أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محسن عامر - ماذا يحدث في الجزائر؟..















المزيد.....

ماذا يحدث في الجزائر؟..


محسن عامر

الحوار المتمدن-العدد: 6158 - 2019 / 2 / 27 - 20:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    







محسن عامر
في23 ديسمبر 1991 أي قبل أيام قليلة من الانتخابات التشريعية الجزائرية ، وقف طفل لم يتعدى العاشرة من عمره في وسط عشرات الآلاف من الإسلاميين في أحد ملاعب الجزائر في جو إسلامي صاخب بّين مدى الحجم الضخم للإسلاميين و هم ماضون نحو انتخابات ستحدد مصير الجزائر و مصيرهم هم أيضا. كان ذاك الطفل المهيب في وقفته و حديثه هو ابن علي بالحاج زعيم الجبهة الإسلامية للإنقاذ عندما كان أبوه و عباس مدني قياديي التنظيم الضخم قابعين في السجن . مشهد القسم الذي رددته الجموع الهادرة أمام هذا الطفل بالولاء للإسلام و الموت من أجله أكدت بلا شك للمراقبين _النظام و معارضي الإسلاميين_ حجم التجييش الذي تقوم به الحركة الإسلامية و إصرارها بكل ما أوتيت من قوة على أخذ السلطة.

بداية الأزمة :

كانت وفاة الزعيم الجزائري هواري بو مدين سنة 1979 نهاية حقبة من تاريخ الجزائر تميزت باشتراكية أساسها تدخل الدولة في الاقتصاد و تسييرها مباشرة للعملية التنموية ، يضاف لها سياسية أمنية عسكرية ترفض التعددية السياسية و لا تقبل إلاّ بمنطق سيادة الجيش المطلقة على مفاصل الدولة . هذا العهد الكريزمي طوي بقدوم عسكري أخر لمؤسسة الرئاسة هو العقيد الشادلي بن جديد.كان عهده عهد انفتاح اقتصادي تراجع عن مشروع الإصلاح الزراعي و التعريب، بكلمة أوضح ؛ أزال كل أركان الحكم البومديني سلطويا (داخل النظام و مؤسسة العسكر) و خارجيا (القيام بأول زيارة لرئيس جزائري إلى فرنسل وواشنطن ) و اقتصاديا . ما لبثت أن تراكم الأزمة الاقتصادية و دخلت البلاد حالة كساد ما لبثت ان انفجرت في أحداث احتجاج اجتماعي عرفت بالربيع الأمازيغي قابلها الجيش بقمع وحشي في المدن المنتفضة.

الأزمة الاجتماعية في الجزائر في الثمانينات كانت لها دلالات سياسية و اجتماعية مهمة جدا أولها عجز النظام ببنيته العسكرية الاستبدادية على تحقيق الاستقرار الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي و بالتالي عدم القدرة على إدامة الاستقرار القائم على سياسات الاستبداد. ثانيها تحول النظام في بنيته الداخلية إلى حالة بيروقراطية ينخرها الفساد و ساهمت سياسة بن جديد الرأسمالية في تكوين شبكة عصابات رأسمالية متنفذة داخل الدولة و الحزب الواحد في مقابلة مراكمة البؤس الاجتماعي في دولة تعوم على ثروات نفطية كبيرة جدا. ثالثا و هو الأهم القدرة الضاربة للمحافظية الاجتماعية التي تطورت و استفادت من فشل النظام لتقدم نفسها كبيل مهيمن و قوي مصر على الحكم.

الإنفجار : المواجهة الدموية مع الإسلاميين

اضطرار الشادلي بن جديد لإجراء تحوير ديمقراطي يقبل بالتعددية السياسية عبر تحوير دستور البلاد، إزاحة مدير المخابرات العسكرية الأكحل عياط و محمد شريف و مساعدييه من الأمامة العامة للحزب، لم يرق لبارونات الجيش المسيطرين . إذا ما إن انطلقت الانتخابات حتى ظهر الحجم المخيف للحركة الإسلامية المهدد للنظام و الذي سيفتح عهدا طالبانيا رجعيا في الجزائر . هذا تم قمع الحركة الإسلامية و إلغاء الانتخابات و اعتلاء محمد بوضياف لسدة الحكم التي لم تدم سوى أشهر قليلة حتى اغتيل على يد الملازم في القوات الخاصة الجزائرية مبارك بو معفرافي في 29 جوان 1992، لتنطلق فعليا ما تعارف على تسميته لاحقا بالعشرية السوداء .
الجزائر امتداد غير متجانس اثنيا يمتد على مساحة ضخمة هي خمسة أضعاف حجم فرنسا تشقها سلاسل جبال الأطلس الشاهقة و تحتويها الصحراء الكبرى في الجنوب . يتداخل فيها العنصران العربي و الأمازيغي بطريقة متشعبة تنبني على قاعدة الحذر الدائم وسط تعبيرات قبلية هي المهيمنة على المشهد الاجتماعي الجزائري . ينضاف إليها تصحر سياسي ركزه الإستبداد العسكري بطريقة منعت نشوء حركات ديمقراطية مواطنية قادرة على تحويل الجزائر من بلد متخلف على المستوى الاجتماعي و السياسي إلى دولة مواطنية حديثة ديمقراطية. فشل الأنظمة العسكرية الكاريزمية في قيادة تحول سياسي و تنموي حقيقي و سقوط التجربة الاشتراكية و غياب بدائل ديمقراطية جعل القوى المحافظة و هم الإسلاميون يطرحوا أنفسهم بقوة كبدائل محافظة للقوى التقليدية في الحكم . نجح الإسلاميون في تجييش مئات الآلاف و دفع البلاد نحو أتون صراع سياسي رجعي مع العسكر انتهى كما كان متوقعا نحو صدام دموي دام عشرة سنوات.

كان إعلان علي بالحاج على تبني الخيار المسلح ضد النظام بداية صدام دموي لجأ فيه الإسلاميون لعملية القتل و القتل المضاد و دخلوا في عملية تكون عسكري و تنظيمي و أيديولوجي جديد نحى نحو مزيد التنظم و التأدلج العنيف و التطرف الأيدولوجي. تم توحيد العمل القتالي الذي بدأ كما قلنا ينحو نحو التراكم النوعي التنظيمي في 13 ماي 1994 في جبال منطقة الأربعاء التي تبعد 30 كلم غربي العاصمة لبرز اسم موحّد للمجاميع المتطرفة هو الجماعة الإسلامية المسلحة تحت قيادة عبد الله أحمد. هكذا دخلت الجزائر في عمليات قتل و قتل مضاد بين الجيش و المنظمات الجماعة الإسلامية المسلحة أودت بحياة عشرات الآلاف من المدنيين و خيم مشهد الموت المخيف على الجزائر.
حاول النظام ابتلاع حالة الاقتتال و العودة إلى المربع الأول عبر سن قانون سمي قانون الوئام المديني من أجل إعادة حالة الاستقرار عبر إقرار عفو عام ينهي حالة الحرب. و لئن نجح بوتفليقة نسبيا في إعادة حالة هدوء و عودة الجزائر من جديد للاستقرار الأمني و لكن هذا الحدث كان حالة انتقال كبرى بالنسبة للمجاميع الإسلامية المقاتلة . إذ أنها كانت بداية الظهور الحقيقي للمجموعات الأكثر تطرفا و يمينيا التي اختارت لنفسها إسم الجماعة السلفية للدعوة و القاتل و لتبايع لاحقا زعيم القاعدة أسامة بن لادن و تتحول نهائيا لفرع منه تحت مسمى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي .

الإنتفاضات العربية: التغيير في الجزائر في مواجهة تحدي الإسلام السياسي في الجزائر

الربيع العربي , هذه الإنتقالة الهادرة التي هزّت العالم العربي حولت بأنظمته أخرجت المجموعات المتطرفة من يأسها و عزلتها السياسية و العماليتية لتتحول إلى لاعب إقليمي كبير مدمج ضمن حسابات الفاعلين و المتنافسين في المشرق العربي. اندلاع الانتفاضة السورية كم أشرنا سابقا أدخل الحركات المتطرفة في عملية تحول نوعي انتهى بخروج داعش كبديل نوعي عن تنظيم القاعدة و انفرط المارد المتوحش أممي التوجه من جديد معلنا عودة خط أسامة بن لادن . هذا التحول الذي حول الظاهرة الإرهابية من حالة عمل العصابات إلى حالة الدولة في العراق و سوريا ألقى بضلاله على المغرب العربي لتهجر أغلب التنظيمات المتطرفة التابعة للقاعدة نحو داعش . بدأت مجاميع متطرفة كجند الخلافة تهجر القاعدة نحو داعش مع مجموعات أخرى جزائرية البويرة و سكيكدة شرقي الجزائر.
بداية تفكك تنظيم القاعدة بقيادة عبد المالك دوكال هو نتاج طبيعي لعملية التحول النوعي الذي يشهده التطرف الجهادي في العالم العربي . باعتبار نهاية مهام الخط الجهادي "الستاليني" في مواجهة أنظمة كانت تنعت بالصليبية و سقطت و ظهرت مهمات جديدة أصبحت تنظيم القاعدة بقراءاتها الأيديولوجية و أدائها التنظيمي عاجزا على مجاراته . بل و الأهم من ذلك الدول الإقليمي المناط بعهدة الجهاديين و الذي يسعى الفاعلون الدوليون دفعه نحوه. تنظيم الدولة الإسلامية أو ما كان يسمى القاعدة في المغرب الإسلامي في حالة تحول بطيئ بالقياس مع متطرفي المشرق المقحمين في مسرح الأحداث الهادرة في سوريا و العراق و اليمن باعتبار أن الوزن الكبير للنظام الجزائري و قبضته الأمنية الحديدية و انخراطها في لعبة التخندقات الإقليمية و ثقلها القوي منع من نقل السيناريو المشرقي الداعشي نحو عمق الجزائر و بالتالي بقي متطرفو المغرب العربي معزولين نسبيا عن مجرى الأحداث حتى إشعار أخر .

حدود مشروع الإنتقال الديمقراطي في الجزائر: ثلاثية دولة الحزب الواحد في مواجهة الإسلاميين و الحركة الديمقراطية

الإحتجاجات الأخيرة في الجزائر ضد "العهدة الخامسة" للرئيس "الصورة" عبد العزيز بوتفليقة على امتداد مدن عديدة في الجزائر من سطيف و عنابة، خراطة و تزي وزو التي كانت وسائل التواصل الإجتماعي مجالا للتعبئة فيها، كانت عفوية الطابع رغم أنها أسندت من تيارات سياسية متعددة المشارب. "جمهورية بابا" أو الإرهاب ، بوتفليقة أو الإسلاميون مقابلة غير منهجية تصب في مجرى إدامة الأزمة في الجزائر .عدى كون الحالة الإسلامية الجزائرية تشقها تيارات عديدة، الإخوان المسلمون (المطروحون دوما على طاولة بديل الحكم المقبول غربيا..)أي حركة مجتمع السلم (حمس) في وفاق مع النظام الحاكم في الجزائر لاعتبارات تكتيكية. الإستبداد السياسي هو الدعامة الأساسية التي ولد و تربت فيها "المافيا" بتعبير الرئيس المقتول محمد بوضياف.إدامة النظام الحالي بصراعاته الداخلية في مستوى ترتيب بيت السلطة و تناقضاته في مستوى تعاطيه مع المسألة الإقتصادية و الإجتماعية و الازمة السياسية الحالية،مع مسح الساحة السياسية من إماكانت توافقات و سياسية compromis politique مع الفاعلين الديمقراطين.بمعنى أوضح، توسيع ممكنات الشراكة الوطنية مع الطيف السياسي الجزائري و تحجيم أكثر ما يمكن من الطبقة الحاكمة التقليدية الماسكة بزمام السلطة و الإمتيازات الإقتصادية، محاربة الفساد، عدالة إجتماعية ، تساوي الفرص. عدم تدارك النظام الحالي لازمته في مستوى فتح الأفق للتغير . بذلك سيكون قد قدم الجزائر للمجهول داخليا و خارجية.



#محسن_عامر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النهضة في مواجهة تيارات السلطة
- ضحايا النظام أم ضحايا حركة النهضة؟ : الحصاد المر للإتجاه الإ ...
- موقف الجبهة الشعبية من مسألة الميراث: ضرورات الإنخراط في الف ...
- إتحاد الشغل والسلطة: الصِدام
- إتحاد الشغل و السلطة : الصِدام
- المتغيٍّر السياسي في تونس على ضوء تحوير القانون الإنتخابي
- توافق ورثة نداء تونس على طاولة حركة النهضة
- ردود المنتصرين: مدخل إلى -مفهوم التوافق-
- صراع السلطة و الإتحاد : رسائل يوسف الشاهد الأخيرة
- يهود تونس فاعل انتخابي من باب حركة النهضة
- الإعلام -السلطة- و الإعلام -المتسلّط عليه-
- اللورد و الواعظ و صناعة المشرق العربي الجديد
- إعلان حماس عن مسؤولية -إسرائيل- في اغتيال الشهيد محمد الزوار ...
- الفصل الثاني من الإنتقال الديمقراطي في تونس : المفهوم الناشئ ...
- الدعاية السياسية حين تتحول إلى ثرثرة : الدعوة إلى انتخابات م ...
- مَا بَعْدَ إِعْلانِ مُبادَرَةِ عبيد البريكي : بِنْيةُ المباد ...
- اليَسَاريُّونْ الأخْياَرْ و اليَسَارِيُّون الأَباَلِسَة


المزيد.....




- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...
- جهاز كشف الكذب وإجابة -ولي عهد السعودية-.. رد أحد أشهر لاعبي ...
- السعودية.. فيديو ادعاء فتاة تعرضها لتهديد وضرب في الرياض يثي ...
- قيادي في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة بشأن -نزع السلاح مقابل ...
- -يسرقون بيوت الله-.. غضب في السعودية بعد اكتشاف اختلاسات في ...
- -تايمز أوف إسرائيل-: تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن ...
- الحرب الإسرائيلية على غزة في يومها الـ203.. تحذيرات عربية ود ...
- -بلومبيرغ-: السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غز ...
- هل تشيخ المجتمعات وتصبح عرضة للانهيار بمرور الوقت؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محسن عامر - ماذا يحدث في الجزائر؟..