أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - تاجرُ موغادور: الفصل السادس 6














المزيد.....

تاجرُ موغادور: الفصل السادس 6


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6158 - 2019 / 2 / 27 - 20:15
المحور: الادب والفن
    


وإنما في اللحظة التالية، بدأت ساعة الحائط الكبيرة تبعث طنينها الرتيب معلنةً حلول منتصف الليل. عندئذٍ، وقف الرابي على حين غرة، وكما لو أنّ الطنينَ أيقظه من السبات: " الوقتُ أضحى متأخراً، وعليّ غداً أعمالٌ مهمة سأبكّرُ في إنجازها ". تمنى للجميع سهرة سعيدة، ثم خرجَ من الصالة بعدما أومأ برأسه لصاحبة الدعوة في حركة شكر. هذه، وكان الانزعاج بادياً على محياها، راحت على الأثر تتسلى بتقشير برتقالة بوساطة سكين فضيّة. على أن الانفعال غادرها بسرعة، وها هيَ تصبّ في كأسها مزيداً من الشراب. توجهت فجأة للتاجر الدمشقيّ بالقول: " إنه الجن؛ نوع قوي من الكحول الإنكليزية. أتريد أن تجربه؟ "
" كما تشائين، يا سيّدتي "، ردّ التاجرُ وهوَ يمد كأسه إليها. بعدما أترعت كأسَ ضيفها بالشراب الكحوليّ، أضافت إليه شطيرة من البرتقالة المقشرة: " ستجعل طعمَ الجن أكثر استساغة "، قالتها ثم راحت تلحسُ العصيرَ السائل على أناملها بطريقة تُذكّر بالأطفال. وكان " جانكو " ما ينفك متأثراً من ذلك الموقف المنقضي، موقناً أنه كان سبب ترك صديقه الرابي للسهرة. ثم تنهد مخاطباً داخله: " وهذه المرأة أيضاً، تختار العبث معك أمام الجميع. واضحٌ أنها ثملة، وهذا أسوأ! ". في أثناء مناجاته لنفسه، لم ينتبه لجلوس القبطان بالقرب منه. لقد هُرع الرجل إلى حلقة الأصدقاء، وذلك بعد ملاحظته غياب أثر الرابي. أخذ مكانه، وما لبث أن سأل امرأته عن جلية الأمر.
أجابت " رومي " بلسان ثقيل، زائغة العينين نوعاً: " أعتقد أن صديقنا، وهوَ الشخص المتصف بالمسالمة والخلق المستقيم، فضّل أن يترك المكان كي لا يتطور النقاش إلى مشادة مشينة ". فإذ أنهت قولها رامقةً " مستر مائير " بنظرة مواربة، فإن هذا بادر مستفهماً مستعملاً أسلوبه اللطيف: " عفواً مدام، كأنني فهمت من كلامك أنّ مَن تناقش مع ابن عمي كانت أخلاقه على خلاف ما ذكرتِ؟ "
" أنتَ تقول ذلك، يا سيّدي، ولستُ أنا "، قالتها بطريقة فجّة مما جعلت الرجل في غاية الارتباك. وقبل أن يتسنى له الرد، التفتت نحوَ تاجر السلطان لتطبطب على يده وتنطق كلماتها ببطء: " أما أنتَ، يا صاحب الكرش السعيد، فلا تتوقع أن أغفر بسهولة شططك مع ضيفي "
" ماذا دهاكِ يا عُمري، رباه! ألم يقل الرابي بلسانه، أنّ لديه بعض الأعمال المهمة غداً صباحاً؟ "، هتف جزعاً صاحبُ السعادة. هنا، تدخّل القبطان وكان قد فطن ولا شك إلى حالة امرأته: " يا عزيزتي، هذه ليست هيَ المرة الأولى، يتبادلان فيها النقاش الساخن. وبالطبع، فلن تكون المرة الأخيرة كذلك "، خاطبها مبتسماً في شيء من الإشفاق. كان من المفترض، بناءً على حالات أخرى، أن يُلام من لدُن امرأته بسبب اعتياده على الإفراط بالشراب. على أنه عذرها الليلة، كونها قد خرجت مذ بعض الوقت من تجربة قاسية لا بدّ وأثّرت في نفسيتها.
بدلاً عن إجابة رجلها، إذا بها ترمي بصرها عبرَ المنضدة نحوَ التاجر الدمشقيّ: " لم ألحظ اهتمامك بالحديث، فهل أنت دوماً بهذه اللامبالاة؟ ". شحب وجه صديقها، وهربَ بعينيه من نظراتها باتجاه نافذة الصالة المضاءة بشمعدان كبير. حملق فيه الآخرون، منتظرين ما سيقوله، ما دفعه للتعقيب بعد لحظات الصمت: " لم يسألني أحدٌ عن رأيي، وها أنتِ فعلت ذلك أخيراً "
" برافو، برافو.. يا له من جوابٍ ذكيّ، وطريف في آنٍ واحد! "، قالتها المرأة الثملة وهيَ تصفق بيديها عالياً. هذه الجلبة، جلبت فضول بقية الضيوف، المتشاغلين بأحاديثهم الخاصة. فالتفتوا جُملةً إلى المضيفة، وراحَ بعضهم يتغامز ضاحكاً. استعادت عند ذلك " رومي " رشدها، وعادت إلى رفع الكأس لصرف أولئك الفضوليين إلى أحاديثهم مرة أخرى: " أقترحُ الآنَ أن نرفع نخبَ منقذي، جانكو، السيّد الدمشقيّ النبيل "
" نخب المنقذ النبيل .. "، ردد الآخرون ولو أن بعضهم كان ما يفتأ ساخراً متفكهاً. كل ذلك، أدى إلى تفاقم ضيق الرجل المحتفى فيه. فكّر بمزيد من القلق: " مما فهمته، أنها عادةً لا تكثر الشراب شأن زوجها؛ فما الذي دهاها الليلة تحديداً؟ ". ولو تيسّر له سماعَ ما يسرّ به جارُه القبطانُ لنفسه، لعرف جوابَ ذلك السؤال.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تاجرُ موغادور: الفصل السادس 5
- تاجرُ موغادور: الفصل السادس 4
- تاجرُ موغادور: الفصل السادس 3
- تاجرُ موغادور: مستهل الفصل السادس
- تاجرُ موغادور: الفصل الخامس 9
- تاجرُ موغادور: الفصل الخامس 8
- تاجرُ موغادور: الفصل الخامس 7
- تاجرُ موغادور: الفصل الخامس 6
- تاجرُ موغادور: الفصل الخامس 5
- الرسالة
- تاجر موغادور: الفصل الخامس 4
- تاجر موغادور: الفصل الخامس 3
- تاجر موغادور: مستهل الفصل الخامس
- تاجر موغادور: بقية الفصل الرابع
- تاجر موغادور: تتمة الفصل الرابع
- تاجر موغادور: الفصل الرابع/ 4
- تاجر موغادور: الفصل الرابع/ 3
- الصراطُ متساقطاً: الفصل المفقود 5
- الصراطُ متساقطاً: الفصل المفقود 4
- الصراطُ متساقطاً: الفصل المفقود 3


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - تاجرُ موغادور: الفصل السادس 6