رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 6156 - 2019 / 2 / 25 - 21:52
المحور:
الادب والفن
الرواية والقصيدة
"الدليل"
إبراهيم نصر الله
كنا نتأثر بما نقرأ، وهذا الأثر يبقى حاضرا وفاعلا فينا حتى بعد عقود، اغلبنا قرأ "رجال في الشمس" وعرف "أبو الخيزران" وعلم أن الرحلة نحو الشرق تمثل الموت للفلسطيني، فنحن "نشرق غربا" ونموت شرقا، فالصحراء بشمسها الحارة عملت على موت الباحثين عن رزقهم في بلاد الذهب الأسود، وها هو "إبراهيم نصر الله" يعيد لنا رحلة الموت من جديد، لكن من خلال قصيدة "التدليل" التي نجد فيها تقاطع مع الرواية في أكثر من مسألة، منها الصحراء والشمس وجهة الرجله:
" والشمـسُ في شـرفات الأصـيلْ "
"
والشمسُ من فوقنا تَـتَـقَـلَّبُ في نارِها
واللهيبُ نِـصالٌ خرافيـةٌ
جمـرُها معدنٌ ذائـبٌ في الصَّليـلْ
"
صـحـــراءُ
... ...
كانت بحـارُ الرمال إلى الشرقِ منقوعةً بالسرابِ
" والفاجعة التي انتهى إليها المرتحلون:
"
هـــكذا
لـم يـصلْ أحـدٌ آخـــــــرَ الأمـرِ
غـــيرُ
الدلـيــــلْ .
"
فما يحسب للقصيدة أنها قدمتنا من جديد إلى فكرة القيادة البائسة التي ما زالت تدفعنا إلى الموت ونحن راضين/مطيعين لها، فما آن الأوان لنتحرر منها وننهي مأساتنا المستمرة؟ اعتقد هذه الفكرة لوحدها كافية لجعلنا نقول أن القصيدة تطرح فكرة/موضوع يستحق التوقف عنده.
لكن أهمية القصيدة لا تتوقف عند هذا الأمر، بل نجد المرتحلون غالبيتهم من الذكور "سبعة أشخاص، وثلاث نسوة وطفل، بمعنى أن الأكثرية التي وافقت ورافقت الدليل البائس هي من الذكور، بنما كانت النساء قلة، والطفل يشير إلى فقد الرحلة لعنصر الشباب الذي يقع على كاهله التغير والانتقال إلى مرحلة جديدة، فالقصيدة تؤكد عقم المجتمع الذكوري على ما زال يسير بنا من هزيمة إلى أخرى.
هذا على مستوى المضمون/الفكرة التي تطرحها القصيدة، لكن الطريقة التي استخدمها الشاعر هي الأهم، فهو كان يعي قتامة القصيدة، لهذا نجده استعاض بالصور الشعرية لتخفف من وطأة القتامة على المتلقي:
"
والشمـسُ في شـرفات الأصـيلْ
ظلُّهـا شجرٌ فارعٌ يسـتغيثُ
""
كانت بحـارُ الرمال إلى الشرقِ منقوعةً بالسرابِ
"
" وكنا هنالكَ من حولهِ غابةً من نـخـيـلْ "
وهذا ما يجعل المتلقي يقبل القصيدة، ويتوقف عندها، وعند الصور التي جاءت بها، فالمزج بين هذه الشاعرية وبين الفكرة يعبر عن قدرة الشاعر على الابداع وتقديم فكرة سوداء ضمن شكل (جميل).
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟