الحلقه الخامسةعشر من مذكرات جنين عراقي تكون في فترةاحتلال الطاغيه للجاره الشقيقه الكويت

ناديه كاظم شبيل

الحوار المتمدن-العدد: 1514 - 2006 / 4 / 8 - 05:10
المحور: حقوق الانسان
    

بدات موازين الاخلاق تنقلب راسا على عقب فالشعب العراقي الذي يتغنى بكرمه وجوده الشعراءاخذ يفقد هذه الخاصية الرائعه فبعد ان كانت الفنادق معدومة في القرى والمدن الصغيره لان مضايف الكرام مفتوحة للغريب قبل القريب استبدل هذا الكرم بالبخل الشديد لان شبح الفقر والموت يطارد الناس فتراهم ياكلون ولا يشعرون بالشبع بل كلما ملئوا بطونهم يزداد شعورهم بالجوع اكثر ولقد فسر رجال الدين هذه الظاهره بان الانسان ابن الارض فان شحت الارض شحوا وان جادت الارض جادوا لقد هانت على الناس كرامتهم فبداوا يطرقون ابواب بعضهم طالبين شيئا من الرز او السمن كانت جدتي تلبي الطلب في بادئ الامر بفرح ولكن عندما تعددت الوان واحجام الصحون اخذت تعطي وهي مقطبة الجبين ثم بعدها اخذت تعتذر ثم تغلق الباب وتردد المثل الشعبي ناره بداره وعينه على جاره وهي محقة في ذلك لان الحصه التموينيه توزع على الجميع بالتساوي . انتشرت ظاهرة التسول التي لم يمارسها العراقيون سابقا الا فيما ندر وعدد المتسولين سابقا لا يتجاوز اصابع اليد الواحده في المدن الصغيره اما في بغداد فكانت الفلسطينيات فقط من يقمن بالتسول سابقا فتعرف الفلسطينيه من ربطة الشعر التي تضعها على شعرها لان العراقيه لم تستعملها الا بعد قيام الثوره الاسلاميه في ايران . تتحدث احدى جارات جدتي وهي من عائله ميسورة الحال بانها كانت في زيارة احد الاطباء وكانت عيادته في الطابق الثالث فاعياها صعود السلم فجلست لترتاح قليلا فتقدم منها احد المرضى و القى قطعة نقدية في حجرها ظنا منه بانها متسوله, فسالتها جدتي متلهفه ان كانت قد اعادتها اليه , ردت عليها جارتها ضاحكه بانها كانت متعبه فدست المبلغ في جيبها وهي تدعوا له بالعافيه والعمر المديد. وكذلك انتشرت ظاهره غريبه عن مجتمعنا وهي ظاهره البغاءالتي كانت خاصة بالمومسات وكن يسكن في منلطق خاصه فاضطرت بعض اللواتي فقدن الاب والاخ والزوج في تلك الحروب الطاحنه ان يمارسن تلك المهنة القذره لينقذن اطفالهن من براثن الموت والمرض والجوع ولكن السيد الرئيس لم ينس لهن ذلك الفضل فاطلق عليهن متفضلا لقب الماجده العراقيه اظنه لقبا يكفي لاعالة ايتامها في تلك الظروف الحرجه. اما النخوه التي كانت معروفة بين الجيران فقد اختفت ايضا فعندما تقوم المراة بنقل حصتها التموينيه الى البيت بسيارة الاجره فان بقية مواد الحصه تختفي ويقسم لها الجيران بانهم لا يعرفون من قام بسرقة حصتها التموينيه. واصبحت ظاهره سراق الليل ظاهرة عادية فتذكر لنا جدتي والجارات بان الجار كان يؤتمن على اسرار واموال ,وعرض جاره وكانه فرد من افراد العائله اما الان فلقد ولى ذلك العهد الجميل فاصبح الاخ لا يثق باخيه . لقد قام الناس ببيع اثاثهم ودورهم واستبدلوها بدور ابسط كي يسدوا رمقهم بالفارق المتبقي واخذ الاغنياء يشكون العوز اكثر مما يفعل الفقراءكي يبعدوا اللصوص والمتسولين عن طريقهم . قالت جدتي متهكمه بان الرز الذي يوزع في الحصه التموينيه اصبح يحمل الوان الطيف الشمسي ورائحة العفونة فيه تزكم الانف واقسمت بان الشاي ما هو في حقيقة الامر الا نشارةخشب مصبوغة باللون الاسود اما السكر فقد فقد بياضه الناصع واكتسى اللون الاصفر اسوة باطفال ا لعراق . لقدكانت المواد الغذائيه تنقل بنفس الشاحنات التي تنقل بها الصواريخ التي تحمل رؤوسا نوويه وهذا محرم في كل الاعراف والقوانين الدوليه عدا دولة القائد الضروره . اخيرا جاءالخبر الذي انتظرناه طويلا لقد انتهت الحرب ما ان طرق هذا الخبر مسامع الناس حتى عم الرقص والزغاريد كل البيوت ولكن للاسف الشديد يبدوا ان اذان العراقيين قد تعودت على صوت الرصاص فاخذوا يطلقون الرصاص عاليا تعبيرا عن فرحهم وراح ضحية هذا العمل الارعن الكثير من الابرياء . ترددت الشائعات هنا وهناك بان الحصار سوف يرفع وبان هنالك اربع باخرات في طريقها الى ميناء البصره فرد جدي متهكما: وتتبعها اربع باخرات مرق باميا ايضا . كان جدي يعرف جيدا بان هذه الشائعات يطلقها ازلام البعث لتخدير العراقيين الذين بداوا يتذمرون بصرة جريئة فان الحرب وويلاتها قد زودتهم بقوة عجيبة فلم يعودوا يابهوا لما قد يحصل لهم خاصة بعد الموقف الجبان الذي وقفه البطل ابو الفوارس عندما اختفى في قبوه المحصن بينما شعبه المبتلى به يواجه الموت وجها لوجه

#ناديه_كاظم_شبيل (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل