أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مالك بارودي - رماد الزّمن (رواية) - ج1














المزيد.....

رماد الزّمن (رواية) - ج1


مالك بارودي

الحوار المتمدن-العدد: 6003 - 2018 / 9 / 24 - 05:14
المحور: الادب والفن
    


رماد الزّمن (رواية) - ج1
.
ما الأمر...؟ ما المشكلة؟ منذ ساعتين وهو جالسٌ على كرسيّه في المقهى، عيناهُ تائهتان وعقله مشتّتٌ بين عشرات الأفكار الضّبابيّة التي لم تكفّ عن التّناسل والتّكاثر. ما الأمر؟ في ماذا كان يفكّر أصلًا؟ إسم واحدٌ كان يتردّد في دماغه، أو لعلّ الأصحّ أنْ يقول أنّها جملة واحدة، مجرّد جملة بسيطة متكوّنة من كلمتين: "مُنى راجعة". نفس الجملة التي سمعها هذا الصّباح، منذ ثلاث ساعات، وهو يغلق باب المنزل ليذهب للعمل. كانت جارته "حميدة" في ذلك الوقت متّكئة على نافذة مطبخها وهي تتحدّث في الهاتف بصوتٍ عالٍ، وكأنّها تريدُ أن يسمع كلّ من في الحيّ الخبر. كانت على الأرجح تكلّم إبنها وتُوصيه بشراء بعض الأغراض، إستعدادًا لعودة "مُنى" للبيت، كما قالت.
كانت تلك الجملة، رغم بساطتها، كافية لجعله يتسمَّرُ في مكانه، أمام باب المنزل، ويركّز سمعه على صوت جارته، لعلّه يضفر ببعض التّفاصيل الإضافيّة عن الموضوع. لكن، لسوء حظّه، إنتهت المكالمة سريعًا ولم يضفر بشيء. "مُنى راجعة"، هذا كلّ ما عرفه وكلّ ما رسخ في ذهنه. أمّا متى سيكون ذلك، فالأمرُ ظلّ مجهولًا بالنّسبة لهُ.
إلتحق بمقرّ عمله، ولكنّه سرعان ما غادره. لم يكن يحسّ بالرّغبة في العمل أصلًا. خرج وهَام على وجهه في شّوارع المدينة لبعض الوقت، قبل أن يرتمي على كرسيّ في مدخل أحد المقاهي.
كان الطّقس غائمًا وباردًا، لكنّه لم يحسّ بذلك إلّا حين بدأ المطر يهطل. فُتح باب المقهى ودخل أحد الزّبائن فأحسّ بالبرد الدّاخل من الباب يلسع رقبته. لمْلم ياقة معطفه بتشنّج. حتّى قهوتُه نَسِيَهَا فبردت. أشعل سيجارة وهو يحاولُ تغيير أفكاره وتناسي ما يشغله. نظر للتّلفزيون المعلّق على الحائط المقابل… كان صوتُ الجهازِ خافتًا وكان يعرضُ حفلة موسيقيّة لفرقة غربيّة، وكان الرّكحُ مليئًا بالأضواء السّاطعة وأعضاء الفرقة يتقافزون يمنةً ويسرةً والجماهير تتقافزُ في أماكنها.
"خُويا، عَندك شْعُولْ؟"
إلتفت إلى مصدر الصّوت. كانت هناك إمرأة جالسة على يساره، في الطّاولة المجاورة، ملفوفة في معطفٍ سميكٍ وطويلٍ رماديّ اللّون وعلى رأسها قبّعة صوفيّة رماديّة تخرُجُ من تحتها بعضُ خصلات من شعرٍ أسود فاحم. كانت تنظُر إليه رافعةً حواجبها وهي تُسندُ خدّها إلى ظهر يدها وتتّكئ بمرفقها على الطاولة.
كرّرت نفس السّؤال وهي تلوّح بسيجارة في يدها. أومأ برأسه إيجابًا، وأخرج من جيبه الولّاعة. قامت المرأة من مكانها وأخذتها وأشعلت سيجارتها. لاحظ أنّ المعطف كان مفتوحًا من الأمام وأنّها كانت تلبسُ تحتهُ قميصًا صوفيًّا أزرقًا وضيّقًا يغطّي صدرًا من الحجم الكبير وسروال دجينز أسود اللّون. وكانت تتدلّى من عنق القميص الطّويل قلادة ذهبيّة اللّون على شكل دائرة مزخرفة.
"سامحني على القلق. كُنت معمّلة على الحمّاص إللّي بجنب القهوة ياخي هاو طلعْ مسكّر اليُوم.
- السّماح."
إبتسمت له وعادت إلى طاولتها ببطء وهي تتطلّعُ إلى الشّارع من باب المقهى العريض.
"ريت ملّا جوّ؟
- إيه. طقس ما يتفهمش أصل.
- البارح نتفرّج في التّلفزة قالوا الطّقس اليوم مُشمس وحرارة عادية، ياخي هاو طلع العكس. كلام الّيل مدهون بالزّبدة.
- ياخي إنت مازلت تاخذ على كلام التلفزة. تي ماهو متعوّدين من هاك العام، كلّ ما يقولوا حاجة يطلع العكس. وفي كلّ شيء. ياخي جات كان في الطّقس الحكاية؟"
ضحكت وهي تهزّ رأسها موافقةً على كلامه. ثم سألته:
"عندك في شكون تستنّى؟
- لا.
- مِيسالش نجي بحذاك؟
- تفضّل. مرحبا بيك."
جمعت أغراضها المبعثرة على الطّاولة: هاتف جوّال، علبة سجائر، محفظة نقودٍ صغيرة، ووضعت كلّ شيء في حقيبة يدٍ نسائيّة سوداء ثمّ عادت لتجلس إلى طاولته، على الكرسي المقابل.
"ما ريتكش قبل في ها القهوة..."
لاحظ إبتسامة خفيفة ترتسم على شفتيها الحمراوين، فإبتسم لها.
"ما تقولّيش إنت كلّ يوم هنا وتعرف النّاس الكلّ!
- موش كلّ يوم، أما ما نتذكّرش ريتك قبل هنا."
رفعت يدها في إتّجاه المشرب ونادت النّادل طالبة أن يُحضر لها قهوتها المعتادة.
"يمكن آنا نجي هنا وقت إلّي إنت موش موجودة. آنا زاده ما نجيش ديما. اليوم، ما نخدمش، على هذاكه ريتني.
- آنا زاده ما نخدمش اليوم.
- شوف ملّا صدفة!"
إنفجرت ضاحكة وهي تردّدّ "ملّا صدفة".
.
-----------------------------
الهوامش:
1.. مدوّنات الكاتب مالك بارودي:
http://ahewar.over-blog.com
http://utopia-666.over-blog.com
http://ahewar1.blogspot.com
http://ahewar2.blogspot.com
2.. لتحميل نسخة من كتاب مالك بارودي "خرافات إسلامية":
https://archive.org/details/Islamic_myths
https://www.academia.edu/33820630/Malek_Baroudi_-_Islamic_Myths
3.. صفحة "مالك بارودي" على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/malekbaroudix




#مالك_بارودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خواطر لمن يعقلون – ج134
- رسالةٌ إليها...
- سوقُ الآلهة
- إله نفسي
- خواطر لمن يعقلون – ج133
- خواطر لمن يعقلون – ج132
- قبل النّهاية
- عزيزي المسلم، كيف تحفظُ الإسلام من الإساءة والسّخرية؟
- عصفورة العشق
- إلى قاسم كافي: شيء جميل أن تزُور إسرائيل، والتّطبيع ليس جريم ...
- خواطر... خواطر...
- خواطر متفرّقة
- تحليل لمقال هويدا صالح -في كراهية خطابات الصهاينة العرب. يوس ...
- خواطر متفرّقة حول فلسطين وأشياء أخرى
- فلسطين: وتتواصلُ الخرافة وتتمدّد
- في الحديث عن خرافات فلسطين
- من الذي أعطى ما لا يملك لمن لا يستحق؟ اللورد بلفور أم الرئيس ...
- خواطر لمن يعقلون – ج131
- خواطر لمن يعقلون – ج130
- خواطر لمن يعقلون – ج129


المزيد.....




- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مالك بارودي - رماد الزّمن (رواية) - ج1