أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مريم الحسن - الباب














المزيد.....

الباب


مريم الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 6234 - 2019 / 5 / 19 - 16:38
المحور: الادب والفن
    


أطرقُ بابَكم
دائماً
فلا أسمعُ غيرَ الصدى
يُرجِّعُ لي أنيناً ..
تفلّت هارباً من ضجيجِ الطَرَقات
أحرّكُ مِقبضَ الباب
أُعنّفُهُ
فلا يجيبني غيرَ التعبِ النازفِ من لهاثِ إلحاحي
و من تكرارِ المحاولات
أتراكمُ لستمُ خلفَ بابِكم هذا يا تُرى؟
خلف هذا الصمتِ الثقيل المتمادي في اجترارِ اللا نهايات
أم أنكم خلفهُ
تتابعون تتالي سقوط الأمل في حُفرٍ مِن الإحباطِ لا متناهية
كالريشةِ البيضاءَ في مهبِّ زفيرِ شفاهٍ حرّكتها رياحٌ عابثاتٌ لاهية
تراقبون بصمتٍ صار منكم
و هو مثلكم ..
انحاز إلى صفِّكم في جمود الكيدِ
و في صمم اللا مبالاة
تتأملون الرجاء يضجُ خلف بابكم صارخاً مَن أنتم ..
مَن أنا؟
بصمتٍ فيكم حاكى جمودَ الصممِ في الأوثان
و مثل الوثن لسانُ جوابكم ..
صمٌ بكمٌ أنتم
لا تجيبون؟

أطرقُ بابكم
أصرخُ عالياً
أنادي عليكم
أردِّدُ النداءَ سؤالاً يُلاحقهُ صدًى يُعيدُ نفسَ السؤال
ليطلّ الجواب آتياً على عادتهِ
على مهلهِ
يُصاحبهُ السكونُ
و صمتٌ
هام فوق المكان
كالغيمةِ العابرة على أكُفِّ رياحِ التساؤلات
تعبرُ من فوقي مطراً
إيقاعاً يحاكي وتراً
لحنُهُ يُردّدُ رَجعَ صدى تكرارِ المحاولات
و مثل المحاولات
عبثاً يُكرّرُ اللحنُ ذاتَهُ و يسألُ هو أيضاً نفسَ السؤالِ
و بذات الثبات
تراكم من تكونوا لأعرف أنا من أكون؟

أتوقّفُ عن طرقِ بابكم
أعودُ أدراجي من حيثُ أتيت
أبتعد
ألتفت
ألمحُ ظِلالَكم خلف النوافذ تناديني أنْ ارجعي
أخطو خطوةَ إلهامٍ واحدة إلى الأمام .. و تختفون
كأنني لم أرَ ظلّكم
لم ألمحكم
و أنتم في البعيدِ كالظلالِ من خلف النوافذِ عليّ تنادون
أنظرُ مِن حولي
يتدفقُ الغموضُ فجأةً كالنهرِ هادراً
يلفّني بثوبٍ هادئٍ لَونُهُ نُسجَ من صمتِ المكان
لا نسمةً تهتكُ اعتكافَ ثرثرة الحفيفِ في عزلةِ اغترابها على أغصان الأشجار
لا حركةً تستفزُّ انفعال السكون في رحابة صدر المدى المتحالف خِفيةً
مع ما تخفّى فيهِ من أوهامٍ و حقائق و أسرار
لا شيء يُدلّلُ على وجودِ غيري
هنا
حيثُ أنا
أراكم تراقبون الوقت
تلاعبون الحيرة و الرجاء و الأمل بالصمت
تتحالفون مع العبث
و بكلِّ صقيعهِ و برودةِ الصمم في اللا مبالاة
بانفعالات التساؤلات الخضراء الطريّة الغضّة تعبثون

أشيح بنظري عن بابكم
أجلس أرضاً
أطأطئ رأسي
أغمضُ عينَي
أفتحهما
فتختفي فجأةً من حولي الأشكال
لا أرى حولي إلا المدى
و قد تلبّسته فتنةُ من جنون
دُفِنتْ في السر
في جوف خليطٍ من ذرّاتٍ ترامت أشكالها كثباناً سمراءَ من الرمال
تسلّلت باتساعهِا مبتعدة نحو آفاق التهمت على الطريق
كلَّ سؤالٍ و جواب
و كلَّ فكرةٍ و كل ممكنٍ و كلّ شكلٍ لحلمٍ في احتمال
و عالياً فوق رأسي
في جوف السما
يصدحُ طائرٌ
حلّقَ حريةً متسائلة
من عظيم نشوتها
فردَتْ جناحيهِا بصيرةً
هزأت بالقيدِ الذي لاح تحتها
قيدٌ .. مضغَ قفلَهُ فمُ الصدأ
و لاكَ مفتاحَهُ
نابُ سرابٍ أتى على كل آمالِ الحالمين القابعين فوق الرمال
أرفعُ ذراعَي عالياً نحوهُ
نحو السماء
أعلو
أرتفع
أحلّق
ألامسُ خدَّ الغمام
أرافق رفيقي صادحة
أفرد جناحَي معه و من ثم أهوي ..
ثم أهوي
فيُعانقُ مشهدَ امتدادِ ما تحت السقوطِ بصري
أرى كل ما فيه اختفى
و أيضاً ما كان فيه
قد غمرَهُ طَميُ نِسيانٍ خَفي
حتى جسدي
تلاشى في جوفِ الطَوَفان
الزاحف على كل شيئ أمامه بنهمِ المُنتصرِ القَوي
انجرَفَ منسياً في عمقِ طميٍ ابتلعهُ
نبذَهُ جواباً
على شطٍّ من أسئلة أنستهُ كلَّ أسئلته الماضية
عمن كان و من هو و ما قد يكون

أنا الصادحُ الآن مع الطير عالياً فوق الغمامِ في جوفِ صفاءِ السما
أنا الآملُ بحريةٍ تكسرُ قيدَ ذاك الرملِ السادِ آفاق الرؤى على طولِ خطّ المدى
أنا السائلُ خلف بابكم عمن كنتُ و عمن أكون و عن كلِّ ما مضى
أسألُ بابكم مجدداً
أنا الآن,
اليوم ..
من أكون؟
أتراني عبرتُ بابَكم؟
ذلك الموصد في وجهي؟
من دون أن ألاحظ
أو حتى من دون أن أدري؟
بعد أن كنت ألاحقُ ردّكم
صرتُ ألاحق ردّي فيَّ؟ في آني؟ في ذاتي؟ و في قدري؟
بعد أن كنتُ سائلاً صرتُ أنا جوابي المكنون منذ ميلادي في صدري
أقفُ خلف بابٍ ينتظرُ آملاً
أملاً آخراً مُتسائلاً
يقرعُ بلهاثِ التعبِ و لجاجة الإصرار صمم الجمود فيه
و لا نهائيةَ العبثيةِ في صمتهِ
يُحرّك بعنفِ المحاولات
كيدَ اللا مبالاة
و الوثنيةَ
في مقبضٍ عاندَ سؤالاً حلّ عليهِ في عينِ زمانه
أتاهُ في تمامِ وقتِهِ
سؤالٌ لا يملّ آملاً .. من تكرارِ ذاتهِ بذاتهِ
و أيضاً بذاتِ ذاك الثبات
تراكم من تكونوا لأعرف أنا من أكون؟



#مريم_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صدام الحضارات و حرّاس الثقافات
- اللحظات الأخيرة...
- ولادةُ رؤية ...
- الجمال
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
- أي نعم أجل أيواً ... دليلُ إثبات
- البحث المنهجي كأسلوب حياة... وسيلة للتطور و للإرتقاء
- جواب
- يُحكى أنّ ... كُرةً تتراكلُها الأقدام صرنا
- المعادلة الفاضحة
- أتدري ما السهر؟
- الشهيد البطل عزّام عيد... حاضرٌ أبداً و ما رحل
- لك الله يا وطني ... و كل هذا الحب على أرضك
- من مذكرات مواطن عربي (3) ... التوهان
- أبو علي
- من نحن... سؤال لم يعد تائه و لا بريء و لا محتار
- طفلةٌ بحزامٍ ناسف
- عاصفةُ الشمالِ
- ناهض حتر... شهيد الكلمة المقاومة و الفكرة المناهضة
- آليسار ... ضاحكةُ العينَين


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مريم الحسن - الباب