أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود عبد الرحيم - مسرحية -العنف-.. صرخة لكبح الوحش المدمر الساكن داخلنا















المزيد.....

مسرحية -العنف-.. صرخة لكبح الوحش المدمر الساكن داخلنا


محمود عبد الرحيم

الحوار المتمدن-العدد: 6000 - 2018 / 9 / 21 - 15:18
المحور: الادب والفن
    


مسرحية "العنف".. صرخة لكبح الوحش المدمر الساكن داخلنا
*محمود عبد الرحيم:
مسرحية "العنف" المشاركة في مهرجان المسرح التجريبي واحدة من المسرحيات التونسية المهمة والصادمة في ذات الوقت التي تستحق بكل تأكيد، المشاهدة، رغم أجواء الكآبة والإحباط والدموية والاشمئزاز التي يتم تصديرها للجمهور منذ لحظة البداية وحتى مشهد النهاية، سواء ما يتعلق بالمحتوى الذي يحكى عن حكايات قتل متعددة تبدو في كثير من الأحيان غير مبررة وعوالم عنف شديد القسوة أو السينوغرافيا التي تجسد حالة السوداوية والقتامة بديكور أشبه بغرفة قاتمة خاوية يبدو أنها غرفة تحقيق أو سجن أو قبو أو مستشفي للأمراض العقلية ، ليس به سوى مقعدين خشبيين وطاولة صغيرة، وأحيانا يتم الاستعانة بلوح زجاجي كدلالة على العزل أو الانعزال بين الذات والآخر.. المحقق والمجرم أو بينه وبين أهله ، مع إضاءة خافتة أقرب للإظلام معظم الوقت، ما يقحم المتفرج سيكولوجيا في الحكايات المتداخلة والملتبسة لأبطال هم مجرمون وضحايا في ذات الآن، وأقرب للمرضى النفسيين،مع حالة التماهي الشعوري بين المحقق والمتهم، وبين الطبيب والمريض، من حيث درجات العنف والقسوة أو الضعف الإنساني والمعاناة والإحباط اليومي.
وما يريد أن يصلاه جليلة بكار والفاضل الجعايبي صانعا العمل أن الثورة إن كانت في البداية أتت بالأمل في الغد وفي مستقبل أفضل إلا أنها سرعان ما تحولت كل هذه الآمال العريضة لإحباطات ولدت حالة من العنف الواسع والمجاني أحيانا وجرائم يندى لها الجبين، كقتل أم لأبنها أو زوجة لزوجها أو شاذ جنسيا لرفيقه أو تفجير شاب لنفسه في حافلة مدرسية أو تفجير مطار أو منتجع
ومن الملاحظ أن كاتبة النص والمخرج لم يوضحا ما الذي أوصل لهذه النتيجة ولمن تشير أصاب الاتهام لدرجة أن قد يتم إساءة الفهم واعتبارهما يهاجمان الثورة أو الانتفاضة التونسية، كما أنهما لم يضعانا
في السياق الاجتماعي لهذا التحول العنيف وجذوره وخلفياته، لأنهما ركزا أكثر على البعد النفسي للشخصيات صاحبة الفعل العنيف والذي تختلط فيها الحقيقة بالخيال.. حالة الاعتراف وحالة الإنكار أو التبرير، حيث تبدو شخصيات العمل كما لو كانت تعاني حالة فصام وهوس كذلك، مع إشارات واضحة على الدعوة للسيطرة على الوحش الذي داخلنا بالاستعانة بمقولة لألبير كاميه التي تبدو أنها الرسالة التي يريدا صانعا العمل إيصالها، لتجنب المآسي الإنسانية وتدمير الذات والآخر قصدا أو جهلا وإحباطا ويأسا.
وفي تصوري إن هذا العمل ليس تجريبيا، وإنما تقليديا ومباشرا أيضا في بنائه وتقنياته، لكن الجيد فيه أنه بإمكانيات بسيطة في الديكور والإضاءة تمكن من إيصال رسائله المشحونة بأفكار ورؤى.. بعضها مباشر وبعضها فلسفي غير مباشر، غير أن العنصر الأبرز فيه هو الأداء التمثيلي المميز لكل الممثلين من كل الأجيال، خاصة مع عمل يعتمد على مونولوجات طويلة وتعبير جسدي وانفعالي شديد التنوع والانتقال من حالة سيكولوجية لأخرى، بشكل مرهق للغاية.
ومع عرض العمل مرتين في نفس التوقيت مع استراحة فقط ساعة واحدة، ينبغي أن نوجه التحية لهؤلاء الفنانين المميزين الذين أبل
مسرحية "العنف".. صرخة لكبح الوحش المدمر الساكن داخلنا
*محمود عبد الرحيم:
مسرحية "العنف" المشاركة في مهرجان المسرح التجريبي واحدة من المسرحيات التونسية المهمة والصادمة في ذات الوقت التي تستحق بكل تأكيد، المشاهدة، رغم أجواء الكآبة والإحباط والدموية والاشمئزاز التي يتم تصديرها للجمهور منذ لحظة البداية وحتى مشهد النهاية، سواء ما يتعلق بالمحتوى الذي يحكى عن حكايات قتل متعددة تبدو في كثير من الأحيان غير مبررة وعوالم عنف شديد القسوة أو السينوغرافيا التي تجسد حالة السوداوية والقتامة بديكور أشبه بغرفة قاتمة خاوية يبدو أنها غرفة تحقيق أو سجن أو قبو أو مستشفي للأمراض العقلية ، ليس به سوى مقعدين خشبيين وطاولة صغيرة، وأحيانا يتم الاستعانة بلوح زجاجي كدلالة على العزل أو الانعزال بين الذات والآخر.. المحقق والمجرم أو بينه وبين أهله ، مع إضاءة خافتة أقرب للإظلام معظم الوقت، ما يقحم المتفرج سيكولوجيا في الحكايات المتداخلة والملتبسة لأبطال هم مجرمون وضحايا في ذات الآن، وأقرب للمرضى النفسيين،مع حالة التماهي الشعوري بين المحقق والمتهم، وبين الطبيب والمريض، من حيث درجات العنف والقسوة أو الضعف الإنساني والمعاناة والإحباط اليومي.
وما يريد أن يصلاه جليلة بكار والفاضل الجعايبي صانعا العمل أن الثورة إن كانت في البداية أتت بالأمل في الغد وفي مستقبل أفضل إلا أنها سرعان ما تحولت كل هذه الآمال العريضة لإحباطات ولدت حالة من العنف الواسع والمجاني أحيانا وجرائم يندى لها الجبين، كقتل أم لأبنها أو زوجة لزوجها أو شاذ جنسيا لرفيقه أو تفجير شاب لنفسه في حافلة مدرسية أو تفجير مطار أو منتجع
ومن الملاحظ أن كاتبة النص والمخرج لم يوضحا ما الذي أوصل لهذه النتيجة ولمن تشير أصاب الاتهام لدرجة أن قد يتم إساءة الفهم واعتبارهما يهاجمان الثورة أو الانتفاضة التونسية، كما أنهما لم يضعانا
في السياق الاجتماعي لهذا التحول العنيف وجذوره وخلفياته، لأنهما ركزا أكثر على البعد النفسي للشخصيات صاحبة الفعل العنيف والذي تختلط فيها الحقيقة بالخيال.. حالة الاعتراف وحالة الإنكار أو التبرير، حيث تبدو شخصيات العمل كما لو كانت تعاني حالة فصام وهوس كذلك، مع إشارات واضحة على الدعوة للسيطرة على الوحش الذي داخلنا بالاستعانة بمقولة لألبير كاميه التي تبدو أنها الرسالة التي يريدا صانعا العمل إيصالها، لتجنب المآسي الإنسانية وتدمير الذات والآخر قصدا أو جهلا وإحباطا ويأسا.
وفي تصوري إن هذا العمل ليس تجريبيا، وإنما تقليديا ومباشرا أيضا في بنائه وتقنياته، لكن الجيد فيه أنه بإمكانيات بسيطة في الديكور والإضاءة تمكن من إيصال رسائله المشحونة بأفكار ورؤى.. بعضها مباشر وبعضها فلسفي غير مباشر، غير أن العنصر الأبرز فيه هو الأداء التمثيلي المميز لكل الممثلين من كل الأجيال، خاصة مع عمل يعتمد على مونولوجات طويلة وتعبير جسدي وانفعالي شديد التنوع والانتقال من حالة سيكولوجية لأخرى، بشكل مرهق للغاية.
ومع عرض العمل مرتين في نفس التوقيت مع استراحة فقط ساعة واحدة، ينبغي أن نوجه التحية لهؤلاء الفنانين المميزين الذين أبلوا بلاء حسنا وأمتعونا بهذا العمل المحرض على التفكير وإثارة الوعي وليس التسلية والترفيه.



#محمود_عبد_الرحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمد رمضان ونجومية الفشل والاستعلاء
- مهرجان -رؤى- للفيلم القصير.. نجاح تنظيمي وملاحظات ضرورية
- -كلام عيال-.. شهادة على -مجتمع البساطة- الذي كان
- -أسبوع ويومان-.. قلق أنثوي لا يفهمه الرجل كثيرا
- -معزوفة الفقد والوجع-..تجليات رومانسية وملاحظات نقدية
- الصراع المصري السوداني الواجب احتواؤه
- لينا على والعزف بالألوان في -نبض حياة-
- خيارات أخرى للشعب العربي في وجه أعدائه
- خطابات مجانية ولا أحد يجرؤ على الانتصار لكرامتنا
- ترامب والقدس والشارع العربي
- رأفت الميهي الجدير بالاحتفاء الفني والإنساني
- مسئولو اليابان في الخارج ومسئولونا وصناعة-الصورة الذهنية-؟!
- المهرجان القومي للسينما في مصر رسب في اختبار هذا العام
- ورحل مصطفي درويش آخر الرجال المحترمين
- -طعم الحياة- في سينما اليابان
- -الرقص على الحبال-: التأرجح بين -الواقعية و-الرمزية-
- -السمسار- تأريخ روائي وفتح ل-الصندوق الأسود- بجرأة
- -تيران وصنافير-المصرية قبل وبعد
- مصرية -تيران وصنافير- غير القابلة للجدل
- مزيد من الخصخصة و تدمير الوطن


المزيد.....




- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود عبد الرحيم - مسرحية -العنف-.. صرخة لكبح الوحش المدمر الساكن داخلنا