أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - بئر حسن














المزيد.....

بئر حسن


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 6084 - 2018 / 12 / 15 - 23:14
المحور: الادب والفن
    


في إحدى المرات اتفق أحمد ونزار على الذهاب للسباحة في البحر، كانت الشواطئ الصالحة للسباحة الآمنة قد احتلت من قبل أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين، صار الوصول إليها مكلفاً لا يتم إلا عبر منتجعاتهم، لهذا اقترح نزار على أحمد الذهاب إلى دكان لبيع الأدوات البحرية يمتلكه أحد معارف والديه، هناك سيخبر نزار أصحاب المحل بأن أباه هو من أرسلهما كي يبدّلان ملابسهما في مستودع المحل، ليتمكّنا من الدخول عبر الباب الرئيسي أو عبر السياج إن اقتضى الأمر إلى نادي الضباط القريب من المحل، وكأنّهما من أولاد أحد الضباط الكبار الذين عادوا لتوهم من التسوُّق أو اللعب خارج المنتجع.

آن وصلا وانطلت الحيلة على أصحاب المحل دخلا إلى المخزن، أقفلا الباب خلفهما وشرعا بتغيير ملابسهما، كان المخزن مُعَبَّأ بأدوات السباحة ولوازمها بالإضافة إلى صناديق المشروبات الغازية من سينالكو وكراش وبعض المواد الغذائية، بحث الصديقان في البداية عن مايوهات سباحة مناسبة لهما، ارتدياها ثم فتحا بأسنانهما زجاجتي سينالكو وأكلا بعض قطع الشكولاته إلى جانبها، دخلا إلى مسبح نادي الضباط دون مشاكل وتمتعا بيومهما، حين عادا من السباحة إلى المخزن كافأا نفسيهما بزجاجتي كراش وقطعتي شكولاته إضافيتين، ولم يكتفيا بذلك بل خلع كل منهما مايوه السباحة، عصره من الماء العالق، وضعه في جريدة وحشره في ملابسه كأنّه ملكه، وهكذا تكرّرت غزواتهما إلى نفس المخزن مرتين أو ثلاث دون أن يُفتضح أمرهما.

حين كانا يعودان من مغامراتهم الظريفة في المدينة إلى منزل نزار الصغير نسبياً، الكائن في منطقة "بئر حسن" والذي يعيش فيه أكثر من اثني عشر ولداً، لم يكن بوسعهما الاسترخاء في إحدى الغرف القليلة، فما كان منهما إلا التوجُّه غالباً إلى الحديقة الصغيرة، التي تحيط بالبيت وتفصله عن الشارع العام، في إحدى شجيرات الزيتون المتواجدة فيها بنى نزار عرزالاً، سمّاه "الكوخ المحترق"، كانا يجلسان فيه، يقرآن ألغازهما البوليسية ويتحدّثان عن أحلامهما بالرحيل إلى مصر، إلى مدينة المعادي تحديداً، حيث يعيش المغامرون الخمسة وكلبهم زنجر والشاويش فرقع، ذات مرة انقطع حبل استرسالهما فجأة وساد الصمت، إذ وصلهما صوت المغنية أم كلثوم قادماً من الغرفة المجاورة وهي تصرخ بصوتها الجنائزي الخلّاب: "يا حبيبي يالله نعيش في عيون الليل"، فما كان من نزار إلا أن زفر زفرة حارة فيها آهة ولوعة، أمسك بقلم الحبر، حرَّره من غطائه، رفعه عالياً ليفجّ به رأسه وينز الدم تضامناً مع آهات المغنية وتعبيراً عن حاجته لكلمات الحب، إذ كانا على عتبة الدخول إلى كهف المراهقة آنذاك.

وذات يومٍ مشمسٍ حدث أيضاً أن مرّ شاب أسمر ضخم الجثة مرتدياً بذلة عسكرية بيضاء من أمام بيتهم، ألقى الضابط نظرة خاطفة على بنات صاحب البيت، وهن يحتسين القهوة على البالكون، ثم تابع طريقه، انزعج الأب، مالك البيت وربّ الأسرة، من سلوك الشاب الطائش، صرخ بابنه نزار كي يأتي سريعاً، أمره بأن يتعرَّى من ثيابه ويمشي أمام بيت عائلة الضابط الشاب من باب المجاكرة والتحدِّي، وإلا سيحرق له العرزال وقصصه البوليسية، رفض نزار الانصياع لأوامر أبيه، فما كان من الأب إلا أن صفعه على وجهه، ثم خلع ملابسه وبقي بسرواله الأبيض، وطفق يمشي في الشارع الرئيسي عِزِّ الظهيرة، من أمام بيته إلى بيت الشاب جيئة وذهاباً، وهكذا إلى أن هدأت موجة غضبه، ونسي أمر العرزال وأسراره وقصصه.



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بستان الريحان
- دواليب
- خمرة معتّقة في قوارير جديدة
- رحلة إبداع بالعلم والأدب
- أوس أسعد يكتب عن: من الرّفش إلى العرشِ
- أوس أسعد يكتب عن: اعتقال الفصول الأربعة
- سأشتري شقتها قريباً
- مركز البحوث العلمية -9- المقطع الأخير
- مركز البحوث العلمية -8-
- مركز البحوث العلمية -7-
- مركز البحوث العلمية -6-
- مركز البحوث العلمية -5-
- مركز البحوث العلمية -4-
- مركز البحوث العلمية -3-
- مركز البحوث العلمية -2-
- مركز البحوث العلمية -1-
- رابطة المَنَاجِذ الشيوعية -13- المقطع الأخير
- رابطة المَنَاجِذ الشيوعية -12-
- رابطة المَنَاجِذ الشيوعية -11-
- رابطة المَنَاجِذ الشيوعية -10-


المزيد.....




- فلسطين تتصدر ترشيحات جوائز النقاد للأفلام العربية في دورتها ...
- عُمان تعيد رسم المشهد الثقافي والإعلامي للأطفال
- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يع ...
- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...
- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - بئر حسن