أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي سيريني - الإختراق الإيراني في كُردستان حبلٌ من حبائل تدمير المنطقة















المزيد.....

الإختراق الإيراني في كُردستان حبلٌ من حبائل تدمير المنطقة


علي سيريني

الحوار المتمدن-العدد: 4530 - 2014 / 8 / 1 - 09:22
المحور: الادب والفن
    


(ملاحظة: كتبت هذا المقال في 20 تموز الشهرالماضي وبعثته الى جريدة عربية في لندن سبق وأن نشرت لي مقالا، ظناً مني أنها ستنشر هذا المقال أيضا. لكن يبدو أن الإختراق الإيراني في الفضاء العربي شديد. ومن يدري لعل الإختراق يشمل دفع الأموال للمتنفذين في الصحف والمجلات! وهل يُرد مقال لذاك الرغال الإيراني الذي تنشر له هذه الجريدة شذر مذراته على الدوام؟ المهم أن هذا المقال لم ينشر بعد مرور أكثر من أسبوع).
يوحي المشهد الكـُردي بالترابط والإنسجام إزاء الأحداث الأخيرة في العراق، والتي انطلقت في التاسع من حزيران من العام الحالي، والتي أدت إلى سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على معظم المناطق السّـنية في العراق. لكن هذا المشهد يحتضن إستثناءا معينا، مازال يجري في التيار الذي يدور في فلك السياسات الإيرانية في المنطقة. هذا الإستثناء يتجسد بقلق وغموض في مواقف جناح مهيمن داخل الإتحاد الوطني الكـُردستاني (أوك) برئاسة جلال طالباني، الرئيس العراقي رسميا والمقعد فعليا، وهو يقارع مرضه المزمن في ألمانيا منذ ما يقارب من عامين، عاد إلى السليمانية قبل أيام وهو نصف حي. الإتحاد الوطني ما فتئ يصرّح على لسان مسئوليه هنا وهناك، استنكاره وتضاده مع السياسات التي يـبديها الحزب الديموقراطي الكـُردستاني (حدك) بزعامة مسعود بارزاني، رئيس إقليم كـُردستان. وجلّ هذا الإستياء يتمحور حول موقف الإقليم من الثورة السورية ومن النظام السوري، وكذلك من تركيا ومن العالم السّـني، فضلاً عن مسألة إستقلال الإقليم التي تشهد إهتماما إعلاميا كبيرا في هذه الأيام. حدك يقف في صف المعارضة السورية، ولديه علاقة قوية جدا مع تركيا أردوغان، ويخطط لإستقلال كـُردستان. يقف أوك في الصف المقابل تماما. فهو مع إيران وشيعة العراق، وضد الثورة السورية ويريد البقاء في العراق وعرقلة المضي قدما نحو إستقلال كـُردستان في الوقت الحاضر.
منذ القرن السادس عشر، يعاني الكـُرد إنقساماً ثقافيا وسياسيّـاً إنعكس على التكوين الداخلي لهم. هذا الإنعكاس قد يكون إيجابيـّـاً ربما، ولكنه سلبـيّ في معظم الأحيان. إصطبغ التكوين الكـُردي بتنوعه الحاد، بعقابيل الإنقسام العنيف، بين الدولتين الصفوية والعثمانية. فإذا كان من الجائز القول أن الكـُرد عثمانييون (لعب هذا الشعب دورا كبيراً داخل الدولة العثمانية أكثر من أي مكون آخر)، فالأمر مختلف تماما مع الصفويين، الذين لم يقدر الشعب الكـُردي من التكيّف معم على أي صعيد.
منذ عام 1979، تناسخت عناصر الدولة الصفوية وروحها، في النظام الذي أسسه خميني في أعقاب الثورة الإيرانية. هذه النظام لعب دوراً كبيراً ومدمراً جداً في القضية الكـُردية، في الدول الأربعة التي تقتسم كـُردستان. لكنني أتحدث هنا، عن الجزء المرتبط بالعراق والدور التخريبي لإيران فيه. في عام 1975 تأسس أوك في حضن الصفوية المعاصـرة، التي تمــتـد من طهـران إلى لبنان، مروراً بالعراق وسـوريا. في دمشق، حيث كان حافظ الأسد العلوي يحكم، أعلن أوك عن تأسيسه، مالبث أن أصبح ورقة رابحة في يد سوريا ضد العراق، ثم في يد إيران التي تحولت إلى حليف مذهبي للنظام السوري، بعد صعود خميني الكارثي نحو السلطة. ومن اللافت أن أوك هو الطرف الكـُردي الوحيد الذي يشغل فيه أفراد شيعة مناصب قيادية مهمة. وكان جبار فرمان، المسئول العسكري لـ أوك في تسعينيات القرن الماضي، أحد العرّابين الكبار لإرتباط هذه المنظمة بإيران. بدورها قامت إيران بتقديم دعم مالي وعسكري لفرمان، الذي استعمل كلـه ضد المكونات الكـُردية الأخرى، لا سيما الإسلاميين الكـُرد السّـنة!
في عام 1986، دخل أوك في تحالف ثلاثي ضم إيران والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق بقيادة محمد باقر الحكيم (قــُـتل عام 2003). وبما أن المجلس المذكور حظي بدعم إيران العسكري والمالي الذي أنتج فيلق البدر، فإن الأطراف الثلاثة اتفقت على إسقاط نظام صدام حسين. هذه الإتفاقية و أحداث سياسية وعسكرية أخرى مشابهة، أدت إلى نتائج غاية في الخطورة، حصد منها الكـُرد القصف الكيمياوي وعمليات الأنفال التي أدت إلى تحول مئات الألوف من سكان القرى والبلدات الكـُردية إلى ضحايا مجانية! وكلـّـما اشتدت ضراوة الحرب وارتفعت حصيلة الضحايا والكوارث، أصبح إرتباط أوك بإيران لا فكاك منه. وحين أراد أوك في عام 1996 القضاء على حدك بمساندة المدفعية الإيرانية، استنجد بارزاني بالعراق فتم القضاء على الحملة الإيرانية التي شكـّل أوك رأس الحربة فيها. وكنتيجة طبيعية لمسار المعركة على أرض الواقع، انتهى مصير أوك بالفناء المحقق داخل أراضي إيران، لكن النظام الإيراني لم يدع الأمر كذلك، فقام بإحياء هذه الجماعة من الرماد. منذ ذلك اليوم، أمست منظمة أوك رهينة ذليلة في يد الحرس الثوري الإيراني. ويقوم قاسم سليماني في الوقت الحاضر، بإملاء ما يجب على أوك إصداره وتنفيذه.
ينقسم الإتحاد الوطني الكـُردستاني في قوامه إلى تيارين متنابذين. الأول تقوده زوجة طالباني، هيرو ابراهيم أحمد، ويقف في صفها قيادات متنفذة داخل أوك منها عادل مراد (شيعي)، ملا بختيار (آداة طائعة لمحاربة الإسلام السّـني)، نجم الدين كريم (محافظ كركوك والقريب من إيران وشيعة العراق)، ويملك هذا الجناح كمية ضخمة من الأموال والأسلحة، فضلا عن دعم إيران له. الثاني يملك أيضا قاعدة واسعة وحضورا قويا، يقوده كلّ من كوسرت رسول وبرهم صالح. وهذا التيار أقرب الى التوجه العام في إقليم كـُردستان نحو الإستفتاء على تقرير المصير، والذي يبدو أن بارزاني هو لاعبه الأكثر حضورا في الواجهة. لكن هذا التيار لا يحظى باي دعم إيراني، وعليه قد تكون حظوظ برهم صالح قليلة في الحصول على منصب رئيس جمهورية العراق، إزاء ترشح فؤاد معصوم القريب من إيران والشيعة. سوء علاقة برهم صالح بإيران له أسباب عدة، منها إيقاف طائرة شحن إيرانية محملة بالأسلحة في عام 2011، في مطار السليمانية، كانت متوجهة إلى دمشق في بداية الثورة السورية. كان برهم في ذلك الوقت رئيسا للوزراء في كـُردستان. وحين أخبــِـر بأمر الطائرة الإيرانية، أصدر الأوامر بالحجز على الطائرة، ولكي يتفاقم الأمر أكثر، سرّب الخبر إلى الإعلام عمداً، للفت إنتباه الدول الغربية وخصوصا أمريكا. فِعلة رئيس الوزراء أغضبت طالباني جداً، فقام هذا الأخير يــكيـل له العقوبة التي يستحقها، حيث طلب من قيادة حدك إعادة منصب رئيس الوزراء إلى نيتشيرفان بارزاني وإقالة برهم قبل إنتهاء مدته القانونية. وحدث ذلك بالفعل، ولكن بعد أن أشبع طالباني برهماً كلاماً قاسياً ومهينا!
ما برحت إيران تشبّه إقليم كـُردستان بإسرائيل ثانية، أو جيباً إسرائيلياً. ولكن في واقع الحال فإن التواجد الإيراني، على شتى الأصعدة، في الـ "إسرائيل الثانية" أو "الجيب الإسرائيلي" يُعد أكثر من أي تواجد آخر لأي دولة خارجية! وعلاقة القيادة الإيرانية بالقيادة الكـُردية التي من المفترض، كتحصيل حاصل للوصف الإيراني، أن تكون هي أيضا "قيادة إسرائيلية ثانية" تحكم "الجيب الإسرائيلي"، علاقة حميمة وممتازة! لكن إيران مهوسة بإختيار المستهلك إعلامياً، في سياستها تجاه العالم السنـّي، رغم أنها هي نفسها لا تعير اهتماما حقيقياً لجوهر هذه المعاني الفضفاضة والمثيرة. شكراً للثورة السورية، فقد حطمت هذا القناع المغشوش منذ عام 2011، حيث وقف النظام الإيراني إلى جانب النظام السوري بحجة "محاربة إسرائيل وأياديها في سوريا"!
وإذا كان الوجود الإسرائيلي مشمئز الى هذا الحد الذي تبالغ إيران في وصفه، لأنه وجود يسبب الدمار والتقسيم والإستنزاف في منطقتنا؛ فإن إيران نفسها تلعب هذا الدور أضعاف ما تلعبه إسرائيل. فوجود نظام الملالي الطائفي في طهران، يكلـّف دول الخليج ميزانية سنوية باهظة للتسليح، من أجل الدفاع الإستراتيجي. ونفس الدور تلعبه إيران إزاء الدول الأخرى، حيث تثير أقل ما تثير القلاقل والفوضى، إن لم تقدر على صنع أجنحة ميليشياوية دموية على غرار لبنان، سوريا والعراق، لنشر الدم والدمار الطائفيين الواضحين للعيان. وبهذه الحال، تبدو إيران بمثابة هدية سماوية للقوى الخارجية، التي تريد إطالة العبث والخراب والتخلف في هذه المنطقة. فمنذ مجئ خميني إلى السلطة في ذلك التاريخ المشؤوم، تغلي المنطقة على مراجل من نيران خطيرة تكاد تحرق الرطب واليابس. فأول ما قام به هذا النظام، كان دعم العمليات الإرهابية داخل إيران ومن ثم في العراق، أدى إلى نشوب حرب عبثية دامت ثمانية أعوام. وقام نظام الملالي بتصفية خيرة علماء السّـنة في إيران (العلـّامة أحمد مفتي زاده، ناصري سبحاني، ملا محمد الربيعي، علي مظفريان، قدرالله جعفري، محمد صالح ضيائي، فاروق فرساد، مولانا عبدالعزيز، مولوي عبدالناصر جمشيد...الخ)، ومحاربة الإسلام السّـني محاربة شعواء، أين منها محاربة إسرائيل وأمريكا! وفوق ذلك، قام هذا النظام ببث الشقاق والفرقة بين العرب والكـُرد السّـنة في العراق، وضرب بعضهما ببعض وتأليب الطرفين بطرق شتى (أتناول ذلك في مقال مستقل)، أدى إلى مجازر جماعية كبيرة حولت كـُردستان إلى جحيم حقيقي لأكثر من عقد من الزمن. ولكن ما حدث في كـُردستان من فتك وخراب، دمار وهلاك، بسبب الأيادي الإيرانية الإجرامية، يتكرر اليوم في العراق وسوريا ودول أخرى: الفتك والخراب نفسهما، والدمار والهلاك عينهما. الشئ الوحيد الذي لم يتغير، هو اللحن الإيراني الممل، في إدانة وشجب إسرائيل، بمناسبة ودونها، كلما أرادت أن تزيد الملح على جروح المنطقة وتسكب المزيد من الزيت على الحروب والفتن، التي نسجت أوكارها وحبائلها في قم وطهران، تحتاج إسرائيل إلى قرن أو أكثر لتعلم فنونها وتطبيقاتها!



#علي_سيريني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السعودية لن تسمح بسقوط نظام بشار الأسد
- عملاق في دشداشة بيضاء يستقبل فأرا
- لماذا تدفع دول النفط بالحركات الإسلامية إلى الجهاد في ساحات ...
- أنين قلبي حسرة على كُردستان
- موقع أهل القرآن بين العدالة والتطبيل للظلم
- كيف بدأت الإصلاحات الدينية في أوروبا المسيحية في القرون الوس ...
- الوداع الأخير للنضال القومي الكُردي والجنازة الى جانب العروب ...
- هدايا ليبرالية من مكة المكرمة إلى فرعون مصر
- لماذا تقف السعودية وإيران مع دول الغرب ضد الربيع العربي
- أين أخطأ الإخوان المسلمون
- تمهيدا لإقامة دولة الأقباط تحويل مصر إلى سوريا أخرى
- لمحة عن الرينيسانس في أوروبا
- مؤخرة دبلوماسية في ذكرى ليالي الأنفال
- مؤخرة دبلوماسية في ليلٍ باهت
- ثورة الشام على الحشاشين
- إلى فخامة سروك بارزاني
- فخامة الدب
- أتاكم الخبر اليقين أن الزعيم
- شيبة طفلٍ فلسطيني يتيم
- اللاميّة الجلاليّة


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي سيريني - الإختراق الإيراني في كُردستان حبلٌ من حبائل تدمير المنطقة