أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - تاجرُ موغادور: كلمة الختام من المحقق 7














المزيد.....

تاجرُ موغادور: كلمة الختام من المحقق 7


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6185 - 2019 / 3 / 28 - 18:08
المحور: الادب والفن
    


كنتُ أتصفح محتويات حقيبة الأوراق، التي وضعها بتصرفي ابن المرحوم " لاوند "، ومَن خلّفه في إدارة محل الأثاث الدمشقي، القائم في أحد دروب حي غيليز. في حقيقة الأمر، أن الفائدة كانت معدومة تقريباً من الحقيبة؛ كون معظم الأوراق والوثائق، القليلة على أي حال، تخصّ تجارة الجد الأول للسلالة؛ " جانكو بوتاني ". إلى أن وقعت يدي على قصاصة صحيفة، استحال ورقها إلى لون التراب. لفت نظري، أولاً، صورة تصدرت القصاصة لفتاة جميلة ذات ملامح مفعمة بالإباء والثقة بالنفس. في ذيل القصاصة، خطّ أحدهم ( لعله الجد الأول نفسه؟ ) ملاحظة بالعربية، تفيد بأن الصحيفة هيَ " لندن المصوّرة " وتاريخها يعود لعام أربعة وخمسين وثمانمائة وألف. كذلك ثمة حاشية بأعلى القصاصة بذات الخط، ظهرَ لي أنها ترجمة عن النص الإنكليزيّ: " هذه المرأة الكردية الجسورة، فاطمة قرة ( أو فاتي رش )، قادت فرقة من 700 مقاتل كرديّ وذلك في حرب القرم، المحتدمة بين العثمانيين والروس، وسجلت بطولات خارقة تُذكّرنا بالأمازونيات في الأسطورة الإغريقية ".
على حين غرّة، بزغت أمام عين خيالي صورةٌ ناصعة للمقام المصبوغ بالجير الأبيض، الذي يعترض طريق المرء على رصيف شارع محمد الخامس من جهة منارة الكتبية. هنالك، حيث ثوى جثمان " فاطمة كوش "؛ ومَن أعطت أيضاً اسمها للدرب الضيق، الموازي لذلك الشارع والمتصل مع باب دُكالة. الفتاة الأمازيغية، سميّة بطلتنا الكردية، كان لها بدَورها تاريخٌ حافل من الكفاح ضد الغزاة الفرنجة، الذين حطت سفنهم على الشواطئ الأقرب لقارتهم العجوز كي يجددوا فتوحات " الإسكندر " و" يوليوس قيصر ". جرى ذلك بعيد معركة وادي المخازن، وكانت قد حدثت في زمن السلطان المنصور السعدي، مثلما سبقَ وفصلنا أمرها. على أثر انكسار الغزاة البرتغاليين آنذاك، بفضل المساعدة العسكرية الحاسمة للخليفة العثماني، فإنهم عادوا أدراجهم بزمن ابن " السلطان المنصور " ووريثه على العرش. " زيدان بن المنصور " هذا، بلغته بطولة تلك المقاتلة وما لبث أن أرسل إلى والدها يطلبها كزوجة. إلا أنّ " فاطمة الزهراء "، كانت إذاك قد نذرت نفسها للتصوف ودأبت على إقامة حلقات دروس الفقه للنساء. أمام رفض عرضه، اندفع السلطان متنكّراً ليرى بنفسه هذه البطلة، المطبّق صيتها آفاق مملكته. وإذا هوَ أمام صبية فتية، فاتنة كزهرة ربيعية بكر. افتتانه بمَن رفضت الزواج به، جعله غير مكترث بنذرها ذاتها للتصوف. فعمد لسجن " فاطمة الزهراء " فترة في قصره، بغيَة الضغط على إرادتها وتليين عريكتها. ثم اضطر فيما بعد لمنحها حريتها، لتعود إلى عزلة المحراب كمتصوفة وشاعرة.
لا أنتبه للعتمة، المنسدلة على الأشياء خارجاً، طالما أنّ المصباح الكهربائي دائم الإنارة في حجرتي المفتقدة لنافذة. مع العتمة، يتسلل إلى سمعي صدى طبول ساحة جامع الفنا. فأتخيّل تلك الشاعرة المتصوفة، وهيَ تهم بالنهوض لأداء رقصة مولوية على إيقاع تلك الطبول. أشعر بالانتعاش نوعاً، بعدما كدتُ أن أستسلم للإحباط على أثر فراغي من تقليب حقيبة الأوراق، الخاصّة بالتاجر الكرديّ الدمشقيّ. كذلك عليّ كان أن أسعد لحقيقة ضافية، كون سيرة تاجرنا قد حفظت، جيلاً وراء جيل، لدى سلالته المراكشية. فيما مضى، أي قبل تعرفي على آخر أفراد السلالة، كنتُ أتساءل ما لو كان ذلك الجد قد زرع أكثر من بذرة في أرحام النساء بما أنه ترمل مبكراً. برغم أنه أتيحت له خمس عشرة سنة أخرى للعيش ( توفي عام 1868 )، على ابتسارها، فإنه لم يتزوج مجدداً. كذلك كنا قد عرفنا شيمته، لجهة رفضه ثقافة الجواري والحريم، ما يضع المرء على يقين بعدم وجود ذرية له من هذه القناة.
ربما في مثل هذه الحجرة، وفي رياضه بالقصبة الشبيهة عمارته بمنزل الأسرة، أين أقيم، كان " جانكو " قد لفظ أنفاسه الأخيرة متأثراً بعدوى وباء الكوليرا. قبل ذلك ببضعة أعوام، لا بد وشهد عن قرب معركة الصراع على العرش بين محمد الرابع ( وكان تاجرنا قد عرفه في موغادور كرائد للإصلاح ) وابن السلطان الأسبق، المدعو " سليمان ". هذا الأخير، تحدى السلطان الجديد من مدينة تافيلالت، المعتبرة جذر شجرة السلالة العلوية الحاكمة. وكان من نتائج انتصار السلطان، الموافقة على مشروع إنشاء القصبة الجديدة في موغادور، التي سبقَ لوالده أن رفضها بعناد خشيةً من استفحال أمر تدخل الدول النصرانية بشؤون مملكته. ما لن يعلمه " جانكو " وهوَ على فراش النزع الأخير بسبب الكوليرا، أنّ موغادور ستعبر هذه الجائحة بأقل قدر ممكن من الخسائر: إنه صديق أيام زمان، الطبيب الفرنسيّ " تيفنان "، مَن أسهمت جهوده بإنقاذ المدينة، وذلك بتشييده لمستشفى اهتمّ بمعالجة السكان الفقراء مجاناً. كما أن القناصل ضغطوا في الأثناء على السلطان، للحيلولة دون نزول الحجاج القادمين من مكة إلا عقبَ حجرهم صحياً في جزيرة موغادور. على ذلك، ندرك لمَ نجيَ صديقه، ( الحزّان يوسف بن عمران )، من الوباء المهلك، فعاش نحو عقدين آخرين، ليتسنى له أن يمدنا بهذه السيرة المخطوطة.. سيرة، ستقع في يدي بطريقة لا تقل غرابة عما جرى لهما في أوان حلولهما في موغادور، قادمين من جبل طارق على متن أول مركب بخاري يصل للمغرب.

> تم انجاز ونشر الفصول الأولى من الرواية في 2012، ثم أتممتها هذا العام 2019 بسبب فقدان المسودة الأساسية!















#دلور_ميقري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تاجرُ موغادور: كلمة الختام من المحقق 6
- تاجرُ موغادور: كلمة الختام من المحقق 5
- تاجرُ موغادور: كلمة الختام من المحقق 4
- تاجرُ موغادور: كلمة الختام من المحقق 3
- تاجرُ موغادور: كلمة الختام من المحقق 2
- تاجرُ موغادور: كلمة الختام من المحقق 1
- تاجرُ موغادور: الفصل السابع 11
- تاجرُ موغادور: الفصل السابع 10
- تاجرُ موغادور: الفصل السابع 9
- تاجرُ موغادور: الفصل السابع 8
- تاجرُ موغادور: الفصل السابع 7
- تاجرُ موغادور: الفصل السابع 6
- تاجرُ موغادور: الفصل السابع 5
- تاجرُ موغادور: الفصل السابع 4
- تاجرُ موغادور: الفصل السابع 3
- تاجرُ موغادور: الفصل السابع 2
- تاجرُ موغادور: مستهل الفصل السابع
- تاجرُ موغادور: الفصل السادس 10
- أسطورة آغري لياشار كمال؛ الملحمة ومصادرها
- تاجرُ موغادور: الفصل السادس 9


المزيد.....




- عامان على حرب الإبادة الثقافية في قطاع غزة: تدمير الذاكرة وا ...
- من آثار مصر إلى الثقافة العالمية .. العناني أول مدير عربي لل ...
- اللاوا.. من تراث للشلك إلى رمز وطني في جنوب السودان
- الوزير المغربي السابق سعد العلمي يوقع -الحلم في بطن الحوت- ف ...
- انتخاب وزير الثقافة والآثار السابق المصري خالد العناني مديرا ...
- بعد الفيلم المُرتقب.. الإعلان عن موسمين جديدين من مسلسل -Pea ...
- عاجل.. المصري خالد العناني مديراً لمنظمة اليونسكو
- منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) تنتخب ...
- فنان تونسي بأسطول الصمود: نعتذر لأهلنا بغزة لأننا لم نصل إلي ...
- اليونسكو تختار مديرا عاما يقودها في مرحلة بالغة الصعوبة


المزيد.....

- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - تاجرُ موغادور: كلمة الختام من المحقق 7