أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - شيرين وفرهاد: الفصل السابع 3















المزيد.....

شيرين وفرهاد: الفصل السابع 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6078 - 2018 / 12 / 9 - 22:15
المحور: الادب والفن
    


من جديد، تجلت لعينيه الصويرة ( موغادور )، مثيرةً دهشته وكأنما يراها لأول مرة؛ هيَ المنبسطة في الوادي الأخضر، محاطة منازلها الناصعة البياض بالبحر المحيط وكأنها جزيرة من جزره. الطريق الرئيس للسيارات، المتصل مع المدينة الحمراء في بدايته، يخترق في نهايته مسالك الجبال المغطاة بأشجار الأرغانة النضرة، المطلة على هذه المدينة البيضاء. أبعد إلى جهة الشرق، كانت تبدو كتلُ الأمواج الضخمة، المتحطمة دفعةً دفعة على صخور الأراضي السهلية، المشكلة حدّ الصحراء برمالها المنقلبة إلى حبيبات ذهبية بفعل كيمياء الشمس ـ كما تُسحر رمالُ البادية، في عين المسافر العطشان، إلى سرابٍ على شكل بحيرةٍ ثرة المياه.
تجلت إذاً المدينة البيضاء لعينيه، قبل دقائق من انسياب السيارة في مدخلها البهيّ، دونما أن يُدرك عندئذٍ بأنها تستقبله كي يُنهي فيها آخر فصول السيرة المراكشية. مثلما استقبلت قبلاً أبطال هذه السيرة، بدءاً بمواطنه الكرديّ الدمشقيّ، " جانكو "، المتقمّص صفة التاجر والذي جاء المدينة في أواسط القرن التاسع عشر. بلى، جاءها الرجلُ بمهمةٍ شبيهةٍ إلى هذا الحد أو ذاك بمهمته هوَ؛ محقق السيرة، ومَن أضحى أخيراً أحد أبطالها، المحطمة على صخورها السوداء آمالهم وقلوبهم وحيواتهم.
وبينما السيارة تشق طريقها عبرَ طرقات المدينة، المتألقة أناقةً ونظافة، كانت يدُ المرأة الصغيرة تبحث عن يده بطريقة خفية أشبه بإحدى ألعاب الخفة. لعلها كانت مثارة بأفكار جنسية، محالة لخدعة تأخرها صباحاً، وتودّ التأكد مما إذا كان هوَ بدَوره يشاركها إياها. وكان قد نأى بذهنه عن ذلك، مستمتعاً خلال الطريق بالمناظر الطبيعية. الطفل الضراط، ما لبثَ أن قبضَ على اليد الناعمة، الندية برطوبة البحر، معتقداً أنّ امرأة خاله كانت تبغي مداعبته. على حين فجأة، ارتسمت أمام عينيّ " دلير " ملامحُ ذلك الخال، المتجهمة الكئيبة، الذي تركته امرأته وراءها يلوك بغضب غيرَتَه على أثر الموقف المعلوم صباحاً: " لا يمكنه التسليم ببراءة مصادفةٍ، جمعت امرأة مع رجل غريب تحت سقف الخلوة دونَ أن يكون الشيطان ثالثهما! "، فكّر في غير قليل من القلق. حتى لو أعتبره بمثابة الأخ، أو " المُحْرَم " بحَسَب المفهوم الشائع؛ فألم يقم بنفسه، هوَ " لوحا "، بانتهاكٍ أكثر إثماً للحرمات؟

***
المرض، بدا أنه تجذّرَ في نفسية هذا الرجل منذ بداية وعيه. لقد أحيل ذلك مرةً إلى تجربة حب خائبة، ومرة أخرى إلى حدثٍ أقدم عهداً شهدَ دهسُ أحد رفاق الطفولة بسيارة جامحة. إلا أنّ " سلوى "، وهي مصدرُ كلا المعلومتين، َلجأت إلى استعمال المجاز في تمرير بعض الوقائع الضافية من سيرة شقيقها الكبير. فعلى الرغم من كراهيتها له، وجدت أنه من الخير أن تسدلَ خماراً قاتماً فوق تلك الوقائع بكل ما فيها من عار. ما لم تقله امرأته صراحةً، سمعه بشكل مفصّل وجليّ على لسان العشيقة. وإنها هيَ " لويزة "، على أيّ حال، مَن كانت شريكة الإثم، المُجلل سيرة العم الصغير والمسبب له ندوباً في نفسيته يشعُر بها دوماً ـ كحال المريض بالجدري، الذي يحس بنظرات الآخرين تنتقل من نقرة إلى أخرى في وجهه المشوّه.
بدَورها، وبصرف الطرف عن صراحتها الأقرب إلى الابتذال، لاحت العشيقة الطائشة مفتقرة للموضوعية حينَ كانت تحمّل شريكها مسئولية محنته النفسية: " إنه ذو سريرة سوداء، تصل حدّ تخيّل أشياء شائنة في مسلك من حملته في رحمها "، قال له الصوتُ المبحوح في نبرة ازدراء. كانت هذه فاتحة مناسبة، ارتأتها لرواية تلك الوقائع الشبيهة بحكاية من شطح الخيال. ثم تابعت روايتها، مقحمةً أبيها نفسه في مبتدأها: " تبسّط زوجة والده معه، جعلهما في موضع شبهة الابن الموسوس، الأسود القلب! ". ومن مقدمة الحكاية انتقلت الراوية غير المحترفة إلى متنها، مع خلطٍ بريء للأمكنة والتواريخ.
إنه منزل الضاحية، المبنيّ طوبة طوبة بيد صاحبه الخبير المخضرم في العمارة، المزخرف لاحقاً وبشكل رائع من لدُن ابن أخيه، الذي أضحى صهره. جدران المنزل، كانت مزينة بنقش الخميسة الزرقاء، المفترض بها حماية أفراد العائلة، المُحتفى بصوَر ذكورهم ضمن إطارات خشبية تتصدّر الصالة الأرضية. سيّدة الدار، تصاب بكسر في قدمها أثناء غيبة رجلها في مهجره الفرنسيّ. ذلك كان نتيجة تعرضها أمام المنزل لحادثٍ، سببه دراجة نارية مسرعة. يوماً بعد يوم، تلقى المرأة رعاية طيبة من ربيبها. كان ينحني يوماً على قدمها، المتعرية من الجبس وكانت قد برئت تقريباً من أثر الكسر، فطلبت منه أن يُشرع في تدليكها وذلك بحسب وصية المجبّر الشعبيّ. بينما كان يفعل ذلك، وسط كركرة المرأة، راحَ ابنها البكر يدفعه في نزق قائلاً أنّ هذه هيَ مهمته هوَ. كان الولد آنذاك في السابعة من عُمره، وقد أضحكهما كلاهما بغيرته. وكانت الأمُ ما تنفك عاجزة عن المشي بعد فك الجبس، فقالت مرةً أنها تحن للصعود إلى سطح الدار، أين الشمس والأزهار ورائحة الملابس المجففة على الحبال وأصوات الحيوانات المدجنة. عند ذلك، ما كان من ربيبها إلا أن أندفع بهمة وشهامة كي يحملها على ظهره ليرتقي الدرجَ صعوداً إلى السطح. هذه المرة، وفيما كان جميع الحضور يقهقهون، بما فيهم امرأة الرجل العروسُ بعد، إذا بالولد يصرخُ باكياً ساخطاً.
السطح، سيشهدُ في زمنٍ تال إطلالةُ الابن البكر على مشهدٍ آخر سيثير أعصابه ورغبته على السواء. " لويزة "، التي تصغره بنحو سبع سنين وكانت إذاك في سنّ المراهقة، هيَ من تصدرت المشهد. راقبها وهيَ متمددة على الأريكة، عارية الساقين حتى منبتهما المكسو بسروال ذي بريق حريريّ ناصع البياض. قبل ذلك بدقائق، كانت إحدى عماتها الصغيرات قد همت بإقفال جهاز التلفاز قبل مضيها لحجرة النوم، فأعربت عن رغبتها بإعادة مشاهدة أحد المسلسلات الدرامية. دقائق على الأثر، آنَ ألقت رأسها على الوسادة، إذا بصرها يصطدم بمرأى السحنة الجهمة للمتلصص والبارزة خِلَل قضبان درابزين المنور العلويّ. مفزوعة، كانت تتخيل عينيه تخترقان الفجوة الدقيقة في باب الحمّام، في كل مرةٍ تغتسل فيها أثناء حلولها ضيفة بمنزل الجدّ. قهقهته المجنونة، صدمتها في ظهيرة أحد أيام الصيف بعدما تسمّرت مذهولة أمام عريه الصاعق، المنتصب وراء باب الحمّام. كان آنذاك يهم بالاستحمام، وكانت هيَ منهمكة بوضع الثياب في الغسالة. لم يكن المشهدُ يحتمل تأويلاً مجازياً، طالما أن بطله كان يقف هنالك قابضاً على قضيبه المتوتر. كما لم يخفف عندئذٍ من وقع المفاجأة على نفس الفتاة، طلب القريب الأخرق منها جلب بعض أدوات الحمّام من البيت التحتاني.
ولم يكن أقل خراقة، في حقيقة الأمر، سؤاله للعشيقة على أثر اختتامها رواية ذلك المشهد: " هل قضيبه كبير؟ ". إلا أنها تجاوبت مع السؤال بشكل واقعيّ وطبيعيّ: " إنه أطول مما لديك، ولو أقل غلظةً. في ليلة دخلته وما تلاها، كان أهل الدار ينصتون لصراخ امرأته الصغيرة. نهاراً، كانوا يتندرون على المسكينة لما تخبرهم بأن لا طاقة لها على ذلك الشيء المهول! ".





#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيرين وفرهاد: الفصل السابع 2
- من أجل نصف كرون
- شيرين وفرهاد: الفصل السابع 1
- لقيط
- شيرين وفرهاد: الفصل السادس 5
- شيرين وفرهاد: الفصل السادس 4
- شيرين وفرهاد: الفصل السادس 3
- غسق أزرق
- شيرين وفرهاد: الفصل السادس 2
- شيرين وفرهاد: الفصل السادس 1
- شيرين وفرهاد: بقية الفصل الخامس
- تورغينيف وعصره/ القسم الخامس
- شيرين وفرهاد: الفصل الخامس 2
- شيرين وفرهاد: الفصل الخامس 1
- شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 5
- طريدة منفردة
- شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 4
- تورغينيف وعصره/ القسم الرابع
- شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 3
- تورغينيف وعصره/ القسم الثالث


المزيد.....




- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
- أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب ...
- -يونيسكو-ضيفة شرف المعرض  الدولي للنشر والكتاب بالرباط


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - شيرين وفرهاد: الفصل السابع 3