أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - احسان طالب - النص ذاتا وموضوعا وهوية














المزيد.....

النص ذاتا وموضوعا وهوية


احسان طالب

الحوار المتمدن-العدد: 5872 - 2018 / 5 / 14 - 01:11
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الأمم تاريخ عبر الزمان وعبر الأمكنة ، تفاعل البشر مع الطبيعة بكل موجوداتها ، وما أثاروه من إشكالات وما عمّروه من فكر وبنيان وعلم ، من الخطأ الفادح محاكمة الأمة ـ الشعب ، المجتمع ـ عبر نص ـ مجموعة نصوص ـ فقيمة النص الحقيقية في الوظائف التي أرادها أهله لها ، فالنصوص لا تفعل فعلها بذاتها ولو بقيت ملايين السنين طي الصحف ، تفعيل الوظيفة المحددة من قبل أوصياء وانعكاس فعول توظيف النص في سردية الحياة المصبوغة بهوية ما ـ أو عدة هويات ، متباينة هوما يتركه النص في التاريخ .
عندما حاول مسلمون أوائل في القرن الثاني الهجري البنيان على العقل باعتباره أداة الفهم والحكم والقياس ومعيار الخطأ والصواب ـ بدلالة الطبيعة والمنطق ـ لم تنجح المحاولة ، ولم تفشل بذات الوقت ، فغاب أثرها الأكثر شيوعا وبقيت سرديتها الفاعلة ، في الربع الرابع من القرن الخامس الهجري كان الغزالي أبو حامد (450 هـ - 505 هـ ) من أشهر وأبرز أعلام ذلك الزمان وامتد أثره إلى يومنا الحالي ، متخطيا جل وربما كل ما سواه من علماء وأفذاذ علماء المسلمين وكانت له فلسفة خاصة جدا تعلي مكانة النص فوق العقل بل وتنحيه حتى في العلوم الطبيعية ، فالشريعة كافية وافية شاملة صالحة لكل زمان ومكان وكفى الله المؤمنين شر القتال ، ولم يستطع ابن رشد (520 هـ- 595 هـ) إعادة التعقل لما كان عليه وجادل الغزالي أبو حامد ، بيد أن الساسة والسادة والنخبة والقادة وجدوا في فكر وتعاليم أبو حامد ملاذا ومرتعا لرعاية وسوق العامة بتعاليم ومنطق الغزالي وليس بما يهواه ويعلمه ويعقله ابن رشد ،
سبب المقارنة هو أن كل من أبو الوليد وأبو حامد هما في الأصل من علماء الشريعة مارسا القضاء والفتوى والتأليف في التفسير والفقه ـ علوم الشريعة ـ استنادا إلى ذات النص ، وكلاهما ضليع ـ مع تفاوت بيّن ـ بالفلسفة وعلم الكلام والمنطق ـ غير أن المناهج والمذاهب التي أقاموا عليها مدارسهم وفكرهم ورؤيتهم لخير وفلاح ونجاح أبناء أمتهم متباينة أشد التباين
لقد انتصر وساد منهج ومنطق ومدرسة ورؤية الغزالي العالم الإسلامي وحتى العربي ، فحجّم العقل وقيّد وغل بعلوم الشريعة ، فما كان تاليا إلا أن حُجم النص وقُيد وقصر على الموروث والمفهوم لحد الشبع والانتهاء
النص ليس هوية ، بالانتماء هو الهوية ، وتلك الأخيرة هي بحد ذاتها وعي وإدراك مخصوص ، عندما يخترق الفكر المنصوص جدار الوعي ويتحكم بأدوات الإدراك يستقر في العقل الباطن ويفعل فعله تلقائيا ، فالمحرّض والدافع على الفعل وردات الفعل ، كما القاعدة – المعلومات أساسية Database – أو المخبر الذي تعالج فيه القضايا ثم تصدر حكما أو قرار بفعل أو عمل ، إنما هي تلك المدركات المستقرة في الوعي ، المكونة لطبقة اللاوعي في عقل الفرد ، وليست أبدا تلك المقولات المنصوصة بل معاني وتفاسيرها ودلالاتها الشائعة والسائدة والمستقرة بحدود متعالية في العقل والحس الجمعي المتداخل تلقائيا مع جزئه الفردي والواحدي .
النص في جوهره انعكاس لمجمل الأفكار والقيم والعادات والتقاليد والمقولات ، التي يكون مجملها شعبا ما أو أمة ما ، بذلك الفهم يمكن للشعوب والأمم التخلص من وهم كينونة ذات " نص " فشعوب الاتحاد السوفياتي السابق تخلصت من فكرة وقيم ديكتاتورية البروليتارية، والأمة الألمانية تخلصت من أيديولوجية النازية ، والأمم الأوروبية تخلصت من هيمنة الأيديولوجيا الدينية السياسية . وكلها بالأساس نصوص حملت درجات من القداسة والتنزيه ،
فنصوصنا هي ذاتنا التي تفرز مواضيعنا لتعود وتشكل ذواتنا الحاضرة الآن .
تقييد وتحجيم وقصر العقل يُنتج تلقائيا تقزيم النص وتحديد وظائفه بدلالة محسومة منتهية . ما يعني رجعية وتعصبا واحساسا بالنقص تجاه الآخر ، أو تعالياً عليه ، فتتمظهر رغبة بتغيير المختلف أو إقصائه . لأن التفكير وحتى التعقل محاصر بدلالات منتهية تحجبه عن التفكير بآفاق جديدة ، وتمنع محاولات العقل لقبول نص مختلف أو حتى الخوض بموضوعات مغايرة للذات المتشكلة أساسا من موضوع ـ نص ـ سابق لا يحق للعقل مناقشته أو تفحصه بل عليه كشف فضائله فحسب . فوظائف العقل تحديدا هي ضمن وحول وعن الموضوع الملتبس بالذات ، بفعل الهوية ـ وهكذا تصبح العلاقة بين ذاتنا الكائنة حاضرا ، والموضوع المنشئ لها علاقة وجودية ، فالدفاع عن الأخير ينحاز تلقائيا للدفاع عن الأول ، فوجود الحاضر مرتبط حيويا بوجود السالف وحضوره كمضارع مركزي .
تقمص الأمة لهوية نصية بذاتها يخرجها عن ماهيتها ، ويحشرها في حدود دلالات وفهوم هي بحد ذاتها جزء ماهوي من الهوية لا يستقيم إقصاؤه لبقية مكونات كينونة الذات ،



#احسان_طالب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعالجة الواعية للتطرف النصوص التاريخية غير قابلة للحذف !
- الكهف الأفلاطوني الحديث والمعاصر *
- مقاربة حداثية للتراث *
- ما هو النص ؟ معنى الإشكالية بين المحكم والمتشابه
- الحضور الأنطولوجي للعلم إشكالية المشروع الإسلامي
- القلق؛ فعل فكّر ومسألة الشعور :دراسة فلسفية
- بحث في الظاهرة الاجتماعية : العنف ضد النساء كأنموذج
- في انطولوجيا الذات والنفس والمعرفة
- الوجود عند أبي هذيل العلاف وإبراهيم النظّام ، مقاربة ميكانيك ...
- التنوير كأفهوم من أبيقور إلى كانط ومابعده
- ماهية الحقيقة والأوهام الأنطولوجية : دراسة فلسفية
- الماهية عند أرسط: المقولات العشر ، القياس
- كتابة الأبحاث والرسائل الجامعية والدراسات نصائح وأفكار
- ممارسة الفلسفة -التفلسف- غيّر نمط حياتك
- تفكيك أصولية التكفير
- ترانيم ذات صوفية
- ما هي متطلبات المرأة بناء الحب الحقيقي
- استراتيجيات ومهارات فن الحوار والتفاوض الفعال الجزء الثالث
- تأملات فلسفية في الأنطولوجيا والحقيقة والإنسان
- الإحراق فتوى تخالف النص وتحرق المجتمع معالجة فقهية أصولية


المزيد.....




- تحويلات المصريين بالخارج تقترب من 30 مليار دولار خلال 10 أشه ...
- ربما تم إنشاؤه بالذكاء الاصطناعي.. ما حقيقة فيديو قصف إسرائي ...
- تراث أصفهان الفارسي والمواجهة بين إيران وإسرائيل
- غضب في مدينة البندقية على حفل زفاف جيف بيزوس ولورين سانشيز
- يسمع ضجيج القنابل قبل صوت أمه.. عن طفل رضيع في مستشفيات غزة ...
- -فائقو الثراء- في ألمانيا يمتلكون أكثر من ربع إجمالي الأصول ...
- صحيفة روسية: هل هناك من يستطيع تزويد طهران بالقنبلة النووية؟ ...
- ترامب: يمكن للصين مواصلة شراء النفط الإيراني
- فيتنام تحاكم 41 متهما في قضية فساد بقيمة 45 مليون دولار
- صحف إسرائيلية: هدنة ترامب تريح طهران وتنعش مفاوضات غزة


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - احسان طالب - النص ذاتا وموضوعا وهوية