أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الحسن علاج - من يكون آدم وحواء ؟ - حوار مع طوماس رومر















المزيد.....

من يكون آدم وحواء ؟ - حوار مع طوماس رومر


الحسن علاج

الحوار المتمدن-العدد: 6188 - 2019 / 4 / 1 - 09:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من يكون آدم وحواء؟
بضعة أسطر غيرت العالم
صفحة ونصف . وهو الحيز الذي يشغله آدم وحواء تقريبا في التوراة . يقدم لنا طوماس رومر (Thomas Romer) قراءة لاهوتية وأنثربولوجية لهذا المقطع من سفر التكوين حيث التأثير ضخم إلى أبعد الحدود.
كيف خلق الله الإنسان ؟
طوماس رومر : في الأصحاح 1 من سفر التكوين ، تم خلق الرجل والمرأة في وقت واحد : " فَخَلَقَ الله الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِِ ، عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ ذَكَراً وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ . " ولم يحدث التمييز إلا في نهاية الأصحاح 2 فتحولت المرأة إلى حواء بالرغم من عدم تسميتها : " ودعا آدم اسم امرأته " حواء " لأنها أم كل حي " . هذان محكيان من أصل مختلف تم وضعهما معا فهما ، يتكاملان بشكل من الأشكال . فحواء سوف لن تسمى باسمها إلا بعد الطرد من الجنة .
في ظل أي حقبة تمت كتابة هذين المحكيين ؟
طوماس رومر : زهاء القرن الثامن ـ السابع قبل الميلاد ، في مملكة يهودا ، حيث تمت كتابة المحكي الثاني . ففي تلك الحقبة بدأ في التشكل متن من النصوص . بالنسبة للبعض الآخر ، فإن المحكيين يرجع تاريخهما إلى الحقبة الفارسية ، بين القرن السادس والرابع قبل ميلاد السيد المسيح . حسب العرف ـ ثم إني أفضل هذا الرأي ـ ، أعتقد أن المحكي الثاني قديم جدا . غير أن البعض يعتقد أنه عبارة عن قراءة جديدة للمحكي الأول . إنه سؤال لا يزال إلى اليوم فيه جدال .
كيف يمكن لهذا الجدل المتسلسل تاريخيا أن يؤثر في معنى المحكي ؟
طوماس رومر: إذا كان المحكي الثاني ـ الذي يعالج الزوجين آدم وحواء ـ حديثا جدا ، فإن النص يمكنه إذن أن يقدم رؤية نقدية لمحكي الأصحاح الأول من سفر التكوين والتي تكون على الشكل التالي : خُلق كل من الرجل والمرأة في وقت واحد ، لكن ليس تماما ، وسوف نشرح لكم كيف حدث هذا الخلق حقيقة . وبالمقابل ،لو تم اعتبار محكي الزوجين في الأصحاح 2 أكثر قدما ، فإن المحكي الأول تتم موضعته حينئذ قبل ذلك حتى نستطيع القول : فما تم سرده بعد ذلك ،لا تنسوا أن الرجل والمرأة بقيا على قدم المساواة . في كل الأحوال ، فإن الكائن البشري ، في سفرالتكوين ، كان أثناء عملية الخلق ، رجلا وامرأة في نفس الوقت .
من هو آدم ، المخلوق الأول ؟
طوماس رومر : اسم آدم يعني في اللغة العبرية الأدمة adama) (، الأرض ، التراب ، ثم إنه جُبل من الصلصال . يتعلق الأمر بلعب بالكلمات من أجل الإشارة إلى كائن مصنوع من الطين . يتميز هذا المخلوق الأول في المحكي الثاني، في الوقت الذي جُبلت فيه المرأة انطلاقا من " ضلع " آدم . يتم الحديث حينئذ عن " إيش " ish) ( للإشارة إلى الرجل بمعنى الذكر وإيشا isha) ( بمعنى الأنثى . على أن كل ذلك يرتبط لو ترجمت عبارة "ضلع" بواسطة أخذ قطعة صغيرة من آدم وتم تحويلها فيما بعد إلى امرأة ـ ومن تم إلى شيء ثانوي ـ ، أو إذا ترجمت ب" جانب " .لو تم تفضيل معنى ال" جانب" ، الذي هو المعنى الأول بالعبرية ، فإن المرأة تصبح قُبالة . لقد تم شطر الكائن الأول إذن ، مثل قطعتي ليغو lego) ( . رجل وامرأة يشكلان معا مخلوقا بشريا . ولهذا السبب نقرأ في سفر التكوين : " لِذَلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأتِهِ وَيَكُونَانِ جَسَداً وَاحِداً " )تكوين 2 ،24 (.
ماذا تعني " حواء" بالعبرية ؟
طوماس رومر : " الحَيَّةُ " . لم يظهر اسمها إلا في اللحظة التي طُرد فيها آدم وحواء من الجنة، في الأصحاح 3 : " وَدَعَا آدَمُ اسْمَ امْرَأَتِهِ " حَوَّاءَ "لأنَّهَا أُمُّ كُلِّ حَيٍّ . " )تكوين 3، 20 (. فهي التي تمنح الحياة .
ومع ذلك فهي مُتَّهَمة بارتكاب الخطيئة الأصلية التي أوجدت الموت ...
طوماس رومر : ثم إنه زيغ كبير ! إن هذا النص المعقد ،يبين أن الحياة أوجدت الموت كذلك . إن الحية هي المحرض على ذلك الانتهاك . وقد اعتبرتها الكنيسة شيطانا . ففي سفرالتكوين ، يمتلك الحيوان على الأصح شيئا بروميثوسيا : " وَكَانَتِ الْحَيَّةُ أَحْيَلَ جَمِيعِ حَيَوَانَاتِ اْلْبَرِّيَّةِ الَّتيِ عَمِلَهَا الرَّبُّ الإِلَهُ . " بالإمكان القول تقريبا أن الله ، عَبْرَ الحية ،يدفع الزوجين الآدميين إلى الانتهاك . ففي بيداغوجيا pédagogie) (الشرق القديم ، يتم الإعلان دائما عن منافع سلطة تستطيع جلب السعادة ، محاصيل وافرة ... ويتم اتقاء ، بشكل مواز ، مصيبة في حالة انتهاك . يعلن الله في سفرالتكوين فقط العقوبات في حالة الانتهاك ، كما لو أنه كان يعلم حدوثها كي يتمكن الزوجان الأولان من مغادرة جنة عدن . وبالفعل، فإن أول اتصال جنسي حدث بعد أن أُخرج آدم وحواء من الجنة . في مواجهة الموت ، بإمكان البشر [ترك] ذرية ، وهو ما يعتبر لدى القدماء ، بالغ الأهمية .
عن أي تساؤل يجيب هذا المحكي ؟
طوماس رومر : على كل تلك التساؤلات التي طرحتها البشرية منذ غابر الأزمنة . تفكر تلك الأسطورة في الشرط البشري ، في قدرها ، علاقتها بالله ، المعاناة ، عن لماذاالموت .
يحظرالله الانتهاك ويجيزه في نفس الوقت ... إنه انحراف إلى حد ما ؟
طوماس رومر : أهو انحراف أم هل هو التعبير عن صعوبة التفكير في وقت واحد ،إله يراقب كل شيء والإنسان الذي يمتلك حرية ؟ هل الحَكَمُ مطلق الحرية أم أن حريته محدودة ؟ فبعد قطيعة التحالف ، لم تعد هناك مسألة بين الله والبشر. كل واحد يلزم مكانه . على أن العلاقة لم تقطع بشكل مطلق . يتمتع الرجل باستقلال ، بمسؤولية ، لكن ينبغي عليه القبول بمنزلته . فلن يصبح أبدا إلها .
ما ذا تعني عبارة " نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا " ؟
طوماس رومر : هذه العبارة التي ظهرت في الأصحاح الأول من سفر التكوين تظهر تغييرا غاية في الأهمية بالنسبة لعقليات الشرق الأدنى القديم. ففي مصر ،سوريا ، صورة الله ، هي الملك . إن قول كل كائن بشري هو على صورة الله هو نوع من دمقرطة الإيديولوجية الملكية . ليس الملك أبدا ،بل البشرية جمعاء. لكن لماذا يتكلم الله بصيغة الجمع؟ في العبرية التوراتية ، لا وجود لصيغة جمع للجلالة حقا . الصورة ،أعني انعكاس الرجل باعتباره ذكرا وأنثى ، هي انعكاس لزوجين إلهيين .ففي إسرائيل القديمة ، كان يهوه yahvé) ( مرفوقا في التوراة بإلهة ، أشيرا Ashera) (، تدعى أحيانا " ملكة السماء " . وقد جاء ذكرها في التوراة التي قُرِئَت مثل كتاب توحيدي ، لكنه يحتفظ بالعديد من أثار الشرك .
لماذا تخاطب الحية المرأة وليس الرجل ؟
طوماس رومر : إن مشكلة الرجال الكبرى في عصور ما قبل التاريخ هي أن المرأة تحبل بالطفل ومن الصعوبة بمكان التحقق من هوية والد الطفل . ما يجعل تلك النصوص حول الخيانة الزوجية تحدد معالم التوراة ثم ذلك السؤال الذي يشكل هاجسا بالنسبة للرجال: كيف لي أن أكون متأكدا أن هذا الطفل من صلبي ؟ لقد تمت كتابة تلك النصوص من قبل أشخاص برؤية أبوية نوعا ما تجاه المرأة ، مصدر تلك التخوفات . ثمة قراءات مغرقة في النزعة النسوية تستحضر جدالات لاهوتية كبيرة بين المرأة والحية . صحيح أن الرجل لم يتم تمجيده في هذه القضية . فهو يتبع مطيعا ،ينفذ ثم يتناول الفاكهة .
من تكون ليليث Lilith) ( ، التي يقع تقديمها أحيانا كزوج أول لآدم ، على أنها غير مذكورة في سفر التكوين ؟
طوماس رومر : في النصوص الأكدية والسورية ، ثمة شيطانة تحمل اسم ليليث تقوم بسرقة الأطفال الحديثي الولادة . إنها طريقة لتفسير لماذا كان الرضع يموتون قبل الأوان . لقد جعلت الشباب يفقدون صوابهم ، وكما جعلت المراهقين واعين بجنسيتهم . إنه النص الوحيد من التوراة الذي يتحدث عن ذلك يوجد في سفر إشعياء : إن هذا النوع من الشيطانة قد ولج الكتاب التوراتي من باب ضيق . على خلاف ذلك ، ففي المحكي الأول من سفرالتكوين ، خُلق الرجل والمرأة في وقت واحد ، وفي ، المحكي الثاني ،آدم أولا لوحده قبل أن يضم إليه امرأة . قام أحبار اليهود فيما بعد ،بقراءة النصوص ، من دون أن يقوموا بتمييز مثلما سوف نقوم به ، واستنتجوا أنه ، في المحكي الأول ، فقد كان لآدم زوجة وقد جعلوا من حواء زوجته الثانية .وقد تساءلوا حينئذ : إذا كانت حواءامرأة ثانية ، من تكون الأولى ؟ وما الذي جرى لها ؟ وماذا حدث له هو الآخر [آدم] ؟ ما كان عليها أن تقبل بذلك ، بما أن حواء خلقت فيما بعد . وهكذا ظهرت ليليث ،تلك التي كانت تحمل نوعا ما كل استيهامات المرأة العاصية ، تلك التي لم تلزم مكانها ، التي تمردت في وجه زوجها ... إننا نعثر هنا على كل مخاوف الآباء . لقد جُعل من ليليث أول امرأة لعينة لآدم . وبما أنها شيطانة ، فقد تم ربطها بالشيطان .
منذ قرون ،فضلت الكنيسة القراءة التي بحسبها حواء " تولد من ضلع آدم " . هل ذلك من أجل تبرير تفوق الرجل على المرأة وعدم فسخ الزواج ؟
طوماس رومر : طبعا . ومن أجل ذلك ، فقد ارتكزت على الترجمة اللاتينية ، التوراة الرسمية للكنيسة الكاثوليكية ، التي فضلت هذه الترجمة . تتحدث الترجمة اللاتينية كذلك على " التفاحة " ، في حين أن الأمر يتعلق ، في اللغة العبرية ، ب" الفاكهة " .
ـــ
مصدر النص : المجلة الفرنسية عالم الأديان (Le Monde Des Religions) عدد 86 ، نوفمبر ـ دجنبر 2017 .
طوماس رومر : أستاذ بالكوليج دو فرانس ، ويشتغل أستاذا للتوراة العبرية بكلية اللاهوت لجامعة لوزان بسويسرا .



#الحسن_علاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع ميشال سير
- إسلام وحداثة معالم مسار تاريخي
- شعرية الإخصاء في رواية - عرس بغل-
- قراءة تحليلنفسية - يقدم هذا المحكي أسس العلاقة بالآخر
- مفخرة نيتشه
- فوكو ، الملغز
- موريس بلانشو والكتابة الشذرية :- زمن غياب الزمان -
- فرويد ، أسلوب واقعي
- الطوفان : أسطورة أم كارثة مناخية ؟
- الأبطال المُحضِّرون ، محسنون وقطاع طرق
- فرويد أو الذات باعتبارها نصا
- عزلة الفيلسوف
- فن المالنخوليا
- حوار مع باتريك موديانو
- حوار مع ميلان كونديرا
- ما لا يمكن الكشف عنه
- شاعر في مواجهة الهاوية
- جاك دريدا -أن نترك له الكلمة الأخيرة-
- أنطونيو تابوكي كتب اللاطمأنينة
- لودميلا ساراسكينا :- كل ما بَشَّر به حَدثَ -


المزيد.....




- -لا صورة استخباراتية واضحة-.. مستوطنون يهود يكشفون تحديات خط ...
- بن غفير يصدر قرارا بمصادرة -سماعات المساجد-
- بزشكيان حول الوضع بسوريا: يتوجب على الدول الإسلامية التدخل
- وزير الخارجية الايراني: لا نرى فرقا بين الكيان الصهيوني والإ ...
- بزشكيان: على الدول الإسلامية منع استمرار الأزمة السورية
- عراقجي: الإرهاب التكفيري في سوريا أثبت أنه يتحرك في الخط نفس ...
- عراقجي: التكفيريون لن يحققوا شيئا أمام المقاومة
- عقد اجتماع مشترك للحكومة الايرانية ومجلس الشورى الاسلامي
- هذا الصهيوني يتفاخر بمصادرة مكبرات المساجد!
- بن غفير يتفاخر بمصادرة مكبرات المساجد وتحذيرات من -حرب دينية ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الحسن علاج - من يكون آدم وحواء ؟ - حوار مع طوماس رومر