أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - بستان الريحان














المزيد.....

بستان الريحان


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 6076 - 2018 / 12 / 7 - 01:16
المحور: الادب والفن
    


كان أحمد ونزار عائدين لتوِّهما من المدينة إلى القرية، كان الوقت قد تأخر بعض الشيء والمواصلات تكاد تكون معدومة والمسافة الفاصلة بين القرية والمدينة ليست بالبعيدة، وهكذا فقد ارتأا أن يقطعاها مشياً على القدمين ويوفران على نفسيهما أجرة ميكروباص قد يتأخر، كانا كعادتهما قد قرأا لبضع ساعات في مكتبة المركز الثقافي بعد أن أغارا على إحدى مكتبات المدينة، ولم ينسيا في طريق عودتهما وعصافير بطنهما تزقزق بصوت عالٍ أن يمرا ببيوت بعض الأولاد الذين تعرفوا إليهم من خلال الصدفة، حين رأوهم يقرأون في صالة المركز الثقافي أو يشترون من المكتبات الألغاز البوليسية باهظة الثمن، معظمهم كانوا من ساكني المنطقة الفاصلة بين القرية ومركز المدينة، كان أحمد ونزار غالباً ما يفلحان بإقناع الأولاد وتحميسهم على شراء غنائمهما، أو بإجبارهم على مقايضة بعض ما يمتلكانه من قصص لم يعودا بحاجة إليها بقصص أخرى قابلة للبيع، وبالمال الذي يحصلان عليه كانا يشتريان أحياناً طعامهما المسائي المكوَّن من سندويشتي فلافل وزجاجتي عصير.
في الطريق إلى المنزل ذاك المساء وقد بلغا منطقة غامضة مكتظة بسكانها الفقراء والمنغلقين على أنفسهم، حارة بسيطة يسمونها بساتين الريحان، معروفة بمقهاها الشعبي وبجامعها الشهير وببيوتها المتواضعة التي تعيش العائلات خلف ستائرها، بالكاد كانا قد وضعا أقدامهما في بداية الطريق الذي يشق الحارة إلى نصفين حين لمح أحمد شخصاً ينهض من كرسيه في المقهى المطل على الشارع، كان رجلاً في عقده الرابع، طويل القامة بشوارب عريضة وشعر أسود فاحم، ركب الرجل دراجته وسار خطوات باتجاههما، توقف عندهما وسألهما إن كانا قد أضلا طريق عودتهما وإن لم يكن ذلك فهو جاهز لإيصالهما على دراجته إلى قريتهما، وافق نزار الذي كان التعب قد أنهكه، وبسرعة البرق ودون تفكير قفز إلى مقعد الدراجة الخلفي، أشار الرجل إلى أحمد كي يجلس أمامه على جسر الدراجة، أي في حضن الرجل، إلا أن أحمد سرعان ما رفض عرض الرجل وتابع المشي على قدميه خائفاً، بعد دقيقة أو أكثر – بينما ما زال الرجل يلح عليه كي يركب أمامه – جاءه العون من السماء حين لمح تراكتوراً زراعياً، مدّ يديه الإثنتين عالياً راجياً منه التوقف، فرمل السائق تركتوره، وحين تأكد أحمد من لهجته الحميمية حكى له باختصار ما يحدث معه، في ذلك الوقت كان الرجل صاحب الدراجة والشوارب السوداء قد اختفى في الظلمة القميئة عن الأنظار، طلب سائق التراكتور من أحمد الصعود والجلوس إلى جانبه ثم سأله عن الاتجاه الذي ذهب به الرجل مع رفيقه، بعد أقل من خمس دقائق لحقوا بالدراجة، تماماً في تلك النقطة حيث تبدأ غابة بوقا، بصوت قروي عالٍ أمر سائق التراكتور صاحب الدراجة بالتوقف فوراً، نهره قائلاً: من أين أتتك هذه الأخلاق فجأة؟ دع الولد ينزل عن الدراجة وعد بسرعة من حيث أتيت وإلا كان لي حساباً آخر معك! أصر رجل الدراجة على صفاء نيته بايصال الولد إلى منزله دون فائدة، نزل نزار عن الدراجة وركب إلى جانب أحمد ليوصلهما رجل التراكتور إلى مشارف قريتهما بسلام.



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دواليب
- خمرة معتّقة في قوارير جديدة
- رحلة إبداع بالعلم والأدب
- أوس أسعد يكتب عن: من الرّفش إلى العرشِ
- أوس أسعد يكتب عن: اعتقال الفصول الأربعة
- سأشتري شقتها قريباً
- مركز البحوث العلمية -9- المقطع الأخير
- مركز البحوث العلمية -8-
- مركز البحوث العلمية -7-
- مركز البحوث العلمية -6-
- مركز البحوث العلمية -5-
- مركز البحوث العلمية -4-
- مركز البحوث العلمية -3-
- مركز البحوث العلمية -2-
- مركز البحوث العلمية -1-
- رابطة المَنَاجِذ الشيوعية -13- المقطع الأخير
- رابطة المَنَاجِذ الشيوعية -12-
- رابطة المَنَاجِذ الشيوعية -11-
- رابطة المَنَاجِذ الشيوعية -10-
- رابطة المَنَاجِذ الشيوعية -9-


المزيد.....




- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - بستان الريحان