صدور الطبعة العربية من الكتاب الإشكالي: اغتيال الحريري

شاهر أحمد نصر

الحوار المتمدن-العدد: 1532 - 2006 / 4 / 26 - 11:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

عودتنا كل من دار الرأي، والسوسن، والحصاد بدمشق، أن تكون سباقة في نشر الكتب حديثة النشر، والتي تتضمن أفكاراً جديدة، وذات الإشكاليات التي تحث على إعمال العقل والفكر، وفي هذا السياق يأتي نشرها لكتاب: "اغتيال الحريري ـ أدلة مخفية" للباحث في علم الجنايات في جامعة هومبولت في برلين: يورغن كاين كولبل، والذي صدر باللغة الألمانية، في برلين في شهر آذار (مارس) من عام 2006، أي منذ حوالي الشهر.
لتسليط الضوء على أهم ما يريد المؤلف قوله في هذا الكتاب، نستعين ببديل عن الخاتمة، حيث جاء: "بعد نهاية الحرب الأهلية اللبنانية، في أواخر الثمانينات، تشكلت في الخارج ما تسمى "المقاومة" والتي كانت تتشكل بشكل أساسي من مسيحيين موارنة، وعملت في الولايات المتحدة على شكل "جماعات ضغط" (لوبي) مع الكونغرس الأمريكي، لتحصل على دعم الإدارة الأمريكية من أجل "تحرير لبنان من السيطرة السورية" ومن أجل "تغيير قسري للنظام" في سورية. وتبين التحقيقات المذكورة في أية "شبكة" أنّ هذه "المقاومة" ما تزال تتحرك وهي تمتلك طاقة هجومية بلا ريب. إنّ اتصالات هذه "المقاومة" تصل إلى أعلى المناصب السياسية في كل من الولايات المتحدة الأمريكية ، وإسرائيل، وتتغلغل عميقاً في ذلك الجو المبهم والمريب لأجهزة الاستخبارات، وكذلك تتلاقى إلى حد كبير مع الاهتمامات الاقتصادية العالمية، وبالتالي اهتمامات المحافظين الجدد."
"لذلك نرى أنّه لا يجوز لمحقق يلتزم بكشف الحقيقة أن يخرج من دائرة الاحتمالات في تحقيقه إمكانية أن تكون جريمة الاغتيال بحق السياسي، ورجل الأعمال الحريري، قد خطط لها ونفذت من قبل بعض "الأشخاص ذوي اليد الطولى" في هذا الخليط من الأشخاص والشركات وأجهزة الاستخبارات". ص323
يتضمن الكتاب العديد من الفقرات المتنوعة التي تقدم مختلف الروايات حول عملية الاغتيال، ووصف المحافظين الجدد لسوريا بالدولة المارقة، والحديث عن تقرير فيتزجيرالد، وتقريري ميلتس، والسياسة اللااجتماعية في لبنان، ودور إسرائيل والمافيات، والمحافظين الجدد، ومجموعة النصرة والجهاد في بلاد الشام، ووضع الحريري على قائمة الاغتيالات من قبل "اللجنة الأمريكية لتحرير لبنان"، والحديث عن الوحدة 504 التابعة للموساد الإسرائيلي كطابور خامس وخلايا نائمة، وغلوبوندر والتأثير على المسرح العالمي...
يرى المؤلف أن "الديموقراطية" الدولية أخذت تتبنى منذ الساعات الأولى للاغتيال "كل معلومات جديدة تعزز نظرية المؤامرة القادمة من واشنطن، وتنشرها بلا تحفظ، في كل وسائل الإعلام التي تشرف عليها. أما الدافع وراء هذا التوجه السياسي، فهو واضح جداً بالطبع: إذ "عندما أرغمت سوريا البرلمان اللبناني في نهاية سنة 2004 على تعديل الدستور، وتمديد فترة رئاسة الرئيس إيميل لحود الموالي لسورية ـ وهي في الحقيقة واحدة من أغبى الخطوات السياسية التي قامت بها سورية ـ انتقل الحريري إلى المعارضة. وهذا سبب كاف لأن تكون سورية أعطت توجيهاً باغتياله"(نوربرت ماتيس: البحث عن أجمل نظرية اغتيال، WOZ,2005/2/24 السويسرية). ص28
ويتحدث المؤلف بشكل موثق وبالتفصيل عن الأحداث التي عاشها لبنان في الفترة ما بين عامي 1975-1990 واصفاً إياها بالمذبحة الكبرى. ويبدو هذا الفصل المنقول عن مصادر عليمة ومتخصصة، وكأنّه ليس من تأليف الكاتب. كما يتضمن الكتاب كثيراً من التكرار، والفصول المسهبة التي كان بالإمكان اختصارها...
يركز الكاتب على نشاط رئيس "اللجنة الأمريكية من أجل تحرير لبنان" زياد خ. عبد النور، ويورد كتابات من موقعه في شبكة الانترنت، والمقابلات التي أجريت معه بشكل مفصل لا يخلو من التكرار الممل..
ويسلط الكاتب الضوء على (قمة القدس الأولى والثانية) "وهي اجتماع سنوي في القدس، "تفتق عن ذهن شيطان صغير... والتي مهمتها أن تقود القسم الذي لم يتعفن فكرياً من العالم إلى المصير نفسه.. انعقدت القمة الأولى في القدس من12-14 تشرين أول (أكتوبر) 2003 "التقى فيها قادة سياسيون وأكاديميون بارزون" كما وصف المشاركون فيها مهمتهم "وضع استراتيجية مشتركة ضد "التوتاليتارية" (الشمولية) في الشرق والتي يمثلها الإسلام، وكذلك ضد النسبية الأخلاقية في الغرب التي تلتهم تصميمنا على محاربة الشر".ص281 وأطلقت "النخبة من العاملين بجد" لتغيير العالم لصالحها، أطلقت على نفسها اسم: غلوبوندر ومن بينهم زياد عبد النور...
يقارن الكاتب بين عملية اغتيال إيلي حبيقة، وعملية اغتيال رفيق الحريري، ويبين نقاط التشابه الكبيرة بينهما... ويقدم وثائق كثيرة حول جرائم إسرائيل بحق الفلسطينيين والشعب اللبناني، ويؤكد دور شارون في جرائم صبرا وشاتيلا، ويتحدث عن العديد من جرائم الاغتيال التي عرفها لبنان قبل وبعد اغتيال رفيق الحريري.
يضم الكتاب كثيراً من الوثائق، وتجده يستغرق في الحديث في عدد من المواضيع لتبدو القضية الأساسية للكتاب مقحمة إقحاماً فيها... وكأنّ الكاتب يستغل المناسبة لتوجيه أكثر من رسالة في كتابه هذا...
من غير المستبعد أن يجد هذا الكتاب نقاداً يتبحرون في أسباب تسليطه الضوء على المنظمات التي تعمل من خارج لبنان، أكثر بكثير من تحليله للظروف السياسية الداخلية في هذا البلد، ليصفوا كثيراً مما ورد فيه بالسخافات غير المقنعة، وقد تدفع آخرين إلى الاستنتاج بأنّ نظريته، إذا فككت، وحللت تشعباتها تصب في صالح الآخر نظراً لتشابك وتداخل الأمور، مما يجعل المسألة أكثر تعقيداً، يتطلب البحث فيها رؤية عميقة بعيدة عن المباشرة والتبسيط... على الرغم من كثرة المواد والوثائق التي يعرضها، والتي تضفي عليه أهمية خاصة.
* إنّ قيام دار الرأي، وهي دار نشر خاصة بمهمة نشر كتاب يلامس جوانب ملحة، وقد تكون حيوية، وعدم تمكن ومقدرة الجهات ووسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية، التصدي لمثل هذه المهمة بالسرعة المطلوبة، يعكس تخلف تلك الجهات، وضخامة ما تعانيه من تخلف إداري، وعقبات في آلية الصرف والتمويل تمنعها من إمكانية المبادرة، ورصد الإصدارات العالمية بالسرعة اللازمة وتشجيع ورعاية الإبداع..
صمم الغلاف الفنان همام أيمن بهلول، الذي يحاول دائماً إضافة لمساته الخاصة على الغلاف الأصلي للكتاب الذي يصمم غلافه، مما يعكس جرأة، وعملاً يبتعد عن الجمود والتقليد الأعمى، باحثاً عن منهجه وطريقه الخاص في الإبداع...
يقع الكتاب في طبعته العربية في 335 صفحة من القطع الكبير. قام بترجمته عن الألمانية إلى العربية كل من د.هاني صالح، وكامل اسماعيل بلغة واضحة وأسلوب جذاب، وقد تكون الرغبة في السرعة في إصدار هذا الكتاب قد جعلت النص لا يخلو من الجمل التي تحتاج إلى صياغة لغوية أفضل من لغة الصحافة، التي ربما يكون المؤلف قد غرق فيها أيضاً..
عنوان الكتاب باللغة الأصلية:
Jurgen Cain Kulbl
Mordakte HARIRI
UNTERDRUCKTE SPUREN
KAI HOMILUS VERLAG
Berlin, Marz 2006
اغتيال الحريري
يورغين كاين كوليل
ترجمة: د. هاني صالح ـ كامل اسماعيل
الإخراج الفني: همام أيمن بهلول
الطبعة الأولى نيسان 2006 ـ
الناشر: دار الرأي للنشر ـ دمشق ـ تليفاكس:011/6129757
توزيع: دار الحصاد ـ دمشق ـ تليفاكس 2126326 ـ دار السوسن ـ دمشق ـ تليفاكس 6665696

#شاهر_أحمد_نصر (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل