|
عن الصديق الاستاذ نعمة جمعة فى ذكرى رحيله
سليم نزال
الحوار المتمدن-العدد: 6167 - 2019 / 3 / 8 - 09:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اتحدث عنه لانى اعرف انه ليس من هؤلاء الذين تمت الاضاءة عنه بما يستحق .عرفت الاستاذ نعمة جمعة ابن بلدة بنت ام جبيل فى جنوبى لبنان مناضلا و نصيرا للمظلومين و الفقراء و شخصية قومية و رجل اخلاق و مساند لفلسطين .
و الاستاذ نعمة جمعة من الاوائل ممن يكونوا فى اللائحة التى اكتبها عادة قبل السفر الى لبنان لللاصدقاء الذين اود الالتقاء بهم .
نشط فى حزب البعث الجناح العراقى لفترة من الزمن عندما كان الانتماء لحزب البعث العربى الاشتراكى بجناحيه فى لبنان يجر النقمة على الرجل .و حتى فى عز انتماؤه كان المرء يلحظ الابعاد الانسانية فى شخصية الرجل الذى تخرج و مارس المحاماة و كان يعفى اصحاب الدخل المحدود من دفع اتعاب عمله لهم .
و عندما حصل احتلال لبنان عام 1982 اعتقل الرجل و بقى عام و نصف فى المعتقل اسوة بالمناضلين الفلسطيين و اللبنانيين و سواهم ممن جرتهم قوات الاحتلال الى معتقل انصار و سواه .
لا بد ان نذكر المناضلين اللبنانيين من احزاب اليسار جميعا بما فيهم حزب البعث العربى الاشتراكى بفرعيه من ابناء القرى الحدودية ممن صمدوا و استشهدوا دفاعا عن قراهم و و دفاعا عن فلسطين. و شهادتى هنا غير مجروحة على الاطلاق لانى كنت احمل افكار تختلف تماما عنهم بل و كنت اتصادم مع البعثيين من كلا الطرفين فى المناقشات . لكن لا بد للحقيقة ان تقال .كان ذلك فى زمن انتشار الفكر اليسارى الذى حمله مناضلون من الحزب الشيوعى اللبنانى و منظمة العمل الشيوعى .و عندما كنا فى الجامعة حصل اول انتصار طلابى يسارى فى انتخابات الجامعة البنانية و قمت بتهنئة نصير الاسعد الذى كان حينها من قيادات العمل الطلابى اليسارى .و بغض النظر عن ان المرحوم الاسعد مضى فى طريق سياسى مختلف فى مراحل لاحقة الا انى اظل اذكره كصديق و كمتضامن مع قضيتنا و كقائد يسارى طلابى بارز حيث كان يمثل منظمة العمل الشيوعى .
و بعد ذلك لمست بوضوح ان الاستاذ نعمة مضى فى طريق العمل الحقوقى الانسانى و لم يكن ذلك غريبا عن رجل يملك الافاق المعرفية و القوة الاخلاقية و صدق الرجل و نظافة الكف .
و من الطريف انه عندما كان قد ترك حزب البعث باعوام و مضى فى طريق العمل الحقوقى تم اعتقاله من قبل المخابرات السورية من بيته فى صيدا . اخبرنى ان كل الجيران كانوا يرون ذلك و لم يجرؤ احد ان يقول كلمة .قلت له يا استاذ نعمة بكل صراحة ماذا كنت تتوقع من الجيران ان يفعلوا حتى لو كنت انا من هؤلاء الجيران فانى سالوذ بالصمت.و الادهى من ذلك اخبرنى ان هناك من الاصدقاء من صار يتجنب زيارته خوفا .و انا اعتقد ان الناس احيانا يبالغون فى الخوف لكن بالطبع لا الومهم ..
كنت ازوره يوميا فى مكتبه فى الصباح و كان لنا حوارات عظيمة حقا .فالرجل صاحب خبرة سياسية كبيرة و الاستماع اليه ثروة حقيقية اتعلم منها .و بعد ذلك تم انتخابه رئيسا للمنظمة اللبنانية لحقوق الانسان حيث نشط فيها لاعوام .
من الاحداث التى لا انساها انى كنت فى مكتبه عندما بدانا نسمع اصوات السيارات و الاغانى و الاعلام اللبنانية التى كانت ترفرف و عرفها ان القوات الاسرائيلية المحتلة بدات تفر ليلا من جنوبى لبنان .كانت لحظات من الصعب وصفها .قلت له بالحرف الواحد انها لحظات تاريخية اشعر بسعادة انى اعيشها .
قلت له يلا يا رجل ماذا تنتظر .قال دعنا نستوضح حقيقة الوضع .و لكنى لم اكمل شرب القهوة عندما اتصل بالهاتف و بعد الاتصال نهض و قد بدت فى ملامحه مشاعر تلك اللحظات التاريخية .كان قد مضى اكثر من ربع قرن لم يرى بلدته .
نهضنا و سرت فى الشارع الرئيسى لمدينة صيدا حيث كانت الالاف السيارات القادمة من بيروت و المتجهة جنوبا .كنا نسمع اغنية جوليا بطرس التى ارتبطت بذاكرتى بتلك المرحلة .و كنا نشاهد غابة من الاعلام اللبنانية التى كانت ترفرف وسط اجواء فرح لم ارى مثلها فى حياتى .
وعى الاستاذ نعمة و قدرته على الفصل بين الذاتى و العام و غياب ثقافة الانتقام من تفكيره برز بوضوح حول الوضع فى سورية حيث قال لى ان استمرار الوضع هكذا سيقود سورية الى الخراب و كان قلقا فعلا على سوريا .و له موقف غير مهادن من الاسلامويين المتشددين الذين يسعون لتدمير الدولة السورية حسب قراءته التى اتفقت معه حولها .وقوف الرجل الى جانب النظام و الدولة فى سورية تؤكد ان الرجل تجاوز ما عاناه من تعذيب لياخذ الموقف الذى اعتقد انه الموقف الصحيح و هو الموقف الذى اسميته لاحقا الموقف المتضامن الناقد .اى انه ليس موقفا تبجيليا بالمبالغات التى نراها بل موقف سياسيى داعم للدولة السورية فى مواجهة مشاريع التفتيت المدعومة من القوى الامبريالية و اسرائيل و حلفاءهم من العرب .و موقف واع ينطلق من فهم لطبيعة القوى المنخرطة فى الصراع و افاق الصرا
#سليم_نزال (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا بد من مواجهة التحديات !
-
ادهم الشرقاوى. من اساطير المقاومة الشعبية!
-
عندما خيل لى انه الربيع !
-
الشعوب لا تتقدم بواسطه وصفات ايديولوجيه !
-
عالم ما بعد الحقيقة !
-
المقاومة الانسانية !
-
بانتظار الحصاد!
-
ريحانة الفلسطينية تستقبل الشاعر احمد شوقى بالحدادى!
-
اشعر بالاشمئزاز من امريكا !
-
عن عزرا باوند!
-
اختلط الحابل بالنابل !
-
حوار مع فنانة!
-
خبراء الشرق الاوسط ؟
-
القتلة الحقيقيون لكارل ماركس!
-
مؤشرات اولية على نهاية المرحلة السلطانية !
-
حول المجتمع الاسرائيلى
-
اشكالية البلوكاج او الدلدل الهندى !
-
يا ليل الصب متى غده
-
عن زمن ميس الريم !
-
العز للرز و البرغل شنق حالو!
المزيد.....
-
لحظة القبض على صبي عمره 12 عاما يتسابق مع مراهق بالسيارة.. ش
...
-
صحفيو غزة يدفعون ثمن الحقيقة
-
العراق.. السوداني يشرف على الخطط الأمنية لعقد القمتين العربي
...
-
الحوثيون يعلنون قصف هدف جنوب يافا
-
رئيسة البرلمان الألماني: لا ينبغي للكنيسة أن تتحول إلى حزب س
...
-
بسبب -تهديدات روسية- و-عودة ترامب-، مدنيون بولنديون يتوجهون
...
-
زيلينسكي يرفض وقف إطلاق النار ل3 أيام ويوجه رسالة لمن سيحضر
...
-
ترامب يُعلن كلا من 8 مايو و11 نوفمبر -يوم النصر- لأن -أميركا
...
-
بنغلادش.. مظاهرة حاشدة ضد إصلاحات قانونية تضمن المساواة بين
...
-
المغرب يطلق تحذيرا من خطر -سيبراني- كبير قد يطال المؤسسات ال
...
المزيد.....
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
المزيد.....
|