أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - متاهة














المزيد.....

متاهة


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6043 - 2018 / 11 / 3 - 19:57
المحور: الادب والفن
    


أيام ثلاثة، بلا لحظة نوم ليلاً. في خلال النهار، كنتُ بالكاد أصيب في كل مرة ساعة من الإغفاء الأقرب إلى التهويم. رأيتني في الطريق إلى المركز الصحيّ، سعياً لمقابلة الطبيب. كنت أمشي وأنا في غاية الإعياء، تسند قدميّ أرض صلبة بينما رأسي مدعوم من لدُن السماء الرائقة. مع ذلك، لاحَ من نظرات المارة، الفضولية المتفحصة، وكأنهم بإزاء رجل ثمل مترنّح الخطى. مبنى المركز الصحيّ، المكون من طابقين، كان يبدو عن بعد جاثماً فوق رابية ملفوفاً بالأسرار والأحاجي ـ كأبي هول الأسطورة.
قالت لي الطبيبة، بلكنتها المفصحة عن أصولها البولونية: " لدينا سرير فارغ في المركز، وبوسعك الاستفادة منه ". ثم ما لبثت أن رمقت مساعدتها، السويدية السمينة، بابتسامة ماكرة مواربة. وعلى الرغم من عدم تحمسي للفكرة، فإنني طلبت مهلة تفكير. ردت علي فوراً: " ولِمَ التردد؟ السرير جاهز، وأنت لن تمكث لدينا سوى يوماً أو يومين "
" الحقيقة، أنني لست متأكداً مما إذا كنتُ قد أطفأت الشموع في مطبخ الشقة "، أجبتها كاذباً. نداء داخليّ، على شكل هاجس، جعلني في ريبة من الأمر. على أي حال، استعدت حريتي للحال فيما كنتُ أمرق من باب المبنى الرئيس. ولكن فكرة أوقفتني على غرة، فمددت يدي إلى جيبي كي أتيقن من وجود مفاتيح شقتي. آه، لقد نسيتهم على الطاولة في حجرة الطبيبة. عدتُ على أدراجي، فاجتزت الباب الرئيس مجدداً وسرت في الرواق الطويل وصولاً إلى الحجرة. إذا بصوت المرأة ذات اللكنة المنحوسة يطرق سمعي: " لا، أنا على يقين من إيابه. وإلا، فكيف سيدخل شقته؟ ولكننا في هذه المرة سنحتفظ به، كونه يُشكل خطراً على المجتمع! "
" أهوَ كذلك، فعلاً؟ "
" غير مهم، في أيّ حال، سوى أن لدينا الحق باحتجازه لحين الوثوق من حالته النفسية ". ثم أعقبَ ذلك همهمة وضحكات. تراجعت بهدوء، مروّع الفؤاد مضطرباً. لما ألتفت نحو الباب الرئيس، أختلطت عليّ الجهة إليه. اندفعت في أحد مماشي الرواق، المثبت فيه سهم يدل على ناحية الخروج. في الأثناء، ولدى اجتيازي مدخل إحدى القاعات، هبّت في أنفي رائحة مقيتة جعلت نفسي تزداد انقباضاً. كانت رائحة جثث، وعلى الأرجح أن تلك كانت قاعة مشرحة ما. صار سيري أشبه بالهرولة، متنقلاً من ممشى إلى آخر دونما أن أعثر على الباب الرئيس. إلى أن وجدتني ثانيةً أمام حجرة الطبيبة. على الأثر، صدرت جلبة من خلفي مع الصوت المميز لانفتاح الباب الرئيس. أصخت السمع، إلى أن أدركت من أين صدر الصوت. وكنت من العجلة واللهوجة، أنني كدت أصطدم بأحدهم وهوَ عند عتبة الباب. تنفست خارجاً بعمق، وأطلقت بعد ذلك قدميّ للفرار من المكان. أمام موقف الحافلات الكبيرة، همدت على أحد المقاعد مهدوداً من النعاس والإرهاق. غدت السماء قاتمة بلون الغسق، مهيمنة عن قرب على مشهد الرابية، المعتلي فوقها ذلك المبنى المرعب، الذي كان عندئذٍ يحدق فيّ بعين بابه الرئيس، السيكلوبية.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 2
- شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 1
- شيرين وفرهاد: الفصل الثاني 5
- شيرين وفرهاد: الفصل الثاني 4
- شيرين وفرهاد: الفصل الثاني 3
- شيرين وفرهاد: الفصل الثاني 2
- شيرين وفرهاد: الفصل الثاني 1
- شيرين وفرهاد: الفصل الأول 5
- شيرين وفرهاد: الفصل الأول 4
- شيرين وفرهاد: الفصل الأول 3
- شيرين وفرهاد: الفصل الأول 2
- جزيرة مهجورة
- شيرين وفرهاد: الفصل الأول 1
- زين وآلان: الفصل السابع 5
- شجرتان وأسطورة صغيرة
- زين وآلان: الفصل السابع 4
- زين وآلان: الفصل السابع 3
- أُضحِيّة
- زين وآلان: الفصل السابع 2
- زين وآلان: الفصل السابع 1


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - متاهة