أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي حسين يوسف - الرثاء في الشعر العربي , التمثلات والبواعث














المزيد.....

الرثاء في الشعر العربي , التمثلات والبواعث


علي حسين يوسف
(Ali Huseein Yousif)


الحوار المتمدن-العدد: 6031 - 2018 / 10 / 22 - 21:52
المحور: الادب والفن
    


الرثاء لغةً من رثى له أي رقَّ له ، وأشفق عليه كما في معجمي العين للفراهيدي والصحاح للجوهري ، ويضيف ابن منظور في معجمه لسان العرب : رثيت الميت رثياً ، ورثاءً ، ومرثاةً ، ومرثيةً : مدحته ، وبكيته , وقد سمع عن العرب قولهم : رثأت الميت ( بالهمز ) ، يريدون المعنى نفسه ، بيد أنَّ الفراء عدَّه من الوهم بحسب ما نقله الأزهري في تهذيب اللغة والزبيدي في تاج العروس وابن منظور في اللسان أيضا ، معللاً ــ أي الفراء ــ ذلك بقوله : " ربما خرجت بهم فصاحتهم إلى أن يهمزوا ما ليس بمهموز ".
والرثاء عند النقاد القدامى من باب المديح ، فهو مدح الميت بألفاظ تدل على أنها لهالك ، مثل : كان ، وتولى ، وقضى نحبه ؛ اتفق على ذلك كل من قدامة في نقد الشعر وأبو هلال العسكري في الصناعتين وابن رشيق القيرواني في العمدة .
أما الرثاء في الاصطلاح ، فإنَّه : " غرض من أغراض الشعر الغنائي ، يعبر الشاعر فيه عن مشاعر الحزن ، واللوعة التي تنتابه لغياب عزيز فجع بفقده ، أو لكارثة تنزل بأمة ، أو شعب ، أو دولة " بحسب ما جاء في المعجم المفصل في اللغة والأدب لأميل بديع يعقوب .
والباعث على الرثاء الحاجة النفسية المتمثلة في شعور الإنسان بالغربة ، والوحدة ، حينما يفصم الموت أو الفراق عرى ألفته مع الآخرين ، أو الأشياء ، أو المخلوقات التي اعتاد عليها وألفها ، لذا فإنَّ الرثاء لم يقتصر على البشر ، وإنما تعداه إلى رثاء الحيوانات كما نجد ذلك عند الحطيئة في ديوانه وفي عدد من المقطعات الشعرية التي ذكرها الشمشاطي مؤلف كتاب الأنوار ومحاسن الأشعار ، وقد يرثي الشعراء المدن والدول والقرى ؛ فقد رثيت البصرة وبلاد الأندلس وبلاد أخرى ، وربما تعدى الرثاء إلى الأشياء التي يزاولها الإنسان وقد كتب عبد الله عبد الرحيم السوداني دراسة شيقة بعنوان رثاء غير الإنسان في الشعر العباسي .
لذلك وبناء على ما تقدم لم يكن الحزن في الرثاء على درجة واحدة ، " فعلى شدَّة الجزع يبنى الرثاء " كما يقول ابن رشيق مؤلف كتاب العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده ، ولهذا وضعوا ألفاظاً ، يدل كل واحد منها على نوع من الرثاء ، ومنها : الندب ، والتأبين ، والعزاء ، فالندب بحسب معجم الصحاح للجوهري وشوقي ضيف في كتيبه فن الرثاء عادة ما يطلق على رثاء الأهل والأقارب والأحبة ، ومنه ندب النبي وأهل بيته .
ويأتي بعد ذلك التأبين ، ويذكر شوقي ضيف في كتابه السالف أنه أشبه بالمجاملات الاجتماعية ، ومنه تأبين الملوك والزعماء والأشراف .
أما العزاء فهو موقف تأمل خاص بالشخص الراثي في مسائل الموت والمصير يعزز ذلك ما جاء في كتاب أدب العرب في عصر الجاهلية لمؤلفه حسين الحاج حسن ، لذلك يمكن أن يعدَّ العزاء تطوراً نوعياً للرثاء بعد أن مرَّ بمراحل تطوريَّة ، تمثَّلت بداياتها بتلك التعويذات السحرية والنوائح التي كانت تقام للميت في مراسيم طقوسية صاخبة كما يذكر حنا فاخوري في كتابه الضخم الجامع في تاريخ الأدب العربي ، ثمَّ أصبح الرثاء يلبي حاجات نفسية ، بوصفه تخليداً للميت كما لا حظ ذلك حسني عبد الجليل يوسف مؤلف كتاب الأدب الجاهلي ؛ قضايا ، وفنون ، ونصوص ، ويرى يوسف اليوسف في كتابه الممتع مقالات في الشعر الجاهلي أن الرثاء يلبي أيضاً حاجات اقتصادية من خلال الغزوات الثأرية .
ومهما يكن من أمر ، فإنَّ الرثاء يعد من أصدق أغراض الشعر في التعبير عن مشاعر الإنسان ، وأبعدها عن النفاق والرياء ، ولاسيما إذا كان الميت قريباً أو عزيزاً ، وقد لاحظ الجاحظ ذلك بفطنته المعهودة حين ذكر في كتابه البيان والتبيين أنَّه " قيل لأعرابي : ما بال المراثي أجود أشعاركم ؟ قال : لأنّا نقول وأكبادنا تحترق " ، لذلك فإنَّ من روائع الشعر العربي تلك المراثي التي ذكرها الاصمعي في كتابه الرائع الأصمعيات وذكرها القرشي مؤلف جمهرة أشعار العرب والتي قيلت في رثاء الإخوان كمرثية دريد بن الصمَّة التي مطلعها :
أرثَّ جديد الحبــل من أم معبــــدِ بعاقبة أو أخلفـــت كل موعــــدِ
ومرثية أوس بن حجر التي وردت في ديوانه ، وأولها :
أيتها النفس أجملــي جزعـــــاً فإنَّ ما تحذرين قـــد وقعــــا
وقد قال فيها ابن قتيبة في كتابه الشعر والشعراء : " لم يبتدئ أحد مرثية بأحسن منها ".
ومنها أيضا مرثية الخنساء التي وردت في ديوانها في رثاء أخيها صخر :
قذىً بعينيــك أم بالعيـــــن عوّارُ أم ذرّفت إن خلـت من أهلهــا الدارُ
ومرثية متمم بن نويرة في أخيه مالك التي ذكرها المفضل الضبي كاملة في مفضلياته , ويقول في أولها :
لعمري وما دهــري بتأبيـن مالــك ولا جزع مما أصاب فأوجعــــــا
وقد عدَّ الأصمعي ــ في كتابه فحولة الشعراء ــ كعب بن سعيد الغنوي فحلاً لمرثيته البائية في أخيه أبي المغوار :
فقلت : ادعُ أخرى وارفع الصوت جهرةً لعلَّ أبا المغــوار منك قريــــبُ
وقد أثنى ابن سلام كثيرا في كتابه طبقات فحول الشعراء على هذه المرثية , ويلاحظ إنَّ صدق العاطفة في هذه المراثي يمكن أن يكون تعبيراً عن الحالة النفسية التي تعتري الإنسان العربي حينما يصاب بفقد من يشد به أزره ، ويقوي ساعده في مواجهة حياة الصحراء التي لا ترحم .



#علي_حسين_يوسف (هاشتاغ)       Ali_Huseein_Yousif#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الواقعُ نصَّاً سرديّاً , قراءة في مجموعة (رغبات بعيدة المنال ...
- موجِّهات السرد في رواية (السقشخي) لعلي لفته سعيد
- ما سكت عنه السرد , قراءة في رواية (وحي الغرق) لساطع اليزن
- توظيف اليومي في الرواية العراقية ، شوقي كريم أنموذجاً
- جماليات السرد في رواية (النوتي) لحسن النجار
- معاناة الشعوب فعلا سرديا , قراءة في رواية جمهورية باب الخان ...
- الحقيقة المؤجلة
- صورة الوطن بين روايتي موسم الهجرة إلى الشمال وكش وطن , مقالة ...
- اللغة والعرفان
- الفلسفة والجنون ... غرائب من حياة الفلاسفة
- الموضوع والمحمول بين الفلسفة واللغة
- مسألة العلة في الفلسفة تمثلات وإشكالات
- الحقيقة ونظرية المعرفة في الفلسفة الإسلامية
- المقولات والمحمولات أو لوازم الدرس الفلسفي
- المنطق بوصفه مقدمة في كتب الفلسفة الإسلامية
- فلسفة الوجود في الفكر الفلسفي الإسلامي
- الفلسفة الإسلامية في كتب المؤلفين الشيعة , موضوعاتها وقضاياه ...
- الفلسفة بين اليونان والعرب , المصدر والموضوع
- أزمة الانتقال الحضاري والشباب العربي
- النقد العربي القديم , سلسلة من الإبداعات النقدية


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي حسين يوسف - الرثاء في الشعر العربي , التمثلات والبواعث