أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي حسين يوسف - الفلسفة بين اليونان والعرب , المصدر والموضوع















المزيد.....

الفلسفة بين اليونان والعرب , المصدر والموضوع


علي حسين يوسف
(Ali Huseein Yousif)


الحوار المتمدن-العدد: 5652 - 2017 / 9 / 27 - 18:56
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا يمكن للمرء أن يطلق حكما أو توصيفا دقيقا على الفلسفة الاسلامية ما لم يأخذ بالحسبان المنطلقات الثقافية التي كانت مهادا لبذرة التفكير الفلسفي في الاسلام لا سيما وهو بصدد مقارنتها مع الفلسفة الغربية , فالفلسفة الاسلامية تختلف عن الفلسفة الغربية بالمصدر التي اعتمدت عليه وبالمادة التي تعالجها .
فمن ناحية المصدر فقد اعتمدت فالفلسفة الاسلامية بالدرجة الأساس على إرث ديني كلامي صوفي , أما من ناحية الموضوع فقد دار موضوعها حول المسائل التي عالجتها الفرق الكلامية والعقائدية والصوفية
أما الفلسفة الغربية فقد اعتمدت على إرث فلسفي خالص كبير ومتصل نابع من بيئتها ثم تواصلت معه , وقد كانت موضوعاتها مستمدة من الفلسفة ذاتها .
لكن هذا لا يعني أن الفلسفة الاسلامية لم تفد من التراث الفلسفي اليوناني فقد وصل التفاعل عند عدد من الفلاسفة إلى الحد الذي تمثلها بتفاصيلها على الرغم من أنها كانت غريبة على الثقافة العربية.
يقول مرتضى مطهري إن عدد مسائل الفلسفة عند اليونان لم يتجاوز المئتي مسألة لكن الفلاسفة المسلمين زادوا عليها حتى بلغت سبعمائة يمكن تقسيمها على خمسة أنواع :
1- المسائل التي بقيت على صورتها الأولى التي كانت عليها عند اليونان مثل: مباحث المقولات العشر، العلل الأربع ، قوى النفس .
2- المسائل التي أكملها الفلاسفة المسلمون مثل : مسألة امتناع التسلسل , تجرّد النفس، إثبات الواجب ، توحيد الواجب والبرهنة عليها مثل برهان التسلسل وبرهان الصدّيقين وغيرها .
3- المسائل التي ظلّت على عنوانها ولكن تغيّر محتواها تغيراً كليّاً في العهد الإسلاميّ مثل : المثل الأفلاطونيّة التي هاجمها ابن سينا ودافع عنها السهروردي والميرداماد وصدر المتألّهين الذين لم يبقوا منها إلا الاسم كما يقول مرتضى المطهري .
4- المسائل المستحدثة تماما مثل : مسائل الوجود ، كالبحث عن أصالة الوجود، والوجود الذهني، أحكام العدم، امتناع إعادة المعدوم، ملاك الاحتياج إلى العلّة، أقسام الحدوث، الحركة الجوهرية، المعاد الجسماني البرزخي، العلم البسيط الإجمالي للباري.
5- المسائل التي تغيّر موضعها في العلوم وهي المسائل التي كانت تدرج في الطبيعيّات أو المنطق ، لكنها نقلت بالتدريج إلى الفلسفة الأولى مثل مبحث المقولات ومبحث الحركة ومباحث النفس .
ومما تقدم يمكن ان نشخص تيارين أو منهجين فلسفين عامين في الفلسفة الاسلامية الأول تمثل بالاعتماد على المصدر الاسلامي بالدرجة الأساس مع افادته بشكل أو بآخر من الفلسفة اليونانية , والآخر اعتمد على الفلسفة اليونانية بالدرجة الأساس مع مراعاة الإرث الاسلامي بنسب متفاوتة .
ومما تقدم يمكن القول أيضا أن الفلسفة الغربية تمثل بناء عموديا ممتدا لا غرابة أو تناشز في مفاصله ينطلق من بيئة محددة وثقافة خاصة , أما الفلسفة الاسلامية فلا نجد فيها مثل ذلك البناء فهي أما متأثرة بالفلسفة اليونانية الغريبة عنها , أو معتمدة بصورة شبه كلية على الأرث الاسلامي الحديث العهد مقارنة مع الفلسفة اليونانية ففلاسفة الشيعة مثلا يعتمدون على ما قرره أئمتهم من عقائد مستثمرين القرآن والعرفان ونتف من الفلسفة اليونانية بحسب ما فهمها الفلاسفة الذين تأثروا باليونان , أما الفلاسفة مثل ( الكندي , الرازي , ابن سينا , الفأرابي , الغزالي , ابن رشد , ابن باجة , ابن طفيل ) فلم تكن مذاهبهم إلا قراءات وشروحات وتلخيصات وتحويرات للفلسفة اليونانية وأصحاب التصوف والعرفان لهم نظامهم المعرفي المختلف وللأصوليين أفكارهم .
وعليه يمكن القول إن آراء المعتزلة والأشاعرة والفرق العقائدية والصوفية والعرفانية أكثر أصالة من فلسفات هؤلاء لأنها تستمد الموروث العربي وتنبع منه .
فإن أكثر ما يجسد أصالة الفلسفة الاسلامية ما نجده عند فرق المتكلمين وفلاسفتهم فيما بعد لا سيما فرق الشيعة الذين بزوا أقرانهم في البحث الفلسفي حتى أصبحوا أصحاب مدرسة فلسفية واضحة المعالم .
وعلى العموم فإن من ينكر على العرب الفلسفة لا بد أن يأخذ بنظر الاعتبار هذه القضية فإن كان المقصود بأن العرب لم يتفلسفوا كما تفلسف اليونانيون فهو مصيب ولا تثريب عليه , فليس هناك ما يشبه سقراط أو افلاطون أو أرسطو عند العرب لكن أن ننكر على العرب الفلسفة بصورة عامة فهذا أمر مجاف للصواب لا سيما إذا اخذنا بنظر الاعتبار أن التفلسف سمة من سمات الفكر الانساني عامة .
فللعرب والمسلمين فلسفة تجسدت بما دونته الفرق الكلامية والعقائدية والسياسية معتمدة على القرآن والسنة وأحاديث الأئمة والعلماء , لذلك فهي تختلف عما تركه اليونان تبعا لاختلاف منطلقات التفكير كما مرّ .
ومما تقديم يمكن تلخيص القضية كالآتي : الفلسفة الاسلامية تختلف عن الفلسفة اليونانية والغربية بمصادرها وموضوعاتها ومناهجها التي تعتمدها تبعا لأصول وموضوعات ومناهج كل منهما فلا وجه للمقارنة بينهما .
وعليه يمكن القول أننا حين نبحث الفلسفة الاسلامية علينا أن نبحث عنها في مكانين :
الأول : آراء الفرق الكلامية والعقائدية والسياسية والصوفية والفلسفية التي اعتمدت الثقافة الاسلامية ( القرآن والسنة) كما فعل هنري كوربان .
الثاني : آراء الفلاسفة الذين اعتمدوا الفلسفة اليونانية بالشرح والنقاش والتحوير .
وعليه يمكن أن نلحظ في الفلسفة الاسلامية التيارات أو المدارس التالية : مدرسة كلامية تستمد أفكارها من القرآن والسنة تعتمد على الاستدلال العقلي والجدل متمثلة في تيارات المعتزلة والاشاعرة والشيعة , ومدرسة صوفية تستمد أفكارها من الاسلام والغنوصيية تعتمد على الالهام متمثلة في مدارس التصوف المختلفة , ومدرسة مشائية تعتمد العقل والمنطق كان أرسطو مصدرا واستاذا تمثلت عند ( الكندي نوعا ما والفارابي وابن رشد وابن سينا والطوسي وابن باجة ) , ومدرسة الاشراقيين تعتمد على الالهام والتجلي وقد استمدت أفكار افلاطون عن طريق افلوطين ومدرسته الفيضية كما نجد ذلك عند السهروردي , ثم ظهرت مدرسة الحكمة المتعالية على يد صدر الدين الشيرازي وتلامذته وقد اعتمدت العقل والتجلي معا .
وعلى العموم فإن من يؤرخ للفلسفة الاسلامية ربما يقتصر على أحد هذه التيارات كما نجد ذلك في أغلب كتب تاريخ الفلسفة فكثيرا ما يغفل علم الكلام والتصوف والعرفان والاشراق عند مؤرخي الفلسفة ليؤرخون للفلسفة من الكندي وينتهون بابن رشد أو يبحثون علم الكلام بمؤلفات خاصة وكذا الأمر مع التصوف والعرفان , أما مؤرخو الفلسفة من الشيعة فيعتمدون تقسيما مختلفا فكثيرا ما كانت البداية في كتبهم مع صدر الدين الشيرازي الذي يعدونه فيلسوفا إسلاميا أصيلا , لذلك نجدهم يطلقون على فلسفته وفلسفة تلامذته ومعارضوهم وشراحهم اسم الفلسفة الاسلامية وهي تسمية تشي اضمارا بأن هؤلاء يمثلون الفلسفة الاسلامية الحقة طالما أنها جمعت بين التيارات الأخرى .
وكثيرا ما يبدؤون مع مقدمة تقليدية في تقسيم العلوم على نظرية وعملية ، لتشتمل العلوم نظرية : الإلهيات والرياضيات والطبيعيات , فالإلهيات يراد منها الميتافيزيقيا وتشمل موضوعات الوجود والله , أما الرياضيات فتضم ( الحساب والهندسة والهيئة والموسيقى ) وأما الطبيعيات فتشمل قضايا ( المادة والصورة والعلة والحركة ) وتشمل ما يطلقون عليه بالفلكيات والعنصريات أيضا , أما العلوم العملية فتشمل الأخلاق وتدبير المنزل والسياسة , فيما يعدون المنطق آلة قانونية يجب مراعاتها لأنها تعصم الفكر من الخطأ والزلل بالاعتماد على أدلة القياس والاستقراء والتمثيل .
ورغم ما تقدم من يطالع كتب تاريخ الفلسفة عند الشيعة لا يجد منهجا واحدا , بل نادرا ما نجد مفردة تاريخ في كتبهم فإن أغلب تلك المؤلفات تركز على مسائل الوجود وتقسيماته وما يتعلق به فضلا على قضايا أخرى .



#علي_حسين_يوسف (هاشتاغ)       Ali_Huseein_Yousif#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة الانتقال الحضاري والشباب العربي
- النقد العربي القديم , سلسلة من الإبداعات النقدية
- الظمأُ الأنطلوجيُّ والدعوة إلى أنسنة الدين
- خطورة النص الشذري , سياحة في شذرات نيتشه
- خطورة النص النيتشوي
- السوالف ... حكايات شعبية محصنة بالحكمة
- النص المثقف ... رؤية تأصيلية
- الدولة المدنية ؛ ما أحوجنا اليها اليوم
- الخطاب ... المفهوم والمهادات
- الدين والفلسفة والعلم والفن .... نحو الجذور
- الطابع الإشكالي للمكان في رواية ( خان الشابندر ) .
- عذراءُ سنجار أو الفجيعةُ روائياً
- قراءة في كتاب ( إشكاليات الخطاب النقدي العربي المعاصر )
- النقد الأدبي العراقي ... محاولة تصنيفية
- رواية ( الطلياني ) لشكري المبخوت , واحقية الفوز بالبوكر
- الشعرية ... تحولات المصطلح والتاريخ
- اهم مصادر دراسة الشعر العراقي ... القديم والحديث
- اهم مصادر دراسة الشعر العرقي ... القديم والحديث
- الملامح الاشكالية للمنجز الثقافي العراقي بعد 2003 المنجز ال ...
- قصيدة النثر عند نامق عبد ذيب ... معالم وعتبات


المزيد.....




- عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر
- واشنطن: سعي إسرائيل لشرعنة مستوطنات في الضفة الغربية -خطير و ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من استهدافه دبابة إسرائيلية في موقع ال ...
- هل أفشلت صواريخ ومسيرات الحوثيين التحالف البحري الأمريكي؟
- اليمن.. انفجار عبوة ناسفة جرفتها السيول يوقع إصابات (فيديو) ...
- أعراض غير اعتيادية للحساسية
- دراجات نارية رباعية الدفع في خدمة المظليين الروس (فيديو)
- مصر.. التحقيقات تكشف تفاصيل اتهام الـ-بلوغر- نادين طارق بنشر ...
- ابتكار -ذكاء اصطناعي سام- لوقف خطر روبوتات الدردشة
- الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة على جنوب لبنان


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي حسين يوسف - الفلسفة بين اليونان والعرب , المصدر والموضوع