أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ملهم جديد - صديقي الأميريكي














المزيد.....

صديقي الأميريكي


ملهم جديد

الحوار المتمدن-العدد: 6073 - 2018 / 12 / 4 - 10:17
المحور: الادب والفن
    


صديقي الأميريكي
خاض حربين امبرياليتين في كوريا وفيتنام ، و ثلاث زيجات فاشلة ، خلَّف دزينة من الأولاد نسي أسماء نصفهم و لا يعرف أماكن تواجد أي منهم . سألته فيما إذا كان قد قتل أحدا أثناء الحرب ، فأجابني " و هل تسأل فيما إذا كانت العاهرة قد نامت مع غرباء ، أو فيما إذا كان الرئيس الأميريكي كذب و ما زال يكذب ؟! ، الخدمة في الجيش مهنة ، و هذه المهنة تقوم على القتل " توقف عن الكلام لبعض الوقت ، تأمل سيجارته التي انطفأت ، أشعلها و أكمل " كنت و مازلت و سأبقى ضد القتل ، لكن عندما تجد نفسك في قلب المعركة ، و إن لم تكن مقتنعا بعدالة الحرب التي تخوضها ، فإن هدفك سينصب على أن لا تُقْتَل ، و لكي لا تٌقْتَل عليك أن تَقْتُل " " أفهم من ذلك بأنك كنت متحمسا في البداية كجندي ثم خَفَّ حماسك فيما بعد !!" صحيح ، و ربما استغربت إذا قلت لك بأن حماسي خفَّ عندما هبطت الطائرة العسكرية التي كانت تقلنا إلى كوريا في ألمانيا للتزود بالوقود ، أتذكر بأن الوقت كان ظهرا ، و كنّا نتناول الغذاء في مطعم القاعدة الأميريكية ، كان الضابط المسؤول عنا يتجول بين الطاولات مثل الطاووس ، يلقي النكات و التعليقات السخيفة التي لا أتذكر سوى واحدة منها ، قال لنا ، و كان قد اقترب من الطاولة التي أتشاركها مع ثلاثة جنود ، استمتعوا بوجبتكم هذه ، فقد تكون الوجبة الأخيرة التي سوف تتناولونها بهدوء ، و ما أن رأى امتعاضنا من نبوءة الشؤم هذه التي تفوه بها حتى استدرك و قال : طبعا ستتناولون وجبة عامرة احتفالا بالنصر عند عودتنا إلى أميريكا . و كان يهم بالإبتعاد عندما سألته : كم بقي من الوقت لنصل إلى كوريا ؟! فقال :،حوالي العشر ساعات ، فصرخت عشر ساعات ، ألا تعتقد بأننا نذهب بعيدا لقتال أعدائنا ؟! " ابتسم ، ربت على كتفي ، و قال " حتى لو كانوا في المريخ سوف نذهب لقتالهم ، أنت لا تعرف هؤلاء الشيوعيون ، إذا لم نقاتلهم الآن في شرق آسيا ، فإننا سنضطر لقتالهم على عتبات بيوتنا في واشنطن و نيويورك فيما بعد " . أدار ظهره و كنت أعلم بأنه غاضب ، فوددت أن أثير غضبه أكثر ، عندما تذكرت بأني لمحته يقرأ في الإنجيل أثناء الرحلة ، فصحت ، و لم يكن قد ابتعد كثيرا " عفوا سيدي ، عندي سؤال آخر " عاد و اقترب من طاولتنا و قال بتهذيب مفتعل " تفضل " فقلت " هل تعتقد بأن المسيح سيكون راضيا عن ذهابنا ألاف الأميال من أجل الحرب ؟!" ، و مازلت أتذكر كم كابد ليحافظ على تهذيبه ، فابتسم تلك الإبتسامة التي يرسمها من يود لو كان باستطاعته قتلك و قال " انتظر دقائق و سآتيك بمن يجيبك " . غادر و عاد بعد عشر دقائق ومعه خوري ، علمت فيما بعد بأنه كان على متن الطائرة العسكري الثانية التي كانت متجهة إلى كوريا . أشار الضابط إلي و تقدم مع الخوري باتجاهي ، مد الخوري يده فصافحته ، كانت يداه ناعمتين و كأنهما لم تقوما بأي عمل سوى تقليب صفحات الإنجيل في عظات الأحد . اقترح الضابط بأن نذهب إلى طاولة في الركن البعيد من القاعة ، فحدست بأنه لا يريد لبقية الجنود سماع حديثنا ،تفهمت ذلك ، فكما تعرف المعنويات نصف المعركة و لم يشأ الضابط أن يشك الجنود في عدالة الحرب التي هم على وشك خوضها . ما أن جلسنا ، حتى بدأ الخوري حديثه " حسب ما فهمته ، و يمكن أن تصحح إن كنت مخطئا ، بأنك تتساءل عن ذهابنا آلاف الأميال لقتال أعدائنا ، باختصار تتساءل فيما إذا كانت حربنا عادلة و تحوز على بركة المسيح !! أريد أن أؤكد لك بأن حربنا عادلة و بأن المسيح يباركها ، يباركها لأنها ضد أعدائه ، نحن في حربنا هذه لا ندافع عن مصالح أميركا فقط ، إننا ندافع عن العدالة ، أي ندافع عن العالم أجمع " و لا أعرف فيما إذا كان سيكمل عندما سألته " لكني حسب ما أذكر فإن المسيح قال : أحبوا أعداءكم !" نظر إلي تلك النظرة التي يتقنها من يعتقد بأنه وكيل الرب إلى أحمق ، و قال : قال المسيح أيضا " ما جئت لألقي سلاما بل سيفا " . في الحقيقة فوجئت ، فأنا لا أذكر بأنني سمعت ذلك في الكنيسة التي كانت تأخذني إليها أمي عندما كنت صغيرا ، و لأَنِّي لم أكن في وارد الشك فيما قاله ، مع أني أعرف بأن رجال الدين يكذبون ، إذ لم يكن من المعقول أن يدعي وجود آية من السهل التأكد من وجودها ، فقد سألت و كم مرة ورد ذكر السيف في الإنجيل !! فأجاب : مرة ، مرة واحدة ، ثم لم يلبث أن استدرك : لم يكن هناك شيوعيون في زمن المسيح ، و لو كانوا موجودين لكانت كلمة السيف وردت ألف مرة " . صمت ، فقال الضابط : أرجو أن يكون أبونا قد بدَّد شكوكك ، فبقيت على صمتي و أنا أردد بيني و بين نفسي " هل هناك عمل شرير لا يوجد رجل دين لتبريره ، لا بد أن الشيطان في غاية السعادة الآن ، فقد انضم إليه للتو شريك سوف يشاركه اللعنات إلى يوم القيامة " . انطفأت سيجارته مرة أخرى ، وعندما اقتربت لأشعلها له ، سألته فيما إذا كان مؤمنا ، فأجاب بعد تلك الحادثة انقطعت علاقتي بالكنيسة و قويت بالمسيح ، و لم يلبث أن سألني : هل تحب المسيح ؟ ، و هل هناك من يكره هذا الرجل الرقيق !؟ أجبته ، فقال : هل أستطيع أن أطلب منك شيئا باسم المسيح ! فقلت تفضل ، أحتاج ثلاثة دولارات لشراء فودكا . فقلت كان يمكنك أن تطلب ذلك باسمك الشخصي ، فابتسم و قال : إذا اعطني ستة دولارات ، ثلاثة باسم المسيح و ثلاثة باسمي الشخصي . ناولته ست دولارات وقبل أن يسرع ليقطع الطريق حيث محل الخمور ، سألته " هل تندم على شيء فعلته أو لم تفعله في الماضي !؟" " الشيء الوحيد الذي أندم عليه هو أنني لم أمتهن التشرد منذ يفاعتي " و أذهلني عندما أكمل بما يشبه ما قاله الشاعر السوري محمد الماغوط " عندما تصبح مشردا لا يستطيع أحد أن يجبرك على القيام بما لا تريد القيام به أو قول ما لا تود قوله أو حب ما لا تحبه ما دام هناك تبغ و ثقاب و خمور وشوارع ".




#ملهم_جديد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور النخب الثقافية و السياسية في الأزمة السورية وفي صياغة أس ...
- دور النظام السياسي الحاكم في الأزمة السورية
- الصغيرة و الحرب
- وداعاً يا قرطاج/ قصة قصيرة
- في مكتب السيد الرئيس / قصة قصيرة
- قصة قصيرة
- حكاية ليست للروي / قصة قصيرة
- على الجبهه الشمالية
- على باب السيد الرئيس / قصة قصيرة جدا
- الحبل
- الرأس المقطوع
- الشرق
- العاشق / قصة قصيرة
- القنَّاص
- حدث في الأسبوع الماضي /قصة قصيرة جداً
- تلك الرائحة
- المعارضة السورية و دور الضحية
- المؤامرة و المؤامرة ....ثم المؤامرة
- رائحة ثقيلة


المزيد.....




- “فرحي أولادك وارتاحي من زنهم”.. التقط تردد قناة توم وجيري TO ...
- فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي ...
- ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ ...
- بعد مسرحية -مذكرات- صدام.. من الذي يحرك إبنة الطاغية؟
- -أربعة الآف عام من التربية والتعليم-.. فلسطين إرث تربوي وتعل ...
- طنجة تستضيف الاحتفال العالمي باليوم الدولي لموسيقى الجاز 20 ...
- -لم أقتل زوجي-.. مسرحية مستوحاة من الأساطير الصينية تعرض في ...
- المؤسس عثمان الموسم 5.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 باللغة ...
- تردد قناة تنة ورنة الجديد 2024 على النايل سات وتابع أفلام ال ...
- وفاة الكاتب والمخرج الأميركي بول أوستر صاحب -ثلاثية نيويورك- ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ملهم جديد - صديقي الأميريكي