أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي سيريني - هل النظام السعودي والنظام الإيراني عدوّان أم لاعبان للأدوار في خطط الغرب وفي ملعب الشرق















المزيد.....


هل النظام السعودي والنظام الإيراني عدوّان أم لاعبان للأدوار في خطط الغرب وفي ملعب الشرق


علي سيريني

الحوار المتمدن-العدد: 5299 - 2016 / 9 / 29 - 12:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ملاحظة: طلب مني موقع "ساسة بوست" أن أشارك بمقال في موقعهم، فكتبت إليهم هذا المقال لكنهم لم ينشروه، والسبب على الأغلب هو نقد النظام السعودي، لأنه يبدو أن توجيه النقد إلى آل سعود والبحث في جوهر وكيفية النظام السعودي ممنوع من النشر لدى الموقع المذكور!

نص المقال:

الدراسات والأبحاث والكتابات التي تكون فيها إيران والسعودية مادة البحث، نجد أنها تستند إلى مفهوم شائع لدى عامة الناس هو: "أن هاتان الدولتان عدوتان لبعضهما"، وعليه فإن الأحداث الجارية بينهما تترجم على أنها صراع بينهما على النفوذ والمراكز في منطقة ما يسمى بالشرق الأوسط.
قد لا يخلو هذا المفهوم من حقيقة نسبية، و دلائل واقعية، إلا أنه يفتقر إلى العمق، الذي ما إن وصل إليه الباحث حتى تبدو الأمور مختلفة عما يبدو ظاهرا من خلال المفهوم الآنف الذكر. إن الواقع الصادم للباحثين في علاقة البلدين معاكس تماما لهذا المفهوم، إلى درجة تكون معها إثارة السؤال عن مدى هذه العداوة بينهما أمراً يعرّض السائل إلى الكثير من المشقة، و ربما السخرية من الذات في آن.
هذا المقال محاولة للوصول إلى ما هو أعمق في قراءة الواقع، الذي تلعب فيه السعودية وإيران لعبة لم تعد على شعوب المنطقة إلا بالخسران المبين!
يحكم السعودية نظام عائلي مدعوم بشرعية عقائدية توفرها لهم جماعة من كبار أنصار المعتقد الوهابي، هذا النظام مرتبط بالغرب منذ نشأته و إلى اليوم، بل و لا يتصرف إلا بأمر الغرب المباشر، سابقا بريطانيا وحدها و اليوم الثنائي الأمريكي البريطاني.
على الطرف الآخر، يحكم في إيران نظام عقائدي شيعي، نسيجه مكون من سدى الملالي و لُحمته من أمشاج القومية الفارسية، و له أذرع شتى في المنطقة، تتوزع على مساحة وجود جاليات شيعية، حيث الموالون متكاتفون في صفوف حربية، تؤجج مشاعرهم المعادية لمحيطهم السـّـني أدبيات شيعية متجذرة في التاريخ.
يتغذى العداء الشيعي لأهل السـّـنة دوما على تلك الروايات الأسطورية التي يتربى عليها الإنسان الشيعي منذ نعومة أظافره، روايات تصف أهل السـّـنة بأشنع الأوصاف، و تنسب إليهم كل بلايا العالم و كل رزية وقعت في الدنيا، وتعتبرهم منبوذين بصيرورة إلهية فوق إختيارهم ومشيئتهم.
هذا النظام يتظاهر منذ وجوده بمعاداة الغرب لسببين: الأول لأنه فعلا ليس معاديا للغرب، و إلا لم يستمر إلى يومنا هذا.
وثانيا لتغطية هاجسه التاريخي العدواني الموجه نحو أمة الإسلام (أهل السـّـنة)، و لطرد هذه الكثافة العدوانية التاريخية الواضحة التي ترسم معالم الشيعة، و تلقي بظلالها على الواقع، و من شأنها تعرية النظام الإيراني من دعاواى معاداة الغرب.
هنا يشتق أمر آخر أيضا، وهو التغطية على التعاون السري والعلني بين النظام الإيراني و دول الغرب. من هذا الباب يعرف الغرب والنظام الإيراني هوية بعضهما البعض بشكل جيد ومدروس، إذ يستند كلاهما على أحقاد تاريخية راسخة ومشتركة ضد الدول الإسلامية، و كلاهما يعلم ماذا له و ماذا للآخر و كيف يفيدان بعضهما البعض، على حساب الأكثرية السـّـنية في العالم الإسلامي.
لذلك يسمح الطرفان بنفخ بالون العداوة بينهما، و إبرازه في كل مناسبة، أو حتى دون مناسبة، هذه اللعبة التي ظاهرها عداوة صاخبة عبر شعارات حادة، و باطنها إتفاق و تعاون و تحالف، لم تعد اليوم خافية على أحد، فلقد أسقطت إدارة أوباما لصراعات السـّـنة و الشيعة تلك الأقنعة، و تلاشى ذاك الخجل من التلاقي و التعاون بين ملالي "نصرة المستضعفين" و دول الشيطان الأكبر.
لقد ظهر في تصريحات قادة الغرب و قادة قم وطهران، ذلك الحبل السري والمشترك الذي غذى علاقاتهما الحيوية، حبل أحقاد و ثارات تضرب جذورها في التاريخ ضد العالم الإسلامي كله، أحقاد بدأت من صدر الإسلام و لم تنته بسقوط خلافة آل عثمان بيد التحالف الغربي الشيعي، هذا هو الأساس و الباقي تفرعات و تشعبات تشير دوما إلى هذه الجذور الواضحة.
النظام السعودي:
يستند هذا النظام على عائلة مالكة لديها حوالي 25 ألف أمير، يتمتعون بثروات هائلة. معظم هذه الثروات ينقل إلى بنوك الغرب، و يعتمد النظام في حماية نفسه على أمريكا و بريطانيا، و لكي يتم تثبيت شرعية حكم النظام، فإن السند العقائدي القوي يأتي من كبار منظري المعتقد الوهابي مثل الراحل عبدالعزيز بن باز، و زملاؤه فيما تعرف بهيئة كبار العلماء، لا تزال تقوم بنفس الدور منذ تأسيس هذه الدولة.
يعتبر النظام السعودي السند الأقوى للمعتقد الوهابي، على رغم من وقوف عدد من منظري هذا المعتقد ضد آل سعود. أيضا استطاع هذا النظام أن يظهر بمظهر المرجعية الإسلامية الجامعة للعالم الإسلامي السنـّـي سياسيا، بفضل ثرواته و سيطرته على أقدس بقاع الإسلام، مما أعطاه فرصا كثيرة للتدخل في شؤون دول إسلامية كثيرة، و خلق أحداث فيها اتسعت رقعة عواقبها لتشمل العالم الإسلامي الذي مازال يرزح تحت أعبائها.
على سبيل المثال: ما سمي في وقته بالجهاد الأفغاني ضد الروس، لعبت السعودية مع أمريكا دور الداعم فيه للجهاد الأفغاني بالمال و السلاح، و سهلتا معا مهمة انتقال ألوف الشباب العرب من أتباع مختلف الجماعات الإسلامية إلى أفغانستان، لتسعير نار حرب ما زالت عواقبها مستمرة و وخيمة علينا جميعا. مثال ذلك، هو إلصاق جريمة 11 سيبتيمبر بالقاعدة التي تأسست بفضل الواقع الأفغاني، وقبلت القاعدة تبني الجريمة التي أصدر الكونغرس بسببها قبل فترة وجيزة قانون "العدالة ضد الإرهاب" والذي بموجبه ستجبر أمريكا المملكة السعودية أن تدفع ثلاثة ترليونات وثلاثمائة مليار دولار كتعويضات للضحايا. فضلا عن تحمل أعباء حرب أفغانستان والعراق ودفع الأضرار التي نجمت عنهما. مع العلم أن الأموال السعودية التي كانت تستثمر في أمريكا رسميا قبل عام 2001 بلغت حوالي 900 مليار دولار، ذهبت هباءا منثورا إلى خزائن أمريكا. هذا عدا الأموال المسجلة بأسماء الأمراء والمسؤولين. ونفس الشئ بالنسبة للكويت.
كما لعبت السعودية (حين أقول السعودية فمعنى ذلك أن دول الخليج أيضا تندرج تحت سياساتها، ماعدا قطر وعمان، لأسباب مختلفة لكلتا الدولتين) دورا حاسما وأساسيا في تدمير العراق بقيادة الراحل صدام حسين، الذي كان يعتبر بلا شك السد الأكبر أمام المد الشيعي بقيادة إيران. فالسعودية التي كانت تدعم العراق ضد إيران، تحولت إلى خندق مناوئ للدولة العراقية بعد وقف الحرب في عام 1988، و السبب هنا هو أن الغرب كان يريد إستمرار الحرب بين العراق و إيران، و حين توقفت الحرب، كان لا بد من جر العراق نحو حرب أخرى بغية تحطيمه و فتح الحدود أمام المد الشيعي الإيراني في المنطقة، و الهدف هو أن تعتمد دول الخليج كليا على الحماية الغربية في مواجهة إيران، و لكي يتم لاحقا تجييش السـّـنة في حروب شتى ممتدة اليوم من أفغانستان إلى مالي و نيجيريا مرورا بالعراق و سوريا واليمن. وهذا ما نراه اليوم بشكل واضح، فضلا عن إيجاد حروب مستمرة لا نهاية لها تتسعر بأسلحة غربية مكدسة في مخازن الغرب منذ عقود. لذلك، نجحت السعودية و الإمارات و الكويت في جرّ العراق نحو حرب جديدة، بعد أن خفضت أسعار البترول فجأة، مما أدى إلى إنهيار الإقتصاد العراقي الذي لم يعد يحتمل الخسارات الكبيرة التي ضربت ميزانيته، في الوقت الذي قامت الكويت بطلب قروضها التي دفعتها للعراق أثناء الحرب مع إيران. من هنا، لم يعد العراق يتحمل هذا الواقع و تُرك بين خيارين أحلاهما أمرّ من الثاني: السكوت و الموت البطئ، أو معاقبة الكويت مما كان يعني خرقا لقواعد دولية تترتب عليه حرب بقيادة أمريكا وقعت في مطلع عام 1991.
هكذا نجح الفخ الغربي الذي ُنصب للعراق بإتقان، في جر الدولة العراقية نحو دخول الكويت، و من ثم شنت الحرب على العراق إنطلاقا من السعودية و الكويت، حيث تم تدمير الدولة و الشعب العراقي معا.
لعبت السعودية و حلفاؤها نفس الدور مرارا بشكل مغاير ربما في مصر و سوريا و ليبيا، حيث تم دعم الإنقلاب العسكري على الشرعية الإنتخابية في مصر بمليارات الدولارات، دفعتها السعودية و الكويت و الإمارات. أما في سوريا، و بُعيد الثورة الشعبية الكبيرة للشعب السوري، قامت السعودية بدعم جماعات سلفية متشددة أمست كارثة على الثورة السورية السـّـنية، و أدت إلى شيطنة الثورة والشعب السوري الذي مازال يدفع أثمانا باهظة من حياته و مستقبل أجياله، حيث تم تدمير الشعب السوري بحجة استهداف "الجماعات الإرهابية". لكن الجماعات الإرهابية المذكورة تتمتع اليوم بالقوة أكثر من السابق، فيما تحول الشعب السوري إلى قتيل وجريح وشريد. وهذا يعني أن الشعب السوري كان المستهدف الحقيقي في كل هذه الحرب القذرة التي تشن ضده.
هناك عامل مشترك في الدور السعودي في أفغانستان و العراق و مصر و سوريا و دول أخرى. هذا العامل يكمن في أن السعودية كانت أداة تطبيق لإستراتيجيات غربية، كانت تهدف إلى تحقيق أهداف كثيرة في هذه الدول، و تحققت فعلا. من الممكن تلخيص هذه الأهداف في عدة نقاط:
أولا: تدمير هذه البلدان على كافة المستويات. ثانيا: الحفاظ على الأنظمة الموالية للغرب في دول الخليج عبر تدمير نماذج حكم إسلامية (مثل حكومة المجاهدين في أفغانستان ومن ثم حكومة طالبان)، وعلمانية إنتخابية (مثل حكومة الإخوان في مصر)، و إبقاء دول الخليج وفي مقدمتها السعودية تظهر و كأنها الوحيدة التي تستطيع أن تنعم بالأمن و الإستقرار، وسط تجارب مختلفة إسلامية وغير إسلامية في العالم العربي.
بعد الكوارث الآنفة الذكر، استطاع الغرب أن يقنع الخليجيين، أن ما لديهم من أنظمة عائلية وراثية نعمة عظيمة في محيط يعمه الخراب والفوضى. وتم دفع كل حاملي الفكر الجهادي في الدول العربية، لا سيما في دول الخليج، نحو ساحات بعيدة، لتشتيت جهودهم وتوظيف طاقاتهم في تدمير دول إسلامية، عبر خلق ساحات حرب استنزاف في أفغانستان، البوسنة، الصومال، الجزائر، مصر، العراق، ليبيا وسوريا...الخ.
أيضا بفضل التعاون السعودي الغربي، تمكن الغربيون من توظيف وجود هذه الجماعات الإسلامية و استثمارها لأهداف آنية و أخرى استراتيجية، و منها تشويه سمعة الإسلام و المسلمين، و إلصاق تهمة الإرهاب بالشعوب المسلمة، و إتخاذ الذرائع للتدخل العسكري في الدول الإسلامية، و بناء مراكز استخباراتية و عسكرية غربية في شتى أصقاع بلاد الإسلام، و الأهم سرقة الثروات في هذه الدول دون حساب أو رقيب و نقلها إلى دول الغرب، كما حدث في العراق و ليبيا مثلا.
استطاعت السعودية أن تظهر بمظهر الداعم للثوار و الحركات المسلحة بعد الربيع العربي تارة، و ظهرت و كأنها هي القوة التي تريد حسم المعارك عبر خلق مفاوضات و اتفاقات و محاولات وهمية لإحلال السلام. بهذا استطاعت السعودية أن تخمد أي محاولة داخلية قد تستهدفها (لأنها هي التي تحل وتربط!)، و من ثم أعطت لنفسها صبغة المرجعية الإسلامية أو الطرف الإقليمي القوي الذي يحل و يربط بين الثوار و الأنظمة، بينما دول الغرب هي اللاعب الأساسي خلف الكواليس.
إن المساهم الأكبر في إضفاء الشرعية على هذا الدور السعودي هو رضى الثوار و الأنظمة طواعية، و طمعا في المال، بالرضوخ للسعودية كلاعب في معادلة الصراع و السلام و المفاوضات بين الأطراف. هذا الأمر حدث بالنسبة إلى لبنان (إتفاق الطائف)، و حدث بالنسبة إلى العراق (إتفاق مكة)، و حدث بالنسبة إلى اليمن (مبادرات و إتفاقات مختلفة منذ هروب علي عبدالله صالح)، و حدث بالنسبة إلى مصر (دعم الإنقلاب و رعايته)، و حدث بالنسبة إلى سوريا (دعم فصائل معينة لإستمرار الحرب)... الخ.
النظام الإيراني:
منذ نشوء الدولة الصفوية في إيران، هناك علامة بارزة في سياسة هذا البلد تجاه العالم الإسلامي و تجاه الغرب. العلامة البارزة هي أن النظام الإيراني، منذ الصفويين وإلى النظام الحالي، ظل ينصب العداء للعالم الإسلامي و يتعاون بل و يتحالف مع الدول الغربية. فكما تحالف الصفوييون مع الإسبان و البرتغال ضد الدولة العثمانية، مما أدى إلى فشل حصار فيينا وتراجع العثمانيين، تحالف النظام الإيراني الحالي مع أمريكا سرا ضد طالبان في أفغانستان و ضد صدام حسين في العراق، حيث تم سوق عملاء إيران بدبابات أمريكية ليستلموا الحكم في العراق على طبق من ذهب خليط، نصفه صفوي والآخر أمريكي-أوروبي. من الملاحظ هنا، أن الدور الإيراني، أو لنقل التعاون الإيراني الأمريكي ماكان لينجح لولا التعاون الخليجي بقيادة السعودية في الإطاحة بالنظامين.
لذلك فإن الخليج أدى ما كان واجبا عليه من قبل الغرب، وقدمت إيران خدماتها للغرب تحقيقا لرغبتها وأهدافها و من أهمها دحر العالم الإسلامي (السـّـني)، و إيجاد موطئ قدم و ذراع لإيران في كل دولة فيها أقلية شيعية.
منذ عام 1979، حين وصل الخميني على متن طائرة جامبو الفرنسية للإطاحة بنظام شاه إيران الموالي للغرب، يردد النظام الإيراني شعار (الشيطان الأكبر) لوصف أمريكا، وترد عليها أمريكا بشعار (محور الشر). في الواقع كلا الشعارين صحيح. لكن الحق هو أن الدولتين غير صادقتين تجاه بعضهما البعض على أرض الواقع، في ظل ترديد الشعارين الصاخبين. و لو كانت أمريكا صادقة في قولها أن إيران محور الشر، لكانت دعمت المعارضة الإيرانية خصوصا في المناطق الجبلية في إقليم كُردستان (شمال العراق) الذي يخضع للسيطرة الرسمية المباشرة لقوات التحالف الغربي بقيادة أمريكا منذ عام 1991، أي بعد طرد الحكومة العراقية في تلك المناطق. هناك مئات الكيلومترات الجبلية الممتدة على طول الشريط الحدودي بين شمال العراق وإيران خارجة عن أي سيطرة ميدانية لأي دولة في عالمنا نظرا لأنها نائية وصعبة و موحشة. كانت أمريكا تستطيع أن تمد المعارضة الإيرانية بالمال و السلاح، لشن الهجمات في العمق الإيراني لتضعيف نظام الملالي كما فعلت ضد العراق منذ عقود، لكن أمريكا لم تفعل شيئا من هذا القبيل.
بل الأنكى، حين دخلت أمريكا العراق في عام 2003، تركت عملاء إيران (أي حكام العراق الجدد) ليبيدوا المعارضة الإيرانية عن بكرة أبيها، و خصوصا منظمة مجاهدي خلق الإيرانية.
أما في أفغانستان، فقد أسقطت أمريكا دولة طالبان في عام 2001 ومن المعلوم أن لإفغانستان مئات الكيلومترات من الحدود مع إيران حيث تعيش شعوب مثل البلوج المعادين للنظام الإيراني على طرفي الحدود السهلية والجبلية الوعرة. كانت أمريكا تقدر أن تسلح البلوج والمعارضة الإيرانية هناك، لشن الحرب على النظام الإيراني، لكنها لم تفعل ذلك قطعا.
حرب أمريكا على طالبان نجحت بالتعاون الغربي الوثيق مع النظام الإيراني، الذي صرّح مسؤولوه (مثلا محمد على الأبطحي نائب رئيس الجمهورية): إن أمريكا ما كانت لتقهر طالبان و نظام صدام حسين لولا دعم إيران.
يجب أن نذكر أيضا أنه ما كان ليتم قهر طالبان، لولا دعم الخليج بقيادة السعودية لأمريكا والتحالف الغربي على شتى المستويات، بدءا بسحب الإعتراف من حكومة طالبان في 22 سيبتيمبر 2001، قبل أن تشن أمريكا الحرب بعد أسبوعين من سحب الإعتراف الخليجي المذكور.
يتجلى الدور الإيراني السعودي المتناغم مع الإستراتيجيات الغربية في سوريا و ليبيا و اليمن و العراق و مصر، بشكل واضح لا لبس فيه ، فإيران رحبت بالإنقلاب العسكري على الرئيس المصري المنتخب، بينما كان الإنقلاب بمال خليجي صرف.
و في اليمن تدعم إيران والسعودية ميليشياتها وجماعات مسلحة، شغلها الشاغل تدمير البلد، أما في العراق و سوريا، فقد مهدت السعودية بقيادة أمريكا و بتهاون و تغاضٍ مقصود من قبل حكومة نوري المالكي (رجل إيران)، لظهور جماعات مثل القاعدة و داعش التي أعطت تبريرات مجانية لأمريكا و إيران، لتتخلص من مسؤوليتها عن الجرائم التي ارتكبتاها في العراق، و غطتا على مسؤوليتيهما في تحويل العراق إلى دولة فاشلة. ومن هنا، من المفيد الإشارة إلى ما صرّح به مسعود بارزاني (رئيس إقليم كُردستان)، أنه حذر الأمريكيين والحكومة العراقية برئاسة المالكي من تحركات مستمرة لمفارز تابعة لداعش حول مدينة موصل. أوضح بارزاني، أن تحذيراته لمدة تسعة أشهر قبل سقوط المدينة في يد داعش لم تلق أي إهتمام أمريكي أو عراقي، رغم تزويد الأدلة والبراهين لكلا الجانبين.
أما في سوريا فقد أدى ظهور القاعدة و داعش إلى تبرير إطلاق يد سفاح سوريا بشار الأسد لإبادة المدنيين، و تبرير تدخل إيران العسكري بقيادة قاسم سليماني، و من ثم تبرير القصف الغربي-العربي (و منه السعودي و الإماراتي) اليومي على سكان سوريا، مما أدى إلى سقوط مئات الألوف من الأطفال و الشيوخ و النساء العزل، و تدمير معظم سوريا بإستثناء معاقل النظام في الشريط الساحلي.
خلاصة القول أن الغرب يريد تدمير هذه المنطقة منذ قرون، حتى قبل الإسلام، حيث دمّر الرومان دولة قرطاج و أحرقوها من جذورها، و أبادوا سكانها البالغ عددهم 500 ألف إنسان في ذلك الوقت. واستمر الغرب في هذه المحاولة في العهدين الصليبي والإستعماري وإلى وقتنا الراهن حيث الدول الغربية تعبث بدولنا أيما عبث.
الغرب يسيطر اليوم على الأنظمة الحاكمة في الخليج، لا سيما السعودية، سيطرة تامة، و يرسم الغرب استراتيجياته و يطبقها بدقة، و يستعمل في سبيل ذلك هذه الأنظمة وأموالها بما يخدم مصالحها الآنية و المستقبلية. أما إيران، فهي دولة مجبولة من طينة أحقاد تأريخية، وثارات قديمة مع العرب و المسلمين. و سياساتها تنبع من منابت مذهبية، جوهرها هو تكفير أكثرية المسلمين و إستحلال دمائهم و حرماتهم. إيران تعرف ماذا يريد الغرب، والغرب يعرف جيدا ماذا تريد إيران. فكما تحالف البرتغال والإسبان مع الصفويين ضد العثمانيين، تحالفت أمريكا و أوروبا مع إيران ضد طالبان و نظام صدام حسين، و وقفتا معا لحماية النظام النصيري في سوريا.
كانت أوروبا تستطيع أن تحرك ملفات كثيرة ضد إيران منذ الثمانينيات و إلى اليوم. مثلا ملف إغتيال معارضين إيرانيين على يد المخابرات الإيرانية في فيينا و فرنسا و برلين، حيث تم إغتيال زعيم الحزب الديموقراطي الكُردستاني عبدالرحمن قاسملو في فيينا. و تم إغتيال الدكتور صادق شرفكندي (خلف قاسملو) في برلين، على يد عناصر إيرانية و أخرى تابعة لحزب الله اللبناني. و تم إغتيال وحيد كورجي المعارض الإيراني في باريس. لكن الدول الأوروبية عادت تفتح سفاراتها في طهران حتى مع حكم القضاء الألماني في عام 1997 على عناصر إيرانية و لبنانية بالسجن، و إدانة إيران لما ارتكبته في عقر دار أوروبا. أوروبا طرحت مبادرة "الحوار الإنتقادي" مع إيران، و هي أن أوروبا تستمر في العلاقة مع إيران مع توجيه إنتقادات إليها. و مازالت هذه الإنتقادات تتلاشى في الهواء كفقاعات الصابون، بينما أوروبا و أمريكا تتعاونان أرضا و جوا و بحرا مع إيران لتدمير العالم الإسلامي، و ما دول الخليج في هذا الوقت إلا أدوات لتحقيق أهداف الجانبين، فهل يعي العالم الإسلامي أن هذا المثلث معني بتدميره؟!
لا مفر يجب أن يعي ذلك، فالمسألة حياة أو موت!



#علي_سيريني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل هناك مجازر جماعية تنتظر المسلمين في بلاد الغرب؟
- حين يخسر الكُردي فرصته الذهبية
- صلاة يتامى الموت (لعلّ موتا ناعما يرحمنا)
- من الأندلس إلى القسطنطينية ومن الهنود الحمر إلى الكُرد
- ظاهرة الإحتفال بإسلام الغربيين الشقر
- الثالوث الأقدس الذي دمّر الشرق وأهله
- موطئ قدم الإنسان الشرقي المتشقق
- التناقضات المضحكة في السياسة الكُردية
- كيف حوّل الغربييون والصفوييون بعض الأكراد إلى مطايا يركبونها ...
- لماذا حاول الغرب وإيران إفشال عملية السلام بين الكُرد والدول ...
- الكُرد من إمتطاء الإستقلال إلى مطية لإيران والغرب
- إختراع وكالة الإستخبارت المركزية الأمريكية لفكرة -نظرية المؤ ...
- هل التكالب الدولي على الشرق سببه -إرهاب- الدولة الإسلامية
- مركب الآمال في شط الضياع
- الإختراق الإيراني في كُردستان حبلٌ من حبائل تدمير المنطقة
- السعودية لن تسمح بسقوط نظام بشار الأسد
- عملاق في دشداشة بيضاء يستقبل فأرا
- لماذا تدفع دول النفط بالحركات الإسلامية إلى الجهاد في ساحات ...
- أنين قلبي حسرة على كُردستان
- موقع أهل القرآن بين العدالة والتطبيل للظلم


المزيد.....




- بسبب متلازمة -نادرة-.. تبرئة رجل من تهمة -القيادة تحت تأثير ...
- تعويض لاعبات جمباز أمريكيات ضحايا اعتداء جنسي بقيمة 139 مليو ...
- 11 مرة خلال سنة واحدة.. فرنسا تعتذر عن كثرة استخدامها لـ-الف ...
- لازاريني يتوجه إلى روسيا للاجتماع مع ممثلي مجموعة -بريكس-
- -كجنون البقر-.. مخاوف من انتشار -زومبي الغزلان- إلى البشر
- هل تسبب اللقاحات أمراض المناعة الذاتية؟
- عقار رخيص وشائع الاستخدام قد يحمل سر مكافحة الشيخوخة
- أردوغان: نتنياهو هو هتلر العصر الحديث
- أنطونوف: واشنطن لم تعد تخفي هدفها الحقيقي من وراء فرض القيود ...
- عبد اللهيان: العقوبات ضدنا خطوة متسرعة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي سيريني - هل النظام السعودي والنظام الإيراني عدوّان أم لاعبان للأدوار في خطط الغرب وفي ملعب الشرق