سميرة سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 6053 - 2018 / 11 / 13 - 23:01
المحور:
الادب والفن
المنفيون قسراً يفهمون وجع الأماكن، وصوت نواح البيوت الفارغة من رائحة اهلها, مربوطين بحبلٍ سري واحد يمدهم بغذاء فجيعة الفقد.
المنسيون في الزوايا المهملة, يعرفون لغة احزان الطرقات الحجرية العتيقة وهي تنزع ضرسها بحشوة اسفلت تأكلها تدريجياً.
المقيدون في شبكةِ عنكبوت , يقتلهم الحنين ببطئ الى ما قبل لو... لو...
وصباح آخر ينهض بجسدك , بينما المدينة تتنفس عبر اختناقات رئتَها, شهقات اكرديون يصدح بانامل غجري , لينصهر اللون الرصاصي الرحيب فوق منائر البيوت العتيقة المتشبعة بنثيث رذاذ دموع صبحها, حيث البرد اللذيذ يقاسمكَ, تفاصيل الوجوه المسرعة الخُطى في زحام كلام القلب, وعلى برهة تصفع انفك رائحة بول كلبٍ نشر اعلان ملكيته للمقعد الخشبي المبلل بسنين الشتاءات المتلاحقة .
ورغم البرد الارعن وبلل حزنك المزمن, تذوب عشقاً بوجه المدينة القديم, مثل وجه حنين لفجر بعيد, بذاكرة مدينة اخرى, تنازع متحدية المرض المتغلغل في شريان حياتها اليومية, دقائق وجودها الممهورة بخدعٍ ودجل قبيح يمنع شفة الفرح عن تقبيل وجهها بسلام . مازالت على البال كل التذكارات الصغيرة, وفيروز تتنهد بشجي اكرديون يدور دائخا في راسك.
#سميرة_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟