أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلام كاظم فرج - جريرة النص أم جريرة المتلقي ؟... إسلاميون وعلمانيون...















المزيد.....

جريرة النص أم جريرة المتلقي ؟... إسلاميون وعلمانيون...


سلام كاظم فرج

الحوار المتمدن-العدد: 6056 - 2018 / 11 / 17 - 22:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تهاترنا انا وصديق قديم يسكن هولندا على الفيسبوك..!!! فقال لي: كل نصوصك سلبية ومحبطة وتدعو الى اليأس. وهي في كل الاحوال خادمة للإمبريالية..!. واتهمني بالتقية وقارن بيني وبينه.. حيث ان كل نصوصه تتميز بالجرأة والعنفوان..
لا بد من الإعتراف ان كل كتاباته شجاعة فعلا وهو مقالي بارع ونشيط.. بينما تتوزع كتاباتي على اجناس مختلفة فما انا بشاعر ولا بمقالي ولا بقاص...بمعنى إنني قد أضعت المشيتين.. وهذا إعتراف أولي...
.. ما ذكرني بصديقي ما ذكرته صديقة أخرى قبل أيام في تعقيب على تعليق ما إن البيان مطلوب في الموضوع السياسي والاجتماعي وإن التورية خاصة بالشعر والفنون الأخرى.. وهي على حق تماما....... حسنا... ما الذي أحمى تنوري وجعلني افتش عن ابي القاسم الشابي صاحب القصيدة الواضحة المشهورة( إذا الشعب..) .؟. وعن قصيدة هي أختها لكنها تحمل خطابا مختلفا؟؟ الذي دعاني الى ذلك ان صديقي وصديقتي كلاهما متلق رديء لكهرباء الواقع.. فلا توريتي كانت غامضة عندها إلى الحد الذي يجعلها تنصحني بإشفاق معلمة عطوف على تلميذ بطيء الفهم ولا تورية قصائدي ونقداتي كانت غامضة بالنسبة للصديق العراقي ساكن هولندا منذ ثلاثين عاما ونيف .. ولأنني احبهما كليهما انتابتني كآبة سأبددها حتما بهذا القراءة السريعة لنص ابي القاسم الشابي الموسوم ( أيها الشعب ليتني كنت حطابا..)
قصيدة الشابي//
في صباحِ الحَيَاةِ ضَمَّخْتُ أَكوابي
وأَترعتُها بخمرَةِ نفسي
ثمَّ قَدَّمْتُها إليكَ فأَهرقْتَ
رحيقي ودُستَ يا شعبُ كأسي
فتأَلَّمتُ ثمَّ أسْكَتُّ آلامي
وكَفْكَفْتُ من شعوري وحسّي
ثمَّ نَضَّدْتُ من أَزاهيرِ قلبي
باقةً لمْ يمسَّها أيُّ إنْسِي
ثمَّ قَدَّْمتُها إليكَ فمزَّقْتَ
ورودي ودُسْتَهَا أَيَّ دَوْسِ
ثمَّ أَلبسْتَني منَ الحُزْنِ ثوباً
وبِشَوكِ الجبالِ تَوَّجْتَ رأسي
إنَّني ذاهبٌ إلى الغابِ يا شعبي
لأقضي الحَيَاةَ وحدي بيأسِ
إنَّني ذاهبٌ إلى الغابِ علِّي
في صميم الغاباتِ أَدفنُ بؤسي
ثم أنساك ما استطعت فما أنت
بأهل لخمرتي ولكأسي .....
القصيدة أعلاه هي نفسها للشاعر الثائر ضد التخلف والاستعمار .. والمنحاز لشعبه... فما باله ينتكس ويتحول غضبه الى الشعب الذي غناه وبارك إرادته؟؟و أية روح شريرة اختطفت الشاعر وأية نسرة؟؟ ترى هل اشتراه الفرنسيون؟!!! وهل باع روحه للمليك المفدى؟؟ وهل تحولت ثوريته الى انهزام ؟؟ ومن الذي جعله يفضل الغاب على الآخرين من أبناء شعبه الطيبين البائسين؟؟؟
هذه الأسئلة قد يطرحها متلق مسطح الفكر غرير.. يأخذ الكلام بشكلانيته.. ويصور ثورة الشاعر تخل وانهزام..
متلق آخر يرى ان الامر مختلف.. فما الشاعر بخؤون ولا هو بالمأزوم... ولا بائع لذمته.. ولا هو باليائس من التغيير.. كل ما هنالك انه اختار نمطا مختلفا للتحريض.. اعتمد فيه على إختراع ظروف مغايرة ليبالغ في وصف ما يعتمل في وجدانه.. وإذا كانت القصيدة ذات فعل مؤثر في زمن الشابي بغياب التلفاز والنيت بل حتى الراديو. فإن الشابي كان يعرف أي أثر ثوري ستتركه لغته السلبية تلك...وأي منفعة ستجلبها القصيدة..
في ادبيات الاحتجاج ثمة طرق هائلة منها النقد الذي يبدو سلبيا لنص إيجابي.. النقد السلبي لنص ما.. يمنحه حضورا اكبر من التقريض والإشادة والتبريكات.. وفي عالم السينما والاعلان..وعالم الدعاية.. لا يلتفت الجمهور إلا للفلم المثير للجدل.. والكتاب المثير للجدل.. وقد يعتمد المنتجون على تناقض الآراء في بضاعتهم من اجل تسويقها تسويقا جيدا...
وهذه حقيقة باتت معروفة .. لكنها بقيت منتجة.. بقيت منتجة تبعا لذكاء من يتبنى الفكرة سلبا او إيجابا.. وما دمنا نتحدث عن نهضة الشعب فالأمر لا يتعلق ببضاعة او منتوج.. بل الأمر يتعلق بترويج فكرة منتجة.. وهذا الترويج قد يأخذ شكل جدل منتج.. .. قصيدة الشابي هذه تمنى شاعرها ان تأخذ مدى لا يقل عن المدى الذي حققته ( إذا الشعب يوما أراد الحياة..) لكن المشكلة ان المتلقي وهو الجمهور العريض لايملك وعيا كافيا لقواعد اللعبة الدعائية لفكرة ما..
وعل هامش فكرتي هذه.. أورد مثالا عن صديق آخر كتب رواية جيدة فيها رموز وتشفيرات ملتبسة تؤدي لتبني إطروحة مشككة بمرويات مقدسة.. قلت له وكنا في عمّان..انها رواية خطيرة قد تجعلك في دائرة الاتهام بالإلحاد.. فابتسم ابتسامة رضى وموافقة ثم قال اكتب عني ما شئت واتهمني بأقسى النعوت..وقل ان روايتي تدعو للإلحاد .. ولن اغضب منك.. قلت له ذلك يعتمد على الظرف الذي اعيشه وكنت أعيش ضائقة مالية تمنعني من الانصراف لكتابة سطر واحد.. لكن فكرة صديقي جعلتني افكربإحتمالات شتى.. ذكاء صديقي ومكره دفعني للتأمل باحتمالات عدة.. منها انه يعرف أصول الدعاية ويدرك أهمية ان تكون روايته مثيرة للجدل.. ومنها انه ربما يفكر بالحصول على اللجوء الإنساني..وليس غير روايته المثيرة للجدل من تمنحه فيزا المروق لعالم حر .. فهو يدرك اكثر مني خطورة التصدي لمثل هكذا أفكار.. لكنه يجازف مدفوعا برغبتين.. رغبة الانتشار.. ورغبة الهروب. .. رجعت لبلادي وانا افكر بكيفية تدبير خبز يومي ونسيت الرواية والروائي.. إن الاحتجاج على أمور خانقة قد يأخذ أشكالا مختلفة.. كذلك التضامن معها.. في تونس اعتمدت بعض النساء على التعري تماما في الشارع احتجاجا على قرارات مناهضة لحقوق المرأة.. وقد تضامن مجموعة من الشباب والشابات مع تظاهرة التعري تلك.. لكنهم لم يخلعوا ثيابهم بل صفقوا لهن.. رجل عجوز كان متضامنا مع التظاهرة ومع حقوق المرأة.. تحول إلى رجعي ماكر بسبب حفلة التعري في الهواء الطلق تلك. وتخيلت (وأنا التقدمي ..)...احداهن وقد كانت جميلة تعيرني بالجبن لأنني لم اخلع ثيابي تماما ولم (ألطم) معها على صدري كما كانت تفعل...
. هذه المفارقات لا تعني دفاعا عن ذاتي ومواقفي..فأنا وكل آرائي وافكاري وكتاباتي لسنا سوى قطرة في محيط.. وآرائي ومنها هذه المقالة قابلة للنقاش والدحض .. بل والإزدراء.... ... لا يهم.. الذي يهم هو شحذ الذهن من اجل ابتكار نمط من التفكير يروج لفهم الآخر المختلف.. بل محبته.. وانا نوهت في بداية مقالتي هذه انني أحب صديقي الساكن في هولندا وما زلت رغم تشاتمنا وتهاترنا..احبه لانه لم يغضب من اجل نفسه.. بل غضب من أجل فكرته.. وبعض أفكاره لا أطيقها.. ولكن ليس من حقي ان أصادر رأيه..هذا الفهم يحتاج إلى ترويجه في كتاباتنا.. ان تضخيم الذات والدفاع عنها سيكون مضحكا امام سيل من الكتابات الفيسبوكية.. لكن تضخيم فكرة منتجة قد يمنح متعة للقاريء والكاتب..
ولكي لا أكون قاسيا على أصدقائي التقدميين فأكون مثل ذلك العجوز الذي غضب من تظاهرة خلع الثياب لا بد من التنويه ان أصدقائي الرجعيين (وهم كثرُ !!! )لا يقلون تزمتا !! بل هم الى التزمت أقرب.. ورغم قناعاتهم انهم لا يبغون سوى رضاء الله تراهم متحلقين حول انفسهم بشكل غريب .. وحتى ديمقراطيتهم وقبولهم بالآخر المختلف بل صداقته ومحبته تنهار عند اول تجربة في الإختلاف.. ان يكون لك أصدقاء علمانيون واسلاميون ووطنيون وامميون نعمة إلهية . تجعلك اكثر قربا من شعبك واكثر فهما للحياة.. ولي الشرف ان اعترف ان لي أصدقاء من الإسلاميين لا يقل عددهم عن اصدقائي من اليساريين و التقدميين.. وهم يقدرون افكاري ( وإلتقائي واختلافي مع نهجهم) ومثلما يفعلون افعل. مقدرا لهم جهدهم ومنهجهم وأفضلهم على غلاة المتطرفين من الجانبين.. ولكن النكتة التي أوردها هنا دفعا للملل ان احدهم عاتبني قبل شهور على نشر اغنية لحورية حسن (مطربة مصرية اشتهرت في ستينيات القرن) ... على صفحتي في الفيسبوك.. قائلا يا فلان انا أقدر علمانيتك ولكن مروءتك الا تخاف عليها بنشر مثل هكذا أغاني.. قلت له يا صديقي عشر سنين وانا أصلي معك.. الا تتحملني دقيقتين وتسمع معي اغنية بريئة ؟؟؟ !!!!



#سلام_كاظم_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بار على الحدود...(قصيدة نثر....)
- الإلحاد في العراق وبلدان الشرق ....
- ناديا مراد / المسيح يصلب من جديد
- عبد الناصر وفلسفة الكرامة...
- الأسئلة المختبئة خلف أجوبة واضحة ..(نقد...)
- تنازلات لوط وكسر التابو (جدل السياسة والميثولوجيا ..)
- ليس لدينا ما نمتعكم به !!(مسرحية من فصل واحد )
- وارد....
- أحداث رجب 1979 وتداعياتها على مدينة المسيب..
- أستاذتي نازك الأعرجي...
- نقد ونص ومقدمة...
- الخطاب الماركسي / الخطاب الاسلامي / الخطاب اللبرالي
- مكسيم غوركي وفكرته عن الله ...
- قراءة في كتاب (رهانات السلطة لماجد الغرباوي وطارق الكناني..)
- رقي الخاطر في نوبات شعرية..(نقد..)
- الرؤيوية في نص لفاتن نور...
- لذة الكأس ولذة الصلاة..
- العودة إلى الكهف..
- قراءة في نص لإبراهيم البهرزي....
- قصيدة من بيت واحد..


المزيد.....




- -الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق ...
- الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب
- لماذا يقامر الأميركيون بكل ما لديهم في اللعبة الجيوسياسية في ...
- وسائل الإعلام: الصين تحقق تقدما كبيرا في تطوير محركات الليزر ...
- هل يساعد تقييد السعرات الحرارية على العيش عمرا مديدا؟
- Xiaomi تعلن عن تلفاز ذكي بمواصفات مميزة
- ألعاب أميركية صينية حول أوكرانيا
- الشيوخ الأميركي يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان ...
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلام كاظم فرج - جريرة النص أم جريرة المتلقي ؟... إسلاميون وعلمانيون...