أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - شيرين وفرهاد: الفصل السابع 1














المزيد.....

شيرين وفرهاد: الفصل السابع 1


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6074 - 2018 / 12 / 5 - 22:33
المحور: الادب والفن
    


عليه كانَ أن يُنتزَعَ أخيراً من قوقعة العزلة، المحوَّطة بمشاعر الإحباط جرّاء تعثّر المهمة الأدبية، الملقاة على كاهله. ناهيك عن تأنيب الضمير، المتسببة به هذه وتلك من نسوة الأسرة. فشله في الاتصال بأيّ من أبطال السيرة، المفترض أنهم ما زالوا مقيمين في المدينة الحمراء، سلّمه إلى الكسل والفراغ. على أنّ ظهور " لويزة " في الدار، على حين فجأة، أيقظ هذه المرة غرائزه أقوى من ذي قبل. لولا جسدها المثير، المترائي عن كثب بكلّ أعطافه الصارخة في شهوته، لما كان ممكناً حتى محاولة تنشيط الذاكرة كي تستعيد وقائع من أعوام إقامته المراكشية.
صباحاً، أنتبه إلى جو الكآبة المهيمن على المنزل. لاحَ أنهم عادوا إلى العراك، ثمة في البيت التحتاني، المفعم بعبق الندّ المحترق. ومع أن اليوم عطلة الموظفين، أخذه على غرّة وجودُ " لوحا " في الصالة، وكان جالساً هنالك على طرف الأريكة المحاذية لجهاز التلفاز. بملامح وجهه المألوفة، المتجهمة، كان ذكرُ الدار ينقل بصرَه بين الأم وشقيقاته الثلاث. امرأته " حسنة "، ما لبثت أن أنقضت على المشهد، منبثقة من مدخل الصالة المعتم، بعدما تدحرجت أقدامها بخفة فوق الدرج المتصل مع البيت العلويّ. عيناها الجميلتان، المشعتان بالمكر والبراءة معاً، جالتا بدَورهما على الحاضرين قبل أن تحطا على هيئة زوجها، الواجمة. ولكن " دلير " أفتقدَ وجودَ صاحبة الكفل الملكيّ، فخمّنَ أن رجلها ساقها وابنتها إلى منزلهم في ساعة متأخرة من الليلة البارحة.
" لماذا لا تستحم؟ لدينا متسع من الوقت قبل حضور السيارة "، جاءه صوتُ امرأته مخترقاً الصمتَ الثقيل في الصالة. كانت فكرة جيدة، تخلصه من ذلك الجو المحرج. دقائق على الأثر، وفيما كان جسده تحت الدُش، إذا بالصوت ذاته يصدر من وراء الباب ليستحثه على العجلة: " حضرَ موسى مبكراً. سأنقل حقيبتك بنفسي إلى السيارة، وما عليك إلا ارتداء ملابسك بسرعة ". ذلك كان السائق، المتعهّد تقديم خدماته لعدد من النُزُل السياحية بما فيها رياض الصهر الفرنسيّ. " موسى "، كان شاباً على درجة من الثقة بالنفس حدّ الغرور والصلف، شأن الكثيرين أمثاله ممن يحتكون طوال الوقت بالأجانب. شخصيته، في التالي، شاءت أن تذكّر محقق السيرة بأشباهها؛ وخصوصاً " سيمو "، الزوج الأول للمرأة الغامضة ذات الثوب الأحمر. وإنه هذا الأخير، كما ألمحنا قبلاً، مَن سيقابل المحقق ثمة في مدينة الصويرة وضمن ملابساتٍ لا تقل غموضاً.

***
نزل إلى البيت التحتاني، وكان قد مضى نحو عشرين دقيقة على رحيل الركب. كان قد أخبرهم بأنه سيتأخرُ مضطراً، لحين الفراغ من تصنيف بعض الأوراق الخاصّة. امرأته، خففت من سخط والدتها بالقول: " سيلحقنا بسيارة أجرة إلى محطة الأوتوبيس، وأصلاً موسى جاء مبكراً ". ثم ألتفتت إليه، توصيه: " عند خروجك، تأكّد فقط أنك غلقت باب المنزل جيداً ". على ذلك، فإنه أعتقدَ أن الجميع خرجوا لدى إطلالته مجدداً على الصالة الأرضية. فكم أدهشه، حدّ الإجفال، مرأى " حسنة " وكانت جالسة هنالك على الأريكة الأقرب لمدخل الصالة. رفعت رأسها، لترمقه بنظرة تفيض رقة. شفتاها النضرتان، اللتان بلون الورد، فغرتا من ثمّ على هذه الغمغمة: " تأخرتُ أيضاً هناك، بسبب عارض صحي طارئ ". قالتها، مومئة برأسها إلى ناحية مرحاض البيت التحتاني. وكان هذا قد شيّد في عامٍ أسبق، كون الأم وصويحباتها لا يرتحن للآخر، الإفرنجي، المنصوب فوق في الحمّام مع غيره من مفردات الحضارة الحديثة. أدرك معنى تعبيرها، وأنه كناية عن العادة الشهرية، مما فاقمَ من شعوره بالتململ. هذا، على الرغم من أن علاقته بكنّة الدار أضحت أقرب للتبسط والإلفة منذ تكفلها التغطية على دروس الرسم تلك، المعلومة.
" لوحا مضى مع سلوى وابنكما بالتاكسي، على أن نوافيهم إلى المحطة قبل الساعة التاسعة "، عادت لتوضّح جليّة الأمر. تطلع إلى ساعة المطبخ، وكانت تتجاوز الثامنة بقليل. سألها على سبيل الفضول، ما لو كانت " حياة " معهم. هزت رأسها بعلامة الإيجاب، قبل أن ترد بالقول: " وستلحقهم أنغام مع أميل في سيارة زوجها، هذا إذا لم يكونوا قد انطلقوا فعلاً ". ومع أنها كانت تتكلم بعفوية، إلا أنّ داخل " دلير " كان على شيء من الريبة فيما يتعلق بالسبب الحقيقي لتأخرها: " كأنما تبغي مكايدة رجلها، بهذه الحركة الجديدة الطائشة ". ثم آبَ تفكيره إلى جانب آخر، يستحق الكثير من التوقف: " ولكن، لِمَ لم ينتظرها هوَ ويدع شقيقته وابنها يمضيان لوحدهما في سيارة الأجرة؟ ".
بعد قرابة نصف الساعة، آنَ طرقت يدُ " أميل " اللجوجة على باب الدار، كانت المرأة الصغيرة ما تنفكّ في مكانها على الأريكة. كان إذاك يحس بدقات قلبها، وهيَ مستلقية على صدره مثل هرة صغيرة تبحث عن الرطوبة والطمأنينة. الصالة، وكانت قد فارقتها آخرُ شهقات النشوة، التي هزت أركانها الأربعة، لم تزل في المقابل محتفظة بالرائحة الحريفة لرحيق الذّكّر في هذا الصباح المفعم بعبق عود الندّ المحترق.

> مستهل الجزء الثالث/ الفصل السابع، من رواية " الصراطُ متساقطاً "







#دلور_ميقري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لقيط
- شيرين وفرهاد: الفصل السادس 5
- شيرين وفرهاد: الفصل السادس 4
- شيرين وفرهاد: الفصل السادس 3
- غسق أزرق
- شيرين وفرهاد: الفصل السادس 2
- شيرين وفرهاد: الفصل السادس 1
- شيرين وفرهاد: بقية الفصل الخامس
- تورغينيف وعصره/ القسم الخامس
- شيرين وفرهاد: الفصل الخامس 2
- شيرين وفرهاد: الفصل الخامس 1
- شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 5
- طريدة منفردة
- شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 4
- تورغينيف وعصره/ القسم الرابع
- شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 3
- تورغينيف وعصره/ القسم الثالث
- شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 2
- تورغينيف وعصره/ القسم الثاني
- شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 1


المزيد.....




- عودة الثنائيات.. هل تبحث السينما المصرية عن وصفة للنجاح المض ...
- اختفاء لوحة أثرية عمرها 4 آلاف عام من مقبرة في سقارة بالقاهر ...
- جاكلين سلام في كتابها الجديد -دليل الهجرة...خطوات إمرأة بين ...
- سوريا بين الاستثناء الديمقراطي والتمثيل المفقود
- عامان على حرب الإبادة الثقافية في قطاع غزة: تدمير الذاكرة وا ...
- من آثار مصر إلى الثقافة العالمية .. العناني أول مدير عربي لل ...
- اللاوا.. من تراث للشلك إلى رمز وطني في جنوب السودان
- الوزير المغربي السابق سعد العلمي يوقع -الحلم في بطن الحوت- ف ...
- انتخاب وزير الثقافة والآثار السابق المصري خالد العناني مديرا ...
- بعد الفيلم المُرتقب.. الإعلان عن موسمين جديدين من مسلسل -Pea ...


المزيد.....

- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - شيرين وفرهاد: الفصل السابع 1