أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - تاجرُ موغادور: كلمة الختام من المحقق 2














المزيد.....

تاجرُ موغادور: كلمة الختام من المحقق 2


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6181 - 2019 / 3 / 23 - 18:04
المحور: الادب والفن
    


" إذاً أنت تعرفت على أحد أحفاد شقيق الحزّان، يوسف بن عمران؟ "
ابتدأ الرجلُ بالكلام، مشدداً على قرابة السائح لصاحب المخطوطة، معتقداً أنه بذلك يصحح معلومتي. ثم استطرد، قائلاً أنّ " الحزّان " هوَ من الشخصيات التاريخية المرموقة لدى أبناء طائفته في الصويرة. من ناحيتي، كنتُ بأمس الحاجة فعلاً للمعلومات، الممكن الإفادة منها في تحقيقي للمخطوطة؛ وبالأخص، ما يتعلق بالمرحلة اللاحقة لتوقف مؤلفها عن الكتابة. هذا، مع يقيني بلا جدوى البحث عن آثار التاجر " جانكو بوتاني " في هذه المدينة، طالما أنه تركها مبكراً وانتقل إلى مراكش. مع ذلك، قدّرتُ بأنني عند بائع كتب، مثقف ونابه، في وسعي الحصول على مراجع تاريخية تفي ببعض الغرض من وجودي هنا في مكتبته. أجل، لقد تجلت لي ثقافة الرجل من خلال معرفته تقريباً لما كنتُ بصدد البحث عنه، فضلاً عما اتسم به مسلكه من تواضع وتحفّظ. مع أنني، في حقيقة الحال، لا أتذكر بشكل جيد ما كنا قد ناقشناه من أمور. سوى أنّ صوته الخافت، ذكّرني بأولئك المتعيّن عليهم الخشية من التصريح بهويتهم الأثنية في مجتمع بات يرفض التعدد والتنوّع ويميل إلى التزمت ورفض الآخر.
بدأ جرسُ صوته ناعماً، لما راحَ يقدم لمحدثه لمحة عن أحوال أبناء طائفته: " لم يكن اليهود في هذه المدينة الأغلبية، حَسْب، بل وفوق ذلك نخبة أهل الفكر والفن، علاوة بالطبع على إمساكهم بمفاتيح التجارة. برغم تدهور مكانة موغادور، كأهم مرفأ في السلطنة، بقينا محتفظين بوضعنا الاقتصادي الممتاز وحظوتنا الاجتماعية. بيد أن الأجواء بدأت تتجهم اعتباراً من عام انتهاء الحماية الفرنسية، لنغدو فجأة في نظر الأغلبية المسلمة شأن الأجانب من الجاليات المتواجدة سواءً بفضل الاستعمار أو بحكم الهجرة الطبيعية ".
سألته مقاطعاً: " أنتَ تعني عوام الناس، وليسَ الطبقة الحاكمة.. أليسَ كذلك؟ "
" بلى، برغم أن أعوان السلطان، وكان ما يفتأ آنذاك في المنفى، هم مَن كانوا وراء التحريض على الكراهية والعنف "
" هذا حصل أيضاً في سورية، حيث انقلبت النخبة الحاكمة على الأقليات بعيد جلاء الفرنسيين وراحت تصمهم بكونهم استفادوا من فترة الاستعمار أو تعاونوا معه "
" نعم، الظروف متشابهة بين بلدينا وكان قدرهما أن يحظيا بنفس القوة المستعمرة. الحق أنّ الفرنسيين في سعيهم لتحديث المغرب، وفق رؤيتهم بالطبع، كانوا قد كفوا عن تبني نظرية أسلافهم من الرحالة والقناصل، التي عدّت الجميع من متوحشي أفريقيا. ولكنهم اعتبروا أنّ الإنسان البربريّ، وليسَ العربيّ، قابلٌ للتطور والتكيف مع الظروف الجديدة. لدرجة اعتبارهم للأمازيغ جنساً من أصل رومانيّ، والزعم أن لغتهم تنتمي للمجموعة الهندوأوروبية. أما اليهود، فلم يكونوا في حاجةٍ لأيّ تصنيف من ذلك القبيل طالما أنهم، كما ذكرتُ قبلاً، كانوا تقليدياً هم نخبة المجتمع المغربيّ "
" ما أعلمه من قراءاتي، أنّ الأمازيغ كانوا في طليعة مَن حملوا السلاح بوجه الفرنسيين؟ "
" بل وقل أنهم الوحيدون تقريباً، من فعلوا ذلك على امتداد البلاد! "، أجاب الرجلُ بلهجته المتحولة من التمتمة إلى الخطابية الجهيرة. ثم أردفَ القول، مستدركاً: " كنتُ في سبيلي للإتيان على ذكر هذه الحقيقة، التي تفضلت أنتَ بملاحظتها. بلى، حاول الفرنسيون شدّ نظريتهم المستحدثة، الضيّقة التفكير ولا شك، على مساحة المغرب والذي بقيَ غريباً عليهم حتى بعد أعوام من الوصاية عليه. لم يدركوا حجم تأثير الدين بين أمازيغ البلاد، وأنهم ينظرون إلى السلطان العلويّ كسليل لنبيهم. حتى اللغة العربية، عدّها البربر مقدسة، ورفضوا محاولة الإدارة الاستعمارية فتح مدارس لأبنائهم لتدريس اللغة الأمازيغية بأحرفها القديمة. وكان الفرنسيون قد ضغطوا على القصر لإصدار وثيقة عُرفت ب ‘ الظهير البربريّ ‘، كانوا يأملون عبرها تطبيقَ نظرية الحداثة على أمازيغ البلاد. غير أن هؤلاء، لدهشة الإدارة المستعمرة، هم مَن رفضوا الظهير وما لبثوا أن دعوا بأنفسهم السلطانَ إلى الجهاد ضد الكفار النصارى! ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تاجرُ موغادور: كلمة الختام من المحقق 1
- تاجرُ موغادور: الفصل السابع 11
- تاجرُ موغادور: الفصل السابع 10
- تاجرُ موغادور: الفصل السابع 9
- تاجرُ موغادور: الفصل السابع 8
- تاجرُ موغادور: الفصل السابع 7
- تاجرُ موغادور: الفصل السابع 6
- تاجرُ موغادور: الفصل السابع 5
- تاجرُ موغادور: الفصل السابع 4
- تاجرُ موغادور: الفصل السابع 3
- تاجرُ موغادور: الفصل السابع 2
- تاجرُ موغادور: مستهل الفصل السابع
- تاجرُ موغادور: الفصل السادس 10
- أسطورة آغري لياشار كمال؛ الملحمة ومصادرها
- تاجرُ موغادور: الفصل السادس 9
- تاجرُ موغادور: الفصل السادس 8
- تاجرُ موغادور: الفصل السادس 7
- تاجرُ موغادور: الفصل السادس 6
- تاجرُ موغادور: الفصل السادس 5
- تاجرُ موغادور: الفصل السادس 4


المزيد.....




- أعظم فنان نفايات في العالم أعطى للقمامة قيمتها وحوّلها إلى م ...
- “أحداث مشوقة في انتظارك” موعد عرض المؤسس عثمان الحلقة 195 ال ...
- نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس فور ظهورها عبر nateg ...
- صدر حديثا : محطات ديوان شعر للشاعر موسى حلف
- قرنان من نهب الآثار التونسية على يد دبلوماسيين برتبة لصوص
- صراع الحب والمال يحسمه الصمت في فيلم -الماديون-
- كيف يبدو واقع السينما ومنصات البث في روسيا تحت سيف العقوبات؟ ...
- الممثل عادل درويش ضيف حكايتي مع السويد
- صاحب موسيقى فيلم -مهمة مستحيلة- لالو شيفرين : جسد يغيب وإبدا ...
- دينيس فيلنوف يُخرج فيلم -جيمس بوند- القادم


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - تاجرُ موغادور: كلمة الختام من المحقق 2