أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - شيرين وفرهاد: الفصل السادس 2














المزيد.....

شيرين وفرهاد: الفصل السادس 2


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6064 - 2018 / 11 / 25 - 22:27
المحور: الادب والفن
    


جرس ضحكتها، ارتفع بين الأصوات المحتفلة بقدومهم. لمحها حالاً، وكانت تقف خلف أمها وشقيقيها، مرتفعة عنهم بقامتها الفارعة، الموروثة عن الأب. خفق قلبه، وهوَ يصافح يدها الناعمة، الممتدة إليه بكثير من الود. في الأثناء، كانت ترمقه بنظرة غامضة، كأنها انعكاسٌ لذلك المشهد القديم، المبهم والعارم معاً، لدقائق انفرادها معه تحت سقف واحد قبل نحو العام. إلا أنّ علاقتهما، كانت قد تطورت بعدئذٍ حدّ أن صارت محرمة تماماً. هيئة " لويزة " أيضاً، كانت متوافقة مع الموعد المتجدد للربيع؛ فصل الخصوبة والاحتفالات الصاخبة، الذي يَعِدُ العشاق بالمزيد من أوقات المتعة. هذا اللقاء، مع أنه كان متوقعاً، جعل عقله المخدر يعاود الافاقة. مثلما كان الأمر، حينَ صمم عقب تلك الليلة بالكف عن التفكير فيها، وبالتالي، اعتباره عابراً الموقفُ المرتبط بها ـ كما لو كان نزوة طارئة أو حتى كمجرد سوء فهم.
" لنجلس يا صاحبي في الصالة، كي نتابع الأخبار، بعيداً عن مشاغل النساء وثرثرتهن! "، قال له المضيفُ مبتسماً بنبرة صوته الأقرب للصياح. امرأة أبي " إدريس "، وكانت تقف إلى جانبه، لكزته عندئذٍ بكوعها في جنبه. حركتها المرحة، رداً على كلام ربيبها عن النسوة، جعلت الضحكات تصدح مثلما يفعل صدى قرع الطبول في مكان مغلق. لأنّ الصالة الأرضية، وكانت على جانبٍ كبير من حُسن التصميم المعماريّ وروعة الزخرفة، كان يصلها ضعيفاً النورُ السماويّ عبرَ فتحة المنوَر. وقد أدرك " دلير " لاحقاً سببَ كون صحن الدار على ذلك الشكل، المخالف للمألوف، لما صعد إلى الدور العلويّ تاركاً ابن حميه مستسلماً للقيلولة فوق الأريكة الوثيرة. وكان يود اللحاقَ بالآخرين، المتجمعين هنالك، بعدما أضجره الجدل مع مضيفه بشأن الأحداث المحتدمة على خلفية " الربيع العربيّ ".
وجد ترّاساً فسيحاً، أحتل قسماً كبيراً من المكان، وكان محصوراً بين مطبخٍ احتياطيّ وحجرة صغيرة عارية. قضى وقتاً في هذه الحجرة، المخصصة لدراسة الولدين البالغين على ما بدا من أثاثها، المقتصر على طاولة عتيقة ذات سطح معدنيّ صدئ، انتصبَ فوقه جهاز كومبيوتر كبير الحجم. قبل ذلك، أطلّ على مكانٍ ملاصق لحجرة الصبيين، وكان منذوراً للدجاج والحمام والأرانب. وقفَ يتأملُ بشغف مخلوقاتِ الله الوادعة، فيما كانت " لويزة " ملتصقة به وهيَ تراقب ابنتها اللاهية حول قاعدة المنور. لما أرادَ المضي إلى المنزل التحتاني، تلبية لنداء المضيف المستيقظ تواً، دسّ في يد كلّ من ولديه ورقة مالية من فئة المائة درهم. ورقة ثالثة، مضاعفة القيمة، همّ على الأثر بوضعها في جيب طفلة " لويزة "، لما هتفت أمها بصوتها ذي البحة المحببة: " لا، دلير، هذا كثير ". قالتها، وقد كسا سحنتها البرونزية تعبيرٌ حيي بالامتنان. وإنه صوتها، مَن سيلبّي نداءه في ظهيرة اليوم التالي، حينَ تعيّن عليهما أن يكونا منفردين مجدداً.

***
كانا قد افترقا منذ ما يزيد عن الثلاثة أشهر، وهيَ الفترة نفسها الفاصلة بين زيارتين للمدينة الحمراء. إذ قضى في المدينة، رفقة أسرته الصغيرة، النصف الثاني كله من العام المنصرم. في خلال ذلك الوقت، كان قد عقد علاقة مع من اعتاد أن يدعوها، " غزالتي "؛ علاقة زنا، تدخل دينياً في خانة الكبائر ـ كما كانت شريكته تصفها، قبل أن تستدرك بالقول أن الله يغفر كل الذنوب باستثناء الشرك!
إلا أن فترة الفراق تلك، على ابتسارها، كانت قاسية عليه. لولا استسلامه لغرائزه، لكان حرياً به أن يشعر بالخزي والخجل. إذ كان مقترناً بفتاة تصغره كثيراً، وفوق ذلك، فإنها عمّة العشيقة. ولكن، كيفَ أضحت عشيقته، " لويزة " هذه؛ هوَ مَن عُرف باستنكافه عن تقليد سلوكيات أمثاله من الأجانب المقيمين في المغرب، كالاندفاع في مغامرات غرامية سريعة أو الاحتفاظ بحياة سرية خارج نطاق المنزل الزوجيّ؟
في حقيقة الحال، أن ثمة من ساعد هذه المرأة كي تخترق حجبه بما امتلكت من مكر ودهاء. لعله سيخفف شعورَ الخزي والخجل، كشفُهُ أن حماته بالذات، كانت تلك التي ساعدت ابنة ربيبها؛ ابنة الرجل، المعتادة على الانطلاق معه على سجيتها أمام الآخرين بما فيهم زوجته وأولاده. في مكان آخر من السيرة، نوّه محققها بطبيعة علاقة " لويزة " مع حماته وأبنائها، وأنها امتداد لتاريخ من سوء الفهم بين أسرتين لدودتين. وكيلا تُظلم المرأة، الموغلة بسرعة في الكهولة نتيجة ابتلائها بعدة أمراض، من المهم أيضاً التنويه بعامل حسن النية وعلى الرغم من كونه البلاط، المفترشة به الأرضية المفضية لمدخل جهنم؛ هنالك، أين ثبتت تلك اللوحة المرقشة بهذه الكلمات الرهيبة: " أيها الداخل، تخلّ عن الأمل! ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيرين وفرهاد: الفصل السادس 1
- شيرين وفرهاد: بقية الفصل الخامس
- تورغينيف وعصره/ القسم الخامس
- شيرين وفرهاد: الفصل الخامس 2
- شيرين وفرهاد: الفصل الخامس 1
- شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 5
- طريدة منفردة
- شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 4
- تورغينيف وعصره/ القسم الرابع
- شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 3
- تورغينيف وعصره/ القسم الثالث
- شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 2
- تورغينيف وعصره/ القسم الثاني
- شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 1
- تورغينيف وعصره
- شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 5
- شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 4
- شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 3
- متاهة
- شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 2


المزيد.....




- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - شيرين وفرهاد: الفصل السادس 2