أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - التماثل اللغة والمضمون في قصة -توغّل ، فذاك حُلُمي- علي السباعي














المزيد.....

التماثل اللغة والمضمون في قصة -توغّل ، فذاك حُلُمي- علي السباعي


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6149 - 2019 / 2 / 18 - 12:49
المحور: الادب والفن
    


التماثل اللغة والمضمون في قصة
"توغّل ، فذاك حُلُمي"
علي السباعي
في الشعر يمكننا أن نجد التماثل بين اللغة والمضمون والترابط بينهما بطريقة أيسر من الأجناس الأدبية الأخرى، لكن يبدو أن القاص "علي السباعي" أستطاع أن يتجاوز هذه الأمر، ويقدم لنا "توغل، فداك دمي" بلغة تتناسب والمضمون، ولم يكتفي القاص بهذا بل نجده يستخدم ثلاثة مستويات من اللغة، في المستوى الأول نحد لغة ناصعة البياض وهذا ناتج عن أثر "بغداد" عليه: "أحرث ابتسامتي في وجوه المارة ، أنعقد الصبح وأنا وحيد ، ضائع مثل ضوء في الضوء ، صباح بغداد فتح كل نوافذ البغداديين" مشاعر القاص تنبض البياض والفرح، حتى عندما أراد عن يعبر عن انزعاجه كان "الضياع" في الضوء، وليس في شيء قاتم، وهذا يؤكد الأثر الايجابي للمكان غلى وفي القاص، وعندما يصف أثر "بغداد" عليه يعطيها صورة بهية، نابضة بالحياة والجمال والحيوية: "صباح بغداد فتح كل نوافذ البغداديين ، أسمع أصوات ضرب النواقيس التي أعطيتها ظهري لتصيبني أصداء أجراسها الحزينة القديمة المنحدرة إلي بالحنين محملة بذكريات زمن جميل ، وعواطف صادقة يوم كنت طالباً في عاصمة الدهشة بغداد قادماً إليها من أور مرتدياً قميصي الأبيض الناصع البياض ، وذكريات حب منسية إبان أيام الدراسة الجامعية عصفت بروحي ، لتملأني العواطف والذكريات بسلام جديد ، سلام بغدادي يشبه صباحاتها الربيعية الجميلة"، يقول صديقي "فراس حج محمد" يجب أن يكون لكن صنف أدبي لغته الخاصة، اعتقد أن القاص" أقنعنا أن "بغداد" هي من جعلته يتحدث بهذه اللغة الشعرية، فهو والمكان أمسيا شيئا واحدا، فاللغة المستخدم لم يأتي بها "القاص" من تلقاء نفسه، بل هي التي أتت إليه، "بغداد" هي ملهمته، وهو عاشقا، فتحرر من كونه "قاص" ليهيم في عالم الصور الشعرية واللغة البيضاء.
قبل الانتقال إلى المستوى الثاني قدم لنا القاص مقطع ينهي فيه المستوى الأول، جاء فيه: "شمس دار السلام كادت تأخذ وضعها العمودي فوقنا باحمرار خفيف شع ضوؤها شاسعاً داخل سماء زرقاء واسعة مدهشة" الوقت ظهيرة، ورغم حرارة الشمس إلا أن "بغداد" استمرت في جعل القاص يحافظ على مستوى اللغة المستخدمة، فرغم الحر اكتظاظ الناس والضجيج بقيت "بغداد" هي السيدة الباعثة لهذه اللغة الناعمة والهادئة؟
المستوى الثاني جاءت بعد هذا المشهد مباشر والذي جاء فيه: "لفت نظري رجل حلو القوام رشيق طويل مرفوع الرأس يرتدي بذلة أنيقة فاخرة جداً واقفاً يتصل متحدثاً بصوت عال عبر هاتفه النقال الثمين ، قرب قدمه اليسرى حقيبة دبلوماسية سوداء ، استوت الشمس عمودية ساخنة ، رجل البدلة لا ينحني للشمس الغاضبة" نجد الشمس بدأت تزعج القاص، "عمودية ساخنة" رغم أنه وصفها "باحمرار خفيف" في السابق، والتحول لم يتوقف عند الطبيعة، بل نجدها عندما تدح عن الشخص: "قرب قدمه اليسرى حقيبة دبلوماسية سوداء" فاللغة تتماثل هنا مع طبيعة المشهد، فهنا "قدمه، وسوداء، ساخنة" فمن خلال اللغة والألفاظ نستطيع أن نشعر أن هناك خلالا/حدث ما قد أصاب القاص، جعلت اللغة تبتعد عن البهاء والبياض الذي كان، وتنحني نحو السواد، وكأن القاص يمهد لحدث ما.
إذن بداية المستوى الثاني بعد أن شاهد القاص الرجل حامل الحقيبة السوداء، لنرى هذا المستوى أوضح من خلال هذا المشهد: "بينا تحيط بي عيون عراقية تعكس الضوء بلونها الداكن ، وثمة وجوه مشرقة ومسفرة وضاحكة مستبشرة ووجوه مغبرة ترهقها قترة ، وجوه صامتة منتظرة ، يتحدث الرجل بصوت عال مخاطباً الآخر الذي على اتصال معه" نجد لفظ "الداكن" ونجد آيات من القرآن الكريم، وكأنها تمهد لحدث ما فالقاص وازن بين "لمستبشرة وترهقها قترة، وكأن هناك صراع سيحدث بين الخير والشر.
المستوى الثالث جاء قاتما وغارقا في القسوة والبشاعة: "تناول الثري ذو البدلة الفاخرة هاتفه الخلوي الثمين وأصابعه الطويلة القاسية تضغط بغيظٍ هائلٍ على أرقام لوحة مفاتيحه متصلاً ضاحكاً بمكر وكأنه يلعب لعبة ماكرة" القاص اقران الثراء بالإجرام والإرهاب، فنجد "تضغط، بغيظ، هائل، بمكر، ماكرة" كل هذه الألفاظ تخدم فكرة الامتعاض واعدم الوفاق مع هذا الثري وهذا الثراء.
يستمر القاص في تقديم المستوى الثالث من خلال هذا المشهد: "تمر لحظة قصيرة ، عشتها ، ولم أتجاوزها، لحظة واحدة حددت بين الحياة والموت ، أرى من قريب الوهج البرتقالي يبرق صاعداً بلهيب أحمر حازاً رقاب الناس إلى السماء محتشداً بشعلة زرقاء محمرة محملة بأشلاء المتبضعين ودماؤهم الحمر غطت بذلة عرس الشمس البيضاء" يستوقفنا هذا المشهد ليس باللغة السوداء التي يحملها فحسب، بل أيضا طول الفقرة، فنجد من لفظ "أرى إلى البيضاء " جاء دون فواصل رغم طول الفقرة، وهذا يشير إلى حالة الانفعال والتأثر بالمشهد عند القاص، فطبيعة الحدث جعلته لغويا (يتجاهل/يتجاوز) استخدام الفواصل، وهذا بالتأكيد يخدم المشهد الوارد تقديمه.
يستمر القاص في استخدام المستوى الثالث، فيحدثنا عن آثار الفجار: "أغطش الانفجار نهار بغداد وأخرج ظهرها وجعلنا حصيداً خامدين ، وألحق الخراب بساحة حرية أرض السواد ، وأزهق أرواح الناس" من خلال ما سبق، نستطيع القول أن "علي السباعي" نجح في الربط بين اللغة والألفاظ من جهة وبين أحداث القصة بشكل متقن ومتماسق، وهذا ما يجعلنا نستمتع ـ أدبيا ـ بمثل هذه القصص.
القصة منشورة على موقع " https://www.alsharqiya.com/news/%D8%AA%D9%88%D8%BA%D9%91%D9%84-%D8%8C-%D9%81%D8%B0%D8%A7%D9%83-%D8%AD%D9%8F%D9%84%D9%8F%D9%85%D9%8A-%D8%B9%D9%84%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D8%B9%D9%8A/?fbclid=IwAR1MLlsZsNLIbvpCq_dUD739bsFg-HanozZJG12Bg1y9QgY02PW_7odXxiM "



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لوحات شعرية من التراث النابلسي وليد محمد الكيلاني
- محمد داود -مخيم اليرموك أيام الحصار-
- محمد داود في -يا أمنيات-
- عبود الجابري ومضات شعرية
- -حيفا برقة- المكان والإنسان سميح مسعود
- مناقشة رواية -الست زبيدة- للكاتبة نوال حلاوة
- المرأة واداة التغير في رواية -طيور الرغبة- محمد الحجيري
- المضمون وطريقة التقديم قصيدة -في غفلة منك- سليمان أحمد العوج ...
- التناسق عند نزيه حسون -في صومعتي-
- رواية أورفوار عكا علاء حليحل
- سعيد العفاسي وتناوله للشاعر إبراهيم مالك
- مناقشة ديوان شغف الأيائل لعفاف خلف
- نافذ الرفاعي في قصيدة -أنشودة مجنونة-
- تعرية السياسيين في مجموعة -فوق بلاد السواد- أزهر جرجيس
- السيرة الروائية في -الست زبيدة- نوال حلاوة
- لغة الأنثى في -شغف الأيائل- عفاف خلف
- عبود الجابري وتقديم الانتحار
- الحركة الشيوعية في فلسطين -عبد الرحمن عوض الله-
- الكلمة والحرف والمعنى عند -السعيد عبد الغني
- -جواد الشمس- مرام النابلسي


المزيد.....




- مجتمع ما بعد القراءة والكتابة: هل يصبح التفكير رفاهية؟
- السعودية.. تركي آل الشيخ يكشف اسم فنان سوري سيشارك وسط ضجة - ...
- المحرر نائل البرغوثي: إسرائيل حاولت قهرنا وكان ردنا بالحضارة ...
- مجاهد أبو الهيل: «المدى رسخت المعنى الحقيقي لدور المثقف وجعل ...
- صدر حديثا ؛ حكايا المرايا للفنان محمود صبح.
- البيتلز على بوابة هوليود.. 4 أفلام تعيد إحياء أسطورة فرقة -ا ...
- جسّد شخصيته في فيلم -أبولو 13-.. توم هانكس يُحيي ذكرى رائد ا ...
- -وزائرتي كأن بها حياء-… تجليات المرض في الشعر العربي
- هل يمكن للذكاء الاصطناعي حماية ثقافة الشعوب الأصلية ولغاتها؟ ...
- -غزة فاضحة العالم-.. بين ازدواجية المعايير ومصير شمشون


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - التماثل اللغة والمضمون في قصة -توغّل ، فذاك حُلُمي- علي السباعي