أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - شيرين وفرهاد: الفصل الأول 3














المزيد.....

شيرين وفرهاد: الفصل الأول 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6030 - 2018 / 10 / 21 - 20:53
المحور: الادب والفن
    


ولكن لم يلُح من آراء " سيامند "، المتعلقة بالحرب السورية، أنّ السياسة تستحوذ كلياً على تفكيره. هنا أيضاً، كما في شأن الكتاب المراكشيّ، أبدى عناداً في التشبث بآرائه أكثر من محاولة إقناع مجادله. على ذلك، كان سهلاً على " دلير " ضبطَ بعض التناقض في مواقف مضيفه؛ وهيَ بالطبع صدى لمواقف تنظيمه الحزبيّ، العابر لحدود أربع دول في المنطقة.
لقد جعله يتلعثم في الجواب، حينَ تساءل في سياق النقاش: " أنتَ تأخذ على المعارضة، عسكرةَ الثورة السلمية، وفي الآن نفسه تدافع عن سيطرة تنظيمكم على المناطق الكردية بقوة السلاح؟ "
" السلاح انتشر في كل مكان، بمجرد أن أنشقَ قسمٌ من الجيش النظامي. ولو لم تملأ قوات الحماية الشعبية الفراغَ، لتم اجتياح تلك المناطق من لدُن إرهابيي القاعدة على غرار ما جرى في سري كاني "
" ومع ذلك، انسحبت من كوباني أمام تنظيم الدولة الإسلامية بدون قتال تقريباً؟ "
" هذه حرب؛ أيْ كرّ وفرّ. على أيّ حال، أثبتت تجاربُ التاريخ أنّ الأقلياتَ معرّضةٌ لخطر الانقراض إذا لم تحمي نفسها بالسلاح "
" وبشكلٍ خاص الأقلية العلوية، التي تحتكر السلطة منذ نصف قرن تقريباً! "، علّقَ الضيفُ متهكّماً. ولم يُجب المجادلُ، عندئذٍ. نقل بصره إلى كأسه الفارغ، وراحَ يحركه يمنة ويسرة على السطح المعدنيّ الصقيل لسدّة البار. ثم ما لبثَ أن دفعَ الكأسَ إلى البارمان، طالباً المزيدَ من كوكتيل الفودكا. ولما أشارَ للرجل بيده إلى كأس صديقه، فإنّ هذا الأخير بادر للقول مازحاً: " لا مزيدَ من الشراب، إلا لو وعدتني بجلب المخطوطة إلى موعدنا غداً في المقهى "
" ستشرب، يا بن العم، حتى لو لم أعدك بشيء! "، قالها المضيفُ ضاحكاً فيما كان يأخذ الزجاجة من يد البارمان.

***
المقهى، كان يقع على الجانب الأيمن من القناة المائية، المتصلة ببحيرة المدينة، والمشكّل مع جانبها الأيسر ما يُشبه حدوة الحصان. ولكن الرواق البالغ الكمال في مظهره الخارجيّ، المنزوي فيه المقهى، ذكّرَ " دلير " بمثيله في العمارة الرومانية، وكان قد رآها مرةً مجسّدة في كتاب مصوّر يؤرّخُ لعاصمتها العالمية. الطاولة، أينَ جلسَ مضيفُ الأمس في انتظاره، كانت مطلة مباشرةً على القناة. وقد سطعت هنالك على السطح المائيّ أشعةُ الشمس، منعكسةً على الأحجار الرمادية بوهج متحرّك ـ كما لو أنه زئبقٌ، يفور في أنبيق شخصٍ مهووسٍ بالكيمياء السحرية.
" لقد جئتك على الموعد تماماً، وما عليكَ في التالي إلا الوفاء بوعدك! "، آبَ الضيفُ إلى المزاح على خلفية آخر كلمات لقاء الأمس. بادله المضيفُ ابتسامة مجاملة، ماداً له يده بالتحية ومن ثمّ لرفيقه. هذا الأخير، ما عتمَ أن نهضَ فجأة كي يعتذر بأن عليه الذهاب كونه سيلتقي شقيقته في مكان عملها بالفندق. وكان الدورُ على " سيامند " هذه المرة، بإثارة مفاجأة. فإنه توجه للرجل، متسائلاً باهتمام: " أتعمل هيَ في قسم الاستقبال؟ ". ثم أستدرك متلجلجاً أمام نظرة الدهشة، الموحية بها ملامح المُخاطَب: " تعرفتُ على فتاة كردية قالت أنها تعمل في فندق، وكانت قد تناولت الغداء في مطعمي "
" ربما تكون هيَ..! "، ردّ الرجلُ وعلى شفتيه ظلُ ابتسامة متهكّمة. بعد ذهابه، هيمن الصمتُ هنيهة على المكان. تنهّد الضيفُ بينما عيناه تلحظان الطاولة من الجهة المقابلة، وكانت خالية من نسخة المخطوطة المأمولة. غاضَ الأملُ في تينك العينين، كون " سيامند " لم يأتِ حتى مع حقيبة. وكأنما ينتقمُ الضيفُ لنفسه، حينَ بادر لخرق الصمت بإلقائه هذا السؤال: " شقيقة صديقنا، العاملة في فندق، لعلها ذكرتك بخطيبتك المراكشية؟ ". رفعَ الآخرُ رأسَه، ليقلّبَ نظرة متكدرة في عينيه، قبل أن يجيبَ: " لا أعرفُ أيّ خطيبة، لا في مراكش ولا في غيرها! "
" آه، المعذرة. كنتُ أقصد سكرتيرة مكتبك تلك.. ماذا كان اسمها؟ "
" زين.. "، رد باقتضاب وكان ما ينفكّ متأثراً بما سبقَ من كلام يخص صفة الفتاة. بقيَ " دلير " ساكتاً، يمنّي النفسَ بسؤال الرجل عن السكرتيرة. فلما استبطأ ذلك، فإنه همهمَ قائلاً بنبرة متكلفة قلة الاهتمام: " هل كنت على اتصال مؤخراً مع معاونيك أولئك، السابقين؟ ". بدأ المضيفُ يتنحنحُ، وبدا أنه على شيء من الضيق. قال بعد وهلة صمت: " لا، ولا في أيّ وقت منذ مغادرتي المغرب ". وكان " دلير " قد شدد على الظرف الزمنيّ في جملته تلك، لكي تثير فضول صاحبه وقلقه على السواء. إلا أنّ الرجلَ كان مشغول الفكر عندئذٍ، أو مشوشاً، بحيث لم يقع في فخ المناورة. وما كان أسرعه في تغيير دفة الحديث، بأن أندفعَ للسؤال عن ذلك الشخص المغادر للتو: " اسمه آراس، أليسَ كذلك؟ لِمَ لم يكن مرتاحاً، حين تكلمتُ عن فتاة الفندق وسألته ما لو كانت أخته؟ أم أنه متأثر بنشأته في الشام، المعروفة بالتزمت والمحافظة؟ "
" آه، فإن الأمر كذلك إذن؟ "
" أيّ أمر؟ ماذا تعني؟ "
" يا عزيزي سيامند، إنك تعترف الآنَ ولو بشكل عفويّ بكونه شعور التحفظ، مَن منعك من جلب مخطوطة سيرتك المراكشية! "، أجابَ الضيفُ غامزاً بعينه كي يُخفف من تأثير الجملة على مضيفه.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيرين وفرهاد: الفصل الأول 2
- جزيرة مهجورة
- شيرين وفرهاد: الفصل الأول 1
- زين وآلان: الفصل السابع 5
- شجرتان وأسطورة صغيرة
- زين وآلان: الفصل السابع 4
- زين وآلان: الفصل السابع 3
- أُضحِيّة
- زين وآلان: الفصل السابع 2
- زين وآلان: الفصل السابع 1
- زين وآلان: الفصل السادس 5
- زين وآلان: الفصل السادس 4
- زين وآلان: الفصل السادس 3
- زين وآلان: الفصل السادس 2
- زين وآلان: الفصل السادس 1
- زين وآلان: الفصل الخامس 5
- زين وآلان: الفصل الخامس 4
- زين وآلان: الفصل الخامس 3
- زين وآلان: الفصل الخامس 2
- زين وآلان: الفصل الخامس 1


المزيد.....




- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - شيرين وفرهاد: الفصل الأول 3