أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعيدي المولودي - رؤيا - الساعة - في المنام















المزيد.....

رؤيا - الساعة - في المنام


سعيدي المولودي

الحوار المتمدن-العدد: 6043 - 2018 / 11 / 3 - 04:47
المحور: كتابات ساخرة
    


رؤيا "الساعة" في المنام
في منامها الليل والنهار رأت الحكومة في ما يرى النائم ساعة تدك الوقت وتغرق البلاد في مرجة الدقائق والثواني، تكاد عقاربها تقترب من اللدغ، وتوقظ صور آلام عريقة تصب في مجرى هذا الزمن الرديء، وتوزعت الرؤيا خيالاتُ الوزراء وهواجسُهم، والصورة المتخيلة منها في واقعهم وأوضاعهم ووظائفهم ورأى بعضهم أن الأمر يتعلق بساعة يدوية، والبعض الآخر رأى أنها ساعة حائط يوشكان معا على السقوط، بينما رأى الآخرون أنها ساعة رملية، وذهب آخرون للقول إنها ساعة الجيب، ورأى آخرون أنها ساعة منبه يمسك بالخناق ويهدد زخارف النوم الثقيل في معاقلها، ومنهم من زعم أنها شمسية، ومائية ذات تدفقات خارجية، ومهما اختلفت صورها لدى الرائين على اختلاف مواقعهم، فإن الرؤيا قائمة ولا ريب فيها،أما سبب الاختلاف فيعود إلى أن اندفاعات الأحلام لدى الوزراء إنما تتلون بألوان نسيج الانفعالات ووظائفهم المفترضة في الوزارات التي يتخيلون أنهم القوى المحركة لمساراتها الحقيقية والزائفة.
وذهب جمهور المفسرين والمحللين والخبراء والأولياء الصالحين وغير الصالحين في تأويل رؤيا الساعة مذاهب شتى، تتقاطع وتتداخل وتتباين تباين خطوط الطول والعرض وتشابكاتها في تفريع الزمن وتنظيم تدفقه على وجود الإنسان في الأرض، ومن ذلك أن رؤية الرائي ذاتَه ،وزيرا كان أو وضيعا من عامة الناس، وهو يرتدي ساعة يدوية في معصمه، ويباهي بها العالمين، سواء كان محملها في اليد اليمنى أو اليسرى، فإنها تدل على بوادر أزمة خانقة تحل بالبلاد وتطبق على منافذها، وقد تكون صورة لمأساة تاريخية تنسف انعكاساتها المباشرة وغير المباشرة حدود الواقع وتدمر حياة الأشياء المرئية واللامرئية فيه، ورؤيا الساعة في حد ذاتها،كما ذكر ذلك أكثر من مفسر، تبطن رغبة صريحة للتنكر لما اعتاد عليه أهل الملة في عاداتهم في القول" الساعة لله" بحيث يخرج كل شيء عن دوره التجريبي ولا يتمتع بالرضى الجماعي.
وذكر أكثر المفسرين أن نوع الساعة يحدد طبيعتها الرمزية والدلالية، ف" ليسيطا" أو" دوﮜـــما" مثلا لا يحاكيان مواد وأشياء يمكن أن يتحقق بها الفعل، على عكس" رولكس" او باقي الأنواع المستحدثة اللاذعة باعتبارها نقطة تحول في سيرورة الوقت وقياس حركته الواقعية، كما أن لطبيعة البلد المنتج أو موطن التصنيع دوره الفاصل في هذا التحديد، فالساعات السويسرية في المنام هي طريقة في الرؤية، وهي تفرز أحلاما لها جوهرها ومظهرها المتميز، بينما الساعات اليابانية أو سواها لها نكهتها الخاصة في صناعة الأحلام، وللمادة التي صيغت منها هذه الساعة كذلك أثرها الحاسم لأنها تعكس شكلا من أشكال السلوك وتسجل في العمق اختيارا أو انتماء طبقيا، قبل أن تسجل واقعا، فالساعة المصوغة من الذهب الخالص أو القريب منه، أو المرصعة بالأحجار الكريمة، أو المصوغة من المعادن النفيسة أو البلاستيك البراق، تتحول كل منها في اتجاه حقل تصرفات على مستوى الحلم، وبينها على ما يبدو سلسلة انقطاعات دلالية ورمزية، وتحمل مادة الصياغة على هذا المستوى قيمتها النظرية الخاصة ومنطقها الخاص في نسج خيوط الأحلام أو الهلوسات المواكبة، وقد يكون للألوان كذلك أثر كبير في عمليات تركيب الحلم وتنظيم مشاهده.
وأجمع المفسرون أن رؤية الساعة في المنام خاصة حين تكون الحكومات هي الرائي، إشارة دالة إلى عمليات إخفاقها في تدبير الواقع وأي شأن من شؤونه، على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وتتمثل الرؤيا هنا بوصفها عجزا وعدم كفاية، يفضح الجهاز الحكومي والقوى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تسانده وتشكل لحمته الهيكلية.
وذهب بعض المفسرين للقول إن رؤيا الساعة تحيل إلى عامل الذيلية والتبعية العمياء وفقدان الثقة في الإمكانيات الذاتية وعدم الاستقلالية في اتخاذ القرارات، وهي مؤشر قوي على انفلات الزمن من قبضة الواقع واختيارات الحكومة. وتكاد عقارب الساعة تشير إلى أن دولة أجنبية ستهرع لمساعدة الرائي، الحكومة في هذه الحال، على مواجهة خطر يتهددها أو ينتظرها وسوف تتعرض له لا محالة.
إن الزمن في صلب هذه الرؤيا يتحول إلى لا حقيقة، ويتصل بموضوع غير معلوم، وغير ذي معنى، ويغدو مرتبطا بوضوح شديد بالظروف والعوامل والعناصر الخارجية، ورؤية الحكومة ساعتَها تعكس تجربة سياسية واجتماعية مضطربة عمادها الشعور الدائم بعدم الطمأنينة ، ولذلك تكون الساعة هي محاولة من طرف الحكومة إرغامنا تاريخيا وثقافيا على أن نكون خارج زماننا وأن نكون غير فاعلين في حركية الراهن والاستجابة لمقتضياته ومتطلباته.
تفصح رؤيا الحكومة ساعتَها عن مظاهر حملة شعواء تصر على الإطاحة بخط غرينتش الوهمي الذي يقسم الأرض نصفين متساويين ومتقابلين(الشرق والغرب)وعدم الاعتراف بشرعيته أو مشروعيته العلمية والجغرافية، إذ لا يناسب مزاج الحكومة، لأنه مؤسس على قواعد خاطئة أسهمت في توفير أسباب إخفاقاتها في كافة الميادين، ومن ثمة فإضافة ساعة إلى قياساته يعني تكريسا لبعض أنماط التفكير وأوجه إدراك الواقع، والقواعد التي سنتها الحكومة وتعتبرها حقيقية لغاية تبيان عدم ملاءمة خاصية أرضية غرينتش مع الأهداف التي تتوخى بلوغها، هي قواعد محددة بالمفارقة بينه وبين خطوط طول وعرض أخرى مشوشة ولا تنتظم ضمن سياقات المعالجة العقلانية لتدبير الشأن العام أو التصدي لمعضلاته الكبرى.
وعمليات التركيب التي تبتها الحكومة لتجعل من خط غرينتش الضحية الأولى والخط الذي يتحمل مسؤولية واقع ومصير المغاربة المأساوي، هي عمليات تسيء لمنطق الحكومة وأفق فعاليتها السياسية، فهي مجرد ترتيب لصور سيئة عن الخلفيات البئيسة التي تستند لمعطياتها.هكذا فإن "غرينتش+ 00 ساعة" من هذه الزاوية هو زمن الموت، والزمن المبتذل للاختيارات المختلفة، وهو منطقة الحذر والخطر الداهم، والإقامة به خطأ استراتيجي يحمل في طياته الكثير من العواقب الوخيمة على مستقبل البلاد، ولتنقلَ الحكومةُ البلاد من منطقة الأخطار إلى منطقة الأمان صاغت هذه المتوازيات أو المتقابلات:
1- غرينتش + 1 ساعة = الاستقرار. الراحة. الأمن.
وهو ما يعني أن (غرينتش +00 س) هو زمن أو موقع الاضطرابات والقلاقل والفتن والفوضى وكل مظاهر الثوران والجيشان، ولامتلاك القدرة على الانفلات من السلوكات الرديئة تضع الحكومة زمنها على أن يكون قادرا على التكيف مع التهديدات التي تتناسل داخل زمن غرينتش في نقطة الصفر، ويبدو أن الرهان هنا قائم على خوض حروب وهمية ضد الزمن كي يكون منخرطا بشكل مضاعف في بناء الثقة في اختيارات الحكومة ومخططاتها التي تزعج المواطن في حياته اليومية، وتغلق أمامه بوابات الأمل. غرينتش في وضعية الصفر إذن شكل زمني فاسد ومصدر لمجموع الأرواح الشريرة التي تقض مضجع الحكومة وتؤجج أسباب توترها وارتباكها.
2- غرينتش + 1 ساعة= الأمن الطاقي.
يبدو تفسير الحكومة للأمن الطاقي على درجة كبيرة من السذاجة والسطحية، وفي هذا السياق تحدث رئيس الحكومة عن " ذروة" ما ، قد تكون ذات أبعاد زمنية معلومة ، لكنها مشحونة بنوع من الغموض الذي لا يساعدنا على الغوص في مدلولاته، فهل يتعلق الأمر بذروة الماء أوذروة الكهرباء أوذروة المواد الغذائية أو الذروة الجنسية أو أية ذروة أخرى، وكان جديرا به أن يستحضر أو يستلهم خلفيات البنك الدولي في توصيفه للأمن الطاقي، ودوره الحاسم في تحقيق التنمية الاقتصادية وتخفيض أعداد الفقراء...الخ، ومع ذلك نتساءل هل بمقدور حكومتنا على المستوى العملي تعميم إمدادات الطاقة وجعلها متاحة لجميع المواطنين وبتكلفة يمكن تحملها، وهل الساعة المضافة تتوفر على كفايات ومؤهلات لتحقيق هذا الأمن...ويتيح لنا هذا، القول بأن " غرينتش+00" هو زمن الرعب الطاقي وهو مظهر لتهويل غير مسبوق ولا مبرر له على صعيد الواقع.
3- غرينتش + 1 ساعة = الدخول في الضوء + الخروج في الضوء.
دورة الزمن عند نقطة " غرينتش +00" تعني الرسو على الظلام، الظلام الذي يضمر خوفا ورعبا صريحا، زمن الأشباح والتماسيح التي تظل تطوف الزمن وتهدد الزمن الحكومي، أو على الأقل توقظ لديها وساوس موغلة في الغرابة. الدخول والخروج في الظلام معركة تباغتنا بها الحكومة، وتوهمنا بالانتصار في نهاياتها مع أن كل اختياراتها لا تقود إلا للظلمة وإلى الظلم المفرط، وسرمدية الليالي السوداء التي تتداولنا كالعصف المأكول. وسواء تعاملنا مع هذه المفاهيم على سبيل الحقيقة أو المجاز فإنها في الواقع لا تعكس غير المأزق الذي تواجهه الحكومة، وهي في النهاية مجرد دخول وخروج في الهذر وسقط الكلام.
على هامش هذه المتوازيات أو المتقابلات تقع الحكومة ضحية مفارقة غريبة، إذ تحتمي بصعيد أيديولوجيا الدين لتؤسس موقفا آخر لمجرى الأشياء يظهر من خلاله وكأنها ترد الاعتبار لتوقيت غرينتش وتروم إنصافه، ويكون على العكس مما أسلفنا الوسيلة الكبرى التي تقود إلى المتعة انطلاقا من الفرضيات التي يضفيها الخيال الديني على الأشياء والممارسات، وبذلك تشيد المعادلة التالية:
- غرينتش + 00 س ( طيلة شهر رمضان)= ممارسة الشعائر في أحسن الظروف ( الأمن الروحي)
وهذا يؤكد بمعنى آخر أن توقيت "غرينتش + 1 ساعة" يتناقض مع ضرورات المعتقد الديني والطقوس التي يتطلبها، وهو عنصر إخلال بيقينيات الأمن الروحي للمواطنين وزعزعة عقائدهم، فكيف إذن يكتسب توقيت غرينتش هذه الفضيلة أو هذه الصفة الإيجابية في ظل ايديولوجيا الدين، بينما خارجها، وخارج نهج رمضان يغدو فاسدا وغير ذي جدوى ونذير شؤم و عامل خراب يهدد تماسك المجتمع.
الحصيلة أن قرار الحكومة ورؤياها للزمن لا يمكن أن تحمل على محمل الجد، لأنها تعتمد منهج الفكر الخادع وتروج لمعايير مغلوطة ومقلوبة رأسا على عقب، وتستند لخطاب سياسي مبتذل، غير قابل للقياس وعقيم.



#سعيدي_المولودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهرجان أجذير إيزوران 2: لحظة فرح استثنائية.
- مهرجان أجذير إيزوران 2: في الحاجة إلى فعل ثقافي أمازيغي.
- - ثِيشُّوثْ أُوجَنَّا- ( مرثية لبرية الجذور)
- ثَمَّةَ...
- انطباعات أهل المدينة الغامضة
- - مواطنون- لا - شحاذون-
- الواقيات
- - 15-
- - المجال- في الثقافة الأمازيغية بالأطلس المتوسط.
- -جهات-
- ثقافة التلاص: ذ.محمد بوبكري ومنابع سرقاته.
- مقالة تحريم التماثيل وفن النحت.. وقع الحافر على الحافر: سرقة ...
- أراضي الجموع: الفتنة القادمة( نموذج قيادة الحمام/ إقليم خنيف ...
- مهازل الجامعة المغربية:المفتشية العامة لوزارةالتعليم العالي: ...
- جامعة مولاي إسماعيل.مكناس: -الهيدروجيولوجيا- تناقش -السوسيول ...
- (Ann gui zdam) : مرآتي الأولى.
- (سفر الخروج)
- -شهران متتابعان قبل التماس-
- مرثية -فيديل-
- الأساتذة الباحثون والتقاعد


المزيد.....




- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعيدي المولودي - رؤيا - الساعة - في المنام