أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احسان طالب - مقالات التنوير 6 الإسلام السياسي كمفهوم يرتكز على أسس وتحليل بيانات















المزيد.....



مقالات التنوير 6 الإسلام السياسي كمفهوم يرتكز على أسس وتحليل بيانات


احسان طالب

الحوار المتمدن-العدد: 6212 - 2019 / 4 / 26 - 21:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



يبقى الفكر خبيء الكتب و أسير صدور النخب ما لم تتوفر له حوامل اجتماعية و روافع شعبية تنقل النظرية إلى التطبيق تجسد الرؤى واقعا معاشا يمثل حقيقة مادية تتفاعل مع الحدث تصنعه و تخلق البيئات الملائمة لانتشار النظرية وسيطرتها . و يشكل التشدد الديني المياه الصالحة و الضرورية لحياة الإسلام السياسي الذي يبادل التشدد المنافع و الدعم ، ففي ظل سيطرة قيم التسامح و الحرية و المساواة تنتفي الحاجة للتزمت و التشدد بما يتعارض مع منطلقات الإسلام السياسي الأصولي القائم على الشمولية و التفرد و الفوقية .
تشكل الممارسة السياسية حقا وواجبا للفرد في ظل العقد الاجتماعي للدول الحديثة بصرف النظر عن انتمائه العرقي و الديني ، ولا يشكل التدين عائقا أمام ممارسة الفرد لحقوقه المدنية و مشاركته الفاعلة في الحكم و اختيار الأنظمة المناسبة و الحكام المؤهلين لقيادة المجتمع و الوطن . وتعد مشاركة التيار المتدين في العمل السياسي هدفا و مطلبا ملحا للشعوب التي يشكل المتدينون فيها أكثرية صامتة أو تابعة و يتأكد الطلب من الدول التي يسيطر عليها حكم الحزب الواحد و تجري فيها انتخابات صورية بنتائج نهائية مسبقة بما تسبب في إبعاد الغالبية الجماهيرية عن السياسة ممارسة و موقفا و لجوئها للفكر الديني ملاذا و للأصولية ملجأ .

و إذا كنا نتحدث عن الإسلام السياسي المتمثل في أحزاب و جماعات تتخذ من البيانات و الأسس السلفية دستورا لها فإننا لا نعتبر الأحزاب التي تدعمها أغلبية متدينة مكنتها من الوصول إلى البرلمانات و سيادة الحكومات وفقا لانتخابات ديمقراطية منطوية تحت راية الإسلام السياسي بالرغم من تصنيفها كأحزاب محافظة تمارس الشعائر الدينية في حياتها الخاصة و علاقاتها الاجتماعية كحزب العدالة و التنمية التركي . ففي ظل دستور علماني كما هو الحال في تركيا تخضع قواعد اللعبة السياسية لأنظمة و قوانين وضعية اختارها و صاغها البشر لا تكتسب صفة القداسة و التنزيه بما يجعلها قوانين أرضية دنيوية نالت شرعيتها من تفويض شعبي عبر أنظمة وضعية .

وعليه فتشجيع الممارسة السياسية للغالبية المتدينة لا تتعارض مع مناقشة و تحليل المنطلقات الأصولية للأحزاب الشمولية الدينية التي مارست الحكم في عدد من المناطق العربية كالعراق و غزة في فلسطين و عكست صورة سلبية لحملة فكر الإسلام السياسي المتشدد. و تبقى الإشكالية في القدرة على الممارسة السياسية بمنطقها الدنيوي البعيد عن التصور الغيبي مع ممارسة الشعائر الدينية معزولة عن التدخل في سن و تنظير الأنظمة و القوانين، و لا يدخل هنا القول باستعداء التراث بل بمساواته بالناتج الثقافي و المعرفي الإنساني البشري أي استبعاد وصايته و سيطرته على ما سواه . فممارسة السياسة و ممارسة التدين ليسا نقيضين و يمكن للفرد التحكم بحياته الخاصة و فقاً لقناعات و معتقدات لا تتعارض مع القوانين ويمكنه أيضا ممارسة السياسة وفقا لقواعد ديمقراطية متفق عليها. فأي متدين أو غير متدين في ظل نظام ديمقراطي يمكن أن يكون رئيس للنظام لكنه لا يستطيع تناول الحكم بمنطق و دستور يتخذ من الأصولية ركائز و قاعدة .
مدخل :

التقديس هو التنزيه و التطهير عن النقائص و العيوب و الآثام يسبغ على الآلهة و الأشخاص و الأماكن و الأفكار و المعتقدات و الموروثات ويرتبط عادة بالغيب و الأسطورة و القيم و المثل الحية و ينتقل مع الأشخاص بالوراثة ومع الأفكار بالإحياء ، و تستطيع الشخصيات المجردة و الاعتبارية اكتساب صفة القداسة باستنادها أو انتماءها لأصل قيمي تاريخي تنتقل من خلاله العصمة و النزاهة إلى فرد أو جماعة أو مجموعة سياسية و ثقافية و مؤسساتية بالوراثة والانتماء.
و لا يقابل المنزه و المعصوم بالضرورة الدنس و لا يقف على النقيض منه ، و نفي القداسة الاعتبارية لا يفيد من منطلق العقل النقدي ازدراء أو دونية المكانة إلا أنه يسمح بتجاوز الحصون الحائلة دون البحث و النقد و الفهم . و انسجاما مع الرؤية النقدية التحليلية لا تصح مناظرة الحاضر و المستقبل و بحث آليات تكونه و تقويمه بالماضي دون غيره ، بل بإخضاع المفاهيم و المعارف و القيم و الأشخاص و المؤسسات الاعتبارية و المادية للتفكيك و التحليل و النقد في طريق السعي إلى رفع الحجب و الحصانة و التنزيه عن مسلمات و بديهيات كانت و ما زالت محاطة بهالة و غير قابلة للجدل و ممارسة دور العقل الذي غالبا ما يقف محاصرا مقصور الصلاحية أمام حدود و حواجز ثبتها الجمود و المرجعية التاريخية التي تشكل المكون الأساس لمنظومة الأيديولوجيات و الأصوليات القارة ( المستقرة )و الوعي و الوجدان العربي و مازالت المحرك و الوقود لممارسات و أفعال بناء الذات و تنظيم العلائق .
و يشكل كسر الدائرة المغلقة لوظيفة العقل في العالم العربي و الإسلامي ، المتجسدة في السعي الدؤوب و العمل الحثيث من أجل الدفاع و الذود عن صوابية و نجاعة و قدسية الأصولية الراديكالية الغيبية و المادية، و خلق الظروف المواتية لإحيائها من تحت ركام الخيبات و الهزائم و إظهارها كسبيل و حيد للنجاة و النصر ، يشكل ذلك سببا و دافعا لمزيد من البحث و الدراسة الجادة و الجريئة المؤهل للاستنهاض و كشف حقيقة التخلف و التقهقر المحدق بحاضرتنا و مستقبلنا .
بهذا المنطق و ذلك الأسلوب قد نتمكن من رفع الحجب و تفكيك الأسوار حول الموروثات و الثوابت إلى جانب التصحيح و التجديد و دون رفع راية العداء و الخصومة و تجاوز أساليب السلفية في التعامل مع النص كمتن تدور حوله الشروح و التفاسير و التبريرات و التأويلات لتأكيد العصمة و النزاهة و الصلاحية الأبدية
و تجدر بنا الإشارة هنا إلى أن تناولنا للآيات القرآنية ضروري لبيان و جهة النظر التي نشرحها و عندما ننقل النصوص و شرحها فذلك بقصد بيان ما آل إليه تفسيرها في الفكر السياسي المستند إلى النص في قراءته للواقع و ما ينبغي الوصول إليه، ولا يعني ذلك بالضرورة عدم و جود تفاسير و قراءات مغايرة و مخالفة .
الإسلام السياسي كمفهوم يرتكز على أسس و بيانات :
في هذا القسم سنبحث في البنيات و الأصول و القواعد التي أسست المكون الفكري و القاعدة الأصولية للإسلام السياسي قبل الخوض فيه كممارسة وفعل إذ لابد لنا من فحص وتفكيك تلك البنية التي قام عليها ، و الخوض في هذا الموضوع حساس وشائك ، نتيجة لارتباطه بالموروث المقدس و النقول المتراكمة عبر آماد من الزمن، و التي تحولت إلى فكر وثقافة و ممارسة و عقائد راسخة. يعتبر الاقتراب منها أو محاولة مراجعتها ونقدها خطا أحمر وتعديا على الوعي الكامن والفاعل في مجتمعاتنا العربية . من هذه الزاوية كان الخوض في مفاهيم الإسلام السياسي شائكا ومعقدا لكنه في نفس الوقت ضرورة وحاجة تقتضيها الحركة المستمرة و المستجدة للأمم والحضارات و الشعوب .
و إذا أردنا لبحثنا و دراستنا أن تحقق نقلة و إضافة كان علينا تقديم جديد مبتكر أو على الأقل تفحص وتمحيص وبحث ما هو موجود والاستفادة منه للتقدم نحو أطروحات تجلي الغموض و تكشف الغطاء الثقيل عن الحقيقة .
أسس المفهوم:
ينطلق الفكر الديني أساسا ً من قاعدة مركزية مفادها أن الإنسان العاقل المدرك الواعي بإمكانياته الذاتية و بأدواته العلمية ومناهجه وأساليبه المعرفية الخاصة غير قادر على الوصول إلى الحقيقة و الحق و العدل منفردا ، و لا يمتلك ما يكفيه من العلم و الفهم لتشريع أسس و قواعد لحياته و سن قوانين و مراسيم لتنظيم علائقه بالآخر أفرادا ً ومجتمعات فهو بحاجة لدليل وهادي . فضلا ً عن محدودية قدرته على استنطاق المعرفة بالتأمل والتفكير والبحث دون علم مسبق ، لذلك كانت ضرورة النبوة و الوحي للهداية و إنارة السبيل و الإرشاد و منها ينبثق التشريع الناظم و المتحكم.
و إذا كان الفكر الديني و تحديدا ً الإسلامي يخصص مكانة و مرتبة مرموقة للعقول و الألباب و الأفئدة فإن تلك المسميات وهذه المرتكزات تبقى وظيفتها ومهامها مقيدة و محصورة من حيث المبدأ في الوصول إلى ما يفيد الإنسان وعمارة الأرض وبلوغ الإيمان و التسليم و من ثمة الفهم و تأويل وشرح واستنطاق الحقيقة المنزلة و الأصول الموضحة و المعروفة ، قبل إعمال البحث و تشغيل الفكر خارج تلك المنظومة . فالمنطلق و المرتكز و المنبع المتوالد على مر العصور هو الوحي ومن ثمة النبوءة كبؤرة ترتبط بها و تنجذب إليها كل الجهود والتأملات العقلية والمعرفية التي يبذلها الإنسان ويسعى من خلالها لخير وسعادة حاضره و مستقبله والكون المحيط به.
( و لا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون * إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون * ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم و لو أسمعهم لتولوا وهم معرضون ) سورة الأنفال الآيات 21 ـ23
" وهم المشركون أو المنافقون أو اليهود أو الجميع من هؤلاء ، فهم يسمعون بآذانهم من غير فهم ولا عمل .... فهم شر الدواب عند الله ، لأنها تميز بعض التميز ، وتفرق بين ما ينفعها و يضرها " فتح القدير للشوكاني ج 2 ص 298
( وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون ) سورة يونس الآية 100
" أي ما صح وما استقام لنفس من الأنفس أن تؤمن بالله إلا بإذنه : أي بتسهيله و تيسيره و مشيئته لذلك فلا يقع غير ما يشاؤه كائنا ما كان ( ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون ) أي العذاب أو الكفر أو الخذلان الذي هو العذاب .. والمراد بالذين لا يعقلون : هم الكفار الذين لا يتعقلون حجج الله و لا يتفكرون في آياته و لا يتدبرون فيما نصبه لهم من الأدلة " المصدر السابق ص 475
لاحظ ربط العقل بالطهر والهداية .
( ولقد ذرانا لجهنم كثيرا من الجن و الإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها و لهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون ) سورة الأعراف الآية 179
" ثم حكم عليهم بأنهم أضل منها ، لأنها تدرك بهذه الأمور ما ينفعها و يضرها ... ثم حكم عليهم بالغفلة الكاملة لما هم عليه من عدم التمييز الذي هو شأن من له عقل وبصر وسمع " فتح القدير للشوكاني ج 2 ص 267.
الألباب و الأفئدة والعقول والفهم و التفقه والبصر والسمع، مسميات ومرتكزات وأدوات لها وظيفة ومهام متصلة من حيث المبدأ بفهم و تأويل وشرح واستنطاق النبوة و الشريعة المنزلة المبينة للأصول والقواعد المتضمنة مسبقا في المسموع و المنقول المتوفر على الحكمة والحقيقة كاملة قبل إجهاد العقل و إعمال البحث وتشغيل الفكر .
والوحي المتوالد بمعانيه وتأويلاته ومفاهيمه عبر العصور ومر الزمان، القديم الذي لا يبلى، الحديث الذي لا يهرم، يستحوذ على الأخلاق والهداية الحقيقية والشريعة الصالحة لكل زمان ومكان، والنور المضيء للروح و النفس
فالإنسان تحلى بخصائص العقل و الفهم و الفقه و الحكمة ليصل إلى الإقرار بفردانية الوحي وقدرته المطلقة على طرح الحقائق المادية والرمزية النهائية الغير قابلة للنقد و المراجعة. وكنتيجة منطقية لهذا المفهوم وجب على بني البشر الانضباط والانتظام بالطرائق و النظم والأساليب التي يفرضها ويوجب الالتزام بها.

عناصر المفهوم :
يتوفر المفهوم الديني للفكر السياسي على مجموعة من القواعد و العناصر التي نشأت مع بدايته ونمت وتطورت إلى عصرنا الراهن وباتت تشكل الأساس والمنطلق للمفكرين الإسلاميين السلفيين والتجديديين على السواء مع اختلاف واضح في النظرة والرؤية بين الفريقين :
ا ـ الحاكمية
ب ـ المرجعية
ج ـ الطاعة و الولاء
د ـ التميز و البراء
ا ـ الحاكمية :
(مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) سورة يوسف 40 الآية
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) سورة الرعد الآية 41
(إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) سورة المائدة الآية 44
(وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) سورة المائدة الآية 47
الحاكمية مبدأ مستحدث الصياغة قديم المدلول ـ 6 ـ ، لم يكن متداولا لدى الفقهاء وعلماء الحديث و التفسير لكنه متواجد كمفهوم ذو دلالات محددة ، أرست قواعده آيات وأحاديث ثابتة واجتهادات متعاقبة .
هذه النصوص الكريمة وما دار في فلكها من صور وصياغات متعددة تربط الحكم باعتباره تحكّم و تشريع و تقنين و تنظيم شامل جامع لا يغادر زمنا أو حالة أو أمة وشعبا مهما اختلفت الظروف الموضوعية و التاريخية .
لقد استطاع الفقهاء المسلمون على مر العصور إيجاد ضوابط وأصول وفقه حول مفهوم الحاكمية المعرفي المجرد إلى معلومات وحقائق قابلة للتطبيق و الممارسة و برع في ذلك أهل مدرسة الرأي التي أسسها أصحاب المذهب الحنفي وتبعتهم المذاهب الأخرى حيث كتب الشافعي كتابه الأم والشاطبي أصول الفقه وأسس الحنابلة و المالكية مع الباقين مبدأ المصلحة المرسلة ومبدأ سد الذرائع والقياس و الاجتهاد كاستمرار وتكملة لمناهج وأدوات وقواعد ناظمة لتطبيق المبدأ وتحقيقه.

وقد تختلف المدرسة السلفية التي يعتبر رائدها الأهم ابن تيمية / 611 ـ 728 هجرية / ومحييها الشيخ محمد بن عبد الوهاب في أولوية التوحيد على الحاكمية وترى بأن مدرسة الإخوان المسلمين ومؤسسها الشيخ حسن البنا ومفكرها الأبرز سيد قطب، أخروا الركن الأول و الهدف الأسمى للرسالة المحمدية ألا وهو وحدانية الإله وقدموا عليه مبدأ الحاكمية نتيجة لصراعهم السياسي مع أنظمة الحكم السائدة، في ذلك الوقت كانت العلاقة بين السلطة السياسية والدينية في المملكة العربية السعودية قائمة على التفاهم والتعاون و التنسيق لذلك لم يكن هاجس إقامة نظام يحكم بما أنزل الله قائما لدى الوهابيين وحركتهم المطالبة بتحقيق التوحيد ونبذ البدع واقتفاء أثر السلف في كل صغيرة وكبيرة .
وفي تقديري فإن الخلاف في النهاية ليس جوهريا أو مبدئيا ، فلقد رأى الإخوان بأن مبدأ التوحيد مسلمة وبديهة لا يرتقي إليها الشك لدى عموم المسلمين ، واعتبروا القيام بالكفاح والجهاد لإقامة دولة الإسلام هو الهدف الأول في حين خالفهم الوهابيون لأن دولة الإسلام قائمة و التوحيد بمفهومه النقي هو المتضرر . ولكن في النهاية التقى الطرفان وخاصة بعد تحول العديد من علماء ومفكري الإخوان من مصر إلى السعودية وتنبهوا إلى ما تعتريه عقيدة المسلمين من شوائب تعكر صفو التوحيد الخالص الذي نزل به القرآن الكريم والسنة النبوية. وساهم مفكرو الإخوان في بناء النظام التربوي والتعليمي السعودي. كما استطاعوا التأسيس لقاعدة دعوية بشرية كبيرة انتشرت في كل بقاع الأرض مستفيدة من الدعم المعنوي و المادي السعودي .
وكنموذج لتلاقي الإخوان و السلفيين نلحظ بوضوح لدى زعماء القاعدة . أسامة بن لادن سلفي من أصل يمني كان تلميذا لعبد الله عزام أحد البارزين من جماعة الإخوان، أيمن الظواهري الرجل الثاني في تنظيم القاعدة مصري تتلمذ وتربى في أحضان الجماعة في مصر قبل ذهابه إلى أفغانستان .
وهذا لا يعني التشابه المطلق بين القاعدة والإخوان حيث أن الجماعة تطورت لديها المفاهيم وارتفع لديها الوعي السياسي وتقدمت خطوات نحو الحداثة متجاوزة القاعدة و أصوليتها المتحجرة .
ب ـ المرجعية :
(فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) سورة النساء الآية 65
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ) سورة النساء 59 الآية
(وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا) سورة النساء 83 الآية
(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا) سورة الأحزاب الآية 36
المرجعية عنصر هام ومركزي من عناصر مفهوم الإسلام السياسي وتعني العودة إلى النص كمستند أساسي و مرجع رئيس في حالة الخلاف أو التنازع فضلا عن الرجوع إليه عند البحث والتحكيم في المستجدات وأحوالها وفض النزاع حول شرعية القوانين و الأنظمة ، وبذلك يكون النص الدستور الأول و الأب الشرعي لكل ما تقوم عليه الدول من تشريعات وأنظمة وقوانين .
و المرجعية صارمة حازمة تمسك بقبضة قوية كل الخيوط و التشعيبات الموصولة بكل ما جد وما يجد وما يستجد في حياة ومعاد ومآل الإنسان أفرادا ومجتمعات ودول. والالتزام بالأصول و القواعد المنصوص عليها ليس مجرد متابعة و ملاحقة وممارسة ، بل هو أبعد من ذلك بكثير، فلا يتم الإيمان ولا يستقيم بمجرد العمل إذ لا بد من استيلاء وسيطرة المفهوم على الوجدان و تغلغله في الوعي والإدراك، وسيكون من الأفضل تأسيسه لقاع الوعي. فالحب والإخلاص والعبودية والاستسلام والانقياد لله والوحي المنزل قيم جوهرية يبني عليها المفهوم الديني للسياسة. ولا يعتد بأي فعل أو ممارسة لا تجتمع لها تلك العناصر الوجدانية و العقلية و المعرفية راجع كتاب العبودية لأبن تيمية طبعة المكتب الإسلامي ص45 و ما بعدها
ج ـ الطاعة و الولاء والبراء :

وهذا عنصر هام من عناصر الفكر السياسي في الإسلام و يقوم على أساس تقديم الطاعة التامة للأوامر والنواهي والاستجابة الكاملة للفروض و البعد عن المحرمات ، المنصوص عليها في الأصول وترك كل ما يتعارض معها .
" فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا " سورة النساء الآية 65
وفي الأصل تكون الطاعة و الولاء لله و الرسول ثم سحب إلى أولي الأمر وإلى أمير الجماعة و رئيس التنظيم أو الحزب وحظر بذلك معارضته أو نقده ، وتسبب هذا الأمر في الخلط بين الأصل و الفرع ، والتبس موضوع الطاعة و الولاء وصعب التفريق بين المصدر الذي هو الوحي و النبوة وبين الواسطة أو الكيان الممثل لهما .
" بَرَاءَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ " سورة التوبة الآية 1
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا " سورة النساء 59 الآية و تعتبر تلك الآية الكريمة نصا صريحا و واضحا في تحديد الطاعة و الالتزام بتحكيم المرجعية النصية في كل شيء من شؤون الحياة، و تسلسل الأمر بالطاعة لا يجوز عمليا الخروج عن طاعة و لي الأمر خاصة في الشأن السياسي ، فنظرية الالتزام هنا ليس حقوقية بل مرجعية تراتبية تنتقل من خلالها حرمة و عظمة المخالفة من المشرع الأصيل إلى الوكيل الحي، و الإشكالية هنا تتمحور في إحلال الرمز أو القائد الحي أو القريب محل الأصل المقدس ، فزعيم الحزب أو الجماعة أو الإمام يتخذ مكانة و صفة عملية تجعل من عصيانه أو مخالفته خروج و معصية لله و الرسول و هنا تبرز الأزمة في سيطرة الفرد و الأمير على الجماعة أو الأمة مما تسبب على مر التاريخ السياسي الإسلامي بعدم و جود أساليب و آليات لعزل الحاكم أو تنحيته ( باستثناء الكفر المطلق وهو نسبي في الواقع ) إلا بالقتل و على الرغم من قدم تلك الإشكالية حيث ظهرت بوادرها في الخروج على الخليفة عثمان بن عفان ، و من ثمة قتله إلا أن الفكر "السياسي" الإسلامي ما زال عاجزا عن تحديد الفارق العملي بين حدود طاعة الله و طاعة ولي الأمر، ولا تحل تلك الإشكالية ببساطة بطرح القاعدة التالية ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) ذلك أن حدود الطاعة و المعصية في الشأن العام هلامية المعالم يقودها مفهوم المصلحة العامة العائم بحد ذاته و الموكل تحديده لولي الأمر في المقام الأول .
د ـ التميز و البراء :
يقوم أساس مركزي في بنيان الإسلام السياسي على الاعتقاد الجازم بسيطرة التصور الديني الخاص على العالم أجمع و يظل العمل على تحقيق ذلك الهدف فريضة وواجبا يلتزم به الداعية والنخب والعامة ويقترن ذلك الواجب باعتقاد حتمي بسيطرة الحكم الديني على كافة أرجاء المعمورة عاجلا أم آجلا .
التمير والخيرية الاستثنائية :
قوله تعالى : *
" كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ سورة آل عمران الآية 110
"هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المشركون" التوبة الآية 33 "

" هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا " (سورة الفتح الآية 28)
ويستند هذا العنصر على الجزم بالحالة المنفردة التي يشكلها المكون الديني بسموه وعلوه على ما دونه من المكونات الأخرى وذلك عائد ببساطة لسمو وعلو مصدره لذلك وجب الاقتصار عليه والابتعاد عن سواه، والبراءة من أي مصدر آخر لكونه يشكل الكمال و التمام و يسعى لتحقيق العدالة المطلقة و الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا " سورة النساء الآية 59
" أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا" سورة النساء الآية 60
فالإيمان يقتضي الانفراد ؛ لا يقبل المشاركة ، وأي تحكيم مخالف خارج إطار النص المشرع يعني إخلال بشروط الإيمان، هذه المسألة ترتبط بصلب البنية التفكيرية للإسلام السياسي ، فالتشريع والحكم والقضاء أمور إيمانية دينية لا حرية للفرد أو المجتمع في تكوينها و بناءها خارج المنظومة العامة للشريعة المنزلة المكتسبة لصفة التمام و الكمال ولا تفريط فيها بأي من الأمور العامة و الخاصة .
تحت عنوان :الإبداع في كمال الشرع و خطر الابتداع يقول الشيخ محمد بن العثيمين : أن هذا الدين شامل كامل لا يحتاج إلى زيادة كما أنه لا يجوز فيه النقص ولهذا قال الله تعالى في وصف القرآن (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ الآية (89)) النحل. فما من شيء يحتاج الناس إليه في معادهم ومعاشهم إلا بينه الله تعالى في كتابه إما نصا أو إيماء وإما منطوقا وإما مفهوما .
أيها الأخوة : إن بعض الناس يفسر قول الله تعالى ( وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ، ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون ) ـ سورة الأنعام 38الآية ، يفسر قوله (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) على أن الكتاب القرآن والصواب بالكتاب هنا اللوح المحفوظ ، وأما القرآن فإن الله تعالى وصفه بـ أبلغ من النفي وهو قوله وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ ".سورة النحل الآية 89) فهذا أبلغ وأبين من قوله ( ما فرطنا في الكتاب من شيء )الأنعام 38 ولعل قائلا يقول أين نجد في القرآن أعداد الصلوات الخمس في القرآن ؟ وعدد كل صلاة في القرآن ؟ وكيف يستقيم أننا لا نجد في القرآن بيان أعداد ركعات كل صلاة والله يقول (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ) سورة النحل الآية 89. إذا تقرر ذلك عندك أيها المسلم فاعلم أن كل من ابتدع شريعة في دين الله ولو بقصد حسن فإن بدعته هذه مع كونها ضلالة تعتبر طعنا في دين الله عز وجل، وتعتبر تكذيبا لله تعالى في قوله (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَٰلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ سورة المائدة الآية 3.) لأن هذا المبتدع الذي ابتدع شريعة في دين الله تعالى وليست في دين الله تعالى كأنه يقول بلسان الحال إن الدين لم يكمل لأنه قد بقي عليه هذه الشريعة التي ابتدعها يتقرب بها إلى الله عز وجل.)
ذلك التوضيح وتلك الاستنتاجات ليست طارئة أو محصورة بفئة أو علم بذاته إنما هي اللوحة التشكيلية التي تكاملت وتراكمت عبر قرون طويلة من تسلسل علماء الفقه و الشريعة، لكنها لم تكن متاحة و متوفرة بالصورة و الشكل الذي نراه منذ الألفية الثالثة المقترنة بثورة الاتصالات. لقد دأب كثيرون من دعاة تحكيم الشريعة على الالتفاف حول نصوص منتقاة بطريقة تحجب أكثر مما تفصح، إلا أن الانتشار السريع و الكبير للفكر الأصولي و زيادة أنصاره و جماهيره وشيوع ممارساتهم الاجتماعية والسياسية لم يعد يسمح بتلوين خارجي للدعوة السلفية الأصولية بصبغة تكسبها صفة الانفتاح وقبول الأخر.
(فشريعة الله التي بينها محمد صلى الله عليه و سلم (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ للمسلمين سورة النحل الآية 89) 1 هذه الشريعة الشاملة الكاملة التي ما تركت للأمة صغيراً و لا كبيراً إلا و بينته، حتى إن سلمان رضي الله عنه قيل له : قد علمكم نبيكم صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى "الخراءة" فقال : أجل لقد نهانا أن نستقبل القبلة لغائط أو بول أو أن نستنجي باليمين أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار أو أن نستنجي برجيع أو بعظم . (2) فإن كانت الشريعة قد بينت حتى آداب قضاء الحاجة وما دون ذلك ، أفلا تبين ما هو أعظم من ذلك ،و بما يتعلق بقضايا الأمة ومصيرها وسياستها واقتصادها وعلاقاتها الدولية؟!
وكما قال الشافعي - رحمه الله - : " فليست تنزل بأحد من دين الله نازلة إلا و في كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها (3) ، فهذا هو القرآن كتاب الله ، الذي ما تواجه الأمة أزمة أو مشكلة أو ضائقة إلا و لها حل فيه ، هذه هي الشريعة السماوية الخالصة، التي فيها الخلاص،
و عودتها لمجدها، هو الحل الذي لا بديل عنه، عودة إلى الأصول بصدق و تمسك بها بقوة ، وعض عليها بالنواجذ ، كما عض عليها سلفنا الصالح ، و قد أوجز الإمام مالك – رحمه الله – الكلام بقوله : "
"لن يأتي أخر هذه الأمة بأهدى مما كان عليه أولها " (4)
فهل يعي حملة الفكر في هذه الأمة هذه الحقيقة ، أن سبب تنكب هذه الأمة يعود في الأصل إلى التفريط في التمسك بالأصول ، لا الإفراط في التمسك بها ، والتشدد في العض عليها ، و لو كانت المشكلة تكمن في شدة التمسك لهان الأمر!
إن من يحاول أن يوجد حلا ً للأمة في خلاف هذا ، و من يبذل عظيم جهده ؛ لأن يوجد حلولاً شرقية و غربية من غير هذا المنبع الصافي ، هو كمن يحاول أن يداوي المريض بالسم ، و يعجل بقتله ظناً منه أنه يحاول إسعافه .
ولله در ابن تيمية حين قال : " الدنيا مظلمة ملعونة إلا ما طلعت عليه شمس الرسالة (5) فلنلتمس هذا النور ، لنخرج من هذه الظلمات التي اشتدت حلكتها ، هذه الرسالة التي أضاءت حياة البشرية بعد ظلمتها ، هي السبيل الوحيد ، فليلتمسوه ، و ليعرفوا أن الذي يحكم المسلمين ليس ابن تيمية ، و إنما رب ابن تيمية !
يشرح الشيخ ابن باز مفهوم الولاء والبراء بما يلي (الولاء والبراء معناه محبة المؤمنين وموالاتهم، وبغض الكافرين ومعاداتهم، والبراءة منهم ومن دينهم، هذا هو الولاء والبراء كما قال الله سبحانه في سورة الممتحنة: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ الآية.4

وليس معنى بغضهم وعداوتهم أن تظلمهم أو تتعدى عليهم إذا لم يكونوا محاربين، وإنما معناه أن تبغضهم في قلبك وتعاديهم بقبلك، ولا يكونوا أصحابا لك، لكن لا تؤذيهم ولا تضرهم ولا تظلمهم، فإذا سلموا ترد عليهم السلام وتنصحهم وتوجههم إلى الخير، كما قال الله عز وجل: وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ[سورة العنكبوت الآية 46 الآية. وأهل الكتاب هم اليهود والنصارى وهكذا غيرهم من الكفار الذين لهم أمان أو عهد أو ذمة، لكن من ظلم منهم يجازى على ظلمه، وإلا فالمشروع للمؤمن الجدال بالتي هي أحسن مع المسلمين والكفار مع بغضهم في الله للآية الكريمة السابقة، ولقوله سبحانه: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، سورة النحل الآية 125 فلا يتعدى عليهم ولا يظلمهم مع بغضهم ومعاداتهم في الله، ويشرع له أن يدعوهم إلى الله، ويعلمهم ويرشدهم إلى الحق لعل الله يهديهم بأسبابه إلى طريق الصواب، ولا مانع من الصدقة عليهم والإحسان إليهم لقول الله عز وجل: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المقسطين سورة الممتحنة الآية 8 ولما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أن تصل أمها وهي كافرة في حال الهدنة التي وقعت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة على الحديبية.)
ويترتب على ذلك الشرح معاداة غير المسلمين وكراهيتهم وتكفيرهم وترك عقائدهم وأفكارهم ، وتكفيرهم وتلك رؤية ضيقة على رغم ما يعتقد كثيرون من وضوح أدلنها الشرعية، لكنها في الواقع تثير الكراهية والعداوة والتكفير بين المجتمعات وحتى في المجتمع الواحد . وتلك مطية للاقتتال والحروب والفتن بين الشعوب والأمم وحتى الأمة الواحدة .

الهوامش والمراجع:

1 ـ سورة النحل:89
2 ـ رواه مسلم في كتاب الطهارة باب الاستطابة رقم 57
3 ـ الرسالة للإمام الشافعي صفحة 20
4 ـ الاعتصام للشاطبي : 195
5ـ الفتاوى لابن تيمية : 19/52))ـ منتديات البرامج الفضائية للشيخ سلمان بن فهد العودة
هذه المنقولات المستند إلى مصادر مركزية و أساسية معتمدة ومشهورة تتيح لنا التعرف بدقة على التوجهات البنيوية لأسس و قواعد الفكر السياسي الديني الشائع و المنتشر في عصرنا الراهن ، و في ذات الوقت تتيح لنا تفسير الممارسات الاجتماعية و السياسية الواسعة الانتشار للأحزاب و المنظمات و المجموعات المنطوية تحت لواء التطبيق الكامل و الشامل و الدقيق للشريعة و ما رافقها و تراكم حولها من اجتهادات و فتاوى و قراءات اكتسبت مع مرور الزمن صفة المرجعية التي لا تنازع .
6ـ لعل بعض الباحثين يقرن مفهوم الحاكمية في الإسلام السياسي بمفهوم السيادة في نظرية جان بودن ـ 1530/ 1596 أحد أهم فقهاء العصر الوسيط . و ربما كان لاطلاع أبو الأعلى المودودي ـ 1903 /1979 على الثقافة الغربية أثر في صياغته لمفهوم الحاكمية إبان تأسيسه للجماعة الإسلامية في الباكستان ـ 1941إلا أن مفهوم الحاكمية مستحدث الاصطلاح قديم المدلول يبقى العنصر الهام في تحديده مستند إلى الاختلاف في تفسير آيات و أحاديث تناولت جذر المصدر اللغوي للكلمة
7 ـ كثير من المراجع الرئيسة كالتفاسير المعتمدة وكتب الحديث والتقارير السنوية تم ذكرها مباشرة في السياق.
8 ـ تفسير الطبري.
9 ـ تفسير ابن كثير .
10 ـ تقرير التنمية العربي للجامعة العربية 2003
11 ـ مدونة الشيخ محمد بن العثيمين .
12 ـ تفسير الإمام محمد الشوكاني فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية. أكملت دينكم أي حلالكم وحرامكم ،أتممت عليكم نعمتي أي لا يحج معكم أحد ورضيت أي اخترت .
13 ـ البراء : من الأسس الأولية في بناء بنيان الحكم السياسي للأحزاب الدينية بفهم وتفسير محدود خاص لقولة تعالى:
في سورة التوبة " بَرَاءَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ (1) فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (2) وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (3) إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَىٰ مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ
(4) فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ۚ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (5) وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ"
14 ـ الموقع الرسمي للشيخ ابن باز .
15 ـ كتاب العبودية لابن تيمية طبعة المكتب الإسلامي ص45 وما بعدها .
* لا بد من التنويه إلى أن كل الآيات الكريمة المنقولة استدل بها في مقام الاستدلال الخاص؛ بمعنى أن للآيات معاني وتفاسير متعددة بيد أننا ننقل هنا الاستدلال الخاص بمعنى بذاته مقصود بتفسير مقتصر على السياق وليس تفسيرا كليا .
16 ـ الكتاب : مجموع فتاوى و مقالات ابن باز
المؤلف : عبد العزيز بن عبد الله ابن باز
مصدر الكتاب : موقع الشيخ على الإنترنت



#احسان_طالب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقالات التنوير 5 تفكيك ظاهرة التطرف والتشدد الديني
- مقالات التنوير 4 نقد فقه مؤسسة الزواج
- مقالات التنوير 3 مراجعة للثقافة الدينية المهيمنة
- مقالات التنوير 2 التمويه والتطبيع الاجتماعي في الثقافة المؤس ...
- مقالات التنوير (1)علاقة ثقافة العنف وجرائم الشرف بمفاهيم الن ...
- أصنام متكاثرة تناحر سبطا حرا خيّرا
- عالم مجهول يتلقف خطيئة محكمة
- عقول مستنيرة تضيء عتمة عريقة
- إلهام غامض ثائر
- توق يتوالد وسط غوغاء
- أضواء مزيفة تجمّل أوهاما قبيحة
- نقد حدود العقل *
- أنفاس المعاني دخان يهدئ ضوضاء المقال
- قطيع حائر بين الوهم والحقيقة
- كل الأسماء أشياء تنتهي كما هي موجودة
- رقي صوب العلا يناجي الخلود
- إشكالية العقل والنص تفكيك التناقض .*
- تحليل الموروث كنتيجة موضوعية لذات النص
- النص ذاتا وموضوعا وهوية
- المعالجة الواعية للتطرف النصوص التاريخية غير قابلة للحذف !


المزيد.....




- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احسان طالب - مقالات التنوير 6 الإسلام السياسي كمفهوم يرتكز على أسس وتحليل بيانات