أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد القصبي - بهية تنزف في حمامات نقابة الصحفيين















المزيد.....

بهية تنزف في حمامات نقابة الصحفيين


محمد القصبي

الحوار المتمدن-العدد: 6167 - 2019 / 3 / 8 - 22:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أمس الخميس ..العاشرة صباحاً.. كنت بصحبة صديق إلى مستشفى الجلاء لإنهاء حسابات خاصة بعلاج زوجته ،شفاها الله وكل مرضانا ..عرجنا إلى دورة مياه ملحقة بمصلى،حين خرجنا ،قلت له، بلهجة لاتخلو من الانبهار: ألاترى مستوى النظافة ؟!
قال لي ساخراً : إنها أنظف من وأجمل من غرف النوم لكثير من الناس !
كان ثمة عامل ينحني باهتمام لإعادة سجادة انحرفت قليلا في مدخل دورة المياه إلى مكانها،
سألت صديقي : أهي الإدارة الصارمة ومنظومة العقوبات في الجيش وراء هذا المستوى الراقي ؟!
فقال مستكملاً :ووراء انخفاض مستويات الفساد !
ظهراً توجهت إلى نقابة الصحفيين ،دخلت دورة المياه للوضوء ،يداهمني صوت مياه تتدفق من أنبوب المبولة،
جديد آخريضاف إلى "كارثة " قديمة داهمتني أيضا من عشرة أيام ،"سيفون" أحد الحمامات مازالت تهدر مياهه في المجاري!
بصعوبة نجحت في إغلاق أنبوب المبولة ، وكالعادة توجهت إلى موظف الأمن في الطابق ، لم أجده ،تذكرت موظفة إدارية أراها مهمومة مثلي بتلك "التوافه" ،وأبلغتها بحكاية "السيفون" الذي ينزف من عشرة أيام، تركتها وهي تجري اتصالاتها.
غادرت لمقابلة بعض الأصدقاء في مبنى أخبار اليوم ،ثم عدت إلى دورة المياه للاطمئنان أن أحدا من العمال جاء وأوقف نزيف المياه ! لم يأت أحد! ، التقيت بأحد أعضاء مجلس النقابة المخضرمين، وكان بصحبته مرشح صديق للمجلس في الانتخابات التي ستجرى يوم 15مارس الحالي.. ، أبلغته ،ألححت أن يهتم ،وعدني خيراً،
نظر إليَّ المرشح وقال : أنت قمت بدورك ، اللهم أبلغت ، اللهم اشهد!
حاولت أن أشرح له أن دوري ودوره لايتوقف عند مجرد الإبلاغ ..فاجأك بني آدم ملقى في الطريق وينزف ،وقمت بالاتصال بالإسعاف ، هل يمكنك بعد ذلك الانصراف بضمير مستريح، عملاً بمقولة "اللهم أبلغت ، اللهم أشهد" !!
،لاأدري أبلغت من أيضا ،لكن أشعر أنه ماعدا الموظفة الإدارية كان وراء غلالة التظاهر بالاهتمام ، بل والانزعاج يكمن اتهام لي بالسذاجة ، ربما بالجنون،
سيفون عطلان ..أيه المشكلة ..نصف سيفونات مصر عطلانة!!
نعم ، في الأماكن العامة ، في البيوت لا ، وتلك هي الكارثة ..نزيف الماء ، الكهرباء في الأماكن العامة ،لاتعنينا ،وكأن هذه الأماكن العامة تتبع دولة أخرى ، ينبهني جاري د. نبيل شمعة الأستاذ بكلية طب أسنان عين شمس ، والذي جاب قارات الدنيا غرباً وشرقا:المصري بره بيكون ملتزم جدا ً.
وليه جوه ..مايبقاش بنفس الالتزام -سألت -..أيعزى الأمر إلى غياب الرقابة الصارمة ومنظومة العقوبات الرادعةالتي تُوقَع بغير تردد وبعدل على من يخطيء ويهمل ويفسد ؟ ألهذا تبدو دورة مياه مستشفى الجلاء أجمل وأنظف من غرف نوم الكثير كما قال صديقي لأن ثمة عقوبات رادعة تنتظر من يخطيء!
سألتني زميلة صحفية : مالك ..قرفان ليه ..؟
لم نلتق من قبل، هل يعزى تعاطفها إلى أنها مرشحة في انتخابات النقابة ،وتتودد طمعاً في صوتي! حكيت لها ماحدث ..كانت تتابعني باهتمام وهي تنفث دخان سيجارتها في فضاءات النقابة ،تلون وجهها بمشاعر التعاطف مع "قضيتي" ثم قالت :أيه الإهمال ده ..دا المية في مصر دلوقتي لازم تكون في غلاوة دمنا.. كده ماينفعش!!
تفوهت بعباراتها في غضب، وهي تلقي بعقب السيجارة.... أرضاً بجوار مقعدها !!

كل ردود الأفعال حولي تؤكد هذا.. أني جننت !!
او ربما أتعامل مع مايقال لنا على مدار الساعة ومنذ الصغر..عن الانتماء والنظافة والجمال ،وطهارة اليد والحفاظ على ثروات البلد والماء شريان الحياة ،ومصر ياأمه يابهية ..بجدية أكثر مما ينبغي!
ألم يقل كولن ولسن مرة : مشكلة البعض أنهم يفكرون أكثر مما ينبغي !!
وأظن أن مشكلتي أنني "واخد الأمور جد أكثر مما ينبغي ، وأن عليَّ أن أكون مثل المدرس الذي يشرح لتلاميذه درساً عن حتمية النظافة في حياتنا ، وهو يدخن ، ثم يلقي بعقب سيجاره أينما كان، وفي نهاية الحصة يبدأ ضغوطه المباشرة وغير المباشرة ليلتحقوا بمنظومة التعليم الموازية التي يقودها ، أعني الدروس الخصوصية !!
هذا هو الصواب على ما يبدو !!وأنا لاألتزم بهذا الصواب فأعاقب بإدانتي بالجنون أو في أفضل الأحوال بالسذاجة ، كما تبدو من نظرات عيونهم الساخرة ، أو إن -كانوا مهذبين - المشفقة !
حدث هذا من عشر سنوات ، حين كنت في طريقي يوم جمعة من القاهرة إلى قريتي المعصرة / مركز بلقاس ،حيث توقفنا لأداء صلاة الجمعة .
وعقب انتهاء الصلاة توجهت إلى دورة المياه ، لأصدم ، ماسورة تندفع منها المياه إلى المجاري بقوة مليون متر مكعب في الثانية !!! والناس يأتون وينصرفون ولاشيء يلفت انتباههم ، سألت عن المسئولين عن المسجد ، فجأءني أحدهم ، عامل ، وقال بهدوء ، لا، ببرود ،: إن شاء الله بكرة ، النهاردة الجمعة ومفيش حد من السباكين موجود !!!
فصرخت في وجهه : هتسيب الميه دي سايبة كده لغاية بكرة! لازم تتصرف دلوقتي.
تجمع الناس ، وكالعادة حاصروني بذات النظرة : دا مجنون والا أيه !!!!
لدى برنارد لويس كتاب عنوانه : "أين مكمن الخطأ " يحاول من خلال تنظيراته غير البريئة تجذير ظاهرة التخلف والجمود في العقل الجمعي للمسلمين.
وإني أستعير ذات السؤال: أين مكمن الخطأ؟
خلال ندوة لصحيفة الأخبار المسائي شرفت بإدارتها في قاعة أحمد رجب بدار أخبار اليوم حول تفشي ظاهرة القبح التي جعلت من أم الدنيا أحد أكبر مقالب الزبالة في العالم ، فاجأني أحد الضيوف بما أذهلني: المشكلة دلوقتي تجاوزت انتشار القبح ، إلى ماهو أخطر..أننا تعودنا عليه ، مش شايفين فيه مشكلة ، الناس بترمي الزبالة في أي مكان باعتبار إن دا أمر عادي ، ولما واحد يرمي عقب سيجارة وحد ينبهه إن دا غلط يبص له باستغراب: أيه اللي بيقوله الأفندي المجنون دا!!!!
***
غدا السبت سأتوجه إلى نقابة الصحفيين ، فإن وجدت " السيفون يواصل نزيفه ، سأواصل اللهث بين مكاتب النقيب ، وأعضاء المجلس ومدير النقابة .
ولن أبالي بنظرات الشفقة التي يمطرونني بها..
لكن في نفس الوقت لن أمنح صوتي لعضو المجلس المخضرم الذي أبلغته ولم يفعل شيئاً ، ولا للزميلة الصحفية التي تظاهرت بالاهتمام وألقت بعقب سيجارتها بجوار مقعدها.
ولو كان بيدي ، لو كان مسموحاً لي لاستأجرت سباكا لإصلاح دورة المياه ..فإن انتهى ، رجوته في خدمة إضافية ، بل عمل مهم وحتمي من أجله ، ومن أجلي وأجل هذا البلد أن يعينني على تمزيق لافتات المرشحين التي حجبت كل جدران النقابة ، حول الفارس الذي لم يرشح نفسه إلا من أجل مصر، والثاني الذي سيعيد للنقابة هيبتها وللصحفيين حقوقهم الضائعة ! والثالث الذي ....
وكلٌ يدخل إلى دورة المياه مرات ومرات يومياً ، وكأن هدير مياه السيفون " المعطوب " لايسمعه، ولايعنيه أن يسمعه ، ما يعنيه أن يسمع الآخرون دليل وطنيته ..برهان عشقه لبهية ،حين يهاتفونه ، ينساب من هاتفه إلى آذانهم صوت شادية"ياحبيبتي يامصر"!!
***
حقائق لمن يعنيه الأمر:
-نصيب الفرد من المياه المتجددة على مستوى العالم يبلغ 1000 مترمكعب سنويا.
-في مصر انخفض المعدل كثيراً ليقترب من حد الفقر المائي والمقدر ب 500مترمكعب لكل مواطن.
-من المتوقع أن يتدنى نصيب كل مصري ليصل إلى حوالي 398 عام 2050
- حصة مصر من مياه النيل تقدر بنحو
55.5 مليار متر مكعب كانت تكفي،حين كان عدد السكان 20 مليون نسمة فقط، حيث كان يذهب لمياه الشرب نحو 2 مليار متر أما الآن ،وقد تجاوز عدد السكان مئة مليون فاحتياجاتنا من مياه الشرب تتخطى 9 مليارات متر.



#محمد_القصبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يشتهيك سيدتي كأنه يشتهي إيزيس!
- كنت وحسن الشعراوي والقزاز.. كما أراد جرامشي !
- قبلة وقرصة ودن من صديقي لهيثم الحاج علي!
- ياربي ..لايقين بداخلي سواها!
- قراءة أخرى للظاهر بيبرس ..للعصر المملوكي
- عن أي شيء يبحث صديقي وحزبه في هويتنا ؟!
- أنا وصديقتي ووزيرة الاستثمار !
- هنيئا فاطمة ناعوت.. وعذرًا رانيا يوسف !
- المعقول واللا معقول على مسرح السلام ..الحاكم عادل والشعب فاس ...
- ندوة - السيدة - في نقابة الصحفيين تجمع بين الحسنيين .. -الجم ...
- استبعاد فودة ..إدانة للوزيرة ..للحكومة ..إنصاف لي
- أي نبي نحتفل بذكراه ؟!
- هل نقل إلينا التراث دينا لمحمد مغاير لدين الله ؟!
- انتشار النقاب ..فتش عن البترودولار!
- انتشار النقاب ..فتش عن البترودولار !
- النقاب ..من دين المشايخ ..لادين الله !
- نشوة النوستالجيا في ملحمة الدم والحبر
- فليحاكم قتلة خاشقجي ..بتهمة الغباء !!
- حصريا ..الجنة لسيد قطب ..ومليارات المسلمين في النار..حتى الح ...
- مشاغبات الحاجة صفاء مع المشايخ !


المزيد.....




- عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر
- واشنطن: سعي إسرائيل لشرعنة مستوطنات في الضفة الغربية -خطير و ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من استهدافه دبابة إسرائيلية في موقع ال ...
- هل أفشلت صواريخ ومسيرات الحوثيين التحالف البحري الأمريكي؟
- اليمن.. انفجار عبوة ناسفة جرفتها السيول يوقع إصابات (فيديو) ...
- أعراض غير اعتيادية للحساسية
- دراجات نارية رباعية الدفع في خدمة المظليين الروس (فيديو)
- مصر.. التحقيقات تكشف تفاصيل اتهام الـ-بلوغر- نادين طارق بنشر ...
- ابتكار -ذكاء اصطناعي سام- لوقف خطر روبوتات الدردشة
- الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة على جنوب لبنان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد القصبي - بهية تنزف في حمامات نقابة الصحفيين