أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي حسين يوسف - اللغة والعرفان














المزيد.....

اللغة والعرفان


علي حسين يوسف
(Ali Huseein Yousif)


الحوار المتمدن-العدد: 5674 - 2017 / 10 / 20 - 18:04
المحور: الادب والفن
    


يتمثل لنا الوجود بالأشياء الخارجية أو بالتصورات الذهنية أو بالكلام أو بالكتابة وهو في كل ذلك يعد تجربة معاشة بمعنى أننا نعيشه أولا ثم يتمثل لنا بأحد الوجوه المتقدمة فهو تجربة روحية قبل أن يكون أي شيء , وقد استنزف اثبات الوجود بنوعيه الخارجي والذهني جهودا كثيرة من لدن الفلاسفة أما النوعان الأخيران ــ أي الوجودان اللفظي والكتابي ــ فقد أخذا حيزا من اهتمام أهل العرفان والتصوف الذين يرون بأن الوجود المعطى للعامة بواسطة العقل والحواس بكل تمثلاته ما هو إلا ظلال باهتة من تمثلات التجربة الروحية التي يعيشها العارف الحقيقي وذلك حين تنجلي عن روحه أدران الخارج وتصل إلى معاينة الحقيقة وهنا تتقاصر الحواس ومعطياتها جميعا بما فيها اللغة عن التعبير عما يجول في ذات الإنسان , فالنفس أعظم حجاب كما يقول السلمي في كتابه طبقات الصوفية ص 472 فكلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة بحسب تعبير النفري في كتابه المواقف والمخاطبات حينها يقع العارف في نشوة التأمل والسلوك الروحي فلا يشعر آنذاك بالعجز عن تقاصر لغته إزاء ما يرى ويعرف فحسب بل يحاول أن ينقله بحسب ما يرى ويعيش لذلك تبدو عباراته خاصة وربما غير مفهومة بل تبدو مضادة لما يسمعه الآخر كما وصفها الثعالبي في يتيمة الدهر1/ 124, يقول النفري في كتابه السابق : إذا أردت أن لا يخطر بك الاسم والذكر فأقم في النفي , وهنا يبدو العالم الخارجي وهما مقارنة بما يراه إذ لا حقيقة إلا ما تراه الروح , لذلك يقول الكلاباذي في كتابه التعرف لمذهب التصوف ص116 : (( الكون توهم في الحقيقة ولا تصح العبارة عما لا حقيقة له والحق تقصر الأقوال دونه فما وجه الكلام .)) لذلك جنح هؤلاء إلى الرموز والإشارات التي لا مناص لفك شفراتها إلا بالتأويل فاللغة وسيلة أتصال لا وسيلة استدلال .
فاللغة هنا تصبح أمرا ثانويا , فالصدارة للتجربة الروحية وما اللغة إلا ظل لها يقول محمد خطاب في مقالته اللغة في العرفان الصوفي : (( وذلك كون اللغة بالنسبة للعالم ميدان خبرة وبالنسبة للعارف ظل للتجربة الروحية ، فالتجربة أثمن من اللغة ذاتها ، وينحصر عمل اللغة في هذه الحالة في إظهار التجربة أو ما توصل إليه العارف بكشفه ومشاهداته ، وحتى في هذه الحالة فاللغة عاجزة عن إظهار مكنون التجربة )) .
بل أن اللغة لا يلتفت إليها أحيانا فالوقت ليس وقت كلام وألفاظ بل هو لحظات من الانتشاء في الحقيقة , وقد فطن البسطامي لتلك الحالة بحسب ما ينقل الدكتور عبد الرحمن بدوي في شطحات الصوفية ص 166: (( من عرف الله بهت ولم يتفرغ إلى الكلام.)) .
هذه الانتشاء بمعايشة الحقيقة دليل على أن الشخص العارف غير محتاج لمعرفة حسية بعد موقفه هذا , بل غير محتاج للغة أصلا فربما أكتفى بالإشارة دون العبارة وإذا كان طلب المعرفة الحسية والعقلية يبتغي الوصول إلى الحقيقة فها هو وجها لوجه أمام أنوار الحقيقة فما حاجته لتلك المعرفة , يقول أبو عطاء الله الإسكندري في كتابه لطائف المنن ص 259 (( من أجلّ عطاء مواهب الله لأوليائه وجود العبارة وسمعت شيخنا أبا العباس يقول : الولي يكون مشحونا بالمعارف والعلوم والحقائق لديه مشهورة حتى إذا أعطي العبارة كان ذلك كالإذن من الله في الكلام .)) .
وليس سهلا على المرء أن يصل لهذه الدرجة من النقاء فلا بد من احلال ما فوق الطبيعي محل الطبيعي ؛ أي مغادرة الطبيعة والتوجه إلى عالم الذات المتحدة جماليا مع الوجود المجرد ولا يصح ذلك إلا بمجاهدة النفس , يقول السهروردي في كتابه هياكل النور ص85 (( النفوس العاقلة إنما يشغلها عن عللها سلطان القوى البدنية فاذا قويت النفس بالفضائل الروحانية ضعف سلطان القوى البدنية بتقليل الطعام وتكثير السهر وعندئذ تتخلص أحيانا إلى عالم القدس وتتصل بالله وتتلقى منه المعارف )) وهذا مصداق لما وصف به النبي محمد ص من أنه (( كان في طعامه لا يرد موجودا ولا يتكلف مفقودا )) كما يذكر محمد جواد مغنية .



#علي_حسين_يوسف (هاشتاغ)       Ali_Huseein_Yousif#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسفة والجنون ... غرائب من حياة الفلاسفة
- الموضوع والمحمول بين الفلسفة واللغة
- مسألة العلة في الفلسفة تمثلات وإشكالات
- الحقيقة ونظرية المعرفة في الفلسفة الإسلامية
- المقولات والمحمولات أو لوازم الدرس الفلسفي
- المنطق بوصفه مقدمة في كتب الفلسفة الإسلامية
- فلسفة الوجود في الفكر الفلسفي الإسلامي
- الفلسفة الإسلامية في كتب المؤلفين الشيعة , موضوعاتها وقضاياه ...
- الفلسفة بين اليونان والعرب , المصدر والموضوع
- أزمة الانتقال الحضاري والشباب العربي
- النقد العربي القديم , سلسلة من الإبداعات النقدية
- الظمأُ الأنطلوجيُّ والدعوة إلى أنسنة الدين
- خطورة النص الشذري , سياحة في شذرات نيتشه
- خطورة النص النيتشوي
- السوالف ... حكايات شعبية محصنة بالحكمة
- النص المثقف ... رؤية تأصيلية
- الدولة المدنية ؛ ما أحوجنا اليها اليوم
- الخطاب ... المفهوم والمهادات
- الدين والفلسفة والعلم والفن .... نحو الجذور
- الطابع الإشكالي للمكان في رواية ( خان الشابندر ) .


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي حسين يوسف - اللغة والعرفان