|
عندما تتهاوى الاساطير !
سليم نزال
الحوار المتمدن-العدد: 6052 - 2018 / 11 / 12 - 23:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عندما تتهاوى الاساطير !
سليم نزال
ان اردت ان اعدد الاشياء التى كنا نؤمن بها و نعتبرها يقينية و التى بقيت كذلك سيجد الامر كم تتغير الحياة.قرات مرة لاحد الكتاب انه يتمنى لوان المرء يعود لتلك المراحل الاولى لكن بخبرات العمر كم سيكون الامر مختلفا .لكنى اظن ان الانسان يفقد اهم ما تتميز بها الحياة الا و هو روح الاسكشاف .و نحن بالفعل نمضى فى الحياة و كل واحد فينا فيه كريستوفر كولومبوس مصغر .
اتذكر الزمن و نحن اطفال الذى كنا نهتف فيه يا بغداد ثورى ثورى خلى قاسم يلحق نورى ! و كان ذلك بفعل الدعايات الناصرية التى دخلت فى صراع مع عبد الكريم قاسم .و عندما كبرنا و بدانا نتعرف اكثر على الحياة وجدت ان قاسم كان افضل بكثير مما صورته الدعاية الناصرية.اما نورى السعيد فهو افضل تقريبا من كل ما نراه من سياسيين معاصرين.كان رجل دولة ايا كانت الملاحظات حول سياسته كما كان من ضباط الثورة االعربية الكبرى .قال لى رجل عراقى كان يعرف نورى السعيد و قابلته مصادفة فى مطعم فى لندن من حوالى الى 30 عاما قال ان نورى السعيد كان يرى فى بريطانيا مثل الكلب المسعور يرمى لها قطعة لحم ليبعدها عن طريقه .لا اعرف ان كان وصفه صحيحا لكن المهم فى الامر ان جعلنى افكر هل ما كنا نسمعه يتطابق مع الحقيقة ام لا ..
كنت منبهرا بستالين .كان فى نظرنا الرجل الذى هزم النازية .و هذا صحيح و لاشك ابدا فى التضحيات العظيمة لللاتحاد السوفياتى .لكن عندما قرات مثلا ماذا فعل بالتتار عندما نفاهم الى سيبيرنا رجالا و نساء و اطفالا بمتهى القسوة ستضطر الى مراجعة ما تعلمته لترى جوانب اخرى.
و فى موسكو عام 87 كنت اسير فى باحة الكرملين مع رفيقة شيوعية سويسرية .و كنت مصدوما من كل ما ارى .فارق كبير بين ما كنا نظنه و بين ما اراه.و امضينا معظم الوقت و نحن نتحدث عن ذلك .ازدادت تساءلاتى حول ما قيل لنا و ما اراه فى الواقع .
ماذا ايضا ؟ الوحدة العربية التى كنا نظن انها قادمة مع شعارات كل انقلاب او ثورة كما كانت تسمى احيانا .و كانت كثيره حتى قيل ان فى سورية ان الضابط الذى ينهض قبل الاخرين ينوجه الى الاذاعة و يذيع البيان رقم واحد باسم الله و الشعب طبعا .وفى مسرحية يعيش يعيش تسال قيروز لماذا كل الانقلابات تبدا بالاتكال على الله و الشعب فكان الرد لان الله و الشعب طويلا البال ! و اعتقد ان الفلسطيين هم الاكثر تقبلا لهذه الشعارات كونهم مثل الغريق الذى يمد يده لاى منقذ .و حتى الان موضوع اين انت يا صلاح الدين يحتل مخيلة الكثير من الفلسطيين .و فى راى هذه اسطورة تهاوت و الايمان فيها مضر لا يفيد .و قد كتبت مرة لو ان فلسطين كانت محاطة ببلاد غير عربية لكان هذا افضل لصمود فلسطين .لان التوقعات تصبح اقل و الاعتماد على الذات يزداد .
فى الزمن تبدا المقارنات و المراجعات .و قد صار تعبير المراجعات فى التاريخ دراسة اكاديمية مستقلة.و القدماء كانوا لا يقلون مهارة فى اخفاء الحقيقة عن المعاصرين .و قد اقام تحتموس فرعون مصر احتفالا بالنصر فى احد المعارك التى هزم فيها .رقص الشعب و طرب احتفالا و ماتوا و هم لا يعرفون الحقيقة .وكان يجب الانتظار بضعةالالاف من السنوات لاكتشاف الامر .
انا اعتقد ان على الباحثين فى التاريخ ان يقروا روايات شرلوك هولمز او ما يعادلها لانهم يتعلمون من خلالها كشف التزوير فى التاريخ. و قد كنت دوما مولعا بافلام التحرى لانها ساعدتنى على التفكير المنطقى و تحليل الواقع .
تعلمت من خلال ذلك ثقافة المراجعة فى التاريخ. و بالفعل قمت بتطبيق الامر على بعض من تاريخ بلادنا .و كانت اول دراسة قمت بها هى حصار نابليون لعكا حيث توصلت ان صمود عكا كان جزء من البروبوغاندا العثمانية لان احمد باشا الجزار كان رجلهم هناك و طبعا من مصلحة الدولة الدعاية لرجالها بدون ان اقلل من اهمية صمود الاهالى بالطبع . لكنى عرفت فيما بعد ان حرب العصابات التى قام بها الفلاحين الفلسطيين فى جنين و طولكرم و نابلس كانت السبب الفعلى لهزيمة نابليون .عكا كانت رمزا لا اكثر و لا اقل .و مع ذلك رمى نابليون طاقيته وراء السور من التلة التى لم تزل تحمل اسمه و مضى غاضبا .
لقد وجدت ان افضل مقاربة لفهم التاريخ هو فى دراسته من خلال المسار العام اى الايديولوجية العامة و ثانيا من خلال فهم الاحداث بطريفة منفصلة على طريقة زائد ناقص.السبب فى راى يعود انه حتى الجوانب المشرقه تحتوى على صقحات سوداء و من الافضل معرفة اللوحة من ناحيتتين الاول من خلال اللوحة العامة و ثانيا من خلال التفاصيل . و على سبيل المثال كانت تجربة صمود فيتنام تجربة اثرت كثيرا على جيلنا لكن الحقيقة ايضا ان هناك لا يقل عن مليون فيتنامى كانوا عملاء لللاحتلال . الحياة رحلة اسكشاف من اجل المعرفة .كل اليقينيات يتم مراجعتها بين حين و اخر و الهدف يبقى هو الحقيقة او اعلى نسبة من الحقيقة.
على مدخل بناء جائزة نوبل للسلام فى اوسلو كتبت احدهم بخط يده على الحائط ان الامل هو ام الحياة. من الامل تشتق الحرية و السعادة و العدل وكل شىء جميل فى الحياة
#سليم_نزال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحو مستقبل مشرق لبلادنا !
-
جمهوريات الايتام و الارامل و المشردين
-
! رغم انه لا داعى للتهويل لا شك فيه ان المنطقة تقع الان فى ع
...
-
عن كتاب الصحافة اليومية!
-
حل الشتاء الابيض!
-
بطاطا حلوة!
-
اشعار تمرد نسائيه من افغانستان
-
فى ذكرى ولاده البير كامو!
-
اشخاص يستحقون كل احترام !
-
يا ليتنى كنت كذلك!
-
ديوالى و زمن انتصار النور على الظلام!
-
عندما اكل المتظاهرون رئيس وزراء هولندا !
-
فى ذكرى وفاة صاحب( الخبز الحاف).
-
بعدنا مطولين يا صديقى!
-
برد الطقس !
-
قال لى . لا مكان لى فى صراع القبائل!!
-
فى ذكرى وفاة ديدرو
-
بين الشرق و الغرب !
-
حينها شعرت ان مرحلة جديدة قد بدات!
-
العالم يتغير و ربما نشهد الان بداية مرحلة جديدة من التاريخ!
المزيد.....
-
إسرائيل: مقتل جنديين في هجوم بمسيرة -من الشرق-
-
لأول مرة منذ بداية الحرب.. الجيش الإسرائيلي يستهدف طرابلس شم
...
-
الجزائر تستغرب من عدم تحديد الجناة في تفجير -السيل الشمالي-
...
-
المغرب.. رصد عوامل تعرض 40% من تلاميذ المملكة للتحرش الجنسي
...
-
بايدن -قلق- مما سيفعله ترامب في الانتخابات الرئاسية، في أول
...
-
تنبأ بـ-طوفان الأقصى-.. -نبي الغضب- يهاجم نتنياهو ويدعوه لفه
...
-
حقيقة وفاة الإعلامي اللبناني جورج قرداحي نتيجة الغارات الإسر
...
-
سيناتور أمريكي: واشنطن أدارت ظهرها للأمريكيين في أحلك لحظاته
...
-
المخابرات الأمريكية تتحدث عن هدف كبير وواسع يسعى له السنوار
...
-
رئاسية 2024.. صمت انتخابي في تونس
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|