أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق رشيد التميمي - المحاكم العليا والميول السياسية















المزيد.....

المحاكم العليا والميول السياسية


صادق رشيد التميمي

الحوار المتمدن-العدد: 6058 - 2018 / 11 / 19 - 21:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المحاكم الاتحادية هي محاكم سياسية من حيث :
اولا- انها تمثل جماعة الحكم وتوجهاتهم كما هو الحال في اميركا حيث الصراع شرس بين الجمهوريين والديمقراطيين على تعيين أعضاء المحكمة الاتحادية اذ تلعب التوجهات السياسية والاجتماعية للقضاة دورا مهما في اختيارهم للمنصب .
ثانيا- ان أغلبية نصوص الدستور ذو طبيعة سياسية وهي نصوص مفتوحة تحتمل معاني متعددة وبالتالي يلعب التفسير والتأويل للنصوص الدستورية من قبل المحكمة دورا مهما في وسم خصائص الحق ومضامين القيم التي تعتبر صالحة لان تسود وماهي القيود التي يفترض ان تُمارس على التشريع لأغراض المصلحة العامة.
مما يجعل المحاكم العليا تتمتع بسلطة قوية لدورها في توسيع مفهوم الحقوق بحيث تتعدى ما هو منصوص في الدستور الى خلق حقوق اخرى بشكل يعزز توسيع الحريات الفردية وبلورة مفهوم للحق يكون مقبولا في الحد الأدنى ولا يستفز حساسيات واسعة وضمن إطار الثوابت التأسيسية للنظام السياسي وعلى وجه الخصوص توجهاته الاقتصادية سيما في النظم الرأسمالية.
وفِي العراق المحكمة الاتحادية هي قصة اخرى ومسار غريب تختلط فيه الماساة بالمهزلة عند تعقب قراراتها وبما يؤشر ليس فقط الخضوع المطلق للتوجهات السياسية الرثة حتى احيانا دون املاء وإنما مبادرة من المحكمة نفسها بالتأويل وبشكل يدمجها كليا بالنظام السياسي وكذلك ايضا يؤكد على انها عرض صميمي لنوعية النظام السياسي من حيث مستوى الكفاءة والفعالية والقدرة الذهنية على إدارة المفاهيم الدستورية الحديثة سيما فيما يتعلق بالحريات الفردية والمساواة وشفافية السلطة وحماية اختلاف الراي والاحتجاج السياسي وحفظ المال العام وقيود المصلحة العامة المرتبطة به. ومن الأمثلة الغريبة على قراراتها التي توكد المعنيين الاندماج بالنظام السياسي وعدم الدفاع عن حياديتها وحقها بالرقابة الواسعة من جهة ومن جهة اخرى ضعف قدراتها الذهنية في مواجهة مهمة حديثة لم تك مألوفة لدى القضاء سابقا اذ ان منهج الإعداد الدراسي الذي ينحدر منه القضاة كان ولازال ضعيفا لايمنحهم مثل تلك القدرات التي تمكنهم من إدارة مثل هذه المهمة بشكل يتعقب ثقافة النص الدستوري الحديث وسياقه الفلسفي والسياسي :
قررت المحكمة رد دعوى اقامها احد الأشخاص لتطبيق نص المادة 18 الخاصة بمنع مزدوجي الجنسية من تولي مناصب أمنية وسيادية وسحب هذا القيد الدستوري على شروط عضوية البرلمان بحيث يحرم اي شص مزدوج الجنسية من الترشح لعضوية البرلمان .... وكما معروف تعاقب على حكم العراق مابعد 2003 روساء ورؤساء وزارات ووزراء يحملون الجنسية الأجنبية سيما انه لم يبادر اي منهم بالتخلي عن جنسيته الأجنبية امتثالا طوعيا للقيد الوارد في نص المادة (18 رابعا ) من الدستور.
ليس جديدا القول ان دوافع احتفاظهم بتلك الجنسية يأتي في مقدمتها الاحتماء بالنظام القانوني لتلك الدولة من دعاوى جنائية محتملة سيما تلك التي تتعلق بنهب المال العام الذي في النهاية يؤول لمنفعة تلك الدولة او لحركة الرأسمال العالمي على شكل عقارات واستثمارات وودائع وضرائب لصالح خزينة دولة اجنبية كما ان الاحتفاظ بالجنسية يؤشر ضمنا على ان الدولة الاجنبيةً ملاذ امن للتقاعد وغسل الاموال وان العراق بلد ميؤوس من استقراره والتنمية وحكم القانون وايضا رسالة لآخرين من المنخرطين في المؤسسات ان يوغلوا بالنهب وينقلوا اموالهم الى بلدان اجنبية والحصول على جنسيتها اضافة الى ان اغلب القوانين الاجنبيةً تفرض على مواطنيها التزامات معها يصبح لامناص من اهدار مصالح الدولة الام سيما في القضايا الأمنية والاقتصادية على سبيل المثال مشاركة المعلومات الأمنية الحساسة والخضوع للنظام الضريبي بمجرد حمل الجنسية.
لم يبادر اياد علاوي او الجعفري او العبادي او عادل عبد المهدي الى التنازل عن الجنسية الاجنبية.
كان التبرير الذي قدمته المحكمة عجيبا لايقره ولايبرره الفقه الدستوري . تبريرا ضد وظيفة المحكمة نفسها ومهمتها في النظم التي تؤمن بالرقابة الدستورية وطبيعة هذه المهمة وعلويتها وهو تبرير يقوض هذه المهمة وينسفها.
اشارت المحكمة الى ان المادة (18 رابعا) تنص على : (يجوز تعدد الجنسية للعراقي، وعلى من يتولى منصباً سيادياً أو أمنياً رفيعاً التخلي عن اية جنسية أخرى مكتسبة، وينظم ذلك بقانون) وحيث ان هذه المادة ربطت تطبيق نصها على صدور قانون بهذا الصدد وحيث لم يشرع القانون الذي ينظم كيفية التعامل مع مزدوجي الجنسية ممن يشغلون ءمنصبا أمنيا او سياديا فتكون الدعوى فاقدة لسندها القانوني فقررت رد الدعوى.
اي ان المحكمة ربطت بين نطاق تطبيق النص المذكور وبين صدور قانون من مجلس النواب ينظم وضع مزدوجي الجنسية وتوليهم المناصب السيادية والأمنية الرفيعة. وبالتالي طالما مجلس النواب لم يصدر ذلك التشريع الذي تتطلبه المادة 18 فان المحكمة لاتسطيع الخوض بنطاق تطبيق النص. ان قرار المحكمة برد الدعوى بحجة ان البرلمان لم يشرع القانون الذي اشارت له الفقرة رابعا من المادة 18 ينتهي الى الاتي:
*ان المحكمة منحت البرلمان سلطة مطلقة من حيث الزمان والمضمون لتشريع القانون الخاص بمزدوجي الجنسية ممن يتولون منصبا أمنيا رفيعا او سياديا اي ان البرلمان له اجل لانهائي لاصدار هذا القانون اي يمكن للبرلمان ان يمتنع عن إصدار هذا القانون الى اجل غير معلوم طالما ان المحكمة تخلت عن وظيفتها في شرح المفاهيم الدستورية
*ان المحكمة عطلت نصا دستوريا لصالح نصا قانونيا لم يظهر للوجود بعد اذ يفترض بالمحكمة الخوض بمضامين النص الدستوري ومعناه والى اي نطاق ينصرف لان الأولوية للنص الدستوري وعباراته لان القانون يشتق من هذه العبارات التي تحدد مضامينه ونطاقه.
*كان يفترض بالمحكمة استثمار هذه الدعوى وشرح عبارات النص الدستوري وتحديدا ماذا يعني منصبا أمنيا رفيع ومنصب سيادي وفيما اذ كان موضوع الدعوى المقامة له متكأ دستوري وتستغرقه عبارات النص سيما وان المحكمة في صميم وظيفتها تفسير النصوص. اذ ماذا لو قدم لها طلبا من جهة رسمية بتفسير هذا النص الدستوري ؟ هل تمتنع ؟ لا لا يمكنها الامتناع اذ هي ملزمة بحكم الدستور ان تفسر هذا النص وعند ذاك عليها ان تكتب مجلدا يشرح مفهوم الامن والسيادة وبالتالي طالما تفسير النص قائما لديها ابتداء عند حصول اي طلب رسمي كان يفترض ان تستثمر هذه الدعوى في ترشيد السلطة الهوجاء للبرلمان وكبح اطلاقها. بدلا من ان تمنح البرلمان سلطة عليها في تجميد نص دستوري خطير كان عليها بمناسبة الدعوى التي تنظرها ان تستخرج مبادى توجيهية تطارد البرلمان في ضرورة نقاش التشريع والتدقيق في ماهية مضامينه ونطاق تطبيقه من خلال شرح عبارات النص الدستوري نفسه وهذا سيكون كافيا بحد ذاته لدفع البرلمان الى الإسراع باصدار تشريع يعالج فيه قضايا حيوية ومستعجلة ملتزما ومسترشدا بالمبادى التوجيهية التي تضمنها قرار المحكمة الاتحادية .
*يفترض بالمحكمة كونها محكمة دستورية على معرفة ودراية بمضامين النص الدستوري سلفا اذ واحد من مهامها هو التفسير وبالتالي وبمناسبة وجود دعوى تنظرها يفترض هي من يؤطر لجوهر القانون ونطاقه لا ان تمنح القانون ان يعرف مضامين النص الدستوري وقت مايشاء المشرع اذ السؤال ماذا لو لم يشرع البرلمان مثل هذا القانون؟ ماهي قيمة هذا النص الدستوري ومتى سيتم تطبيقه؟
لكن يبدو ان المحكمة في ردها الدعوى بحجة عدم صدور قانون ينظم مضمون النص الدستوري في الفقرة رابعا من المادة 18 تحصنت وراء كل من :
اولا- مخاوف النفوذ والتأثير السياسي سيما وان زعماء كتل يحملون جنسيات اجنبية.
وثانيا ضعف قدراتها الفلسفية والسياسية في شرح بعض المفاهيم الدستورية اذ ان مفهومي الامن والسيادة من المفاهيم العويصة حيث عليها ان تتعقب نظريات الامن والسيادة الكلاسيكية والحديثة ومن ثم تفرض تأويلا تراه مناسبا لحماية مصالح العراق وشعبه.



#صادق_رشيد_التميمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منافذ لنهب الثروة الوطنية
- في مشروع قانون العفو العام المقترح
- من الاقتراحات الواقعية للتخلص من نهب المال العام في العراق
- في الصراع حول المحكمة الاتحادية العليا
- الديمقراطية من الاغلبية الشعبية إلى الأقلية الاوليغارشية.
- بعض الملاحظات عن مشروع قانون حرية الرأي والتظاهر السلمي
- اسئلة في صياغة رؤية اعادة تأسيس الحكم في العراق بعد احداث ال ...
- التيار المدني الديمقراطي وكسر التوقع
- في بعض دوافع أحمد الجلبي في الانضمام الى المجلس الاعلى الاسل ...
- تمكين السياسة الاجتماعية في العراق عبر المحكمة الاتحادية
- مدى مشروعية مبدأ المسؤولية الدولية لحماية المدنيين وماهية شر ...
- مدى مشروعية مبدأ المسؤولية الدولية لحماية المدنيين وماهية شر ...
- الحرب الاهلية من منظور اقتصادي معاصر
- المنظور النسوي والامن العالمي
- أوهام الاصلاح الذي يديره مخابراتي
- عادل عبد المهدي رئيسا للوزراء
- دستور الكتل القابظة على السلطة
- دور المحاكم العليا في حماية حرية التعبير و الصحافة
- من اين يجئي الدكتاتور
- هيئة النزاهة ملزمة بالكشف للجمهور عن تفاصيل المصالح المالية ...


المزيد.....




- بايدن يرد على سؤال حول عزمه إجراء مناظرة مع ترامب قبل انتخاب ...
- نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق CNN في شو ...
- ليتوانيا تدعو حلفاء أوكرانيا إلى الاستعداد: حزمة المساعدات ا ...
- الشرطة تفصل بين مظاهرة طلابية مؤيدة للفلسطينيين وأخرى لإسرائ ...
- أوكرانيا - دعم عسكري غربي جديد وروسيا تستهدف شبكة القطارات
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- الشرطة تعتقل حاخامات إسرائيليين وأمريكيين طالبوا بوقف إطلاق ...
- وزير الدفاع الأمريكي يؤكد تخصيص ستة مليارات دولار لأسلحة جدي ...
- السفير الروسي يعتبر الاتهامات البريطانية بتورط روسيا في أعما ...
- وزير الدفاع الأمريكي: تحسن وضع قوات كييف يحتاج وقتا بعد المس ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق رشيد التميمي - المحاكم العليا والميول السياسية