أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد عبدالله حسن - قصة حلم نجم الدين الحداد في سجن أبو غريب.















المزيد.....



قصة حلم نجم الدين الحداد في سجن أبو غريب.


وليد عبدالله حسن

الحوار المتمدن-العدد: 6141 - 2019 / 2 / 10 - 13:43
المحور: الادب والفن
    


- في بداية الثمانينات تم أعتقال نجم الدين الحداد مع كل افراد عائلته، وأتهامهم بالأنتماء الى حزب الدعوة، وعلى أنهم من أصول ايرانية، رغم أن أصولهم ترجع الى بني تميم، وامه عراقية من أصول كردية، وبعدها تم تنفيذ حكم الاعدام على أخوته الكبار وامه وابوه واعمامه الثلاث، وتم الحكم على نجم الدين الحداد بالإعدام لكن حظه كان قويا، وتم تنزيل الحكم الى المؤبد .
كانت عائلة نجم الدين ميسورة الحال وتعيش في مدينة الكاظمية في بغداد، ويعملون في مجال الحدادة وكان جده حدادا بارعا ومعروفا على نطاق واسع ، واصبحت عائلة الحداد مبدعة في عملها، وقدرتها على صناعة كل انواع الفنون في عالم الحدادة.
- لكن الشي الذي يهمنا في هذه القصة، كيف تحول نجم الدين الحداد الى شخصية مشهورة، وعلى ملء لسان جميع السجناء بين ليلة وضحاها، واصبح محل اهتمام القيادات من الخطوط الاولى في التيارات الدينية، وكبار رجال الدين داخل السجن.
- سأحاول ان احكي لكم ما تيسر من قصة حلم نجم الدين الحداد في سجن أبو غريب :-
في ليلة الخميس من 15 شعبان، وقبل طلوع الفجر، رأى نجم الدين الحداد حلما غريبا عجيبا، شاهد رجلا نورانيا طويل القامة،و دائري الوجه، ويلبس لباسا اخضرا ممتلئا بطلاسم، وعلامات وحروف غريبة، ويرتدي عمامة سوداء مغطاة بقماش أبيض، ومطرزةً بخيوط من ذهب وفضة، ومرصعةً بالزبرجد الاخضر، والياقوت الاحمر مثل نجوم السماء تتلئ الواناً ونوراً، وكان الرجل النوراني راكبا فرسا اصيلاً اسوداً كالكحل يشع منه بريقا بلون السماء الصافية، وفي يده اليسرى راية خضراء مطرزه بخيوط من حرير أحمر مكتوب عليها أسماء لم يقدر على قرأتها احداً لشدة النور الذي يخرج من حروفه، ويحيط بالرجل النوراني أربعة رجال طوال القامة ،واقوياء الجسد، واشداء العزيمة، وعيونهم لا ترمش ويخرج منها ضوءا احمر ، ويحمل كلا منهم سيفا عظيما من نار ودخان ، والصورة العجيبة و المذهلة في الحلم ان السماء فتحت بابا حديدا كبيرا مصنوع من الالماس مطلا على السجن، وتتدلى منه حبال ملونه و قوية تلامس ارض السجن، وكانت الملائكة متراصة مع بعضها تنظر بترقب الى وجهه الرجل النوراني وموكبه ، و بأيديهم سهام من نار حاضرة للانطلاق خوفا على الرجل النوراني من الاغتيال، وكان نجم الدين الحداد يتلمس كل هذا المنظر القدسي المهيب ،وينظر بنصف عين غائمة الى الحشود من السجناء بكل انتماءاتهم وطوائفهم ومللهم وتياراتهم ساجدين يرددون تلاوات بلغات قديمة ،ويبكون من الفرح، وسجد نجم الدين الحداد بخشوع رهيب، فأشار الرجل النوراني الى حراسه، ووقف نجم الدين امام الموكب يترنح من الخوف الممزوج بالتعجب ….
وقال:ـ سيدي والله كلشي مامسوي، انا كنت نايم، والجماعة كلهم يعرفون انا رجل فقير واعمى مرات اشوف ومرات كل شي ماشوف ، اثدعمت عيوني سيدي من القهر والسجن والظلم .
-أبستم الرجل النوراني، ومسح على عيون نجم الدين الحداد، حتى صرخ نجم وقال:-
سبحان الله القادر على كل شي، رجع بصري، وانا اشوف كل شي، ما هذا المنظر المهيب والموكب العجيب الغريب ، ولا احد يقدر يشاهد كل هذا الجمال الساحر الا في الحلام، سبحان الله قادرا على كل شي.
-وركع نجم الدين على أيدي الرجل النوراني وقبلها ،وسجد الى الارض، حتى مسكه ورفعه الرجل النوراني، و أبتسم مرة اخرى، وضحك، وقهقه حتى سمع صوته من في الارض والسماء ،وضحك معه الرجال الاشداء ،وضحكت الملائكة من بعدهم، وضحك حصانه الاسود بقوة ،و رفرفت الرايات الخضر والحمر والسود من شدة الضحك، وضحك السجناء مندهشين من قوة السعادة التي تحيط بهم، وضحك من بعدهم نجم الدين الحداد، وهو يرتجف ويتلفت الى كل الجهات، وضجت الارض والسماء بالضحك، وبعدها ضرب الرجال الاشداء الارض بأقدامهم ، وتطاير تراب ابيض، و امتلئ المكان باللون الابيض الناصع كالحليب، وصمت الجميع.
- صمت الجميع لدقيقة واحدة، وتوقفت جميع انفاس الخلق في الارض والسماء.
- تقدم الرجل النوراني صوب نجم الدين الحداد ،وهمس بصوت خفيف، وخرجت من فمه الطاهر روائح مع كل حرف ينطقه ،من عطور العنبر والمسك والزعفران والطيب والعود، وانتشر دخان البخور السماوي الذي غطى المكان، ويقال اذا لامس البخور انفاس احد ما ارجعه صبيا جميلا كامل القدرة والقوة في اي فعل يشاء.
وضع الرجل النوراني يده على كتف نجم الدين الحداد وقال له :-
-أخترناك لعمل عظيم -( نهض الجميع مثل العسكر متراصين في صف واحد )و اصبح واجب عليك يا نجم الدين بن حسن عبد الأئمه، ان تحمل معنا هذا السر الأعظم ( التفت الجميع الى اليمين والى اليسار ،و فوق و تحت) وأشار الرجل النوراني الى مفتاح كبير من الذهب الصافي، ممتلئ بالعيون البراقة التي ترى باطن الناس وظاهرهم على حدا سواء، وبعدها تحرك المفتاح الذهبي من مكانه، ومشى قليلا وسلم على الرجل النوراني، ووقف بجانب نجم الدين الحداد، وقال له تعال معي يا صاحبي لنفتح معا ابواب السجون في كل العالم.
-قال نجم الحداد سمعا وطاعا يا مولاي باللغة العربية الفصحى ،
وتقدم نجم الدين الحداد وقال للمفتاح الذهبي :-عن اذنك أيه السر الأعظم أصعد على ظهري لو سمحت.
-قال المفتاح:- شكرا أيها الرجل النقي الطاهر.
وضع نجم الدين المفتاح على ظهره وحمله ،كما حمل يسوع المسيح الصليب، ومشى بين الحشود، وكانت العيون من السماء والارض تترقب المشهد العظيم ،حتى وصل نجم الدين الحداد الى باب السجن وقال بسم الله الرحمن الرحيم
- وقال المفتاح بأسم الزمان العظيم .
- وقال الرجل النوراني بأسم السر الاعلى النازل من السماء السابعة على الارض الاولى.
ورفع السجناء رؤوسهم قليلا ،وبدأ الجميع يصلي على النبي ويدعوا بتوسل عميق ،والفرح يعم المكان بمناسبة أنتظار خروج كل السجناء ،ولحظات حتى وصل الموكب، وكان نجم الدين الحداد يحمل المفتاح الذهبي الكبير على ظهره بفرح غامر لم يشعر به منذ كان طفلا صغيرا.
توقف الجميع ورفع الرجل النوراني المفتاح من على ظهر نجم الدين، وأمتلاء المكان نورا من فتحة السماء حتى غطى كل سجن ابو غريب، ووضع الرجل النوراني المفتاح في ثقب قفل السجن الكبير، والتفت الى نجم الدين الحداد مبتسما ،
- وقال له:ماذا تتمنى وتحلم بعد خروجك من السجن أيه العبد الصالح.
- قال نجم الدين الحداد ببساطة وسذاجة الاطفال :_مولاي والله الاحلام والامنيات كثيرة لكن، اتمنى بعد خروجي من السجن ان أنطلق كالطير لارى كل العالم ، وبعدها اسافر الى اميريكا ،وفي وقتها تكلم نجم الدين باللغة الإنكليزية وبشكل اذهل الجميع.
-و فجأة توقف المشهد لدقائق مع صمت رهيب، وبعدها أختفى الرجل النوراني وحراسه، وتناثرت صور الملائكة وتلاشت تماماً، وانسحبت الحبال والانوار والروائح، و اغلقت السماء ابوابها بلمح البصر، وامتلاء المكان ظلاما دامسا، واختفى المشهد تماما، وبدا السجناء يصرخون بأعلى اصواتهم ويلطمون ،ويضربون رؤوسهم بالسكاكين، ويتدافعون في مشهد رعب كأنهم يأكلون بعضهم، ويشربون دمائهم، حتى يتساقطوا فوق بعضهم واحدا تلو الاخر،وتقدم حشد من السجناء كأنهم أكلين لحم البشر مع صوت موسيقى تصاحبهم مثل ضرب الطبول ، وصوت سحب السلاسل، وصوت غلق ابواب السجن بقوة، وكانوا متجهين نحو نجم الدين بسرعة هائلة ، وحينها فز من النوم ،وصرخ نجم الدين وسقط من على سريره مرعوبا مدهوشا من هذا الحلم الغريب العجيب، ويتصبب عرقا، ويستغر الله، و يرتجف بشده ،
- ويصرخ ويقول بأعلى صوته انه حلم مرعب . محرد حلم مرعب، انه حلم مرعب ، دخليك يا ربي.
- لقد قال الشيوخ والسادة من السجناء بان هذا الحلم كارثة شيطانية سيتسبب بمصائب لاتعد و لا تحصى، وهو الحلم المذكور في كتبنا الخاصة عن رموزنا المقدسة الذي سيكشف به المومنين الصالحين من الطالحين ،ويفرق العباد عن السادة، وتحل الفتنه القاتلة بين المجاهدين ، ويقتلون انفسهم بايديهم، ويكرهون الراسخون في الدين، وتظهر بواطنهم للعامة،
-(احذروا الفتنة النائمة ملعون من أيقضها)
كتبت هذه العبارة ولصقت على ابواب الزنزانات والحمامات،
واختلفت الروايات في نقل تفاصيل حلم نجم الدين الحداد،لكن السؤال الذي اربك جميع المفسرين والمختصين في الاحلام هو :- لماذا الرجل النوراني وموكبه اختفى بدون ان يفتح باب السجن- ما هو السبب؟
تضاربت الاجابات لهذا السؤال المعقد ومنها:-
- حسب الرواية على لسان جماعة المرجعية واهل الاحتياط، تقول رواياتهم والله العالم:-
بان نجم الدين الحداد طلب من الرجل النوراني تسهيل سفره الى بلاد الكفر، والتغرب بعد الهجرة ،وهي من الكبائر السبعة في الدين، وتعتبر فراراً من الزحف العظيم حسب الرواية الثقة، ولا يجوز شرعا حسب ما ذكرته المرجعية الطاهرة التي تقول قي محكم نصها الشرعي (يحرم السفر الى البلدان غير الإسلامية أينما كانت في شرق الأرض وغربها، إذا استوجب ذلك السفر نقصاناً في دين المسلم، سواء أكان الغرض من ذلك السفر السياحة أم التجارة أم الدراسة أم الإقامة المؤقتة أم السكنى الدائمة أم غير ذلك من الأسباب).
- اما أراء الاحزاب الاسلامية في السجن ،كانت تعتقد بأن أختفاء الرجل النوراني او الامام على الارجح ،بسبب عائلة نجم الدين الحداد، وخصوصا اجداده قاموا بعمل ضد عقيدة ال البيت والانسانية بقصد او بدون قصد، في تصميم وصناعة وتنفيذ كل الابواب الضخمة والشبابيك المحكمة والقضبان الصلبة للسجون في عموم العراق ،وبطلب من الاستعمار والله العالم.
- لكن رواية اخرى تتردد بين جماعات التصوف والعرفان تقول ان نجم الدين الحداد، هو ولي من اولياء الله الصالحين، ويقال ان عائلته البارعة في النقش على الحديد هم من اقاموا مع بعض الايرانيين والهنود في تصميم وصناعة جميع شبابيك الائمة والاولياء والصالحين في عموم العراق وايران، والله العالم.
- والرواية الغريبة العجيبة التي انتشرت بين جماعات المهتمين بالجن والسحر والكائنات الروحية في داخل السجن، قالوا ان نجم الدين ليس انسانا في الاصل، بل هو مبعوثا من قبائل الجن الى اهل الارض، لكي يشرح لهم قرب علامات قيام الساعة، لكنه طمع في البقاء في الدينا الفانية، وخان الامانة، لهذا انتقم منه ملك قبيلة الجن وحوله الى خنزيرهارب الى بلاد الكفر- والحمد لله.
أنتشر القال والقيل وتوسعت رقعة النفاق والكذب والتأويل والكفر والشتائم على الجميع ،وحتى على الرجل النوراني نفسه من بعض الملحدين والحشاشة ،وبعض البعثين المسجونين على ذمة قضايا تخص الامن القومي والاقتصادي ،وكان لهم دورا فعالا في ترويج هذه الشائعات والفتن ،ونقلها على وجه السرعة بين الاطراف المتنازعة وشق صفوف المؤمنين.
لكن المشكلة تطورت ،واختلفت كل الاطراف حول من هو الرجل النوراني؟ وهل هو أمام معصوم؟ومن هو على وجه التحديد؟.
اختلف خبراء تفسير الاحلام و المتخصصين بالرموز والاسرار الغيبية الى اكثر من جبهة، الا ان هناك اكبر مجموعتين من السجناء مختلفة في تحديد شخصية الرجل النوراني في الحلم وهما:-
- المجموعة الاولى:-هم السجناء من جماعة السيد الموسوي وكيل السيد الخوئي، وبعض المقلدين للمراجع من آيات الله في الحوزة الدينية، وهم يعتقدون ان شخصية الرجل النوراني في حلم نجم الدين الحداد لا احد يقدر تحديدها بالدقة، والمستحب الاعتقاد عن قربها من الامام الحسين عليه السلام والله العالم، وتضامن مع هذه الرؤية آيات الله منهم عوائل علمية معروفة ،وبعض الاحزاب مثل المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق وقوات بدر وقوات الحمزة، وبعض الفصائل المعارضة المسلحة في اهوار العراق.
- والمجموعة الثانية:- هم من السجناء جماعة الشيخ الكاظمي، الذي يعتقدون ، بل يجزمون بان الامام في حلم نجم الدين الحداد هو الامام موسى ابن جعفر المعروف بالأمام الكاظم باب الحوائج ،والموكل على الاخص بأمر السجون لان الامام كان مسجونا في عهد الرشيد في سجون بغداد،وهؤلاء الجماعة اقرب للشيرازية ويكرهون جماعة ولاية الفقيه، وكان تؤيدهم حركة الوفاق الاسلامي ،وحركات اسلامية ،واكثرهم من فرقة الاخبارية الشيعة.
والجماعة الثالثة:- هي جماعة (القافات) وهم مجموعة من السجناء وضعوا في سجون مغلقة، ولا يسمح لهم بمواجهة اهلهم واكثرهم قيادات مهمه في الخطوط الاولى من الاحزاب، و منهم من تلامذة السيد محمد باقر الصدر،والذين تفرقوا الى اكثر من مجموعة، واشتد بينهم العداء والخلاف والاتهامات بشكل ملحوظ، وكان لهم راي اخر، واتفقوا على ان الرجل النوراني الذي كان في حلم نجم الدين الحداد هو يمثل حقيقة الامام المهدي المنتظر والرجل الموعود وحسب روايات موثقة لديهم استشهدوا ببعضها، وكانت متداولة، ويميل لها اكثر السجناء على ان هذا الزمن هو اخر الازمان وهو زمن ظهور الامام المهدي المنتظر،ويؤديهم في ذلك حزب الدعوة المكتب المركزي واحزب الدعوة تنظيم العراق وشخصيات معممة كبيرة من حزب الدعوة.
- ويقال والعهدة على القائل والله اعلم :- بأن أحد اهم العارفين من السجناء، وهو شخصية غامضة وغريب الاطوار والتصرفات و كان يصلي نهاراً وليلاً ولا يتوقف عن الذكر والتسبيح وقراءة القرأن، ولم يتكلم كثيرا، شاهدوه وهو يصغي الى حلم نجم الدين الحداد حتى غط في بكاءا مريرا، وقال كلاما غير معروفا بلغة غير معروفة، الا ان الجميع اعتقد انه يقول الحق، وانه نطق اسرار لا يعلمها الأ الاولياء والراسخون في العلم ،وبعدها رجع الى صمته ،وتبعه جمعا غفيرا من السجناء وصدقوه وأمنوا به رغم عدم معرفتهم بما قال…..،
وأشترك في تفسير الحلم بعض السجناء اليسارين، وخصوصا من جماعة الحزب الشيوعي ،و قالوا انهم يتفقون مع جماعة السيد الصدر، على ان الرجل النوراني هو الامام المهدي، ويعني هو (المنقذ للفقراء والكادحين والعمال)، وان الثورة قادمة لا محال ،واقترحوا ان تقام مظاهرات عارمة في عموم السجن، والمطالبة بالعفو العام على جميع السجناء السياسيين .
اختلفت الجماعات في سجن ابو غريب تقريبا في تحديد أسم وشخصية الرجل النوراني، لكنهم أتفقوا معا على أن حلم نحم الدين الحداد هو السبب الرئيسي في تأجيل أصدار العفو العام على جميع السجناء السياسيين، كما كان متوقعا عند أهل الخبرة ،وعلى أثره قام السجناء بتوزيع ما لديهم من الأكل و السجائر والحلوى والسكر والشاي وكل ما يحتفظ به السجناء تقريبا، واصبحوا بلا مؤنه وبلا دخان، وهي أكبر كارثة حلت بهم في الاوقات والازمان.
- تطور الموقف بين السجناء وحدثت مواجهات خطرة في صلاة الجمعة، وتم أستخدام ادوات جارحة بين مجموعة السيد الموسوي وكيل المرجعية ،وبين جماعة الشيخ الكاظمي من الشيرازية، والتحقت مجاميع وشخصيات وافراد الى كلا الجانبيين، وحذر كبار سجناء القافات، والشخصيات الدينية من هذه الفتنة القاتلة.
وصلت حصيلة المواجهات الاخيرة بين السجناء الى اكثر من 20 جريحا، منهم حالتهم خطرة نقلوهم الى مستشفى السجن ،مما أستدعى تدخل قوات الامن الخاصة ، وتم تفريق السجناء المتصادمين، واغلقوا ابواب الزنزانات، وتم اطلاق صفارة الانذار، وحجزوا بعض السجناء في زنزانات انفرادية، وتم أجراء تحقيقات سريعة، وخاصة مع الشخصيات البارزة في المواجهات، وتعرض المعتقلين في المواجهات لأنواع قاسية من التعذيب، وحسب المعلومات التي وصلت من حراس الامن، يقال ان جميع السجناء الذين اعتقلوا اخيراً ،أعترفوا على ان نجم الدين الحداد، هو قائدهم ، وهو من يبعث لهم التعليمات عبر وسائل خاصة، من أجل أقامة المظاهرات ،والتصادمات مع المجاميع الاخرى، ولقد تبين من خلال التحقيقات مع بعض السجناء، بأن نجم الدين الحداد شخصية قيادية كبيرة ،واعتقد ضباط الامن ان يكون معه خلايا نائمة خارج السجن، وخافوا ان يتطور الامر الى ما لا يحمد عقباه، مما جعل ضباط السجن القيام بسرعة في أعتقال نجم الدين الحداد ،ووضعه في زنزانة خاصة وتحت حراسة مشدده.
وفي الليلة نفسها تم سحل نجم الدين الحداد الى غرفة التحقيق.
-جلس نجم الدين الحداد على كرسي من الحديد، وهو يلتفت يمينا ويسارا، وداهمته ذكريات التحقيق في مديرية الامن العامة في بغداد، وسرعان ما اخذته الرجفة والتعرق الشديد، والخوف من أعادة العذاب الذي شاهدة في رحلة أعتقاله الطويلة.
جاء الضابط الخاص المكلف بالتحقيق وكان طويل القامة، وعريض الصدر، وكبير الرأس وطويل الشارب ومفتول العضلات، ويحيطون به حراس أشداء، واقوياء وتظهر على ملامحهم القسوة والكراهية والجبروت، ولم يتلفت او يبتسم منهم احدا طول مدة التحقيق ،و طلب الضابط من الحراس فتح قيود نجم الدين ،والتفت احد الحرس وهمس في اذن الضابط وقال سيدي هذا سجين خطر!!!
- قال الضابط للحرس أفتحوا يديه، هذ إنسان طيب ، وهو ينظر بتركيز الى نجم الدين الحداد، وأشعل سجاره وقدمها اليه .
قال له الضابط ، لا تتخربط ابني، خليك قوي و اخذ الجكاره و دخن براحتك ،
قال لا سيدي مو نظري ضعيف وانا اعمى الله يدري وكل السجناء والحراس يعرفون انا اعمى اي والله، واخذها نجم بسرعة واشتمها بحسره.
قال نجم الدين:- شكراً سيدي واشعل السجارة له، وسحب نجم نفسا عميقاً حد الاختناق.
قال الضابط:- ابني نجم انته خوش ولد وحباب ،وابن عائلة، اريدك تقول الحقيقة احسن الك ولنا .
قال نجم:- سيدي شنهو سويت انا، مجاي اعرف الموضوع…. كل شي ماسويت الله وكيلك.
قال الضابط :- بابا نجم احجي الحقيقة حتى نسامحك، واعترف بكل شي احسن ما نستخدم طرقنا وانته تعرفها كلش زين .
قال :- سيدي شنهو تهمتي الله يحفظكم،وشنهو انا مسوي الله يخليكم ،انا مجرد سجين مسكين وفقير واعمى ماشوف الا بنصف عيني هاي شوفها سيدي، والثانية طافية الله وكيل، وليس لي علاقة باي شي بهذا العالم، بس مشكلتي الوحيدة هي:- انا احلم هواي لان سيدي انت تعرف انا دخلت السجن، وانا شاب وهسه انا اعمى انته شوف حالي وضعي سيدي.
الضابط:- من هسه بدأت تتلاعب نجم، انا اعرفك وقرات ملفك جيدا ، وانصحك ان تعترف (يولي) أحسن الك. - ماهي علاقتك بالأمام المهدي المنتظر؟ ومتى أخر مرة التقيت بالأمام؟ وماذا قلت له؟ ، وماذا قال لك؟
نجم :- والله سيدي ما ملتقي بالأمام المهدي، بس أنا، رأيت بالحلم رجل نوراني ،والشيوخ والسادة يقولون انه الامام المهدي، بس للأمانة سيدي جماعة الشيخ الكاظمي يقولون أنه الامام الكاظم- ولا اعرف يا امام منهم جائني بالحلم.
الضابط:- ماذا قال الك الأمام عن السيد الرئيس، او عن شي يخص أهل العراق ؟
نجم :- والله سيدي كل شي ما قال عن السيد الرئيس الله يحفظه، ولا ذكر اي شي عن القيادة القطرية ولا حتى القومية.
الضابط:- هل أخبرك الأمام عن اي انقلاب او اي خيانة او نبؤه تخص مستقبل أهل العراق؟
نجم :- لا سيدي ما قال اي شيء.
الضابط:- لماذا حصل اللقاء بينك وبين الامام المهدي؟ ومن أنت بالنسبة له؟
نجم :- سيدي ...أنا شفت الرجل النوراني ،او الأمام بالحلم... بس ما أعرف يا مام ،وما عندي اي علاقة به، وما أمثل اي شي له ، أنا إنسان بسيط سيدي، وأعمى عندي نصف عين، وما شوف اي شي، الله وكليك.
وحتى تقول انا متعاون وياكم- قال الي الرجل النوراني :- ماذا تتمنى يا نجم عند خروجك من السجن.
الضابط:- نعم وماذا قلت له؟ أحجي الصحيح نجم، لا اشوفك عذاب مراح اتشوفه حتى بيوم القيامة .
نجم :- والله سيدي جاي أحجي الصدق. أنا قلت للأمام... أحلم لمن أطلع من السجن أريد أسافر الى كل العالم وخاصة لامريكا ،وقبل لا أسافر ،كنت أحب أزور النجف الأشرف، والرجل النوراني ماصدك سمع هذا الكلام واختفى بسرعة، واختقت الملائكة، والمفتاح الذهبي، والحرس( نظر الى الحرس وراء الضابط) كل شي اختفى سيدي بلمج البصر، وانا فزيت من الحلم أرجف، وأتعرق وجمسي حار ، وصار الي صار سيدي، وهذا انا امامك وتحت رحمتك، ارحمني الله يخلي لشبابك، ارحم إنسان ضرير ومظلوم وفقير وماشف بهذه الدنيا بس العذاب.
الضابط:- يعني انته والامام تريدون تكسرون أبواب السجن، ولديكم مفتاح سحري وذهبي، وتطلعون السجناء، وبعدها تعمل ثورة شعبية بقيادة الامام المهدي ،صحيح لو مو صحيح هذا الكلام- التفت الضابط الى كاتب التحقيق وقال له اكتب كل شي.
الضابط:- لماذا تريد الذهاب الى النجف ،ومع من تريد ان تلتقي وتنسق، وهل كنت تبحث عن فتوى للجهاد؟
نجم:- والله سيدي اريد ازور مقبرة وادي السلام واسلم على الموتى من اهلي اشتاقيت لامي ولابوي، قبل لا اسافر، و كانت عندي رغبة ازور الامام علي واطلب شفاعته يوم القيامة، وكل هذا الموضوع سيدي كل هذا الكلام صار بالحلم ، وكنت أحلم كلش هواي لان كان عندي فلاونزا وعندي حراره عالية هذه هي الحقيقة سيدي .
الضابط:- نجم انته الظاهر مدرب تدريب مخابرات عالمية - يس انته اقشمر.
الضابط:- ماهي علاقتك بأميركا؟ ولماذا تريد زياتها او الهجرة لها ؟ وماهي علاقتك بالمخابرات الاميركية.
نجم:- سيدي.... أنا ما عندي اي علاقة بأميركا ،لكن ... انا حلمت على أساس أهاجر الى أميركيا ،وروح ابوي وروح امي العزيزة، ما عندي اي علاقة بالمخابرات الاميركية، ولا اي جهة ، سيدي انت تعرف انا قضيت كل عمري بالسجون الى يومك هذا،
(نظر الضابط غاضبا الى نجم الدين وضرب المكتب وقام من مكانه)….
-وقال له تريد تضحك علينا ....اعترف احسن الك والا…… (بعض الفشاير)...
قفز نجم الدين…..
وقال سيدي سيدي….. انا راح اعترف سيدي ….والله!!
نجم الدين :- كل ما في الامر سيدي وشرف امي وروح ابوي واخواني ، أعترف الك سيدي:ـ تعرف أنا أعمى تقريبا عندي كما قال الاطباء نصف عين على الاكثر، قلت بلكي اروح لأمريكا واسوي عملية ويرجع الي بصري، وهمين اتونس واشوف العالم والنسوان، وارجع اشوف مثل الناس، وخاصة انا احب مارلين مورنو، وثوبها الطاير، وسيقانه البيض المغرية ، حتى الباسها طالع سيدي، وانا انعجبت بيها عندما شفت صورتها، الله لايكذبني مئات المرات انظر للصورة واشتاق الها ،ورغم انا ضرير بس انا عميق الرؤية سيدي.
الضابط:- ماهي طبيعة علاقتك بالعميل الي يحمل أسم مارلين مورنو.
نجم الدين :- سيدي ماعندي أي علاقة شخصية معها، بس صحيح أعترفلك سيدي، أنا قمت بسرقة صورتها من مجلة عند مله عباس الشاعر والرادود، واحتفظت بالصورة بمكان سري ما يعرفه الشيطان الازرق، واعترف كنت أمارس........( أستغفر الله) كل ما شوف سياقانها البيضاء، هو هذا خطائي الوحيد سيدي، والله فضحني، وانزل عليه هذا العقاب، استاهل والله أستاهل، أستغفر الله العلي العظيم من كل ذنب عظيم..
الضابط:- هل تعرف ان مارلين مارلو كانت تعمل مع المخابرات الاميركية والماسونية؟
نجم:- لا واله سيدي أول مرة اسمع- ما ادري ولا اعرف- بس انا قرأت رسالة كاتبتها بخط ايدها بالمجلة، وحفظتها على ظهر قلب، وكل يوم اقرأها واحجيها للجماعة .
الضابط:- ماهي الرسالة وماذا تقول لك فيها.
نجم :ـ سيدي هي ما تقول الي أي شي ، والرسالة موجودة بالمجلة.
الضابط- ماذا تقول لك فيها …..
نجم الدين هي تقول فيها:ـ
( "لدي إحساس عميق بأنني لست حقيقة تماماً، بل إنني زيف مفتعل ومصنوع بمهارة وكل إنسان يحس في هذا العالم بهذا الاحساس بين وقت واخر، ولكني أعيش هذا الاحساس طيلة الوقت، بل أظن أحيانا أنني لست إلا إنتاجاً سينمائياً فنياً أتقنوا صُنعه ")
وانا كنت ابكي كل ما قرأت الرسالة .
الضابط :-لماذا كنت تبكي.
نجم :- سيدي ما عرف، لكن اذا هي كل هذا الجمال، والمال، والشهرة ،والحياة الحلوة ، وضايجة من الدينا، و انا صارلي مسجون كل عمري، ماذا اقول للحياة والعالم والناس ( وبكى بكاءا شديدا)
التفت الضابط الى كاتب التحقيق .
- اكتب التهم الموجه للسجين نجم الدين حسن عبد الائمه،
ما يلي:-
اولا:- تهمة العمل مع الأمام المهدي المنتظر ضد الحزب والثورة ، والتخطيط لكسر واقتحام السجون في عموم العراق.
ثانيا:ـ تهمه التخابر، والعمالة مع المخابرات الاميركية، والأتصال بعميل يحمل أسم( مارلين مورنو) ، وأعترف السجين بوجود رسائل متبادلة بينهم، والتخطيط لعمل أنقلاب على الحكم في العراق.
ثالثا:- أثارة الشغب وتحريض السجناء على أقامة المظاهرات، مما أدى الى جرح السجناء، وضباط الأمن، وعمل الفوضى والتخريب لممتلكات الدولة،وبأعتراف باقي السجناء في القضية.
-ودفع الضابط ورقة التحقيق الى نجم الدين الحداد، وطلب منه التوقيع على التهم الموجه له.
قال نجم الدين الحداد للضابط:- سيدي والله ماسويت أي شي ،والعباس ابو فاضل مامسوي اي شي.
ضرب الضابط المكتب بقوة وقال له، وقع على محضر التحقيق والا!!..
-نحن ليس أغبياء حتى لو مثلت دور الغبي ولاعمى، والانسان الحالم ، وقع على ورقة الاعترفات غصيا عليك وعلة الخلفوك!!
امتنع نجم الدين الحداد على التوقيع وهو يصرخ :-
-والله كل شي ماسويت - تره سيدي انا شفت كل شي بالحلم لا أقل ولا أكثر.
نادى الضابط الى الحرس وقال لهم:-
- أخذوه الى السجن الأنفرادي، وذكروه بأيام التعذيب ،الظاهر الافندي ناسي .
سحب الحرس نجم الدين الحداد بقوة الى غرف التعذيب الخاصة، وذكروه بكل تفاصيل طرق التعذيب وحتى الصباح بقى معلق كالذبيحة، ووضعوه في سجن أنفرادي تحت الارض، وهو ينزف دم من كل جسده النحيل.
أنتشر خبر تعذيب نجم الدين الحداد في عموم سجن ابو غريب، ووصل الى أعلى المستويات من قيادات الخطوط الاولى من احزاب المعارضة، والغريب في الامر ان سجناء في السجون الخفيفة والثقيلة كتبوا شعرا شعبيا عن القائد الكبير نجم الدين الحداد، وكذلك كتبوا اسمه على قمصانهم ، وعلقوا صوره على قبعاتهم، وبدأت الاقوال والاشعار و الحكايات تتنشر في كل السجون ومنها:ـ
-على ان نجم الدين الحداد متهم برؤية الأمام المهدي المنتظر، ويقال أنه من رجال الأمام المهدي من الأبدال، وهم رجال من أهل الله يحيطون بالأمام ويمهدون الى ظهوره ويطون الارض من أجل حمايته، وان نجم الدين الحداد تحمل كل أنواع العذاب القاسي ، ولم يعترف على الأمام المهدي بأي شيء، ولم يقول اي شي عن مكانه ولاعن ملامحه او صفاته، وأثبت لضابط التحقيق ،ولكل الحرس والجلادين، أنه من الابطال والقادة الكبار وأصحاب الاسرار.
- أما الخبر الاخر يقول:- ان نجم الدين الحداد، كان عميل للمخابرات الأمريكية وعلى أتصال معهم بدليل عثروا على أجهزة اتصالات خاصة تحت سريره، وكان مزروعا في سجن ابو غريب، في سبيل نقل أخبار قيادات المعارضة ، وماهي انواع تنظيماتهم واستراتيجياتهم السياسية في قيادة الدولة بعد سقوط النظام.
- الجميع يقول لم نتوقع هذه المصائب والغرائب تطلع من نجم الدين الحداد، وهو كان إنسان فقير وضريرا، ويساعد الجميع ،لكن هو هذا حال وذكاء كل الجواسيس في العالم لديهم قدرات كبيرة في التمثيل …وعادة ما يختارونهم معوقين لكن اذكياء.. شيء عجيب غريب .
- اما السيد الموسوي وكيل السيد الخوئي - استمر في الصمت والاعتكاف..
-اما الشيخ الكاظمي وجماعته، صرحوا بان هكذا اعمال قصدها تفرقة الشيعة طرائقا قددا، وهو عمل لا يمكن ان يقوم به الا تابع لوكالات مختصة ،وكل ما سمعنا عن حلم نجم الدين الحداد هو مكتوب في كتبنا ومسنود بروايات موثقه برجال واحوال اخر الزمان ، واتبعوا قولا يرددونه دائما عن الامام الكاظم -قال لأحد أصحابه (بلغ خيرا وقل خيرا ولا تكن أمعه، قال: وما الأمعه؟ وبعدها صمت الجميع وتوقف عن تعريف الأمعه وقالو من الاسرار.
- اما الرفاق من الحزب الشيوعي العراقي تنظيمات الداخل- قالوا ان لديهم معلومات سرية على ان نجم الدين الحداد أمبريالي وصهيوني، و عميل، لأنه فضل الذهاب الى أمريكا البلد الرأسمالي الحقير بدل من الذهاب الى مدن الفقراء والعمال المناضلين.
- وكان موقف طلاب ومقلدي السيد الصدر الاول، اكتفوا بالاستغفار وتجنب الفتنه ومراقبة اعداء الله بدقة، واقامة صلاة جماعية.
- بعد أن تعرض نجم الدين الحداد لأسبوع قاسي من التحقيق والتعذيب العنيف، طلب الضابط من الحرس ان يأتوا به من أجل التوقيع ،والأستعداد لرفع التحقيق للجهات المختصة بأسرع وقت.
-جاء نجم الدين الحداد والحراس يحيطون به من كل الجهات وهو لا يقوى على المشي،
جلس على نفس الكرسي الحديد المربوط بالكهرباء وهو يعرف مصيره لكن مازال لديه أمل بالحياة.
- الضابط يخاطب نجم الدين :-الان يجب ان توقع على ملف التحقيق ،أحسن ما ترجع للتعذيب مرة أخرى.
- نجم :- سيدي تره هذا القال والقيل، والتحقيق والتعذيب ،كلة صار بالحلم يعني مو حقيقة، وانت تعرف هذا حلم، والقيادة تعرف هذا حلم، والساده والشيوخ يعرفون هذا حلم، و آيات الله تعرف هذا حلم والامام والرجل النوراني يعرف هذا حلم وحتى الله يعرف هذا حلم، وانا امامك اقسم باغلظ الايمان ان ماحلم بعد اليوم.
صرخ الضابط بوجه نجم الدين الحداد بقوة، لازم توقع على اقوالك واعترافاتك الان- أحسن الك :-
- نجم الدين هز بيديه ورفع رأسه للسماء ،ووقع على التهم الموجه له، وتساقطت دموعه المخلوطة بالدم والتراب والالم على ورقة الأعترافات الظالمة، وتذكر كيف وقع على ورقة الأعتراف المزيفة في الثمانينات عندما كان معتقلا في مديرية الأمن العامة في بغداد، وكان حينها متهما بالعمالة الى أيران وموالي للخميني، وانه من حزب الدعوة ،وكان حينها شابا في بداية حياته.
- وفي يوم الجمعة بعد صلاة الظهر ،أعترض بعض السجناء، وبدأوا يشعرون بالندم ويتحسسون الظلم الذي وقع على السجين المسكين نجم الدين الحداد. وحمّلوا المرجعية وقيادات الاحزاب الدينية في السجن المسؤولية كاملة،ويعرف كل السجناء ان الجميع تنصل من تحمل المسؤولية ، وأتهموا جهات اخرى بأثارة الفتنه وتفتيت الصف الوطني، وبدا السجن يغلي ويقف على بركان ينتظر الانفجار، مما جعل قوات الامن الخاص في التدخل السريع ،وأعلان عدم التجول وجلوس كل سجين في مكانه.
- على اثر كل هذه المشاكل التي حصلت، قامت ادارة السجن ،ومكتب التحقيقات الامنية الخاصة برفع ملف الخيانة العظمى على السجين الى مكتب رئاسة الجمهورية، والتعجيل في اصدار الحكم وفق المواد القانونية المرفقة مع التحقيق.
- وبعد ثلاث أيام جاء الجواب للمكتب العام لمديرية السجن، والضابط المختص بالحكم الصادرمن ديوان رئاسة الجمهورية والتوقيع على حكم الاعدام شنقا حتى الموت للسجين المجرم نجم الدين حسن عبد الائمة الحداد، و يكون عبرة لكل من تسول له نفسه ان يصبح عميلاً لجهة معادية للقائد والقيادة والحزب.
انتشرت رسالة بعثها نجم الدين الحداد الى كل السجناء قال فيها :-
- لماذا كنت اريد ان ارى سيقان مارلين مونور
((لدي إحساس عميق بأنني كنت احلم، وانا مجرد أنسان مخلوق من الالم والوجع في بلد يعشق الموت ويكره الحياة، أشعر أني فلم طويل، الجميع فيه ابطال، وانا مجرد كلمة قالها مجنون وضحك عليه الجميع، هل تعلم أنا وأنت والامام والله مجرد حلم سريع ، لكنه من يتوقف عنده يصبح في النهاية قاتلا ومجرما لا محال، كنت أشعر دائما اني ذبحية ممده على طاولة الوقت يأكل فيه الزمن ويضحك وانا كذلك كنت اتعذب واضحك ،انا ما زلت متعجبا من نفسي باني مستمر بحلم الحرية امام كل هذا الكم من القيود والسجون والتعذيب والخوف- اني احلم بالحرية فقط .
وفي يوم الاربعاء من 25 رجب قررت قيادة السجن تنفيذ حكم الأعدام شنقا حتى الموتً بالعميل نجم الدين مع وجود رجل الدين، الذي كان يقرأ- ما تسير من الكتاب الكريم - بسم الله الرحمن الرحميم
وتلك الأيام نداولها بين الناس - صدق اهذي العظيم
ولقنه الشهادتيتن ..........
- قال الضابط لنجم الدين الحداد هل لديك أمنية تطلبها قبل تنفيذ حكم الاعدام.
قالك:- نعم عندي.
الضابط :- قل ماهي بسرعة.
قال:عندي امنية واحدة ان ابقى احلم حتى اخر لحظة في حياتي.
وتمت عملية الشنق….وبدأ نجم الدين الحداد يتدلى على حبل المشنقة كذبيحة، ويرفس بأقدامه، ويلفظ اخر أنفاسه ،وتدور وتتلوى رقبته على الحبل -
قال رجل الدين الذي لقنه الشهادتين :- لقد مات المسكين مبتسما.
- تألم جميع السجناء الى حد البكاء واللطم والوجع مخلوطا بالندم ،واعترف الجميع بذنبهم اتجاه المشاركة بشكل مباشر او غير مباشر في أعدام نجم الدين الحداد، ولقد تم أغلاق ملفه في السجن بانتظار من ياتي من بعده.
أنتشرت بعد أعدام نجم الدين الحداد حكايات متعددة في سجون العراق عموما، وفي مدينة الكاظيمة خصوصا،
- وقال والعهدة على القائل بأنهم شاهدوا صور نجم الدين في القمر، ونفس الجماعة تقول انه تم دفنه في مقبرة محمد سكران في الكاظيمة، والبعض يقول تم ثرم جسده ونشره في نهر دجله، والله العالم.
- لكن البعض الاخر يردد حكاية اعدام نجم الدين الحداد على انها غير صحيحة ،وكل الحدث هو مجرد حلم لا اقل ولا اكثر، وشاهدوا نجم الدين حي يرزق وسلم عليه احد جيرانهم ، ورد السلام عليهم، لكنه اصبح شيخا كبيرا واعمى كليا ويستجدي في باب الامام الكاظم مع الاسف، و يعيش في بيت صغير من الحواسم ر بعد مصادرة بيت اهله في زمن صدام ، وبعد السقوط تم الاستيلاء على بيتهم الكبير من قبل شخصيات قيادية في احزاب دينية متنفذه والله العالم.
- وقال اخرون انهم شاهدوا نجم الدين الحداد بعد خروجه من السجن في عام 1991 في العفو العام وهرب الى سوريا وطلب اللجوء الى مكتب الامم المتحدة، وبعدها سافر الى امريكا، وعاش في شيكاغوا ولديه صور مع تمثال مورلين مورنو، وهو ليس اعمى بل اصبحت عيونه واسعه و خضراء ،وكذلك شاهدوا صوره مع النساء الشقراوات على شواطئ فلوريدا،
- ويقال انه يحتسي الخمر والحشيش نعوذ بالله منه ،
- ويقال انه تزوج من ممثلة مشهوره في هوليود واصبح غنيا.
لكن الرواية الأكثر أثارة وجدلا ولم يصدقها الكثير، ان أحد الشخصيات من الثقات من الأخوة الذين كانوا معنا في السجن ، قال انه تحدث مع نجم الدين الحداد مباشرة، او يخلق من الشبة اربعين، وكان يعمل مترجماً مع الجيش الأميريكي، ودخل معهم لتحرير العراق من الدكتاتورية الظالمة، وعندما تبادل معه الحديث عن بعض الذكريات، أخبرهم عن التفسير الصحيح للحلم وحقيقة القيادات الدينية ،وبعض العوائل الدينية المعروفة التي دخلت مع الجيش الاميركي لكي تحكم العراق اليوم، وكيف سيكون مستقبل العراق مسخم وملطم…..
ضحك نجم الدين الحداد ، ضحكة طويلة حد الاختناق
- وضحكنا معه حد الموت..
-ووقفنا دقيقة صمت على أرواح الشهداء السابقين واللاحقين.
- وبعدها…..
- قررنا ان نحلم بالحرية سوية، وننتظر العفو العام على كل العراقيين.



#وليد_عبدالله_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما يمكن أن يقدمة المغترب اليوم، للخروج من بئر اليأس والتشاؤم ...
- كأس النضال الأخير.
- قصة عيسى طيار الحمامات.
- أنا مع الاله وضد الشعراء.
- لعلمانية والحقيقة والمدنية والجامع.
- قراصنة الغيب وبحارة يساريون جدد.
- الأمارات جبل من ثلج ودولة العراق جبل من نار.
- مظاهرات صدرية مليونية شعبية عظيمة، ولكن؟
- قصة الشاب فؤاد والجني الكواد
- داعش دولة اسلامية على شكل عصابة
- فصل الدين فيما بين الدولة والشعب من الاتّصال
- تعددت النسخ والموت واحد
- عندما نذبح الإنسان بأسم الله اكبر
- الغباء المقدس
- من دخل دار العلمانية فهو آمن
- انا علماني
- العبودية مرض فايروسي
- من يرسم الشريعة والطريقة والحقيقة ؟
- أشارات نقدية حول قدرات العقل الديني في ولادة وموت الارباب
- مقهى الحرية


المزيد.....




- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد عبدالله حسن - قصة حلم نجم الدين الحداد في سجن أبو غريب.