أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - الفيل الأسود














المزيد.....

الفيل الأسود


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 6159 - 2019 / 2 / 28 - 23:35
المحور: الادب والفن
    


يعيش في مدينتنا رجل ألماني صار في الخمسين من عمره على ما أظن، طويل القدّ، عريض المنكبين، ضخم الجثة، كبير البطن، دائري الوجه، حليق الذقن والشارب، شعر رأسه أسود مجعَّد وملبَّد، عيونه سوداء واسعة ونظراته لطيفة، يرتدي دائماً اللباس ذاته، بذلة سوداء وقميصا أبيض اللون دون كرافتة، يحتذي في قدميه العريضتين كحوافر فيل حذاء جلد أسود وجوربا أبيض.
في كل يوم سبت ومن الساعة الثامنة صباحاً حتى الساعة الواحدة ظهراً يوجد في مدينتا سوق لبيع منتجات الفلاحين من الخضار والفواكه والخبز والبيض والأجبان واللحوم، وهكذا في حوالي الساعة التاسعة أو العاشرة من صباح كل سبت ينبثق صديقنا الفيل فجأة، تراه يمشي في السوق بتؤدة ورفق وبين أصابعه أو شفتيه السيجار الكوبي ورائحة عطر تتسرَّب من جثته لتختلط برائحة سيجاره، يمشي وحيداً ونظارة شمسية تحمي عينيه من عيون الفضوليين، يمشي ويتأمل الناس دون أن يكون لديه أية نية في شراء شيء ما أو لقاء شخص ما، يمشي وكأنه في رحلة بحث عن امرأة أحلامها والتي لم يجدها بعد.
أما في الأيام العادية لا سيما تلك الدافئة فتراه في سيارته السوداء "ب. م. دبليو"، يقودها في شوارع وأزقة المدينة بيده اليمنى بهدوء واسترخاء وبسرعة لا تتجاوز سرعة المشاة، بينما يسند يده اليسرى على حافة النافذة مشرعاً من أصابعها سيجاره الكوبي ومظهراً خاتمه الذهبي العريض، في الوقت الذي تنبعث فيه من مسجل سيارته أجمل الألحان لمقطوعات موسيقية عالمية.
فجأة وأنت تتسكَّع في المدينة تسمع معزوفة للموسيقار باخ أو بيتهوفن أو لآخرين، تبتسم في سرك وتشعر بالسعادة لأنك صرت تعرف مصدرها فتتوقف منتظراً بفضول مرور سيارة الفيل الرومانسي وهو يدخن سيجاره الغليظ.
أعرفه منذ حوالي عشرة سنين، لم يتغيّر شيئاً في هيئته ولم أراه يكبر في العمر، وبقيت معلوماتي عنه كما كانت قبل عشرة سنوات. أعتقد أن معظم سكان المدينة لا يعرفون عنه أكثر مما أعرف عنه، إذ تراهم يتوقفون لبرهة كما أتوقف أنا، يتبسمون له بفرح وطمأنينة حين مروره كما أفعل أنا.
صار الرجل مشهوراً ببساطته وتلقائيته دون أن نعرف فيما إذا كان مثقفاً أو طبيباً أو أستاذاً أو سياسياً أو رجل أعمال أو ابن حكومة أو ابن عائلة معروفة!
**



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جريمة في ستراسبورغ - فلم كامل
- جريمة في ستراسبورغ - 9 - النهاية
- جريمة في ستراسبورغ - 8 -
- جريمة في ستراسبورغ - 7 -
- جريمة في ستراسبورغ - 6 -
- جريمة في ستراسبورغ - 5 -
- جريمة في ستراسبورغ - 4 -
- جريمة في ستراسبورغ -3-
- جريمة في ستراسبورغ -2-
- جريمة في ستراسبورغ -1-
- والعالم يتغير من حولي
- والفوضى نصفها الآخر
- بئر حسن
- بستان الريحان
- دواليب
- خمرة معتّقة في قوارير جديدة
- رحلة إبداع بالعلم والأدب
- أوس أسعد يكتب عن: من الرّفش إلى العرشِ
- أوس أسعد يكتب عن: اعتقال الفصول الأربعة
- سأشتري شقتها قريباً


المزيد.....




- جون طلب من جاره خفض صوت الموسيقى – فتعرّض لتهديد بالقتل بسكي ...
- أخطاء ترجمة غيّرت العالم: من النووي إلى -أعضاء بولندا الحساس ...
- -جيهان-.. رواية جديدة للكاتب عزام توفيق أبو السعود
- ترامب ونتنياهو.. مسرحية السلام أم هندسة الانتصار في غزة؟
- روبرت ريدفورد وهوليوود.. بَين سِحر الأداء وصِدق الرِسالة
- تجربة الشاعر الراحل عقيل علي على طاولة إتحاد أدباء ذي قار
- عزف الموسيقى في سن متأخرة يعزز صحة الدماغ
- درويش والشعر العربي ما بعد الرحيل
- -غزة صوت الحياة والموت-.. وثيقة سينمائية من قلب الكارثة
- -غزة صوت الحياة والموت-.. وثيقة سينمائية من قلب الكارثة


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - الفيل الأسود