أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد كشكار - هل عصرُنا، عصرُ واجباتٍ أم عصرُ حقوقٍ؟














المزيد.....

هل عصرُنا، عصرُ واجباتٍ أم عصرُ حقوقٍ؟


محمد كشكار

الحوار المتمدن-العدد: 6112 - 2019 / 1 / 12 - 11:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


قال أونفري: "تتلخص الفلسفة في التفلسف حول شهواتنا وكيف نتصرف حيالها؟
جزءٌ من أسباب أزمتنا الاقتصادية والاجتماعية في العالَم، يكمنُ في أننا أهملنا القيامَ بواجباتنا وركّزنا على المطالبة بحقوقنا. علينا تأدية واجباتنا على أحسن وجهٍ ممكنٍ، قبل أن نطالب بحقوقنا. وجب إذن ربط الحقوق بالواجبات.
يقول الأجيرُ: عندي حقوق.. لا يمكن لك أن تمنعني من التَّوْقِ إلى تحقيقها لأن تَوقِي سياديٌّ.. يجب تدريب الطفل على الشعور بألم الحرمان (La souffrance).
الجواب: أنتَ لا تستطيع فعل كل ما تريد.. أنتَ لستَ سُرّة الأرض.. غيرك موجود.. توجد بيننا منطقة مفاوضات.. التربية.. البيداغوجيا.. لا أحد يقول: عليّ تأدية واجباتي قبل المطالبة بحقوقي.. واجبات، نُو.. حقوق، ياسْ..".

نص مواطن العالَم: للتعبير على تبني فكرة الفيلسوف، سأكتفي بعرض مثالين اثنين، لا أكثر:
1. إحياءًا لذكرى 12 جانفي 2011، تاريخ استرجاع أهالي جمنة لحقٍّ مغتصَب (ضيعة المعمر أو ضيعة ستيل، 10.000 دڤلاية، التي افتكها منا المستعمر الفرنسي أولا ثم المستثمرون التونسيون الجشعون ثانيًا)، سأتحدث عن فلاحة الدڤلة بمسقط رأسي، جمنة (قال لي أحدُ القرّاء: "جمنة دومًا حاضرة في مقالاتك". أجبته: وهل لي موطنٌ غيرها؟ وهل أعشق بلدةً أكثر من بلدة جمنة؟ وهل أعرف جيدًا قريةً أكثر من قرية جمنة؟): زراعة نخلة الدڤلة تتطلب في البداية صبر أيوب لكنها تعطي مال قارون. نزرعها، نسقيها، نرعاها، نحميها ضد البرد والحر والريح والدواب، كل هذا الجهد لمدة خمس سنوات على الأقل، نعطيها دون أن ننتظر منها جزاءًا، نقوم نحوها بواجباتنا دون مقابل ولو بسيط، واجبات.. واجبات دون استرجاع حقوق. في العام السادس، يعطي ربي خيره، تُزهِر، نلقحها بأزهار نخلة ذكر (الذكّار)، تحبل، تثمر، فنجني تمرًا من نور. ومن العام السادس من عمرها حتى نهايته (أمل الحياة: تقريبًا 60 سنة)، تبدأ النخلة تعطينا كل عام أكثر بكثير مما نعطيها، الحمد لله أصبحت حقوقنا عندها تفوق واجباتنا نحوها، الله يدوّم عشرتنا.
2. الواجبات والحقوق في شركات القطاع العام (النقل العمومي، الستاڤ، السوناد، تونس الجوية، ميناء رادس، الحوض المنجمي، إلخ): لنفرض جدلاً أن فكرتي صائبة، فكرتي الداعية إلى دسترة مَنْعِ الإضراب عن العمل خاصة في شركات القطاع العام، فكرة تستند للتعليل التالي: شركات القطاع العام أنشِئت بفضل مساهمات دافعي الضرائب وتشتغل بأموالهم، فهي إذن مِلكًا لهم بما فيهم عمّالها وموظفيها. فهل يستقيم إذن أن يُضرب المالك عن العمل في ملكه؟ وهل يُضرب الفلاح الجمني و"لا يُصوِّبُ باكرًا إلى سانيتِه" (أي لا يلتحق بأرضه للعمل)؟ يقولون اليوم أن جميع شركات القطاع العام شركات خاسرة.
لنأخذ مثال 1، شركة الفوسفاط بڤفصة، هي شركة خاسرة بشهادة الجميع، ونحن نرى الإضراب وراء الإضراب. لماذا لا يصبر العمال وقتيًّا على شركتهم، ملكهم ومصدر رزقهم؟ كما صبرنا نحن على نخلة الدڤلة ملكنا ومصدر رزقنا. يقومون بواجباتهم، يزيدوا في الإنتاج، ثم بعد ذلك يطالبون بحقوقهم عن طريق المفاوضات دون المس بالإنتاج والإنتاجية. نحن نرى أيضًا الشاحنة الخاصة وراء والشاحنة الخاصة، تنقل طن الفوسفاط بـ25د عوض نقله بـ5د في عربات قطار الشركة العمومية للسكك الحديدية، والمصيبة تبلغ أقصاها وأقساها عندما نسمع أن صاحب الشاحنات الخاصة هو نائب في البرلمان، يعني، نائب الشعب يتحايل ويسرق قُوتَ الشعب.
لنأخذ مثال 2، شركة السكك الحديدية، هي شركة خاسرة أيضًا بشهادة الجميع، ونحن نرى يوميًّا مراقب التذاكر يتغافل عمدًا عن مراقبة التذاكر، يفعل الجاهل بنفسه أكثر مما يفعل العدو بعدوه، مَثله كمثل حيوان يقطع الغصن الذي يحمله. لا يقوم بواجباته ويطالب بحقوقه، وكأن الحقوق تنزل مع الغيث من السماء.

ملاحظة منهجية ضرورية: ما قد يبدو لأكثر الناس غريبًا، لا يبدو لي كذلك، على شرط أن يفهموا قصدي: أولا، أستثني من هذا المنع عمال وموظفي القطاع الخاص، يُضربون كما يشاءون وكيفما يريدون ضد رب العمل، ويخسّرونه في الملايين حتى يرضخ لطلباتهم، هذا صراعُ البروليتاريا ضد رأس المال، صراعٌ مشروعٌ بل هو صراعٌ محمودٌ عندي ومطلوبٌ، لكي يكبح العمالُ توحشَ الرأسمالية، وهذا تحليلٌ أراه سليمًا، تحليلٌ ورثته عن الماركسية وما زلتُ متشبّثًا به، واليساريُّ - في نظري، ماركسيًّا كان مثل الأكثرية، أو غير ماركسي مثل الأقلية من أمثالي - مناهضٌ سِلمِيٌّ للنيوليبرالية الرأسمالية المتوحشة أو لا يكون؟ مع التوضيح أنني لستُ مناهضًا لصغار التجار (العَطّارَى) ولا لصغار الفلاحين ولا لصغار المستثمرين، على شرط أن جميع هذه المؤسسات لا تكبر وتتوحش، أي تبقى دومًا صغرى (à la mesure de l`homme)، لكنني أفضِّل عنها - وبكثير- مؤسسات الاقتصاد الاجتماعي-التضامني كتجربة جمنة النموذجية الرائدة. ثانيًا، أطالب بمنع الإضراب في القطاع العمومي (شركات القطاع العام والوظيفة العمومية كالتعليم والصحة)، وذلك لأنني، وفي تصوري المثالي لهذا القطاع، أعتبرُه ملكًا للشعب المضطهَد من قِبل النيوليبرالية الرأسمالية المتوحشة، بل أعتبرُه صديقًا للطبقات الفقيرة والمتوسطة، وفي نفس الوقت فريسةً سمينةً يترصّدُها المستثمرون الكواسر الكوالش. مكسبٌ ثمينٌ للشعب، مكسبٌ يجب المحافظةَ عليه والصبرَ عليه حتى يتعافى من أزمته كما يصبر الفلاح الجمني على نخلته (إيه الصبر، وليست سهوًا أو غلطة مطبعية)، بل يجبُ علينا تطويرَه حتى ينافس القطاع الخاص ويحدّ من تغوّلِ هذا الأخير المفرِطِ.

المصدر: محاضرة على اليوتوب للفيلسوف، عنوانها (La frustration dans la société de consommation).

إمضاء مواطن العالَم
"النقدُ هدّامٌ أو لا يكونْ"،
"المثقّفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العموميةِ" فوكو،
و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران.



#محمد_كشكار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل أصبحنا سجناءَ شهواتِنا؟ (Nos désirs sont-ils nos faibless ...
- قبل المخ، أين كانت تسكن الأفكار والعواطف؟
- عشرةُ مبادئَ ساميةٌ، لو كنتُ ماركسيًّا تونسيًّا ملحِدًا وأرد ...
- سأحدّثكم اليوم على لغز حيّرني: ما هو -الشيء- المتسببُ الأولُ ...
- مفاجأة: سأحدّثكم اليومَ عن كائنٍ تونسيٍّ غريبٍ، اسمه -عَمَّا ...
- التّذَوُّقُ عند البشرِ، هل هو فطريٌّ أو مكتسبٌ (Le goût)؟
- يا شُعْبَوِيّو العالَم، اتّحِدوا واصمُدوا ضدّ المثقفينَ الان ...
- ليلى كتبتْ روايةً جديدةً: كلامٌ في الثورة والحب، كلامٌ ممنوع ...
- كيفَ استغلَّ الرأسماليونَ الجشعونَ المتربصونَ كارثةَ إعصارِ ...
- صرخةٌ تونسيةٌ مُدَوِّيةٌ ضدّ كارِثةِ -الغزوِ الرأسمالي الغرب ...
- أختلفُ معهم، أحترمُ ذَواتِهم، لكنني، وبكل لياقةٍ وودٍّ، أحاو ...
- قال لي أحدُ القراءِ الأصدقاءِ: بعضُ كتاباتِك تصلُ إلى حدِّ ا ...
- أعتقِدُ في العقلِ والعلمِ والعملِ... تأتي هيروشيما... أرتدُّ ...
- اقتربتُ منها، عشقتُها، عاشرتُها، كان لا يوجدُ في الساحةِ غير ...
- يا بشّارْ يا حامِينا ... أحْنا الزبدة وِانتَ السكِّينة!
- ما هي أسباب انتفاضة -السترات الصفراء- في فرنسا؟
- الأسمدة الأزوتية المصنعة: اكتشافٌ علميٌّ، بدأ كنزًا مغذٍّيًا ...
- شاركتُ اليومَ في يوم الغضبْ، والغاضبُ غيرُ عاقلٍ ساعةَ الغضب ...
- كتبَ عني صديقٌ وقال -د.محمد كشكار اليساري غير الماركسي-، فعل ...
- حَفْرٌ أركيولوجيٌّ خفيفٌ في نضاليةِ النقابةِ العامةِ للتعليم ...


المزيد.....




- لعلها -المرة الأولى بالتاريخ-.. فيديو رفع أذان المغرب بمنزل ...
- مصدر سوري: غارات إسرائيلية على حلب تسفر عن سقوط ضحايا عسكريي ...
- المرصد: ارتفاع حصيلة -الضربات الإسرائيلية- على سوريا إلى 42 ...
- سقوط قتلى وجرحى جرّاء الغارات الجوية الإسرائيلية بالقرب من م ...
- خبراء ألمان: نشر أحادي لقوات في أوكرانيا لن يجعل الناتو طرفا ...
- خبراء روس ينشرون مشاهد لمكونات صاروخ -ستورم شادو- بريطاني فر ...
- كم تستغرق وتكلف إعادة بناء الجسر المنهار في بالتيمور؟
- -بكرة هموت-.. 30 ثانية تشعل السوشيال ميديا وتنتهي بجثة -رحاب ...
- الهنود الحمر ووحش بحيرة شامبلين الغامض!
- مسلمو روسيا يقيمون الصلاة أمام مجمع -كروكوس- على أرواح ضحايا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد كشكار - هل عصرُنا، عصرُ واجباتٍ أم عصرُ حقوقٍ؟