أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احسان طالب - مقالات التنوير 8 مأزق العقل الأصولي بحث أركيولوجي















المزيد.....



مقالات التنوير 8 مأزق العقل الأصولي بحث أركيولوجي


احسان طالب

الحوار المتمدن-العدد: 6223 - 2019 / 5 / 7 - 21:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مدخل :
إن بحثنا محاولة للدخول و الغوص أعمق ما يمكن نحو قاعدة و أس العقل الأصولي وهي في ذات الوقت ليست سياحة في بنية و تركيبة العقل العربي لارتباطه الوثيق و التاريخي بالسلف وموروثاته المنقولة، بل مقصدنا التجول خلال الفكر المكتوب بالعربية أو المترجم إليها، و المستند إلى ثقافتها و تراثها بصرف النظر عن أصول الكاتب العرقية باعتبار أن بنية ذلك العقل الجامع للقوميات تحت راية الإسلام أكثر مرونة و اتساعا من العقل المحدود برقعة جغرافية أو الدائر في فلك قومية محددة فغدا مكبلا بفوقية قومية و فوقية غيبية مظنونة ، و يظل أفق و مجالات الفكر المتقوقع أضيق من القوالب و القواعد العامة التي بني عليها الفكر الديني السياسي المرتبط بالتجارب الراهنة في المنطقة العربية. لاتصاف العقل السياسي بالبراغماتية ـ المنفعة ـ وميله نحو الميكافيلية، والتجارب السياسية الإسلامية في كل من ماليزيا وتركيا وإيران هي في الواقع أشد غنى وأبعد أفقا مما عرفته المنطقة العربية.
العقل العربي المنفتح نحو الخارج المتجرد من سوار الانغلاق الديني يبقى قادرا على النهوض والانطلاق ارتكازا على ما خلفه من نتاج فكري وعلمي متراكم و مستمر، بدءً من معتزلة المأمون إلى ابن رشد وابن عربي وابن خلدون وصولاً إلى مستنيري القرن العشرين ومن سار و تابع مسيرة التنوير من حداثيين ومعاصرين ، في حين أن العقل الأصولي البحت أي المتقوقع داخل إرث سلفي قاصر ومقيد بذات الوقت بانتماءات عرقية جغرافية مختلفة ما زال قاصرا و ربما عاجزا عن فك أو كسر طوق المحددات الأصولية و مرجعياتها .
تبدأ الإشكالية في الإجابة على التساؤل التالي :هل يمكن قبول النتائج و الحقائق التي يفرزها التفكير البشري المنطقي في حال تعارضها مع المسلمات الغيبية و هل إعمال العقل المنفك من القيد الغيبي و القدري ممكن أم محظور ومعصية ؟
هل العقل البشري مقيد بنهايات يأثم حال معارضتها أو تجاوزها ؟
أي بنتائج يقينية مطلقة ينبغي التوقف عندها وعدم بلوغ ما يخالفها أو الانفكاك من أسرها من وجهة نظر دينية إسلامية أو مسيحية، وللإجابة على التساؤل أعلاه نستعرض نماذج ورؤى مختلفة، تمثل توجهات متباينة وفهما لنصوص القرآن الكريم، ما سيساعدنا للوقوف بموضوعية أكبر حيال الفهم والتفسير، ومعرفة قدرة النص القرآني على خلق المعاني.
نظرية للنقاش رؤية ـ وجهة نظر ـ استشراقية غربية مسيحية تعالج المسألة على الشكل التالي : (إعمال العقل – فعل عصيان؟
فبينما يطلب من المسيحيين أن يعاينوا الظروف التي يتصرفون في ظلها ويستجوبون ضمائرهم بشكل نقدي، يطلب من المسلمين إدراك قانون الله وتجاهل الشروط الدنيوية السائدة والملاءات الشخصية.

يرتبط تاريخ هذه العلاقة الإسلامية الغريبة المتوترة "بالعالم" بنزع الشرعية الجزئي عن التفكير، الذي يجب أن يوجد في القرآن
إن إعمال العقل وفقاً للمرجعية الخاصة للفرد يقود إلى عصيان الله (على سبيل المثال، السورة 15: 28 – 35). لقد أدرك إبراهيم بمشيئة الله الطبيعة الزائلة لهذا العالم وأنه آمن بوجود إله واحد لا يتبدل. ومع ذلك، فان عبادة الأصنام ليست خطأ نتيجة لهذا الإدراك؛ على الأصح، لأن الله لم يترك لعملية التفكير أية حجة (السورة 6: 74 – 81 ) ـ 1 ـ
" الآيات المشار إليها في سورة الحجر (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ*28
فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ* 29فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ* 30
إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ* 31قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ* 32
قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ* 33قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ*34
وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ* 35)
الآيات المشار إليها من سورة الأنعام: (وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ 75 فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَىٰ كَوْكَبًا قَالَ هَٰذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ 76 فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَٰذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ 77فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَٰذَا رَبِّي هَٰذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ 78 إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ 79 وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ 80 وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ 81)
في الواقع فإن قراءة : تليمان ناجل ،أستاذ الدراسات العربية والإسلامية في جامعة غوتنجن للآيات الكريمة أعلاه غير دقيقة ، فسياق الإيمان الإبراهيمي بالخالق الواحد ـ الله جل جلاله ـ جاء عبر جدل عقلي مجرد ارتبط بنظرة تجريبية حسية مباشرة ولا أدري كيف يمكن أن يفهم من الآيات الكريمة اعتبار التفكير معصية
وفي مقابل الرؤية الإستشراقية للنص القرآني تلك و التي جاءت بعد مرور أوروبا بمرحلة التنوير ومن ثمة الإصلاح، نلمح رؤية إسلامية تنويرية تنتظم مع الأيام تفرز توجهات إسلامية لإعادة الاعتبار للعقل و مكانته بدأت كما مر معنا في منتصف القرن الثاني الهجري وتوالت عبر السيرورة التاريخية للفكر الديني وصولا إلى القرن العشرين . يوجه مالك شبل ـ مثلا ـ إلى تغليب العقل والمنطق على الخرافات و الإيديولوجيات . و يقول:" الإسلام يحث على استعمال الحكمة و العقل. ودائما ما حث على محاربة الخرافات و الأوهام". ـ 2 ـ
وللنظر مثلا إلى التباين في فهم وتفسير واحدة من أهم آيات التنزيل الحكيم (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) سورة البقرة الآية (216) ذلك باعتبار تلك الآية الكريمة تعد مستندا لفتح باب القتال والغزو وربطها بمفهوم الجهاد العام ، كما تعلنه التنظيمات الجهادية المتطرفة ؛ باعتبار الجهاد بمفهومه الحربي ، أي بالمبادرة بالحرب على الآخرين بدعوى الفتح والهداية عنصرا حيويا في حياة المسلم. والملفت هنا أن المفارقة كانت وما زالت قائمة ولا يحق لأحد الادعاء بالانفراد بصواب الفهم وحصر وجهة الحق، يقول القرطبي في تفسير الآية أعلاه:
"هذا هو فرض الجهاد ، بيّن سبحانه أن هذا مما امتحنوا به وجعل وسيلة إلى الجنة . والمراد بالقتال قتال الأعداء من الكفار ، وهذا كان معلوما لهم بقرائن الأحوال ، ولم يؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم في القتال مدة إقامته بمكة ، فلما هاجر أذن له في قتال من يقاتله من المشركين فقال تعالى : أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا ثم أذن له في قتال المشركين عامة . واختلفوا من المراد بهذه الآية ، فقيل : أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خاصة ، فكان القتال مع النبي صلى الله عليه وسلم فرض عين عليهم ، فلما استقر الشرع صار على الكفاية ، قاله عطاء والأوزاعي . قال ابن جريج : قلت لعطاء : أواجب الغزو على الناس في هذه الآية ؟ فقال : لا ، إنما كتب على أولئك . وقال الجمهور من الأمة : أول فرضه إنما كان على الكفاية دون تعيين ، غير أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا استنفرهم تعين عليهم النفير لوجوب طاعته . وقال سعيد بن المسيب : إن الجهاد فرض على كل مسلم في عينه أبدا ، حكاه الماوردي . قال ابن عطية : والذي استمر عليه الإجماع أن الجهاد على كل أمة محمد صلى الله عليه وسلم فرض كفاية ، فإذا قام به من قام من المسلمين سقط عن الباقين ، إلا أن ينزل العدو بساحة الإسلام فهو حينئذ فرض عين ، وسيأتي هذا مبينا في سورة " براءة " إن شاء الله تعالى . وذكر المهدوي وغيره عن الثوري أنه قال : الجهاد تطوع . قال ابن عطية : وهذه العبارة عندي إنما هي على سؤال سائل وقد قيم بالجهاد ، فقيل له : ذلك تطوع ."
ذلك الاستعراض المتين المذكور أعلاه من قبل واحد من أهم مراجع التفسير تاريخيا، ومن أكثرهم موثوقية ينحاز لفهم وتفسير عقلاني بعيد عن الميل الجارف نحو العنف والاقتتال وفتح ميادين الصراع الحربي بين الأمم والشعوب.
و الواقع أنه يفترض التفريق بين المنهج و أهله ، بين مكون العقل الإسلامي أي الناتج الفلسفي العقلي للمسلمين، و بين الأصول و تفسيراتها و قراءاتها الجامدة. لقد استطاع العديد من الفلاسفة المسلمين احتواء النص ـ كمادة مقيدة أو ضاغطة ـ و البقاء ضمن دائرة التدين بطريقة مازالت غير واضحة المعالم، ذلك أن الارتداد اللا عقلاني للفكر الديني المتطرف وأحيانا الشائع المعاصر عن ذلك المستوى العقلاني من فهم وتفسير القرآن الكريم ـ كما عند صاحب تفسير القرطبي ـ عاجز عن تحقيق تلك المعادلة ـ أي المواءمة بين العقل والالتزام الشعائري ـ و يعتبر الغلاة والمتطرفون إعادة تفعيل وظيفة العقل البشري كقاعدة للفهم والتفسير والاتباع خروجاً و تجاوزاً للمنهج و بالتالي ردة عن الدين .
و نستطيع الظن بأن الإشكال أيضا قائم في هيمنة المرجعية المؤسسية و التاريخية معاصرة كانت أم قديمة، ونرى أن التحرر من هيمنتها يساهم في تحرير العقل المسلم.
(العقل الأسير لا يمكن أن يمتهن التفكير؛ حتى وإن ادعى أن ما يقوم به نوعاً من التفكير. لا تكفي الشهادات الأكاديمية العليا لمنح (الناسخ) التراثي شهادة الإبداع في التكفير؛ إذا كانت المؤسسة الأكاديمية ذاتها قائمة - من حيث مبرر وجودها، ومن حيث بنيتها المنهجية - على محاصرة التفكير بمقولات التضليل والتكفير، وعلى صناعة العقل الأسير. ...... ربما كان هو العائق الأساس الذي تمخضت عنه كثير من المعوقات الأخرى، وتفاعلت معه على وجه من الوجوه. هذا العائق الذي يتصدى لحرية التفكير؛ فضلا عن حرية التعبير، هو الحضور الكهنوتي المتزمت والمهيمن - أو الذي يتوق إلى ممارسة الهيمنة - في أنحاء العالمين: العربي والإسلامي. ) ـ 3 ـ
ولعل الأزمة سابقة على المأسسة و تشخيص النظريات حيث أنها أعمق من ذلك تعود إلى الجذور المُنبتة لأسس و قواعد المنهج الأصولي ، ما يعني بوجود حاجة لمراجعة أصول الاستنباط والتفسير التاريخية والسلفية ، كونها تلتصق في بنية نصية ممكنة و دلالات تاريخية موثقة و تطبيقات عملية من قبل الناقلين الأقرب له . ما يقودنا للقول بأهمية الَتثبتِ من المنقولات التاريخية ومعالجتها بطريقة علمية ومنهجية.
مقيدات الأصولية للعقل :
يمتلك العقل الأصولي السياسي كغيره رؤية عامة وتصورا ً خاصا ً به، لكنه بصفته السلفية المحصورة بأطر تاريخية وتفسيرية دقيقة ضيقة نهائي ـ أي مطلق ـ لا يرتضي ولا يمتلك سوى البناء الكلي على تجربة قيام الدولة الدينية في المدينة المنورة كمثل أعلى ونموذج وحيد وقطعي ، يحتذي به على مر العصور، و ينبغي الالتزام به و إتباع نهجه مع تبدل الأمكنة و الأزمنة ، مقصيا في الواقع تجارب حية عايشها المسلمون تاريخيا عبر قرون طويلة من قيام الدولة الإسلامية بصفتها القيمية أي التي تعتبر الإسلام قيمة ورابطة سياسية واجتماعية على أسس مدنية واقعية .
وبالرغم من البراغماتية المعهودة لذلك العقل أي العقل الأصولي في معالجة مصالحه المباشرة تاريخيا إلا أنه يسير وفقا ً لأحكام واجتهادات قياسية لا تغادر تلك التجربة ولا تتجاوزها. و تبقى المنفعة والمصلحة الآنية والمباشرة مرحلية تكتيكية إلى حين الوصول إلى الهدف المنشود.
فالتكتيك الذي مرت به الدعوة النبوية في مكة المكرمة من السرية إلى العلنية المحدودة بالأهل والعشيرة، بغية إدخال المجتمع بشكل تدريجي في الدين الجديد ومن ثمة الجهر بالدعوة السلمية والصبر على الأذى، وبعد ذلك السماح بالدفاع عن النفس والأذن بالقتال وإعادة بناء مفهوم الحرب والجهاد بصيغة قواعد صلبة تكتسب صفة الكمال والتمام بحيث بدا صعبا ً وربما عسيراً تجاوز ذلك النمط التاريخي المأثور ، ذلك الفهم السطحي لكلية وشمولية النص والسيرة النبوية والسياسية التاريخية الإسلامية ، ما زال متبعا في الفكر السياسي الديني الحديث خاصة لدى أحزاب وتنظيمات قائمة تعمل بجد لبلوغ غاية الحكم كحزب التحرير الإسلامي وحركة الإخوان المسلمين الذي ترسخ استنادا ً إلى أطروحات حسن البنا الذي ظل معارضا للديمقراطية و بنائها الأساسي القائم على حرية التفكير والاعتقاد، أكد ذلك و بيّنه سيد قطب في كتابه الشهير "معالم في الطريق" وكتاب محمد قطب " جاهلية القرن العشرين " ، فخوض غمار التجربة الديمقراطية تحت راية نظام لا تنطبق عليه مواصفات الحاكمية التي ابتدعها سيد قطب يعد أمرا ً مخالفا ً للقواعد والأصول، إلا أن الاستناد إلى الأسلوب التدريجي في التحريم أو ترتيب الفروض سمح بالقياس و جواز إتيان تلك المخالفة أي المشاركة في سلطة لا تحكم بما أنزل الله على مبدأ الاستعانة بغير المسلم أو الفاسق لمحاربة العدو. وهنا يمكن القول بأن خطوة مرحلية فيها مخالفة للأحكام مقبولة في فترة معينة تبيحها الضرورة. وبذلك يجوز للإخوان المسلمين أن يشاركوا في انتخابات تؤكد الاستطلاعات بأنهم سيفوزون بها وبالتالي وجودهم في البرلمان خطوة تساعد على القرب من الهدف الأسمى وهو الدولة والسلطة المنضبطة بشكل كامل بالمرجعية الشرعية، وعد دخولهم في انتخابات مع أرجحية الفوز مرحلة و جسرا يتم من خلاله السير نحو الاستئثار والانغلاق. فالديمقراطية هنا عربة تستقلها حتى تصل إلى مرادك و تنزل منها و تتركها في أخر محطة. و يساعدنا على ذلك الفهم و ربما الحكم البرنامج الذي نشره إخوان مصر وعاد وفيه إلى اعتماد أسس الدولة الدينية.
" برنامج الإخوان المسلمين الذي مزق إربا كل المفاهيم المتعلقة بالدولة المدنية التي كان يتحدث عنها ممثلو الجماعة ، ثم بعد ذلك و بلا مواربة أقاموا الدولة الدينية "ـ 4 ـ
الإخوان المسلمون خاضوا الانتخابات في مصر إبان حكم الرئيس حسني مبارك بغية الوصول إلى البرلمان والتأثير فيه كخطوة تكتيكية، يمكن بعدها تجاوز مفاهيم الديمقراطية السياسية في مرحلة متقدمة تليها خطوات نحو السيطرة والعودة إلى مفاهيم الإمارة والخلافة وإلى حد كبير الدولة الدينية ، وهذا شيء طبيعي لأنها قمة وربما نهاية للمشاركة السياسية وفق التصور الأصولي؛ فالفكر الديني السياسي نخبوي لا يثق طويلا باختيارات الأكثرية وقناعاتها لأن الهدف المركزي يتعارض مع التعددية والحرية وقبول الآخر وذلك ببساطة شديدة؛ فالسجال الفكري الأصولي لا يرتضي قبول أي تغيير جذري كونه مثقل ومقيد بمرجعية وأصولية جوهرية منبثقة من مفهوم الركن الأول المقصود به هنا التوحيد.ـ بمفهوم سياسي قاصر ـ فتوحيد الألوهية بمفهومها الأصولي المجرد يعني حصر المرجعية التشريعية بالنص المقدس وهنا تكمن العقدة المركزية. ففي بلد كسورية مثلا ً تتعدد فيه الأديان والمذاهب يغدو فيه الاحتكام إلى الشعب أمرا ً ضروريا و حاسما إلا أنه من غير الممكن فعل ذلك في ظل المرجعية العليا للنص الذي يفرق بين الناس استنادا لانتماءاتهم الدينية. وكل المحاولات التي شهدها الفكر الليبرالي العربي المستند إلى أصولية إصلاحية تجديدية بدء ً من الكواكبي و علي عبد الرازق ومرورا ً بمحمد عبده ورشيد رضا ( في بداياته ) ووصولا ً إلى الجابري وحسن حنفي، لم يتمكن ذلك الفكر، رغم بحثه الجاد الصادق، من تفكيك طوق تلك المرجعية أو تجاوزها. بتقديرنا يرجع ذلك لعدم كفاية في بنية الفكر الحداثي.
فمفهوم الدولة الحديثة القائم في جزء أساسي منه على اعتبار الشعب مصدر السلطات لا بد و أن يتصادم مع مفهوم الألوهية الخاص بمنطق الدولة الدينية المتمكن من الفكر الأصولي الديني السياسي إسلاميا كان أم غير ذلك ، فالنص المقدس الذي أنزل ليحكم ويتحكم وينظم الصغائر والكبائر في حياة الأفراد والجماعات و يحدد المنظومة السلوكية للفرد و الجماعة ثابت وأصيل في مستويات يعتبر تجاوزها خروجا ً مرفوضا ً على التصور الشامل للفكر السياسي الديني بتصوراته المحدودة كما مر معنا . وبالرغم من انتقاد وحتى نقض فكرة الحاكمية الذي ابتدعها سيد قطب من خلال رؤيته للنص (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ سورة المائدة الآية (44) فإن العلاقة المترتبة على بنية العبودية أهم وأجل من الخصوصية السياسية ؛ تلزم الباحث في الفكر الديني بمحاولة إيجاد قراءات وتفاسير جديدة ومتجددة للنص الثابت والنهائي الغير قابل للتعديل أو الإضافة، لكنه في الحقيقة مفتوح الآفاق.
وفي الوقت الذي تنتشر فيه الديمقراطية بوتائر متباينة في كافة أرجاء العالم ويتوافق انتقال السلطة وتبادل الحكم مع رغبات الشعوب بدء ً من دول الاتحاد السوفييتي السابق كجورجيا وأوكرانيا ووصولا ً إلى أمريكا اللاتينية وعودة اليسار إلى السلطة في انتخابات ديمقراطية في بوليفيا ونيكاراغوا ، ما زال المتدينون في العالم العربي والإسلامي يتساءلون عن جدوى الديمقراطية وهل تم تنصيب أبو بكر خليفة للمسلمين - قبل ما قرب من أربعة عشر قرنا ً – بالوصية أم بالشورى وهل يمكن عد تجربة ابن الخطاب بتحديد مجلس استشاري نموذجا ً لمجالس شورى حديثة وذلك عند تسميته ستة مرشحين يختارون بمفردهم واحدا ً منهم كخليفة وقائد عام للدولة والشعب وتطبيقا ً لمبدأ الشورى الذي لا ينص على الرجوع إلى الشعب ولا يعطي مؤشرات أو دلائل يمكن الاستفادة منها لإقرار مبدأ الانتخابات .
تلك المحاولات الجادة التي عمل عليها كبار المفكرين الإصلاحيين لم تفلح في استنباط فكر سياسي متطور من (وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ سورة الشورى الآية (38)) ولم تفلح في إسناد الديمقراطية السياسية إلى نص شرعي واصطدمت الاجتهادات بإرث تاريخي تراكمي طويل ومكثف من قراءات وتأويلات رسخت وقرّت في قاع الوعي والوجدان الدني، ولم يتمكن العلماء الشرعيين الذين فسروا النص بطريقة كلاسيكية قامت على التقليد في مستوياتها العامة، والإتباع في مستوى النخبة المسلحة بالعلوم والمعارف المؤهلة لتناول النص بشكل مباشر من إيجاد نظام سياسي مستقل ومتطور وحتى المحاولات المعاصرة لفهم المرجعية التشريعية في منحى يوصل إلى ابتكار أو إبداع مفاهيم حديثة أو رؤية مخالفة للمأثور اصطدمت بذلك الإرث الثابت .
فسعي جمال البنا ( كمثال ) لفهم لا إكراه في الدين بصورة تسمح بحرية الاعتقاد أو الانتقال والتغيير ارتطم بمرجعيات معتبرة عدّْت الوصول إلى ليبرالية فكرية ارتدادا خطيرا يؤول إلى نقد المعتقد، وما الحملة التي شنها شيوخ من الأزهر على عمرو خالد عندما اعتبر النص سالف الذكر مبررا لإشاعة الحرية الاعتقادية إلا دليل على مدى صعوبة وربما تعذر الرؤى التجديدية والإصلاحية لمفاهيم النص القديم بمثقلات تفسيرية تاريخية ، مع الإبقاء على المناهج القديمة لمدارس الفقه و التفسير و علم الأصول مرجعية لاستنباط الجديد. فبداية التجديد و الإصلاح ملزمة ببناء مناهج لأصول الاستنباط والتفسير ؛ أكثر حداثة و أكثر عقلانية تخدم الباحث و الدارس الساعي نحو مواءمة الدين مع العصر.
ففي علم الحديث مثلا مازالت القواعد التي أصلّها البخاري و مسلم ونظمها ابن الصلاح والدارقطني والذهبي؛ هي المرجع و المتبع والدليل الأثير والوحيد وكل ما تلاها تفسير وشرح نمطي ، ما تسبب في صدام قوي بين الحديث و حقائق العلم و الواقع و تسببت تلك الأزمة في نشوء جماعات تتجاوز الحديث النبوي و تقتصر على النص القرآني ـ القرآنيون كأحمد صبحي منصور ـ و من خلال رؤية تاريخية أنطولوجية فلسفية ، و ليس من المريح القبول بذلك المنهج بل المطلوب العمل على وضع ضوابط و ونواظم جديدة و حديثة لقبول المنقول عن النبي (ص ) أو رفضه.
الأوليات :
من المعلوم بالضرورة أن مهمة العمل السياسي تحقيق المصالح العليا للوطن و المواطن وحماية الدولة والمجتمع ، كأولية تنطلق من اعتبار المواطن حجر الزاوية في أي حراك سياسي، المواطن ـ بمفهومه أساس المواطنة ـ المجرد عن تصنيف الانتماء العرقي و الديني هو الأصل الذي تدعي الأحزاب السياسية سعيها لتحقيق متطلبات حياته الكريمة و مشاركته الفعالة في السلطة عبر نظم ديمقراطية محددة، هذا على وجه العموم.
وباعتبار أن الهدف الرئيسي من مشاركة الأحزاب الأصولية في اللعبة السياسية هو إقامة الدولة الإسلامية التي تطبق قوانين وأنظمة الشريعة بحذافيرها كان التفكير بإيجاد حلول للأزمات وحالات التخلف والفقر يأتي تاليا ً فالإسلام هو الحل ، كشعار يقصي ما عداه ـ ومقتضى ذلك ببساطة طبقوا الإسلام الصحيح وستحل كل مشاكل الشعوب والأوطان والأمم .
فمسألة الاحتباس الحراري التي تهدد الأرض و تؤرق العلماء و السياسيين ليس بمشكلة ذي بال في فكر الإسلام السياسي لأنه ببساطة تصل إلى حد السذاجة، الإسلام هو الحل! وتاليا لا يأخذ الاهتمام بالقضايا الكونية قدرا كافيا من التركيز طالما أنه لا يتعارض مباشرة مع الضوابط و المقدسات المرجعية، العالم الإسلامي شهد ثورة عارمة و عنفا مستفيضا ردا على تجاوز للخطوط الحمراء المرسومة حول النبي الكريم محمد( ص ) في حين أنه لا يحرك ساكنا قبالة التخريب و التدمير البيئي الذي يمارس في الأنظمة الحاكمة في العديد من الدول العربية والإسلامية، ـ تلوث مياه النيل في مصر وحرائق الغابات في سوريا ـ كأمثلة مباشرة .
ولم تعد الأحزاب والجماعات الدينية ملزمة بتقديم أطروحات ومشاركات أو مشاريع وبرامج حقيقية للتغيير مما يعانيه الوطن والمواطن من إخفاقات اجتماعية وسياسية واقتصادية، فالحل شمولي كلي استنادا إلى قاعدة تمام وكمال الشرع المنزل فكل شيء موجود فيه (ما تركت شيئا يقربكم من الله إلا وأمرتكم به وما تركت شيئا يبعدكم عن الله إلا ونهيتكم عن ) حديث نبوي، وروى الطبراني وصححه الألباني. السلسلة الصحيحة (6/865) (2866) بذلك الفهم والتفسير الظاهري الضيق للنص النبوي.
و هنا تبدأ الإشكالية السياسية لدى العقل الأصولي، فالأوليات و ترتيبها و أهميتها تقوم مبدئيا على تقديم الدين أي المعتقد الديني على ما سواه ، و تنظر إليه في رتبة أعلى من الحياة و الإنسان لذلك يبرر الفكر السياسي الديني المتطرف الانتحار الهادف للإيقاع بالعدو أو إلحاق الأذى و الضرر به .
"حث فضيلة العلامة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي المصلين في درس التراويح بمسجد الإمام أحمد بن حنبل- رحمه الله- على التمسك بالكليات الخمس التي جاء الإسلام من أجل الحفاظ عليها وحمايتها وهي لا تقوم الحياة أو تستقيم إلا بها وهي المحافظة على الدين، والنفس، والنسل والنسب، والعقل والمال، مؤكدا أن أسمى هذه الضرورات هو الدين لأنه عبارة عن عقائد وعبادات وأخلاق أساسها العقيدة، وجوهرها التوحيد لقوله تعالى «ألا تشركوا به شيئا» وقوله سبحانه أيضا «وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه» وقوله جل شأنه «لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا»." نقلا عن موقع القرضاوي
"أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور سعود الشريم المسلمين بتقوى الله سبحانه فهي العدة في الأمور والزاد إذا بُعثر ما في القبور وحُصل ما في الصدور.
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها يوم أمس في المسجد الحرام «عباد الله إن الشريعة الإسلامية الغراء هي الشريعة الخاتمة التي أكمل الله بها الدين وأتم بها النعمة وجعلها صالحة للخلافة في الأرض في كل زمان ومكان لا تبلى نصوصها ولا تهتز قواعدها ولأجل هذا؛ صارت هي الأساس في حفظ الضرورات الخمس للحياة البشرية وهي الدين والنفس والعرض والعقل والمال فهي شريعة جليلة تسعى لتحصيل المصالح وجلبها لتلك الضرورات كما أنها في الوقت نفسه تقوم بالدفع قبل الرفع لأي مفسدة تخل بضرورة من الضرورات بل الضرورات الخمس برمتها. " (جريدة الرياض : السبت 8 رجب 1426هـ - 13 أغسطس 2005م - العدد 13564
": الشريعة وُضعت للمحافظة على الضروريات الخمس، وهي الدين والنفس والنسل والمال والعقل، كما يقول الإمام الشاطبي في الموافقات، وثلاثٌ من هذا الضرورات الخمس، وهي النفس والنسل والعقل لا تكتمل المحافظة عليها إلا بحفظ الصحة؛"الدكتور حسين عبد الرزاق الجزائري
وعليه تكون مكانة الإنسان كقيمة مجردة من الانتماء الديني تالية لقيمة الدين الصحيح المجرد و بذلك تصبح قيم الحرية و الديمقراطية و المساواة اعتبارية في مستويات دنيا لا ترتقي و لا تصل إلى كونها أوليات إنسانية يستحقها الفرد و الإنسان بصرف النظر عن وشائجه الإيمانية و العرقية .و بذلك تفتقر النظرية السياسية الدينية لقاعدة المشاركة و التواصل الضرورية لاستمرار اللعبة الديمقراطية و تبادل السلطة. ولا يعني ذلك بالضرورة تأخر أولوية مكانة الإنسان في مجمل الرؤية الإسلامية الكلية بقدر ما يفيد الترتيب الأصولي رفع مكانة الانتماء الديني على الانتماء الانساني.
كما تتجلى إشكالية العقل الأصولي الفكرية في مرجعيته فهي السقف الذي لا يصح خرقه أو تجاوزه بشموليتها و استغراقها الأفقي و العامودي، وفي ظل السيطرة المطلقة و العصمة و الكمال كصفات مركزية للنص تتحدد مهمة العقل الإنساني في الانقياد و الإتباع للمصدر الذي لا يأتيه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه، لذلك يكون أي إشغال لملكات العقل خارج دائرة الكلية المرجعية عبثا و ضلالا؛ فالعقل ما وافق صحيح المنقول و ما انطوى تحت راية تفسير و تأويل السلف للنص. بيد أنه من الممكن النظر من منطلق أخر ، فما وافق العقل وافق النص وما خالف العقل خالف النص ، فالعقل هو الدليل على فهم وإدراك النص.
هذا التصور و تلك الرؤية التي هيمنت وسيطرت على فكر الأصولية السياسية المعاصرة قٌبلت و أشيعت على أنها إرث منقول و ممارسة قديمة توالت عبر الأنظمة الإسلامية التي مارست الحكم عبر التاريخ. إلا أن الواقع لم يكن كذلك و لم تتم الأمور بتلك الطريقة عبر التاريخ الفكري و السياسي الإسلامي. ويصر دعاة الأصولية الجديدة على مقولة مفادها أن كل التوجيهات و النصوص الشرعية يجب تطبيقها والعمل بها دون انتقاء أو اجتزاء، و يؤكدون على السير وفق منهج السلف ومن حاد عنه خرج عن الملة وانحرف عن الصراط المستقيم .
والواقع التاريخي منذ عهد أبي يكر الصديق حتى الخلافة العثمانية كان خلاف ذلك . فالتطبيق الحرفي للتوجيهات والأصول لم يكن كاملا بل مجتزأ وانتقائي، وخاصة في القضايا الكبرى. والفكرة الأساسية في هذا المجال أن التاريخ العملي للدول الإسلامية يؤكد أنها كانت تطبق فقط ما تراه مناسبا في حين أنها تجتهد فيما يلائم مصلحة الدولة أو الفئة الحاكمة، بغض النظر عن التقييم الأخلاقي لهذه الدولة إن كانت عادلة أو جائرة، ناجحة أم فاشلة .

ولنبدأ باستعراض بعض الأمثلة : في مرحلة نقل السلطة من النبي (ص) إلى أبو بكر الصديق، استطاع الصديق بمكانته العالية بين الصحابة وقربه الشديد من الرسول(ص) تثبيت سلطته ووقف كل أشكال المعارضة الداخلية وأقصد هنا كل الطامحين نحو الخلافة من آل البيت و الأنصار وزعامات قريش القديمة. واستتب الأمر للصديق في مكة و المدينة ، إلا أن بوادر الثورة والخروج على سلطة الدولة الفتية كانت قد ظهرت إبان مرض النبي (ص) حيث ظهرت بوادر الردة و إدعاء النبوة منذ ذلك الوقت وفي حينها لم يأمر النبي بقتال المرتدين ولم يوصي بذلك من بعده أبداً، رغم وضوح توجهات زعيمهم مسيلمة ابن حبيب الذي يراسل النبي (ص) وهو يدعي النبوة.
كتب مسيلمة الكذاب : من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله سلام عليك، إني أشركت في الأمر معك ولنا نصف الأرض ولقريش نصف الأرض، لكن قريشا قوم يعتدون. وحمل رسالة مسيلمة إلى رسول الله (ص) رجلان فقال الرسول للرجلين حين قرأ الكتاب فما تقولان أنتما فقالا كما يقول فأجاب الرسول (ص) لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما.
ولما آلت الخلافة إلى الصديق قويت شوكة مسيلمة وراح يجمع حوله الناس والقبائل وبعثوا وفداً لأبي بكر على أن يقيموا الصلاة ولا يؤتوا الزكاة. فاعتبر أبو بكر الأمر ردة عن الإسلام وخشي أن يداهمه المرتدون ويغزوا مكة في أقرب وقت ، فأمر بالاستعداد وتجهيز الجيوش فعارضه كثيرون واحتجوا بأن رسول الله (ص) قاتل الناس بأمر من الوحي الذي انقطع بوفاة الرسول (ص)، فقال أبو بكر : والله لأخرجن لهم وحدي ولأقاتلهم ما استمسك السيف بيدي ولا أرضى نقض الإسلام على عهدي. وكتب كتابا واحدا:
من أبو بكر خليفة رسول الله إلى من بلغه كتابي هذا من عامة وخاصة، وأكد في رسالته على أسس التوحيد وكرر الشواهد المبينة لحتمية موت النبي (ص) وطالب فيه المرتدين بالعودة وهددهم بالقتل والقتال. وأمر بقراءة كتابه في كل مجمع وأن تسبق الرسل بالكتاب الجند.
لما اعترض الصحابة على رأي الصديق بقتال مانعي الزكاة احتجوا بمسألتين، الأولى أن النبي (ص) إنما قاتل بعد أن جاء الإذن من السماء وهذا أمر لا يمكن تحقيقه لانقطاع الوحي.
والثانية قولهم كيف تقاتل من أقر بالشهادتين والصلاة.
لم يكن في معرض رد أبي بكر على معارضيه أدلة شرعية فقط بل رد بأمرين اثنين: الأول لأقاتل من فرق بين الصلاة والزكاة، والثاني كان يرى في ترك الزكاة نقضا لعهد الدين ويأبى أن يكون ذلك النقض في عهده، وكانت خشيته الكبرى أن يتمكن المرتدون من السيطرة على الدولة وتغيير النظام.
من هنا نرى ذهاب أبي بكر لقتال المرتدين، إنما جاء باجتهاد بالرأي رغم المعارضة القوية لذلك وكما هو معلوم فإن عمر ابن الخطاب كان معارضا للقتال رغم ميله الدائم إلى حل الخلافات بالقوة ، إلا أن أبا بكر كان أشد عزيمة وأمضى رأيا، وعارض رأي عمر بقوله:
أخوار في الجاهلية جبان في الإسلام.
في هذا الأمر الجلل وأمام الخطر الجاثم الذي أدركه الصديق بقوله: لا تدرون أيأتونكم نهارا أو ليلا، لم يجلس الخليفة ويبحث في الأصول والأدلة بل أمضى رأيه رغم حجة المعارضين القوية ورفض التفاوض أو التنازل.
مما سبق نرى أن الاجتهاد بالرأي كان أقوى من الاستناد إلى النصوص في قضية كبرى كانت تهدد مستقبل الدولة الفتية.
جمع القرآن تم في عهد الصديق: وعلى عكس ما كان الأمر في حروب الردة فإن عمر (الفاروق) كان مؤيدا للفكرة في حين كان الصديق معارضا لها، وأسس رأيه في معارضة الأمر برده إلى النبي (ص) وقال: كيف أفعل أمرا ما فعله رسول الله (ص). وتذكر الروايات أن الفاروق خشي ضياع القرآن لكثرة ما قتل من الحفاظ في حروب الردة، لذلك أصر على جمع القرآن وما زال يحدث الصديق حتى وافق على الأمر.
وبمقارنة دقيقة بين حروب الردة وجمع القرآن نلاحظ تبادل الأدوار بين المؤيدين والمعارضين، فأشد المتحمسين لحروب الردة كان أبو بكر(رض ) الذي عارض في البداية جمع القرآن، في حين أن عمر بن الخطاب (رض) الذي كان أشد المتحمسين لجمع القرآن كان على رأس المعارضين في قتال المرتدين، وفي النهاية كان الرأي والاجتهاد هو الفيصل رغم أن الأمرين ظاهريا يتعارضا مع المنهج السلفي الأصولي، فالاجتهاد في المسألتين كان خارج النص. والرأي الصائب في كلا الحالتين كان مع الطرف الذي لم ينغلق ضمن النص بل بحث خارجه وأشغل الفكر وأعمل العقل بحرية وشجاعة دون الخوف من التكفير والتأثيم والتجهيل.
والمؤكد أن المسلمين منذ ذلك العصر حتى الآن يرون صواب قتال المرتدين وجمع القرآن رغم ما حدث من خلاف بالرأي وتعارض بين القادة في بداية الأمر، فالكل يرى أن هذين العملين هما أجل الأعمال التي قام بها الخلفاء بعد موت النبي (ص).
ذلك بالرغم من الخلافات المذهبية الكبيرة بين الطوائف الإسلامية، إلا أن هذين الأمرين ليسا محل نزاع أو شقاق ولا يوجد أحد أثار شكوكا حول موقف الصديق حيالهما، في حين نرى الافتراق في مسألة الخلافة وميراث النبي (ص) بلغت حدا بعيدا جدا ما زال البحث فيه دائرا إلى يومنا هذا.
وإذا كان انتقال السلطة من علي - رضي الله عنه - إلى معاوية محل خلاف، فإن انتقال السلطة من معاوية إلى يزيد محل اتفاق على رأي واحد يقول أن هذا التسليم كان خلافا للأصول الشرعية والقواعد النبوية ومع ذلك استمرت الدولة الأموية ووطدت أركانها وحكمت المسلمين من عام 41 هجري إلى عام 132هجرى ، والمعلوم انه خلال حكم الأمويين تم فتح جميع البلدان المتاخمة لحدود الدولة الإسلامية و المعلوم أيضا أن دولة الأندلس إنما أسسها الأمويون ووطدها عبد الرحمن بن معاوية بن هشام عام 138هجري ,بعد دخوله إليها ثائرا على الخلافة العباسية، ويعد عبد الرحمن حسب التقييم الفقهي خارجا على الشرعية مباح الدم، لكنه أبقى على الدولة العربية في الأندلس وجعلها خارجة عن الحكم العباسي حتى انهيارها وخروج العرب من اسبانيا.
وهنا نعود إلى ما بدأنا به لنبين إن التطبيق الحرفي و الكامل لكل التوجيهات والأصول الشرعية وهم لا وجود له، والأجدر بنا أن نتحلى بالشجاعة والقدرة لنقول:
إن المسلمين في تاريخهم الطويل كانوا يطبقون ما يرونه مناسبا وفق المصلحة الخاصة أحيانا والعامة أحيانا أخرى، ودأب على ذلك قادة المسلمين من أقرب المقربين إلى الرسول (ص) حتى ابن لادن الذي ابتدع نظرية التفكيك و التركيب فسعى إلى تفكيك و تهديم المجتمعات التي يراها كافرة ليقيم أو يركب عليها مجتمعه الأصولي الصلب. و هو من أشد الأصوليين تمسكاً بالتطبيق الكامل و الحرفي إلا أنه ليس كذلك أيضا، بل طبق ما أيد تحكمه بالشعب الأفغاني و ترك جانباً أحكاماً متفقاً عليها لأنها لا تؤيد مصالحه و من ذلك أضرب مثالاً واحداً فقط: و هو الحكم القائل:
قبل بدء أي غزوة لابد من إنذار و بيان و مهلة و هذا حكم متفق عليه و مبدئي لدى جميع المسلمين طرحه ابن لادن جانباً و غدر و خان وخدع في أحداث 11 أيلول الماضية لأنه أراد نصراً سريعاً و مدوياً يرضي غروره و يوطد سيطرته.
وعلى الصعيد العلمي و المعرفي تتعمق أزمة العقل الأصولي فهو ملزم بإشراك النص و الانقياد له و القياس عليه، فكل الابتكارات والاكتشافات والاختراعات والانجازات البشرية قديمة كانت أم حديثة في أي من مجالات العلم والمعرفة لا تستحق القبول ولا تنال الرضا ما لم تكن ضمن الإطار الذي حدده النص ، فأي انجاز طبي لا يتاح العمل به إلا بعد فتوى تعتبره موافقا للنص وتفسيراته وتأويلاته الموروثة وكل اكتشاف جيولوجي يعارض منطوق أو مفهوم النص مرفوض مهما كانت رصانته العلمية ودلالته التجريبية، وكل نظام اقتصادي محرم ما لم يفتي مرجع ديني بحِله .
فبعد عقود طويلة من تعامل الدول العربية و الإسلامية مع النظام النقدي العالمي متجاوزين الصرخات المتشددة بتحريم التعامل البنكي ، يصر التطرف الديني الجديد على اعتبار الهيئات المالية و النقدية محرمة ما لم تصدر إفتاء من رجل أو مؤسسة دينة بجوازها، و إمعان في الانغلاق و التزمت أسبغ على معاملات نقدية كانت محرمة صفة الإسلامية فغدت مباحة بل و مستحبة كالتأمين و الأسهم و البورصة و البنوك .
كذلك كل فكر حديث أو معرفة توصل إليها العقل الإنساني مرفوضة ما لم يدل عليه نص شرعي، فنظرية النشوء والارتقاء مثلا ً ما زالت محاربة للاعتقاد بمعارضتها لتصور أو تأويل النص ورؤيته عن الكون والحياة وكل الاكتشافات الجيولوجية الداعمة لها والمؤيدة لما وصلت إليه لا قيمة لها في حين أن أي نص مهما تعارض مع الواقع العلمي والعملي مقبول ومؤكد لمجرد اعتباره نص شرعي .
هنا تكمن المعضلة الكبرى للأصولية فهي ثابتة جامدة لها الفوقية والمرجعية لكل العلوم والمعارف، وبناءً عليه تكون كل الانجازات الحضارية الفكرية والعقلية الإنسانية محل شك أو رفض. و بدلا من الاعتراف بمنجزات العلم و المعرفة تحايل الأصوليون الجدد على تلك المعضلة بالاستيلاء على المكتشفات و المخترعات الحديثة و امتلاكها بدعوة أن النص سبق و دل عليها ووصل إليها قبل غيره بزمن سحيق وما كتابات الدكتور زغلول النجار في الإعجاز العلمي للقران الكريم و السنة النبوية إلا دليل على تحايل العقل الأصولي لتغطية اشكالياته مع العلم والمعرفة الإنسانية.

لقد كانت تلك الرؤية سبباً في محدودية التفكير الأصولي المعاصر و ترسيخ مأزقه الفكري و السياسي بحيث انحسرت وظيفة العقل المتمثلة في الإبداع والابتكار و النقد وغدا واجبه الأول والأهم العمل والبحث في إيجابيات الموروث و محاسنه، و درء الشبهات عنه و الذود عن حياض السلف وتنزيه المنقول و تقديسه، و تقوقعت مهمته السياسية في تطبيق الشريعة و فرض أحكام الفقهاء و اجتهادات أعلام المذاهب متناسين بأن الوسيلة التي وصلوا بها للمشاركة بالحكم أو الاستئثار به إنما هي طرائق و نظم غربية لم يتناولها الأقدمون.

هوامش :

ـ 1ـ دينامية الراديكالية في الإسلام : تليمان ناجل ،أستاذ الدراسات العربية والإسلامية في جامعة غوتنجن
ـ 2 ـ مالك شبل مفكر جزائري له العديد من الكتب في الصلاح و التنوير الإسلامي منها : الإسلام و العقل , بيان لإسلام مستنير
ولد مالك شبل سنة 1953 في سكيكدة بالجزئر. و درس ودرّس الفقه والعربية والتحليل النفسي والفلسفة في جامعات في فرنسا و المغرب و تونس والولايات المتحدة و بلجيكا.
ـ 3 ـ محمد بن علي المحمود : التفكير و أزمة العقل الأسير : جريدة الرياض ذي القعدة 1427هـ - 30 نوفمبر 2006م - العدد 14038
4 ــ عبد المنعم سعيد دولة الإخوان المسلمين . الشرق الأوسط26/11/006
5 ـ الإعجاز العلمي في القرآن الكريم – نسخة pdf
د.زغلول النجار
6 ـ مجلة البحوث الإسلامية: حروب الردة: في عهد أبى بكر الصديق رضي الله عنه : تعتبر حروب الردة نموذجـا عمليا ظاهرا على عناية الخليفة الراشد الأول بمحاربة ظواهر الانحراف الفكـري ، حيث تصدى لهذه الظاهرة الخطيرة التي هي الردة بكـل حزم وحسم ، ولم يتردد في الأمر بالرغم من المخاطر التي كانت تحيط بدولة الإسلام آنذاك .
قـال محمد بن إسحاق : ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدت العرب واشرأبت اليهودية والنصرانية ونجـم النفاق وصار المسلمون كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية لفقد نبيهم حتى جمعهم الله على أبي بكر رضي الله عنه.
7 ـ تفسير الجامع لأحكام القرآن : تفسير القرطبي ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (المتوفى: 671ه
8 ـ الموقع الرسمي للشيخ يوسف القرضاوي
9 ـ سلسلة الأحاديث الصحيحة للشيخ ناصر الدين الألباني
10 ـ تاريخ الخلفاء : جلال الدين عبد الرحمن السيوطي المتوفي 911 هـ دار ابن حزم نسخة pdf 2003 طبعة ، أبو بكر الصديق ، فصل ما وقع في خلافته صفحة 60 وذكر جمع القرآن صفحة 63
11ـ صحيح وضعيف الجامع الصغير للألباني انظر حديث رقم : 5320 في صحيح : أن الرسل لا تقتل
12 ـ مصنف اتحاف الخبرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة 28 باب النهي عن قتل الرسل وتجار الكفار.
13 ـ كتاب :أبو بكر الصديق أول الخلفاء الراشدين ، للمؤرخ محمد رضا ، فصل : قتال المرتدين ، إرسال البعوث إلى المرتدين شعبان سنة 11هـ (تشرين الأول أكتوبر سنة 632 م)
14 ـ تاريخ الطبري : الجزء الثالث : ذكر خبر مسيلمة الكذاب وقومه من أهل اليمامة
15 ـ فقه السيرة المؤلف: محمد الغزالي
المحقق: محمد ناصر الدين الألباني الناشر: دار الكتب الحديثة
سنة النشر: 1965



#احسان_طالب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقالات التنوير7 مقايسة الأصولية ومستوياتها بالعلمانية وحدوده ...
- مقالات التنوير 6 الإسلام السياسي كمفهوم يرتكز على أسس وتحليل ...
- مقالات التنوير 5 تفكيك ظاهرة التطرف والتشدد الديني
- مقالات التنوير 4 نقد فقه مؤسسة الزواج
- مقالات التنوير 3 مراجعة للثقافة الدينية المهيمنة
- مقالات التنوير 2 التمويه والتطبيع الاجتماعي في الثقافة المؤس ...
- مقالات التنوير (1)علاقة ثقافة العنف وجرائم الشرف بمفاهيم الن ...
- أصنام متكاثرة تناحر سبطا حرا خيّرا
- عالم مجهول يتلقف خطيئة محكمة
- عقول مستنيرة تضيء عتمة عريقة
- إلهام غامض ثائر
- توق يتوالد وسط غوغاء
- أضواء مزيفة تجمّل أوهاما قبيحة
- نقد حدود العقل *
- أنفاس المعاني دخان يهدئ ضوضاء المقال
- قطيع حائر بين الوهم والحقيقة
- كل الأسماء أشياء تنتهي كما هي موجودة
- رقي صوب العلا يناجي الخلود
- إشكالية العقل والنص تفكيك التناقض .*
- تحليل الموروث كنتيجة موضوعية لذات النص


المزيد.....




- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احسان طالب - مقالات التنوير 8 مأزق العقل الأصولي بحث أركيولوجي