أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الشطري - لا خروج على النص.. قصة قصيرة














المزيد.....

لا خروج على النص.. قصة قصيرة


أحمد الشطري
شاعر وناقد

(Ahmed Alshtry)


الحوار المتمدن-العدد: 6075 - 2018 / 12 / 6 - 12:33
المحور: الادب والفن
    


أصدر الباب صوتا عاليا وهو ينغلق خلفه مع اول خطوة يضعها خارج منزله، لكنه لم يلتفت الى الوراء، ولم يشعر بانزعاج من ذلك الصوت، سار في الشارع الخالي بخطى واثقة، احس بخفة جسمه، وبدا له ان مجرد نسمة خفيفة ستحمله مثل طائر صغير ليحلق في السماء، رغم انه كان يسير كل يوم في ذات الشارع بخطى ثقيلة، ومتعثرة احيانا بالمطبات المنتشرة فيه، لكن الشارع في ذلك اليوم كان خاليا من كل شيء، من المارة، والمطبات، والروائح الكريهة، كان كل شيء فيه جميلا، الهدوء الذي يسوده، والهواء المنعش، والرائحة الزكية، والارضية النظيفة، والمصقولة، وكأنها طليت بقطع من حجر المرمر، كانت الدهشة تتملكه، فهو لا يعرف ما الذي غير كل شيء في ليلة واحده، تلفت يمينا، ويسارا لعله يجد احدا؛ ليسأله لكنه لم يعثر على اي احد، فالشارع كان خاليا تماما الا منه، فكر بالعودة لبيته؛ ليسأل زوجته لعله يجد عندها خبرا ما، لكنه تذكر انها خرجت من المنزل قبله كعادتها في الذهاب الى دائرتها البعيدة، كان الطريق الى محل عمله يمر عبر ساحة كبيرة تتوسط المدينة، وتلتقي عندها كل شوارعها الرئيسية، ورغم ان الفصل لم يكن شتاء، الا ان السماء كانت تنث رذاذا اشبه بالرذاذ المنبعث من قنينة عطر، لكنه لم يحس بالبلل، او باي اثر لذلك الرذاذ، فقط كان يشعر بالانتشاء، وبين لحظة، واخرى كان يردد مع نفسه: ما الذي حصل يا الاهي!؟ لماذا كل شيء جميل هذا اليوم!؟
لكن سيل اسئلته انقطع لحظة اقترابه من الساحة الكبيرة، واخذت عيناه تجحظان، ما هذا الذي يراه!؟ لماذا الناس يجتمعون في هذا المكان بهذه الهيئة الغريبة!؟
اغمض عينيه، ثم اعاد فتحهما، لكن المنظر لم يتبدل، دعك عينيه بقوة؛ ليتأكد من انه لم يكن نائما، ثم اعاد النظر، ولكن المنظر هو نفسه، والناس يسيرون مبتسمين، وكأن كل شيء طبيعي، لا أحد ينظر الى احد باستغراب، ولا احد يحاول ان يدنو من احد، او يزاحمه، او يفعل ما يمكن ان يعكر الاجواء الهادئة، رغم ان الرجال، والنساء كانوا عراة تماما، لا شيء يستر اجسادهم، ولكن وجوههم بدت خالية من اي اثر للحياء من ذلك العري، او الشعور بالغرابة، يا الاهي هل اصيب الناس بالجنون ام ماذا!؟ تساءل مع نفسه، ألهذا بدت الشوارع غير الشوارع التي اعرفها!؟ والاجواء غير الاجواء التي اعهدها!؟ هل انا في مدينة اخرى غير مدينتي!؟ ولكنها هي ذاتها، قالها لنفسه بتأكيد جازم، هذه ساحتها الكبيرة، وذاك الشارع الذي قطعته هو نفسه شارعنا، ربما تغيرت اشكالهما، ولكنهما هما ذاتهما. هل هو يوم القيامة الذي يتحدثون عنه، لا يمكن، فما قرأته عن ذلك اليوم لا يتفق مع هذا المنظر سوى بمشهد العري.
لاح له بين المارة صديق قديم، فصاح به بصوت مرتفع، اثار استغراب جميع المارة، فرمقوه بنظرة استنكار، احدهم تبسم بوجه قائلا: رجاء اخفض صوتك كي لا تزعج الآخرين.
امسك بيد الرجل بقوة، ولكن الرجل سحب يده باشمئزاز،... من فضلك اريد ان أسألك سؤالا. فهز الرجل رأسه بالإيجاب مبتسما. قال: لماذا الناس عراة هكذا هذا اليوم!؟
ضحك الرجل، وبدت عليه علامات الاستغراب، وهو ينظر اليه من اسفل الى اعلى، ثم سار مبتعدا عنه. لم ترق له نظرة الرجل اليه، واعتلج في صدره شيء من الغضب، والاستنكار، نظر الى نفسه؛ ليتأكد ان كان ثمة خلل في ملابسه، فوجد نفسه عاريا ايضا، انتابه احساس بالخجل، والارتباك، وحاول ان يغطي عورته بيديه، ولكنه تذكر أن كل الذين من حوله هم عراة مثله، رفع رأسه، وسار باعتدال، وعلى ثغره ابتسامة ساخرة.



#أحمد_الشطري (هاشتاغ)       Ahmed_Alshtry#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيلمة ... قصة قصيرة
- الحركة الأخيرة ... قصة قصيرة
- الولاة ...قصة قصيرة
- قصة قصيرة ..... الجهة الأخرى
- قصة قصيرة........ الذي مات
- الابعاد الجمالية، والسيميائية في نص (احراق الكتاب) لعبد الزه ...
- الحدث
- حركات التجديد في الشعر بين التبعية والا بتداع


المزيد.....




- -ميتا- تعتذر عن ترجمة آلية خاطئة أعلنت وفاة مسؤول هندي
- في قرار مفاجئ.. وزارة الزراعة الأمريكية تفصل 70 باحثًا أجنبي ...
- -بعد 28 عاما-.. عودة سينمائية مختلفة إلى عالم الزومبي
- لنظام الخمس سنوات والثلاث سنوات .. أعرف الآن تنسيق الدبلومات ...
- قصص -جبل الجليد- تناقش الهوية والاغتراب في مواجهة الخسارات
- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث
- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الشطري - لا خروج على النص.. قصة قصيرة