانبه البشرية جدا !
سيكون الوحي الإسلامي إذن أقل ملاءمة للتأويل ، عبر وضعه ذاته ؟
مارسيل غوشيه : إن وحي الإسلام هو وحي الوحي : لقد تأمل حول الوحي السابق ، الذي كان هشا . العهد مع الله ؟ إنه عارض ، إلى حد أن الشركاء غير مناسبين . المسيح ، ابن الله ؟ هو الذي قال ، لن يخلو ذلك من مشاكل عصية على الفهم ! وبالمقابل ، فإن نصا من خلاله ينقل الله ذاته أوامره ، عبر إنسان لن يكون إلا ترجمانا بسيطا ، إنه وحي يحصن ذاته مقدما ضد كل إنكار لوضعه كوحي . يبلغ الوحي الإسلامي مطلق ما يمكن إدراكه ، كوحي عبر الخيال البشري . وهذا ما يصنع العظمة الدينية للإسلام . على أن ذلك يطرح بعض المشاكل أيضا . إذا كانت الحقيقة تصدر فوق الإنسان ، فكيف للإنسان أن يكون في مستوى هذه الحقيقة ؟
ألم يشكل العصر الوسيط بالنسبة للإسلام ، كما هو الحال بالنسبة للمسيحية ، لحظة ، مع الملاءمة الفلسفية للرسالة القرآنية ، بواسطة فلاسفة أمثال ابن سينا أو ابن رشد ، التي انفتح فيها فضاء تأويل الإيمان بواسطة العقل ؟ أو أن هذه اللحظة لم تُؤخذ بعين الاعتبار في العالم الإسلامي ؟
مارسيل غوشيه : إنه سؤال صعب . وللإجابة ، ينبغي أولا التدقيق في أن كل الوحي يعتبر مفتوحا ، عبر الحقيقة الوحيدة بأنها وحي ، على عمل داخلي للعقلنة : ينبغي أن نضع في متناول عقل الإنسان معنى الوحي . كان الإسلام منفتحا تماما على عقلنة ، وقد كانت الفلسفة اليونانية رهن إشارته ، من أجل إنجاز هذا العمل . إن عمل العقلنة هذا حدث ، وكانت له بصمة قوية في الطريقة ، التي بها فهم الإسلام نفسه . غير أن السؤال الأساسي ، هو السياق التاريخي الذي انهارت فيه إعادة البناء تلك . ففي الغرب المسيحي ، أُنجز عمل العقلنة هذا ، انطلاقا من القرن الحادي عشر ، في سياق اجتماعي ، سياسي ، ديني ، ـ الإصلاح الغريغوري grégorienne) ( ، الإقطاع ، الملكيات الإقليمية ، المدن ـ ، الذي وصله مباشرة بالدينامية الجمعية ومده بوثبة لم تتوقف . فهذا السياق القطعي الذي لم يوجد ، في اللحظة التي ازدهرت فيها فلسفات الإسلام . بالإضافة إلى ذلك ، سوف أجرؤ على المضي قُدما أن تلكم الفلسفات لم تتوفر على جاذبية داخلية ، لثني الإطار الاجتماعي الذي سوف تتموضع فيه . اعتبرت ميولها الأساسية ميولا صوفية . كان ذلك التبسيط غير المتقن يتطلب تفسيرات مطولة . لنفترض أن الفلسفة الإسلامية ، في محورها الأساسي ، هي إلهام أفلاطوني جديد ، يعمل في اتجاه انكماش المجتمع . فحتى ولو أنها تركت انطباعات على العقول ، فإنها لم تعمل على تغيير الكيفية التي يؤثر من خلالها القرآن على المجتمع .
لقد كانت الحاجة إلى اللاهوت والفلسفة مختلفة جدا في التاريخ المسيحي والإسلامي ؟
مارسيل غوشيه : ذلك ما يبدو لي أن التاريخ يعمل على الكشف عنه . يشكل اللاهوت شيئا جوهريا ، بالنسبة للمسيحية ، لأن هذه الأخيرة لن تصوغ شريعة لتأطير الوجود ، خلافا لليهودية أو الإسلام . إنها لا تستطيع تقوية نفوذها ، إلا من خلال تفسير مسوغ لبواعث الإيمان . إنه جزء مهم لرسالة الكنيسة ، مؤسسة أصلية لم يوجد لها نظير في الإسلام ، في الحالة السنية بشكل عام . يهدف الإسلام إلى المساواة في الولوج إلى الوحي . كل مؤمن بإمكانه الاتصال مباشرة بالله . يمكن للمسلمين أن يكونوا فضوليين أو متلهفين وهم ينصتون إلى حكماء يفسرون القرآن ، ويعلقون على ما هو راهن على ضوئه . على أنهم ليسوا في حاجة إلى سلطة روحية لتوجيههم . فهم يعرفون ما ينبغي فعله بحسب النص غير المخلوق . لابد من متخصصين ، دكاترة في الشريعة ، الفقهاء ، من أجل إضاءة تضميناته . يمثل اللاهوت والفلسفة ، ضمن هذا الإطار ، إضافات من الفهم ، يكون مرحبا بها عند الاقتضاء ، على أنها ليست ضرورية إطلاقا من أجل اشتغاله . من الممكن جدا أن يعيش المرء الإسلام من دون لاهوتيين . كما أن الحرفية التشريعية أفضت به إلى التفسير اللاهوتي والفلسفي ، مع النهج الزهدي ، الصوفية ، كتناوب أو توازن . ففي المسيحية ، لا يقتصر الأمر على وجود لاهوتيين فحسب ، بل لاهوتيين يتكلمون ، عما ينبغي على المؤمنين فعله والإيمان به . وهو ما يجعل أن المؤمنين يميلون ، إلى تملك ما يرويه علماء اللاهوت ، بهدف تشييد لاهوتهم الخاص . وهذا ما يبرز المواجهات والتناقضات الدينامية ، التي لعبت فقط دورا هامشيا في العالم الإسلامي .
على افتراض أن المسيحية كانت هي الوحيدة التي أدخلت جهازا ميتافيزيقيا ، حيث سمح توضيحه للناس ، إلى التحرر من وصاية الآلهة ، أنجزت مغادرة الدين بأوروبا ، في سياق الابتكار المسيحي ، الذي انتشر في الوقت الحاضر في المعمورة ، على حد تعبيركم . " إن العولمة الحالية ، ذهبتم حدَّ قول ، هي عولمة مغادرة الدين " . ماذا يعني هذا ؟
مارسيل غوشيه : إن الانسحاب من الدين توقف عن أن يكون ظاهرة غربية كي يصبح ظاهرة عالمية . بسبب العولمة ، بكل بساطة ، التي تتجاوز الاقتصاد . إنها لا تختزل إلى الدوائر المالية : إنها تكمن في التملك المعمم ، عبر مجموع مجتمعات أرجاء المعمور ـ بدرجات متفاوتة ، بطبيعة الحال ـ أدوات ذهنية ومادية من صناعة غربية ، لصالح سيرورة الانسحاب من الدين . من خلال العلوم ، التقنيات ، الحساب الاقتصادي ، إن العقل التام ، للتنظيم المستقل هو ما تم إدخاله . على خلاف العولمة الأولى ، التي فُرضت تحت نموذج الإمبريالية الاستعمارية ، فإن العولمة الثانية ، التي نعيش تحت ظلها في الوقت الراهن ،هي تغريب ثقافي للمعمور ، وفي ذات الوقت هي تغريب سياسي مضاد . لم يقم الغرب بإرسال مبشريه عبر أرجاء المعمور من أجل الكرازة للجميع : " انسحبوا من الدين ! " إنه يكتفي بنشر منتوجاته ، بيد أن هذه الأخيرة تتضمن الانسحاب من الدين كرسالة ضمنية . إن الإطار ، الذي هو إطارنا ، يفرض نفسه على مجموع مجتمعات الأرض ، بما فيه التقاليد الروحية ، والحضارات الدينية ، التي لم تكن تمتلك بالضرورة ، في نواة هويتها الأصلية ، العناصر المهيأة لهذه السيرورة . نفترض في الحقيقة ، اضطرارا ، الانسحاب من الدين ، من الخارج ، على مجتمعات لم تقم بتطويره من الداخل . الشيء الذي يحدث هزات عميقة ، مماثلة ، لكن مختلفة بالضرورة ، عن تلك التي انبثقت عندنا ، حيث كانت السيرورة داخلية النمو ، وانتشرت على مايزيد من خمسة قرون . تعتبر العولمة رهانا هوياتيا ، لكل المجتمعات ، لأنها تكرهها على النظر إلى ذاتها من خارجها ، بدلا من الاكتفاء بالهوية الداخلية التي اعتادت عليها . وفي المجتمعات التي لا تزال تتشكل تشكلا بنيويا تابعا ، سواء أتعلق الأمر بمكانة العائلة ، أو بالأدوار الجنسية ، فإن رد الفعل الهوياتي يستعير نموذج إعادة التأكيد الديني .
في هذا الإطار انبثق المشروع الأصولي إذن ؟
مارسيل غوشيه : بالإمكان تعريفه كمشروع يعيد إلى الدين الوضع الأساسي للتنظيم الجمعي . ويمكن لهذا أن يتخذ أشكالا متعددة : نزعة هوياتية ثقافية متفاقمة ، أصولية متشددة حول حَرفية الممارسة الدينيةobservance) ( ( في إطار الإسلام ، السلفية الوهابية ) ؛ أو أيضا الشكل الأكثر جذرية للجهاد ، للصراع ، من أجل إعادة فتح ضد الغرب ، منشأ اللعنة . إن شبح ردود الأفعال أكثر شساعة ويمكنه بسهولة الانزلاق ، من مرتبة إلى أخرى . يمكن الشروع بالدفاع عن هوية . يتم المرور من إعادة تملك التراث التي توجد في الخلف ، من ثم إعادة بناء طائفة المؤمنين ، من أجل الوصول إلى مواجهة مع العدو ، الذي ينبغي سحقه للوصول إلى غاياتها . ففي الرواية الجذرية ، تعتبر الأصولية ، مع ذلك ، مشروعا متناقضا للغاية . لأنه يصدر عبر اتجاهات عَلمانية متناقضة ، مع الشكل الديني للحياة الجمعية ، التي يود تشييدها . تقوم الأصولية بضم ما تحاربه ، لأنها تبذل قصاراها من أجل الهيمنة عليه . ومن أجل إعادة تملك الماضي المؤمثل ، إنها تتصرف ، باعتبارها حديثة ، بالرغم منها . يقدم نفسه في قطيعة مع التقليد ، يرفض السلط المشيدة ، يعبر عن نفسه ضمن فردانيته المؤمنة . على أنه نتيجة لذلك ، يتم تقويض المشروع من الداخل ، عبر تشدد بين الفردانية الدينية لممثليها والمشروع التابع ، بوضع كلية الوجود الفردي والجمعي ، تحت سلطة الله . الوسائل متعارضة مع الهدف . يصل التناقض إلى غايته القصوى ، مع جهاديينا ، من الجيل الأخير ، الذين يعتبرون مؤمنين مهتدين ذاتيا ، متكونين ذاتيا ، متجذرين ذاتيا . لقد انجرفوا بواسطة حافز شخصي أساسا ، لكنهم على استعداد من أجل الموت لصالح الدافع ، الذي سوغ لهم الوجود كأفراد ، متنكرين لأنفسهم كأفراد .
عادة ما يتم الحديث عن " فاشية خضراء " بخصوص الإسلام . ما الذي يميز الأصولية عن الشمولية ؟
مارسيل غوشيه : إن إحدى مقومات النزعة الشمولية ، هي التموضع في التاريخ الحديث ، وتقديم نفسها ، كنهاية باسم علم التاريخ ، سواء كان هذا العلم المادية الجدلية للماركسية اللنينية ، أو مذهب صراع الأعراق ، في الحالة النازية . إنها أنظمة مستقبل . علاوة على ذلك ، إنها الخلفية الأساسية للإغراء الذي يمارسونه ! تجسيد المستقبل ، شباب العالم : إنها حجتهم الفضلى للدعاية . على النقيض من ذلك ، فإن نظام الحكم المطلق الديني للأنظمة الإسلامية ، أو المشروع الإسلامي ، يتموضع ، أساسا ، تحت دلالة إعادة تملك الماضي . ثم إن ذلك يغير كل شيء ! إذ أن الدين لا يغطي سوى جزء للحياة المشتركة ، في الوقائع ، حتى ولو أنه يرغب في استلهام المجموع ، وبقاؤه منفتحا ، في نهاية المطاف ، على تأويل المؤمنين . يتعلق الأمر بتجديد القواعد الخارجية لممارسات الإسلام ، حبس النساء في البيت ، على أنه من ناحية أخرى ، لا يملكون شيئا كثيرا لاقتراحه . تشتغل الشريعة ، نظريا ، مثل قانون عام ، على أنه في الواقع ، فإنها تترك أشياء كثيرة خارجها . فمهما كان ثقل الاستبداد الديني ، فإنه يترك هامشا للمناورة بالنسبة للمعارف ، [هامشا] كبيرا جدا ، بدلا من النفوذ الشمولي الذي اعتبر ، مذهبيا ، نفوذا كليا . يتسرب علم المجتمع ، إلى هذا الأخير ، من جهة لأخرى ، وعاملا على تبرير تدخل الحزب ، الذي كان يمتلك الاحتكار ، في أدنى زاوية من زواياه الخفية . يشكل المحتوى الديني على طريقته عائقا للمطالبة بالسلطة التي يلتمسها بهدف تشكيل الإنسان والمجتمع .
يتمظهر تأثير الأصولية الإسلامية في المقام الأول عبر الرغبة في الهيمنة على النساء . لماذا هذا التركيز الاستحواذي على وضعية النساء ؟
مارسيل غوشيه : في الغرب ، تعتبر الثورة النسوية آخر أكبر ثورة للمساواة . لقد اقتنع الأصوليون ، أنهم لو تنازلوا حول هذا الموضوع ، فقد وجب عليهم التنازل عن البقية . هذا يدل إلى أي حد يتحدد مشروعهم ، بالنسبة لما يفهمونه عن الغرب . لأن مجتمعهم التقليدي ، لا يختزل إلى الخضوع للنساء . على أنهم لا يستبقون إلا ذلك من الماضي . إن ذلك دليل على الصعوبة الحقيقية ، في إدراك ما كان يعتبر مجتمعا دينيا . فقد توقفوا عند تلك الإشارات الخارجية .
بالعودة إلى الجهاديين الذين ارتكبوا اغتيالات باريس ، فهم لم يكونوا منحدرين من خارج الغرب ، فقد كانوا مواطنين فرنسيين . كيف تفسرون اعتناقهم لعقيدة الجهاد ؟ إذا كان الانسحاب من الدين عميقا للغاية ، في أوروبا ، كما تدافعون عن ذلك ، استدعاء رد الفعل الأصولي هل يمكنه أن " يتخذ ضد مواطنين فرنسيين ذوي علاقات متوترة بالثقافة الإسلامية ؟
مارسيل غوشيه : يعتبر الاعتناق الديني ـ ينبغي على المرء تذكر ذلك ، لقد كان حاسما ، إلى حد ما ، في تاريخنا الخاص ـ الوسيلة الأكثر نجاعة ، كي يعتبر المرء نفسه كفرد ، حينما تكون لديه صعوبات جمة ، في ولوج ذلك الوضع . إنه ينقل لكم رؤية فردية عميقة لمصيركم . إنه وعد غير عادي .يقدمه المجتمع الذي يضمنا إلى شبان مهمشين ، يحسون بالإقصاء والإهانة ، كي يصبحوا أفرادا حقيقيين ؟ لأن المرء يصبح فردا ، ليس بالولادة . إليهم ، يُقال أنهم كذلك ، على أنهم يحسون أنهم ليسوا كذلك في حقيقة الأمر . هناك ، بشكل مفاجئ ، مع مشروع الانتماء إلى مذهب والتأثير في الآخرين ، فإنهم يبلغون الفردية في امتلائها . يتعلق الأمر بعطاء روحي يستجيب حقيقة إلى صعوبات اجتماعية وسيكولوجية ، غير أنه يمتلك قوة جذب داخلية . فحتى هنا ، بالغرب ، يترجم الخروج من الدين بالنسبة لعدد كبير من الأفراد من خلال التعاسة الشخصية . قد يشكل جحيما لأسباب لا يمكن اختزالها إلى الشروط المادية وإلى الفقر ـ مثلما يتم النزوع إلى اعتبار ذلك في غالب الأحيان . كما لاحظ ذلك المتخصصون في اقتصاد السعادة ، بإمكان المرء أن يعيش في مجتمع به فقر مرعب ويكون سعيدا . وأن يعيش في مجتمع به رخاء ويكون تعيسا . لأنه يوجد أسوأ من الفقر : إنه الشعور بالتخلي الرباني الشخصي . خصوصا وأن لاوجود البتة لمشروع جمعي لتجاوز المجتمع الراهن . لا وجود لشكل سياسي للمستقبل . ما الذي يتبقى ، حينما يتلاشى مستقبل وعد بالتحرر السياسي ؟ الماضي والهوية . وما هو شكل الماضي بامتياز ، الشكل الذي يشكل أطروحة نقيضة بالنسبة للحاضر ؟ تتعلق بالدين . ففي مجتمع لا مستقبل له ، يعتبر بعث الماضي طريقة بسيطة للغاية لقراءة شرور العالم الراهن ، والعالم الذي يخصنا . إنه يفسر التعاسة ويقدم الدواء : " إن إهمالنا للدين هو ما جعلنا في هذا الوضع ... وفي رجوعنا إليه كل شيء يصبح على أحسن ما يرام ! "
بجعلكم من الأصولي الجهادي نتيجة للخروج من الدين ، يبدو أنكم مقتنعون بأن هذه الظاهرة الانعكاسية ـ سوف يتم امتصاصها ، في آخر المطاف ، من قبل الخروج من الدين . على أنه هل أنتم على يقين تام بأن الخروج من الدين هو ظاهرة لا رجعة فيها ؟
مارسيل غوشيه : لا أدعي الكلام حول هذا الموضوع ! ألاحظ فقط ، إلى حدود الساعة الراهنة ، أن ذلك التوسع قد عمل على إدماج كل التعارضات التي انتصبت أمامه . وقد حصل هناك ! وقد استغرق ذلك خمسة قرون بالغرب ، وقرون وسمت بمقاومات تم الإعلان عنها ، على كل المستويات ـ أو وجود أصداء بعيدة من وقت لآخر ، كما هو الحال أثناء الاحتجاجات ضد زواج المثليين mariage pour tous) (. إننا لا نتقاتل ، على أننا نلاحظ أن نتائج ذلك التقدم لم يتم هضمها ، بعد من قبل الجميع ، بالرغم من كون أنه في الغرب ذلك النزوع ، قد قام بغزوه بشكل كبير . ثم إن الأصوليين البروتستانتيين الأمريكيين سيجعلون من أصوليينا أبناء لمريم ... لأنهم عنيدون . إلى جانب كل الأخطاء التي عوتبت الحداثة عليها ، ما يكفي من المزايا ، حتى لا يرغب الأفراد حقيقة في مغادرتها . على أني لا أستثني في شيء البتة ، بروز أصوليين جذريين حقيقيين ، متعقلين جدا ، لا ينخدعون أبدا حول إمكانية الفصل ، ضمن الحداثة ، بين ما يأخذون به ، وبين ما يطرحونه . ثمة أصوليون من طراز أميش Amish) ( ، أكثر تصلبا ، سوف يفضلون أنفسهم كليا عن كل ما يمثله الغرب ، بإمكانهم أن يظهروا إلى حيز الوجود . لقد اعتبر الخروج من الدين ، إلى حدود الوقت الراهن ، حركة عصية على المقاومة . ومع ذلك ، فإن ثمة حججا دامغة ، تسوغ التفكير ، بأن طموحات دينية عميقة ، ترتبط بما كانه الشكل الديني القديم ، هي قيد العمل في مجتمعاتنا . حينما صرح هولباك Houellebecq) ( بأنه يؤمن بعودة الديني ، أعتقد أنه وضع الإصبع على نوستاجيا عميقة قيد الاشتغال في مجتمعاتنا . إلى حدود الوقت الراهن ، فقد تم الإبقاء على الحنين . على أنه لا شيء يثبت أنه لصالح ظروف مأساوية ، وسناريوهات كارثية ، لا يمكن عكس المنحنى . إن أعظم وعد للحداثة ، هو : " ستصبحون أثرياء ، سوف تعيشون لفترة أطول ، ستصبحون أكثر سعادة . " لكن ماذا لو افتقر المرء حقيقة ، ماذا لو حصلت في الواقع لديه ، كوارث بيئية كبيرة ، فإن النابض يمكن أن يتحطم ويتخذ المجرى وجهة أخرى . لا شيء يسوغ باستبعاد ذلك .
" الخروج من الدين ، هو تحول الدين إلى شيء آخر غير الدين " ، كتبتم . ما هو هذا ال" تحول " ؟
مارسيل غوشيه : لا يحول خروج الدين بيننا وبين أن نظل كائنات بإمكانها أن تكون دينية ، منذ أمد طويل ، والذين يحافظون على معنى ما هو عليه . إن أعدادنا المتكاثرة لا تتقيد بالاعتقادات الدينية ، لكننا نظل كائنات جاهزة إلى الحاجة الدينية religiosité) ( . لا يعني الخروج من الدين أننا سننفصل عن الإنسان المتدين L’homo religiosus) ( الذي ساد التاريخ البشري برمته . ادخلوا أي صرح أو موقع ديني ، ستشعرون بجو المقدس . من يستطيع الإنصات إلى [موسيقى] آلام المسيح ، بحسب متى ، لباخ من دون أن يشعر بقوة الإيمان ، الذي تعبر عنه ؟ لقد كنا متدينين ـ وسنبقى متدينين وإلى الأبد . إنه ترتيب أنثروبولوجي تقريبا . وهو ما يجعل من أن المجتمعات المغادرة للدين ،كونها شيدت بواسطة قلق عميق يبحث عن اسمه . لكل أولئك الذين لا يؤمنون بالإله ، فإن الانفتاح الروحي يظل في حالة كمون ، مع كل ما يحمله من أسئلة حول المصير البشري .
عمليا ، كيف سيؤول هذا التصرف الديني الذي يصر على تفكك الأديان بالمعنى الحصري للكلمة ؟
مارسيل غوشيه : في بداءة الأمر ، انفتاح فضاء داخلي للعلاقة مع الذات عينها ، ما يُطلق عليه بالسريرة ، التي هي تجربة أساسية للأفراد في مجتمعنا . إنه ضمن العلاقة الفردية مع الله ، انبثقت في تاريخنا تجربة الوعي والضمير . بيد أن تجربة ال" ذات " ، لا تُصٍِرُّ فحسب ، بل إنها تتعمق أكثر ، بالنسبة لخسوف الآلهة . علاوة على ذلك فهي سوف تسعى بسهولة في سبيل ترجمات روحية . إن ذلك يقوم بتغذية نجاحات الأديان الشرقية ، البوذية بشكل خاص ، التي أقام معها الغربيون علاقة ترتكز على تفسير خاطئ دال جدا ـ إنهم ينتظرون منها تعزيزا للحياة الداخلية ، هناك حيث يتعلق الأمر بالأصل لتجاوزها . فيما بعد ، ثمة مجال المعرفة بتمامه ، الذي هو في الحقيقة ، مغامرة روحية . ما الذي ينشط الرغبة في المعرفة ؟ على النقيض من الصورة الساذجة ، يتعلق الأمر بامتلاك معارف ،أقل من أن يعرض المرء نفسه للمجهول . ما هو مثير للاهتمام في المعرفة ، هو تقييم ما نجهله وما نهفو إلى معرفته . تعتبر المعرفة تجربة ميتافيزيقية حقيقية . لا شيء يماثل راهبا محموما ، من القرن الثاني عشر ، من عالم مهووس ينام في مختبره . إنهما صوفيان أيضا ! فضاء آخر للانتشار ما بعد الديني للديني : مغامرة الفن ، تحت أشكالها الشعبية أو العالمة . إن شباب اليوم بإمكانهم أن يقيموا علاقة حيوية مع الموسيقى ، التي لا علاقة لها البتة مع تسلية بسيطة . إن الحديث عن " اللهو " ، هو الانتقال تماما إلى جانب تلك التجربة . إنها ترتبط بتصوف يدعي عدم المعرفة . إنه يتموضع ضمن فضاء ثقافي ووجودي ، حيث الفردية تسعى في قطيعة مع عالم ، حيث تمتلك الإحساس ، بعدم القدرة على العثور على هويتها الخاصة . هذا هو ما يدوم ، على سبيل المثال ، من الدين في عالمنا . أن نخرج نهائيا من الدين أو لا ، سيتعين علينا التصالح مع هذا الفراغ الديني لما يتجاوزنا .

ــ
مصدر النص : مجلة فلسفة الفرنسية Philosophie) ( في عدد ممتاز رقم 25 مارس ـ أبريل 2015 .



#الحسن_علاج (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة غلى شاب نيتشوي
- شمس الحقيقة
- آدم
- من يكون آدم وحواء ؟ - حوار مع طوماس رومر
- حوار مع ميشال سير
- إسلام وحداثة معالم مسار تاريخي
- شعرية الإخصاء في رواية - عرس بغل-
- قراءة تحليلنفسية - يقدم هذا المحكي أسس العلاقة بالآخر
- مفخرة نيتشه
- فوكو ، الملغز
- موريس بلانشو والكتابة الشذرية :- زمن غياب الزمان -
- فرويد ، أسلوب واقعي
- الطوفان : أسطورة أم كارثة مناخية ؟
- الأبطال المُحضِّرون ، محسنون وقطاع طرق
- فرويد أو الذات باعتبارها نصا
- عزلة الفيلسوف
- فن المالنخوليا
- حوار مع باتريك موديانو
- حوار مع ميلان كونديرا
- ما لا يمكن الكشف عنه


المزيد.....




- مورسيا : مدينة يقطنها مهاجرون من شمال أفريقيا تهتز على وقع ا ...
- ماكرون يعلن عن خطة لتسريع الإنفاق العسكري في فرنسا
- تحطم طائرة في مطار ساوثند شرقي لندن وإغلاق المطار حتى إشعار ...
- المستشار الألماني يرفض خطة إسرائيل لإنشاء -مدينة إنسانية- بر ...
- الإعلام الإسباني يرفض رواية إسرائيل ويكشف جرائمها بغزة
- سوريا.. عشرات القتلى جراء اشتباكات بين مقاتلين بدو ودروز في ...
- الإيطالي يانيك سينر يتوج بأول ألقابه في ويمبلدون بعد الفوز ع ...
- لماذا يلمح نتنياهو إلى انتكاسة محتملة بمفاوضات الدوحة؟
- مستشار لنتنياهو يواجه اتهامات بتسريب معلومات سرية عن غزة
- ترامب بين مطرقة بوتين وسندان نتنياهو.. حلم نوبل في زمن الحرب ...


المزيد.....

- تساؤلات فلسفية حول عام 2024 / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - الحسن علاج - حوار مع مارسيل غوشيه