من نحن ؟

فارس تركي محمود

الحوار المتمدن-العدد: 6196 - 2019 / 4 / 9 - 23:09
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    

تزايدت في الأونة الأخيرة وفي مدينة الموصل ظاهرة قديمة جديدة وهي ظاهرة التفاخر أو التنابز أو التناحر ما بين البعض من أبناء القرى والبعض من أبناء المدينة ، وكل فريق يدعي أنه الأفضل والأحسن بينما الآخر هو السيء والقبيح . ولكي أسهل عليكم مهمة التفاخر والتنابز سوف أحاول أن أسرد على أسماعكم بعض الحقائق التي ستعرفكم " من نحن " ، كي تستطيعوا أن تتفاخروا وأنتم على بينة . وآسف مقدماً لقساوة القول لكن عذري فيه أنه واقع عشناه وما زلنا نعيشه ، وهو لا ينطبق علينا فحسب بل يكاد يشمل كل الشعوب العربية . إذاً من نحن ؟ :
1 – نحن الذين قتلنا وسحلنا عائلتنا الملكية وقطعناها إرباً إربا بطريقة لا يفعلها حتى همج النياندرتال . ونحن الذين كنا ولا زلنا نسحل بعضنا بعضاً ونقتل وننكس ونعلق في العواميد ونذيب في الأسيد بعضنا بعضا .
2 – نحن الذين لم ننتج في العصر الحديث برمته مدرسة فكرية أو فلسفية ذات تأثير عالمي ، ولم ننتج في الخمسين سنة الأخيرة - أو من مواليد الخمسين سنة الأخيرة - مفكراً أو فيلسوفاً أو شاعراً أو أديباً أو فناناً أو مخترعاً أو عالماً يشار له بالبنان .
3 – نحن الذين ما زلنا نسمي أوربا بالغرب الكافر ، ونعتقد جازمين أن العالم برمته يتآمر علينا ، وأن العالم كله - بسياسته واقتصاده وآدابه وفنونه ومسيرته الحضارية – يدار من قبل مجموعة صغيرة جداً جداً جداً – حتى أنها أصغر من عقولنا – من الماسونيين الملحدين المسخرين من قبل الشيطان .
4 – نحن الذين يبلغ مجموع ما ترجمناه من كتب منذ عهد الخليفة العباسي المأمون ( 786 م – 833 م ) وحتى اليوم أقل مما ترجمه أسبانيا في سنة واحدة . ونحن الذين لا يقرأ الفرد لدينا إلا أقل من نصف صفحة بالسنة ( حول كامل / 12 شهر / 365 يوم / 8760 ساعة ) أي كلمة واحدة كل ثلاثة أيام تقريباً ، أي حرف أو حرفين يومياً .
5 – نحن الذين يبدأ ( المثقف والعقائدي ) عندنا رحلته الفكرية كالتالي : يساري ثم قومي ( ناصري / بعثي / الخ ) ثم يميني ديني ثم ديمقراطي ، أي وفقاً لمعايير السوق وفلسفة العرض والطلب ومن يدفع أكثر . ويصدع رؤوسنا في كل مرحلة من المراحل بشعاراته الجوفاء الحمقاء شديدة الحمق أي التي تعاني من حمق مزمن لا علاج له .
6 – نحن الذين يتخرج الطالب من جامعاتنا وهو غير قادر على القراءة والكتابة بشكلٍ سليم .
7 – نحن الذين نقوم بفعل الكذب والنفاق والمداهنة والتلون بذات السهولة التي نتنفس بها وكأنه فعل بيلوجي آلي لا سيطرة لنا عليه . ونحن الذين لم يبقَ فينا فرد إلا ودفع رشوة بشكلٍ أو بآخر .
8 – نحن الذين قضوا أجدادنا جل أعمارهم في المقاهي ، بينما نحن نقضيها أمام الفيس .
9 – نحن الذين نتصدر التصنيفات العالمية في الفساد والديكتاتورية والقمع والفقر والقذارة ، ونحن الذين نتذيل التصنيفات العالمية في الصحة والتعليم والخدمات والإبداع و و و و .
10 – نحن الذين كنا وإلى وقت قريب لا نتجرأ على حلق لحانا .
11 – نحن الذين سُبيَت واغتصبت بناتنا وأخواتنا وبيعت في سوق النخاسة بأبخس الأثمان .
12 – نحن الذين تم جلدنا في الساحات العامة وعلى مرأى ومسمع الجميع .
13 – نحن الذين لا تزال الآلاف من جثث أطفالنا ونسائنا وشيبنا وشبابنا راقدةً تحت الأنقاض نمر بها حين نمسي وحين نصبح .
14 – نحن الذين عشنا وما زلنا نعيش حياة الذل والمهانة في المخيمات ونمتلك بلا فخر ملايين النازحين والمشردين وأطفال الشوارع والأرامل واليتاملى والفقراء .
15 – نحن الذين نحصر معنى الشرف بقطعة صغيرة من جسد المرأة .
16 – نحن أمة الأصفار بكل جدارة فمساهمتنا في الانتاج الصناعي العالمي يساوي صفر ، وفي الانتاج الزراعي صفر ، والحضاري صفر ، تقريباً نحن مجموعة من الأصفار .
17 – نحن أمة الطوابير بامتياز ، طوابير أمام الدوائر الحكومية ، طوابير للحصول على الخبز الحاف ، طوابير تستجدي فرصة للتعيين ، طوابير واختناقات في المدارس والجامعات والشوارع ، طوابير أمام محطات تعبئة الوقود ، طوابير أمام السفارات الأجنبية ومكاتب الهجرة . . . الخ الخ الخ .
18 – نحن الذين نسمي أصحاب العمائم والجلابيب واللحى ( علماء scientist ) .
19 – نحن الذين ما زلنا نقسم العالم إلى دار الكفر ودار الإيمان .
20 – نحن الذين ما زلنا نعتقد بأن الجن يتلبسنا ولا يخرج منا إلا بالتعاويذ والطلاسم والخزعبلات .
21 – نحن الذين نضع حجراً أزرقاً على بيوتنا ومقتنياتنا لمحاربة الحسد وطرد الأرواح الشريرة .
22 – نحن الذين ما زلنا مترددين في قبول فكرة كروية الأرض .
23 - نحن الذين لا نخجل أبداً مما ورد أعلاه .
وماذا أقول بعد قد جف مداد قلمي ولم تنتهِ ( مفاخرنا ) فاختارو منها ما شئتم كي تتفاخروا به وكي ينبز بعضكم بعضا .

#فارس_تركي_محمود (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل