أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - طريدة منفردة














المزيد.....

طريدة منفردة


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6056 - 2018 / 11 / 17 - 03:48
المحور: الادب والفن
    


منذ أن شبّ على قوائمه، دأبت الفرسُ الأم على تعليم مهرها الأسحم ما يحتاجه للبقاء على قيد الحياة في هذا المرعى، المحاط بحوز للسباع المفترسة. أشارت له مراراً إلى جهة الهضبة، المسكونة من لدُن تلك الوحوش: " لن تقتربَ أبداً من الحوز، مهما أغرتك خصوبة الأرض هنالك. إن سببَ نجاتنا دائماً، هوَ كوننا كتلة متراصة في قطيع واحد ". وبالفعل، كان المهرُ قد خاض عدة تجارب مع السباع المهاجمة، أكّدت كلها صدق قول الأم.
إلا أن ما كان يُغري الفرسُ الأسحم، في واقع الحال، لم يتصل بالمعدة وإنما بالفضول. كان يغبط دوماً تلك المخلوقات، لأنها من مكانها المرتفع كان في وسعها رؤية عالم ما وراء المرعى. إلى أن كان يوماً، قبعت فيه شمسُ الربيع الدافئة فوق ذلك المرتفع وكأنما تدعو المهرَ لتأثّر خطواتها. ألقى نظرة حذرة على أمه، الغافية بدِعَة فوق العشب النامي بوفرة، ثم ما لبثَ أن مضى إلى الجهة المحظورة. كان يرتقي بصعوبة مسالك الهضبة الوعرة، أين برز حولها الصخرُ الجلمود والجذور الميتة وبراعم الأغصان الغضة. فجأة، وعلى حين غرّة، مسّ أنفه شعورٌ غامض بالخطر المستطير. فاستحث خطوه إلى أن وصل إلى منبسط الهضبة، آمناً مطمئناً نوعاً. من ذلك المكان العالي، ألقى نظرة شاملة على مشهد مهيب ترامى حوله حتى الأفق البعيد. كان يتأمل البحيرة الفسيحة، المتصلة بالنهر العظيم، حينَ أحسّ ثانيةً بالخطر. في هذه المرة، أجفلَ مع صدور خشخشة خفيفة من أيكة أشجار كثيفة، وما عتمَ أن أطلق قوائمه للفرار لا يلوي على شيء. أنحدر عبرَ مسالك الهضبة من الجهة المؤدية للبحيرة، الأقرب إلى موقفه، فيما زمجرة مرعبة تعدو خلفه بإصرار. ما أن مست المياه جسده المرهق، اللامع بما كساه من العَرق، إلا واستعاد رباطة جأشه. توغل في البحيرة إلى أن غمرت مياهها رقبته. كان السكونُ شاملاً البقعة بأسرها، لا يتناهى منه سوى تغريد الطيور على الأشجار المنحنية على صفحة المياه. عندئذٍ حَسْب، ألتفت إلى الضفة كي يرى من هوَ خصمه. أدهشه ألا يجد كائناً قط يتحرك هنالك. في اللحظة التالية، دهمه ألمٌ شديد من وخزة في قدمه. غطس برأسه في الماء، ليفهم جلية الأمر، وإذا بعينين جاحظتين ترمقانه بنظرة منتصرة. أنتفض على الأثر، وراحَ يحاول سحب نفسه من البحيرة. لسعد طالعه، أن التمساح كان هوَ الآخر يافعاً. قبل وصول بقية الضواري من أسرة التمساح، كان المهرُ الأسحم قد نجح بتخليص قدمه وذلك بوساطة ضربة موفقة من قائمته الأمامية.
لما آبَ إلى المرعى، كان الهرجُ يعمه. السبع، يبدو أنه عوّض خيبته في اصطياد المهر الأسحم، وذلك بمهاجمة القطيع. ضحية الهجوم، لم تكن سوى الفرس الأم: لقد تفقدت في خلال المعمعة مهرَها دونَ جدوى، مما جعلها تفقد حذرها وتنفصل عن باقي أفراد القطيع.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 4
- تورغينيف وعصره/ القسم الرابع
- شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 3
- تورغينيف وعصره/ القسم الثالث
- شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 2
- تورغينيف وعصره/ القسم الثاني
- شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 1
- تورغينيف وعصره
- شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 5
- شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 4
- شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 3
- متاهة
- شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 2
- شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 1
- شيرين وفرهاد: الفصل الثاني 5
- شيرين وفرهاد: الفصل الثاني 4
- شيرين وفرهاد: الفصل الثاني 3
- شيرين وفرهاد: الفصل الثاني 2
- شيرين وفرهاد: الفصل الثاني 1
- شيرين وفرهاد: الفصل الأول 5


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - طريدة منفردة