أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الشطري - القتيلة














المزيد.....

القتيلة


أحمد الشطري
شاعر وناقد

(Ahmed Alshtry)


الحوار المتمدن-العدد: 6145 - 2019 / 2 / 14 - 23:19
المحور: الادب والفن
    


لا احد يعرف مصدر الصور التي انتشرت على صفحات التواصل الاجتماعي، لجثة أمرأة مغطاة بالدماء، ووجه تشوهت كل ملامحه، وجمجمة مفتوحة من الاعلى، صور أثارت الاشمئزاز، والرعب، والأسى في آن واحد. الصفحات التي بدأت تتناقل الصور، راح اصحابها يضعون قصصا، ومبررات من مخيلاتهم عن اسباب مقتلها، وعن حياتها التي كانت تعيشها، وعن الكيفية التي تم ارتكاب الجريمة بها، فمنهم من ذكر انها قتلت بواسطة مطرقة كبيرة، وبعضهم قال ان رشقة من بندقية هشمت راسها، وأخرون قالوا انها قتلت بعدة اطلاقات من مسدسات كاتمة للصوت، وكان الذين يتفاعلون مع تلك المنشورات يقترحون عدة اسباب للقتل، بعضهم ترحم على القتيلة، والبعض الآخر اطلق سيلا من الشتائم واللعنات عليها، بعض الناشرين عزا اسباب مقتلها الى مواقف سياسية، وبعضهم الى مواقف دينية، واخرون قالوا ان اهلها قاموا بقتلها غسلا للعار، بينما افترض اخرون ان صديقها الحميم هو من قام بقتلها بسبب الغيرة، او بسبب خيانتها له. احدهم نشر صورا لفتاة مغطاة الوجه تردي ملابس شبه عارية مدعيا انها هي، واخر نشر صورة لامرأة منقبة قائلة انها مجاهدة، وأخر نشر صورة لفتاة اخفى ملامح وجهها تحمل لافتة في احدى المظاهرات. كان الجدال قد اخذ مساحة واسعة من صفحات التواصل الاجتماعي، وتجاوز اطاره المحلي؛ لتصبح قضية مقتلها رأيا عاما، ليس على النطاق المحلي فحسب، وانما على النطاق العالمي، جمعيات حقوق الانسان طالبت وبشدة الكشف عن ملابسات الجريمة، في الوقت الذي راحت بعض المواقع المتعصبة دينيا تمجد بفعل الذي قام بقتلها، وعدته من المجاهدين الذين ستكتب لهم الجنة، بينما شنت اخرى هجوما على الفسقة الذين قتلوا السيدة المجاهدة. لم يكن لدى الاجهزة الامنية اية معلومات عن القتيلة، او عن القاتل، وامام ضغط الراي العام، والمطالبات التي بدأت تتهاطل من جهات عالمية، ومحلية متعددة، شكلت الحكومة فريق عمل متخصص؛ للبحث في ملابسات الجريمة ومعرفة مرتكبها، وقبل ذلك التحقق من هوية المجنى عليها، فطلبت من الطب العدلي الاسراع بتقديم التقرير الخاص بكيفية ارتكاب الجريمة، والكشف عن هوية القتيلة.
الغريب والمثير للدهشة، ان لا احد تقدم بشكوى تخص الحادث، ولا احد طالب بالجثة، مع انه قد مضى اسبوع كامل على الحادثة.
توجهت اللجنة المختصة الى المكان الذي عثر فيه على الجثة. وهو ساحة تقع في منتصف تقاطع اربعة شوارع في وسط المدينة. تفحصوا كاميرات المراقبة للمحلات القريبة من الحادث، فلم يعثروا على اي شيء يرشد الى طبيعة الحادث، أو كيفية وقوعه.
بعد بضعة ايام ظهر تقرير الطب العدلي، وجاء فيه: "انها امرأة في الاربعين من عمرها ترتدي ثيابا رثة، وان هناك رضوض في بعض اعضاء جسدها، وان تشوهات وجهها، والفتحة التي في الجمجمة؛ نتيجة تعرضها لضربة عنيفة بمادة صلبة، وان الوفاة حدثت بين الساعة الرابع والخامسة فجرا." وارفق مع التقرير صورة لوجه القتيلة بعد اجراء عملية التجميل عليها.
بعد عرض الصورة من قبل اللجنة التحقيقية على المحلات القريبة من الحادث، اتفق الجميع على انها لامرأة مسكينة كانت تتسول في هذه المنطقة، ولكن لا احد يعرف عنها شيئا.
في اليوم التالي ظهر المتحدث باسم وزارة الداخلية امام مجموعة من الفضائيات، ليعلن بابتسامة ان لا شيء يستحق هذه الضجة الكبيرة، فهي مجرد امرأة متسولة وان الحادث قيد ضد مجهول. في الوقت الذي كانت صفحات التواصل الاجتماعي تتبادل الطرائف، وباقات الزهور، وتحيات الصباح، وادعية الرزق، وحملات التكفير، ووعود السياسيين بالمستقبل الباهر، واغنيات فيروز.



#أحمد_الشطري (هاشتاغ)       Ahmed_Alshtry#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة تحليلية لنصوص (جسدها في الحمام) لابتهال بليبل
- نبوءات السيد (ق)... قصة قصيرة
- لا خروج على النص.. قصة قصيرة
- شيلمة ... قصة قصيرة
- الحركة الأخيرة ... قصة قصيرة
- الولاة ...قصة قصيرة
- قصة قصيرة ..... الجهة الأخرى
- قصة قصيرة........ الذي مات
- الابعاد الجمالية، والسيميائية في نص (احراق الكتاب) لعبد الزه ...
- الحدث
- حركات التجديد في الشعر بين التبعية والا بتداع


المزيد.....




- فنان مصري: -الزعيم- تقاعد واعتزل الفن دون رجعة
- من إلغاء جولتها الفنية إلى طلاقها.. جنيفر لوبيز تكشف كيف -ان ...
- غزة.. عزف الموسيقى لمواجهة البتر والألم
- لعبة التوقعات.. هل يفوز عمل غير غربي بجائزة نوبل للآداب 2024 ...
- اندمج في تصوير مشهد حب ونسي المخرج.. لحظة محرجة لأندرو غارفي ...
- تردد قناة روتانا سينما 2024 الجديد على نايل سات وعرب سات.. ن ...
- الممثل الخاص لوزير الخارجية الايراني يبحث مع نبيه بري قضايا ...
- سيدني سويني وأماندا سيفريد تلعبان دور البطولة في فيلم مقتبس ...
- فشلت في العثور على والدتها وأختها تزوجت من طليقها.. الممثلة ...
- -دبلوماسية الأفلام-.. روسيا تطور صناعة الأفلام بالتعاون مع ب ...


المزيد.....

- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الشطري - القتيلة