أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي سيريني - البروتستانتية الإسلامية و الجذور الماسونية للإحيائية الإسلامية (5 من 6)















المزيد.....

البروتستانتية الإسلامية و الجذور الماسونية للإحيائية الإسلامية (5 من 6)


علي سيريني

الحوار المتمدن-العدد: 6162 - 2019 / 3 / 3 - 15:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كان جمال الدين الأفغاني رجلا ذكيا، يعرف كيف يسوّق نفسه كمصلح ديني و رائد للأمة الإسلامية. فهو كشيعي و ماسوني في نفس الوقت، كان يحرص على لقب الإمام لنفسه، بين الشيعة، و عند السنة حين كان يقصدهم في إسطمبول و مصر. عند الشيعة كان يظهر بلباس رجل الدين الشيعي، و حين كان يأتي إلى أمصار السنّة يلبس لباس علماء السنة. كان إيرانيا، لكنه كان يعرّف نفسه كأفغاني في العالم السنّي. كان ماسونيا و متماهيا مع الفكر الغربي الإلحادي، الممتد من فلاسفة أمثال فريدريك نيتشه. و كان على إتصال مع البهائية، و يؤكد لزعماء البهائية أنه يعمل من أجل نفس الهدف الذي تناضل من أجله البهائية. كان محمد عبده متأثرا بإمامه الأفغاني، إلى درجة جنونية. ففي رسالة كتبها إلى الأفغاني، و استغرب رشيد رضا محتواها بعد نشرها في مجلة المنار، يصرّح عبده لأستاذه الأفغاني كل معاني العبودية و الإخلاص و التذلل (الرسالة موجودة في النت). لكن عبده حرص على لقب الإمام لنفسه كسلفه، و هو ما عُرف به أيضا، و قورن إسمه بلقب الإمام كأستاذه. و في هذه الدائرة، حذا حسن البنا حذو أسلافه و أطلق لقب الإمام على نفسه، و هو ليس بعالم أو فقيه، بل هو شاب في مقتبل العمر. و الغريب حقا، أن الإخوان المسلمون، رغم مرور حوالي سبعين عاما على إغتيال إمامهم، و مع ظهور علماء كبار في السن بينهم، لكن مازال هذا الشاب، معلّم اللغة العربية و الصحافي بالممارسة (أسس جريدة و كتب فيها مقالات) يحتفظ دون غيره بلقب الإمام، بينما صورته محفورة في ذاكرة و وجدان الإخوان إلى درجة تشبه صورة القديسين و المعصومين.
من الممكن القول، أن جماعة الإخوان المسلمين أصبحت الدائرة التي جسدت الإحيائية الإسلامية و الحاضنة التي استقر فيها مجرى الإنطلاق، الذي يسمى بالإصلاح الديني أو التنوير و الحداثة و التجديد في الإسلام. ما يجمع في الظاهر، بين البروتستانتية المسيحية و البروتستانتية الإسلامية، هو فتح باب الإجتهاد. فالبروتستانتية المسيحية فتح باب العلاقة بين الأفراد و بين الدين (لا سيما النصوص الدينية خصوصا بعد ظهور طبعات مترجمة للإنجيل بلغات أوروبية غير اللاتينية). و بهذا استطاعت البروتستانتية المسيحية، القضاء على إحتكار رجال الكنيسة و إدعائهم أنهم الوسطاء الشرعييون بين الأفراد و بين المقدس. أما الإحيائية الإسلامية (البروتستانتية الإسلامية)، اعتبرت تراث المسلمين الذي يحتضن مجرى تدفق الإجتهاد و الإبداع دون توقف، منذ بعثة الإسلام، وعبر الألوف من العلماء و المختصين في شتى العلوم، تراثاً جامداً و متخلفا يحتاج إلى التجديد و إعادة صياغته وفق قواعد غربية. و مضمون هذا التصور هو، أن تراث المسلمين لم يعد صالحا لهذا الزمان الذي يتربع الغرب فوق قمة إبداعه. و من هذه الزاوية، فتحت الإحيائية الإسلامية الباب على مصراعيه، للأفراد جميعا أن يقدموا اجتهاداتهم و تصوراتهم و أفكارهم و هذا ما أدى إلى ولادة جماعات تلو جماعات، و أحزاب وراء أحزاب من جماعة الإخوان بحجة التجديد و التحديث و التصحيح و الإصلاح. بإختصار، أخضع البروتستانتييون الإسلامييون الإسلام كدين خاضعا لأهواء و رغبات الأفراد و الجماعات. و عززت الوهابية (كدعوة عودةٍ إلى سلف أمة الإسلام) هذا التوجه الإحيائي البروتستانتي الإسلامي، لأن هذه العودة أمست من دون تلك الأدوات التي تصقلت لدى العلماء و الجمهور عبر قرون، مما حول العودة إلى فهم السلف عودة مجردة من أدوات العلم، ومقتصرة على فهم ساذج و ظاهري، خالٍ من الإمكانية العلمية و التراث الشرعي. وحين أختزلت العودة إلى السلف إلى هذا المستوى السطحي، و هو مستوى متخلف، فإن الإحتجاج الديني و الإستدلال بالسلف أصبح مبتذلا، و سهل التناول لدى أي فرد حتى و لو لم يكن ذو إمكانية علمية. لذلك، نجد شبابا في مقتبل العمر يتصدون للدعوة الإسلامية مبدين ظهورهم في لباس مشيخة منفرة للطبع السليم، وهي أشبه بمضمار مهرجانات المبارزة الشعرية. إذن، فإن هذا الإتفاق الظاهري، في إطلاق الأفراد نحو النصوص الدينية، هو شئ واقع بين البروتستانتية المسيحية و الإسلامية. لكن جوهر المعادلة، و من ثم نتائجها و عواقبها تختلف اختلافا جوهريا بين هاتين الدائرتين. فالبروتستانتية المسيحية مهدت للتعليم، و فتحت الباب أمام الناس للعودة إلى الإتصال بكتابهم المقدس، و حثتهم على إجتراح التفسير و الفهم الذي يطور حياتهم، و هذا ما تم خصوصا في إصلاح الوضع السياسي و القانوني المتصل بالأفراد و الجماعات. و كما ذكرت في الحلقات السابقة، أن النظام السياسي بدأ يتغير بإتجاه تحسين شروط الحرية و حقوق الإنسان، و بدأ ذلك في جنيف و زوريخ في ظل البروتستانتية، ثم انتشر بإتجا أوروبا الشمالية بإضطراد. لكن البروتستانتية الإسلامية، دفعت بأفرادها نحو الوقوع في هاوية الفراغ العلمي و الثقافي المتطلع إلى الخلاص، بحبل من ثقافة أجنبية و هي الثقافة الغربية، و بحبل من الوهم الذي صوّرته البروتستانتية الإسلامية أنه فهم معاصر وإصلاحي للإسلام. هذا بالنسبة إلى الإخوان المسلمين و الجماعات الإسلامية التي تفرعت منها. أما الوهابية و جماعاتها (و علينا أن نلاحظ مواقع الإندماج بين هذين المصدرين في جماعات إسلامية كثيرة)، فهي فضلا أنها دفعت الأفراد المسلمين، نحو هوّامات الإقتداء بالسلف، ليس عبر التواصل الذي امتد من تراث قرون متعاقبة، فإنها تركت هؤلاء الأفراد عرضة لجنون التطرف و الإرهاب كسلاح انتحاري عاجز عن الإستجابة لمتطلبات الأفراد، على مستوى السياسة و الإجتماع و العلم و...الخ.
لذلك كله، و لأمور أخرى تحتاج إلى تفصيل أكثر، تحولت جماعة الإخوان المسلمين و الحركات التي تفرعت منها، و من ثم الوهابية و فروعاتها ، إلى البديل الواقع للإسلام، بينما الإسلام الذي ظل المهيمن لقرون عبر تراث غني و متتابع تراجع إلى زوايا النسيان و الخجل. فأصبح التراث الإسلامي يعاني غربة مزدوجة، غربة الإنسان المسلم عنه بسبب الهيمنة الغربية، و غربة الإحيائية الإسلامية عنه و التي ظلت أعين المسلمين محدقة نحوها على اعتبارها الإسلام المفترض. لهذا نجد أن أشد الناس اغترابا في الإحيائية الإسلامية هم العلماء و الفقهاء الذين حوربوا بحجج كثيرة منها أنهم مذهبييون، متعصبون، متخلفون، متحجرون و موالون لأنظمة الإستبداد. و مصطلح الإستبداد (الديكتاتورية باللغة المعاصرة) هو من صنع البروتستانتية الإسلامية ليس ضد الأنظمة العلمانية كما تدعي، بل وجِد لمحاربة سلاطين المسلمين من أمثال السلطان عبد الحميد. و في هذا السياق جاء كتاب عبد الرحمن الكواكبي (أحد رواد الإحيائية الإسلامية) حول الإستبداد، لنقض شرعية الخلافة و العلماء الذين التفوا حولها. ثم لملم إحيائي آخر و هو علي عبد الرازق هذه المفردات ليعلن أن أساس الخلافة نفسها غير شرعي و أنه لا وجود لشئ إسمه دولة الخلافة.

يتبع



#علي_سيريني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البروتستانتية الإسلامية و الجذور الماسونية للإحيائية الإسلام ...
- البروتستانتية الإسلامية و الجذور الماسونية للإحيائية الإسلام ...
- البروتستانتية الإسلامية و الجذور الماسونية للإحيائية الإسلام ...
- البروتستانتية الإسلامية و الجذور الماسونية للإحيائية الإسلام ...
- أردوغان ليس عدو الكُرد لكن الأحزاب القومية الكُردية اليسارية ...
- أول صانع سيارة كهربائية عالم كُردي من العراق
- ملهى ليلي مقابل الكعبة المشرفة
- بكائية على أطلال المستقبل أرقام و حقائق الأموال التي دفعتها ...
- بكائية على أطلال المستقبل (1) زمن الكَرْجى (ناكح الحمارة) ال ...
- هل مشكلة السّنة في الدين وحلّها في العلمانية والديموقراطية؟ ...
- عوائد النضال -للمنصور- الجبلي
- الهدف من إسقاط الموصل هو إحياء تشالديران من أجل القضاء على ت ...
- لماذا قانون العدالة ضد الإرهاب الأمريكي المعروف ب (جاستا) ال ...
- جهابذة الإعلام العربي والقانون المصدق من قبل الكونغرس الأمري ...
- هل النظام السعودي والنظام الإيراني عدوّان أم لاعبان للأدوار ...
- هل هناك مجازر جماعية تنتظر المسلمين في بلاد الغرب؟
- حين يخسر الكُردي فرصته الذهبية
- صلاة يتامى الموت (لعلّ موتا ناعما يرحمنا)
- من الأندلس إلى القسطنطينية ومن الهنود الحمر إلى الكُرد
- ظاهرة الإحتفال بإسلام الغربيين الشقر


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي سيريني - البروتستانتية الإسلامية و الجذور الماسونية للإحيائية الإسلامية (5 من 6)